عرض مشاركة واحدة
قديم 01/08/2005   #3
شب و شيخ الشباب vtoroj-alexei
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ vtoroj-alexei
vtoroj-alexei is offline
 
نورنا ب:
Jul 2005
مشاركات:
536

افتراضي


C "يا معلم رأينا واحداً يخرج شياطين بأسمك فمنعناه لأنه ليس يتبعنا. فقال يسوع لا تمنعوه لأنه ليس أحد يصنع قوة بأسمى ويستطيع سريعاً أن يقول شراً"(106).

وهكذا خرج الرسل مزودين بالسلطان الذى أعطاه لهم يسوع المسيح يصنعون قوات وعجائب ومعجزات بأسمه فشفى بطرس ويوحنا أعرج من بطن أمه قائلين:

C "بأسم يسوع المسيح الناصرى قم وأمشى"(107).

ولما سألهما رؤساء الكهنة "بأية قوة وبأى اسم صنعتما أنتما هذا؟"(10 قال لهم بطرس:

C "أنه بأسم يسوع المسيح الناصرى… وقف هذا أمامكم صحيحاً"(109).

وهكذا أيضاً أخرج القديس بولس الروح النجس من العرافة قائلاً:

C "أنا آمرك بأسم يسوع المسيح أن تخرد منها فخرج فى تلك الساعة"(110).

12- الصلاة والطلبة بأسم يسوع

الصلاة والطلبة لا تقدم إلا إلى الله وحده، والرب يسوع المسيح يطلب أن نصلى إليه قائلاً:

C "لأنه حيثما أجتمع اثنان أو ثلاثة بأسمى فهناك أكون فى وسطهم"(111).

C "ومهما سألتم بأسمى فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن. أن سألتم شيئاً بأسمى فأنى أفعله"(112).

C "وفى ذلك اليوم تطلبون بأسمى"(113).

13- عدم التجديف على اسمه

حذر العهد القديم من التجديف على "اسم يهوه" ويحذر العهد الجديد من التجديف على أسم يسوع:

C قال القديس يعقوب الرسول بالوحى عن الأشرار: "أما هم يجدفون على الاسم الحسن الذى دعى به عليكم".

C وقال القديس بولس بالوحى: "وليتجنب الأثم كل من يسمى اسم المسيح".

وهذا كله يدل على أن كل ما يقدم وينسب إلى يهوه يقدم وينسب إلى يسوع، لأن يهوه هو يسوع، ويسوع هو يهوه.















الفصل الخامس

يسوع المسيح

هو الكائن السرمدى



بينا سابقاً أن الله وصف ذاته، فى العهد القديم، وأعطى لنفسه أسم ولقب "الكائن"، "الذى يكون"، "يهوه"، "أهيه"، الكائن الدائم الوجود عله وسبب كل وجود، السرمدى، الحى الابدى مصدر الحياه ونبعها. وهنا، فى هذا الفصل، نبين قول السيد المسيح عن نفسه وأقوال الرسل، فى العهد الجديد، عن كونه هو نفسه، يسوع المسيح، هو ذاته "الكائن" "الذى يكون"، "يهوه"، "أهيه" السرمدى، الذى لا بدايه له ولا نهايه، الموجود أبداً، من الأزل وإلى الأبد، الكائن الحى الدائم الوجود "الكائن والذى كان والذى يأتى"(1)، نبع الحياه ومصدرها، خالق الكون وكل ما فيه ومدبره:

1- أقوال يسوع المسيح عن كونه السرمدى:

لم تكن بدايه الرب يسوع المسيح، هى الحبل به وميلاده من العذراء فى لحظة معينة من الزمان ويوم معين فى التاريخ البشرى، فهذه كانت بدايه تجسده وظهوره على الأرض فى الجسد وأنما هو، بلاهوته، كان موجوداً سابقاً قبل الخليقه، من الأزل، بلا بدايه، كان موجود أبداً. يقول هو عن نفسه:

C "لأنى قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتى بل مشيئه الذى أرسلنى"(2).

C "أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء"(3).

C "فأن رأيتم ابن الإنسان صاعداً حيث كان أولاً"(4).

C "خرجت من عند الآب وأتيت إلى العالم"(5).

C "والآن مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم"(6).

C "لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم"(7).

فى الآيات الثلاث الأولى يؤكد السيد المسيح أنه "نزل" من السماء، كان فى السماء قبل أن ينزل إلى الأرض. وفى الرابعه يؤكد أنه خرج "من عند الآب"، وهذا القول أكده للتلاميذ "من عند الآب خرجت"( ولليهود "لأنى خرجت من قبل الله وأتيت"(9)، وفى كل الأحوال يؤكد على وجوده السابق فى السماء. ولا يعنى بقوله "نزلت أنه محدود فى المكان، وخلو الأرض منه عندما كان فى السماء، وخلو السماء منه عندما نزل إلى الأرض، لأنه بلاهوته غير محدود فى المكان، وهذا ما أكده بقوله:

C "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء ابن الإنسان الذى هو فى السماء"(10).

