عرض مشاركة واحدة
قديم 20/05/2008   #25
شب و شيخ الشباب مالك الحلبي
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ مالك الحلبي
مالك الحلبي is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
حلب
مشاركات:
990

افتراضي


العرب ينقصهم التنظيم والإدارة والتوجيه والقيادة
19/05/2008

في مثل هذا اليوم من عام 1948 اعلن عن قيام الدولة العبرية على انقاض فلسطين العربية، ولادة كيان بعملية "قيصرية" على ايدي حلف تآمري دولي وسط أمة عربية اسلامية،

ليشكل هذا الكيان رأس الحربة لضرب اي عودة لوحدة عربية او اسلامية.
وحقيقة الأمر المشروع الصهيوني لم يولد قبل 60 عاما، أي بقيام الدولة العبرية في عام 1948، بل هذا التاريخ يمثل محصلة لجهود صهيونية قبل ذلك بكثير، ونتاج لعمل منظم من قبل مئات المنظمات العلنية والسرية اليهودية، وبدعم عالمي، أثمر قيام "اسرائيل" قبل 60 عاما على انقاض فلسطين.
البداية الحقيقية لقيام الدولة العبرية كانت في مؤتمر "بازل" الذي عقد في هذه المدينة السويسرية في الفترة من 29 - 31 أغسطس 1897 بدعوة من منظر الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، هذا المؤتمر وهذا التاريخ هما الكارثة الحقيقية بالنسبة للامة العربية، فقد شاركت في هذا المؤتمر مئات من التيارات اليهودية داخل الحركة الصهيونية، ويعتبره - المؤتمر - الصهاينة بداية لمرحلة جديدة، مرحلة تحول المشروع من حركة "جنينية" الى منظمة عالمية قوية وفاعلة، تؤثر في القرار العالمي، عبر تكتلات وما يعرف بـ "اللوبي" الصهيوني في العواصم الاوروبية ذات النفوذ الكبير آنذاك - والى الآن - في صنع القرار العالمي، والتي كانت تحتكر صناعة القرار، وتحتل دولا ومناطق شاسعة من قارات العالم.
مؤتمر «بازل» تم خلاله وضع «الأساس» النظري للدولة العبرية، وحدد المشاركون فيه 50 عاما لقيام كيانهم في فلسطين، وهو ما تحقق فيما بعد، وان تأخر أشهرا قليلة، ليتحقق حلم الصهيونية في مايو 1948 بقيام كيانهم الغاصب في فلسطين.
في مؤتمر «بازل» اختصر هرتزل - وبالمناسبة هو يهودي الف في عام 1895 كتابا اسماه الدولة اليهودية - في كلمته تطلعات اليهود في جملة قال فيها "لو أردت أن اختصر مؤتمر بازل في كلمة واحدة وهذا ما لن افعله صراحة لقلت إن في بازل اسست الدولة اليهودية ولو أعلنت ذلك اليوم لقابلني العالم بالسخرية والتهكم ولكن بعد خمس سنوات على وجه الاحتمال وبعد خمسين سنة على وجه التأكيد سيرى هذه الدولة جميع الناس".
بعد 8 أعوام من مؤتمر "بازل"، ونتيجة للضغوط الكبيرة التي مارستها المنظمات اليهودية، عرضت الحكومة البريطانية على اليهود اقامة دولة لهم على أراض في أوغندا، إلا أن اليهود رفضوا ذلك، وأصروا على ان تكون فلسطين هي الدولة التي يتطلعون لاقامة كيانهم عليها، وهي التي وصفوها بأرض الميعاد، واتبعوا في سبيل تحقيق غاياتهم ابشع الاساليب من اجل تحقيق حلم العودة المزعوم، كان من ذلك الهجرة المنظمة لارض فلسطين، واستخدام الارهاب والقتل في عمليات شملت كل مناطق فلسطين ضد سكانها الاصليين من اجل ترويعهم واخراجهم، وربما المجال يضيق عن حصر الجرائم والمجازر التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني سواء في كفر قاسم او بئر السبع او دير ياسين، وانتهاء بما يحدث اليوم في غزة الصامدة، اضافة الى ذلك استخدم سلاح المال وشراء الأراضي في فلسطين.
ثم جاء وعد بلفور في عام 1917، والذي يعود الى وزير الخارجية البريطاني جيمس بلفور، والذي اعطى ما لايملك الى من لا يستحق، وقضى بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وتبنت عدد من دول العالم هذا القرار، ليعلن في عام 1948 عن قيام هذا الكيان.
الآن وبعد مرور 60 عاما على نكبة فلسطين رسميا، واكثر من 111 عاما على النكبة الحقيقية المتمثلة بمؤتمر "بازل"، ما هو موقف "إسرائيل" كقوة غاصبة.. هل هي في تمدد لمشروعها الاستيطاني أم وقف لهذا الزحف؟ وما هو موقف الدول العربية كأنظمة.. هل هو في قوة أم ضعف؟ وما هو موقف الشعوب العربية.. هل هو في قوة أم ضعف؟
المشروع الصهيوني مهما يقال عنه اليوم من انه يتمتع بقوة وسيطرة على ارض الواقع، وقوة عسكرية ضاربة تخيف جميع الأنظمة العربية، إلا أن هذا المشروع في حقيقة الامر في تراجع، فالحلم الصهيوني لم يكن باحتلال فلسطين، بل هو حدود "إسرائيل" كما تتناوله الأدبيات الاسرائيلية هي من "الفرات إلى النيل"، لذلك فإن "اسرائيل" ترفض ان يتم ترسيم حدود لها مع ما تسمى بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، على الرغم من ان هذه الدولة الفلسطينية ليس لها وجود حقيقي على ارض الواقع، وليس لها سيطرة في الاراضي التي تتواجد فيها، وليس لها سيادة او قرار يمكن ان تتخذه دون موافقة الطرف الاسرائيلي.
المشروع الصهيوني اصطدم بمقاومة - غير نظامية - جعلته يتراجع وينكفئ، ويعيش حالة من الخوف على مستقبله بالمنطقة، على الرغم من كل الدعم المقدم له من الغرب والولايات المتحدة الامريكية تحديدا، الا ان ضربات المقاومة وتناميها وتطور أدائها خلق حالة من الرعب عند صانع القرار الاسرائيلي، وعند اليهود في فلسطين عموما، فهناك رأي عام في اسرائيل لا يمانع من مغادرتها والعودة الى احضان أوروبا، وهي البلدان التي توافدوا منها، وهذا أمر طبيعي، فاسرائيل جسم غريب بالمنطقة ولا يمكن ان يستمر طويلا حتى مع وجود "الحبل السري" الذي يغذيه من الخارج، وحالات "الاكسيجين" التي تضخ إليه، الا انه في نهاية المطاف لن يعيش هذا الكيان بهذا الوضع أبد الدهر.
الوضع العربي الرسمي سيئ، والانظمة الرسمية العربية تعيش حالة من الضعف، وسبق للامة في تاريخها ان مرت بمرحلة في مثل هذه الحالة من الضعف، بل إن القدس نفسها احتلت من قبل الصليبيين قرابة 99 عاما، ولكن لم يستقر الحال للصليبيين في أرض فلسطين، فقد خاضت الامة بقيادة القائد صلاح الدين الأيوبي - وبالمناسبة هو ليس عربي بل كردي مسلم - معركة التحرير، وتم انقاذ القدس وتحرير فلسطين، ولكن طوال الاحتلال الصليبي للقدس لم يجرؤ احد عن التنازل عن فلسطين، او توقيع اتفاقيات "استسلام" او تنازل عن الحقوق العربية الاسلامية في ارض فلسطين، بل سلمت الراية من جيل لآخر الى ان هيئ المناخ والظروف لظهور القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي سبقه القائد نور الدين محمود زنكي، الذي حمل حلم تحرير فلسطين، فحققه صلاح الدين.