فهو يؤكد أنه لم يكن هناك أحد فى السماء قبله وأنه برغم نزوله من السماء إلا أنه كان فى نفس الوقت فى السماء وعلى الأرض، بلاهوته.

وفى الآيتين، الخامسه والسادسه، يعلن أنه كان موجوداً قبل "كون العالم"، "قبل إنشاء العالم"، أى قبل الخليقه، وبالتالى منذ الأزل. ومن أروع وأبلغ ما قاله عن وجوده السرمدى:

C "قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن"(11).

وهذا القول جعل اليهود يغضبون ويحنقون عليه ويقرروا موته رجماً بالحجاره "فرفعوا حجاره ليرجموه"(12). لماذا؟ لأنهم أعتقدوا أنه يجدف على الله وينسب لنفسه ما لله ويسمى نفسه بأسم الله، اى يقول أنه الله(13). كيف ذلك؟

أولاً: يقول أنه قبل أن يوجد ابراهيم، قبل أن يولد ابراهيم، قبل أن يأتى أبراهيم إلى الوجود (حوالى 2000 سنه قبل تجسد المسيح)، كان هو موجوداً. هم يعرفون أن عمره لا يصل إلى خمسين سنه "ليس لك خمسون سنه بعد"(14)، وهو يؤكد على وجوده السابق، قبل ابراهيم. وهذا يعنى أنه كان موجوداً قبل التجسد والميلاد من العذراء، وبالتالى فهو ليس مجرد بشر، بل أسمى من ذلك.

ثانياً: أنه يقول بالحرف الواحد "أنا كائن"، حرفياً "أنا اكون" = "إيجو إيمى- Ego eimi" – "I Am"، وهو هنا يستخدم نفس التعبير الذى عبر الله به عن نفسه لموسى النبى ، ويعطى لنفسه نفس الأسم واللقب الذى عبر به الله عن نفسه "اأهيه"، "يهوه"، "الكائن الذى يكون". وهذا ما جعل اليهود يثورون عليه ويحنقون لأنهم أدركوا أنه يعنى "أنه يهوه"، "أنه أهيه"، "الكائن الذى يكون". فهذا الأسم لا يمكن أن يطلق على غير الله ذاته والذى يقول "يهوه هذا أسمى ومجدى لا أعطيه لآخر"(15).

ثالثاً: كما أن استخدام السيد المسيح للزمن الحاضر ( المضارع ) "أكون am – eimi " يدل على الوجود المستمر، بلا بدايه وبلا نهايه: "الكائن" دائماً، والذى "كان" أزلاً بلا بدايه، والذى سيكون "يأتى" أبداً بلا نهايه، فى الماضى بلا بدايه، والحاضر دائماً، والمستقبل بلا نهايه. ويؤكد السيد على وجوده السرمدى هذا بقوله أيضاً:

C "أنا هو الأول والآخر والحى وكنت ميتاً وها أنا حى إلى ابد الأبدين، ولى مفاتيح الهاويه والموت"(16).

C "أنا هو الألف والياء. البدايه والنهايه. الأول والآخر"(17).

C "القدوس الحق الذى له مفتاح داود الذى يفتح ولا أحد يغلق ولا أحد يفتح"(1.

وفى هذه الآيات يؤكد السيد المسيح ويصف نفسه بـ 1- الأول والآخر؟ 2- الحى إلى الأبد؟ 3- الذى له مفاتيح الحياة والموت؟ 4- القدوس الحق:

أولاً: الأول والآخر هو الله وحده الذى قال فى سفر أشعياء:

C "أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيرى"(19).

C "أنا يهوه وليس آخر. لا إله سواى… ليس غيرى. أنا يهوه واليس آخر"(20).

C "لأنى أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلى"(21).

C ويتساءل الله قائلاً "هل يوجد إله غيرى؟"(22)، "أليس أنا الرب ولا إله آخر غيرى؟"(23). وتجيب البشرية قائلة: "وحدك الله وليس آخر. ليس إله"(24). وهذا تأكيد مطلق على أنه لا يوجد إلا واحد هو الله، لا إله غيره ولا مثله ولا قبله ولا بعده "قبلى لم يصور إله وبعدى لا يكون"(25)، ومع ذلك يقول المسيح أنه هو ذاته "الأول والآخر"، "الألف والياء"، "البداية والنهاية". هو الأول وهو اللف وهو البداية، كل شىء والذى هو ذاته بلا بداية، الأزلى. وهو الآخر والياء والنهاية، الله يؤكد أنه لا إنه لا إله غيره، فهو الإله الواحد السرمدى، والسيد المسيح يؤكد أنه هو هذا الواحد، الأول والآخر، الألف والياء، البداية والنهاية، الذى كان والكائن والذى يكون، السرمدى.