60 عاما قد تكون طويلة في عمر الأفراد، لكنها في عمر الامم ليست كذلك، وبالتالي فإن الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين لن يتواصل ولن يستمر كثيرا، فكل الشواهد التاريخية، بل والحاضر كذلك يؤكد ان هذا الاحتلال زائل، مهما بلغت قوته وجبروته، المطلوب فقط عدم الاستسلام لهذا المشروع، ولهذه الدولة الغاصبة والمحتلة لارض المقدسات، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، المطلوب عدم توقيع اتفاقيات استسلام.. المطلوب تسليم الراية من جيل لآخر.. المطلوب عدم الرضوخ لما يسمى بالأمر الواقع.. المطلوب بث روح النصر والامل في الغد.
اذا كان وضع الحكومات العربية سيئا، والوضع العالمي متضامنا مع "إسرائيل"، فهذا لا يعني أن نستسلم، ولنأخذ من المشروع الصهيوني الدرس والعبرة.. ليس مطلوبا من الحكومات العربية او هذا الجيل تحرير فلسطين، بل المطلوب فقط عدم الاستسلام، وتسليم الراية للاجيال القادمة.
الشعوب العربية في الغالب لديها ممانعة من التعامل مع "إسرائيل"، وترفض اغتصابها لارض فلسطين، وروح الصمود لازالت قائمة على الرغم من المحاولات المستميتة من قبل الصهيونية واتباعها لكسر حالة الصمود لدى الامة، واشاعة روح الاستسلام والانهيار، الا ان الامة في مجملها مازالت حية، ولديها الاستعداد لمزيد من التضحية، ما ينقصها فقط التنظيم والادارة والتوجيه والقيادة.
الآن لم استفت ما بين المشروعين في العالم العربي.. مشروع المقاومة ومشروع الاستسلام لاسرائيل والقبول بالامر الواقع، لحقق مشروع المقاومة الفوز الكبير، بل والاكتساح التام، لأن الشعوب مازالت حية، وما الشعب المصري العظيم الا نموذج لرفض التطبيع، فبعد قرابة 30 عاما من توقيع الاتفاقيات، والجهود الاسرائيلية، الا انه رفض ان ينجر الى ترجمة تلك الاتفاقيات على ارض الواقع، او يتبادل الزيارات او ينسى فلسطين.
لا نريد في ذكرى النكبة ان نتباكى او نقيم "المآتم"، ثم ننسى الامر، ذكرى النكبة يجب ان تخلق فينا دافعا نحو التغيير، دافعا نحو اعادة حساباتنا في علاقات بعضنا ببعض أفرادا ومنظمات ودولاً، نحو تصحيح المسار.. نحو بث روح الأمل في الغد القادم.. فإسرائيل أوجدها قادتها وانشأوها من "لا شيء" فهل تعجز أمتنا - من قوة روحية وامكانات مادية وبشرية - عن إعادة أرض فلسطين الى شعبها وحضنها الأصيل؟
سنحتفل بالذكرى الـ 70 لنكبة فلسطين بعد 10 سنوات، ولكن عندها ستكون العودة الى ارض فلسطين أقرب بكثير مما هي عليه الآن.
نعم العودة ستكون اقرب، فان قبلنا نحن بالأمر الواقع، فان أجيال الأمة لن تقبل بذلك، مهما كانت القيود التي سيتم تكبيل الامة بها، ومهما كانت الاتفاقيات التي سيتم توقيعها من اجل "بيع" فلسطين، الا ان الاجيال القادمة سترفضها، لأن فلسطين وقف اسلامي، ولا يجوز التنازل عنها، حتى وان تنازل الفلسطينيون عنها، او العرب مجتمعون باعوها، فان هناك حقوقا اسلامية تاريخية، ولن تسقط تلك الحقوق بالتقادم او بمرور سنوات طويلة من الاحتلال، فحلم التحرير والعودة سيظل يراود اجيال الأمة، وسيظل اصحاب المنازل في كل قرية وفي كل مدينة في فلسطين يحملون تلك المفاتيح لحين العودة الى منازلهم، طال الزمن او قصر، فلسطين ستظل عربية اسلامية.
جابر الحرمي : الشرق القطرية

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النور:19]
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04839 seconds with 10 queries