ثانياً: يعلن الرب يسوع المسيح إنه "الحى"، "الحى إلى أبد الأبدين"، أى "الحى القيوم"، وأن "له الحياة فى ذاته"(26) و"فيه كانتا الحياة"(27) كما أنه معطى الحياة ومانحها للخليقة "أنا هو القيامة والحياة"(2، هو الحى السرمدى، الحى القيوم، الحى أبداً، الذى له الحياة فى ذاته ومعطى الحياة للكون، للخليقة كلها.

والله فى القديم يصف نفسه بـ "الحى" الذى "يحيى ويميت"، "الحى القيوم"، "الحى إلى أبد الأبدين":

C "حبى أنا يقول يهوه"(29)، "حى أنا يقول السيد الرب"(30).

C "الإله الحى القيوم إلى الأبد"(31).

C "أنا أنا هو وليس إله معى. أنا أميت وأحى… حى أنا إلى الأبد"(32). وفى سفر الرؤيا يوصف اله بـ "الحى إلى أبد الأبدين":

C "الحى إلى أبد الأبدين الذى خلق السماء وما فيها والأرض وما فيها والبحر ومافيه"(33).

C "يخر الربعة والعشرون شيخاً قدام الجالس على العرش ويسجدون للحى إلى أبد الأبدين"(34).

وهنا يوصف الله الآب والرب يسوع المسيح بصفات واحده ولقب واحد هو "الحى القيوم"، الله هو الحى القيوم، الحى الباقى، الدائم، إلى الأبد، والذى يحيى ويميت، الخالق، ويسوع المسيح هو الحى القيوم، الذى له الحياة وفيه الحياة ومعطى الحياة. بل ويصف سفر الرؤيا الله والرب يسوع المسيح بصفة واحدة ولقب واحد هو "الحى إلى أبد الأبدين".

ثالثاً: يعلن الرب يسوع المسيح أنه هو الذى له "مفاتيح الهاوية والموت"، والذى "له مفتاح داود الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح"(35)، والذى له مفاتيح ملكوت السموات"(36). والمفاتيح هنا ترمز إلى سلطانه على الحياة والموت، وسلطانه على السماء والأرض، وأنه هو وحده الذى يفتح ويغلق دون أن يكون لأحد سلطان عليه، فهو صاحب السلطة الوحيد. وهناك مثل ربانى يقول: "يوجد أربعة مفاتيح ممسوكة فى يد الله لا يعطيها لملاك ولا لسيراف (أحد الساروفيم)(37): مفتاح المطر ومفتاح الطعام ومفتاح القبور ومفتاح المرأة العاقر(3. والمسيح يمسك فى يده جميع المفاتيح فى السماء وعلى الأرض.

رابعاً: ويعلن الرب يسوع المسيح أيضاً أنه "القوس الحق"(39). والقدوس لقب من ألقاب الله بأعتباره مصدر القداسة "أسمى القدوس"(40)، "أسمه قدوس"(41)، "الإله القدوس"(42)، "ساكن الأبد القدوس أسمه"(43). والسيد المسيح يصف نفسه بالقدوس الحق"، وسفر الرؤيا يصف الله الآب بنفس اللقب "القدوس والحق"(44). كما يصف الوحى الالهى الرب يسوع المسيح بـ "القدوس البار(45)، "فتاك القدوس"(46)، "القدوس الذى دعاكم"(47)، وقال الملاك للعذراء "القدوس المولود منك"(4ن كما وصف السيد أيضاً بأنه "قدوي بلا شر ولا دنس"(49). الله هو القدوس والرب يسوع المسيح هو القدوس، ومع أنه الكتاب يقول "ليس قدوس مثل يهوه"(50)،فالكتاب نفسه يقول أن الرب يسوع المسيح هوهو "يهوه القدوس"، وأروع مثال على ذلك هو تسبحه السرافيم فى سفر أشعياء، فقد رأى أشعياء النبى "يهوه الصبؤوت" جالس على العرش وحوله السرافيم يسبحونه قائلين "قدوس قدوس قدوس رب الجنود (يهوه صبؤوت) مجده ملء كل الأرض"(51). وقال القديس يوحنا الرسول أن الذى رآه أشعياء هذا، والذى تسبحه السرافيم هو الرب يسوع المسيح؟ "قال أشعياء هذا حين رأى مجده وتكلم عنه"(52).

2- أقوال رسل المسيح عن كونه السرمدى:

1- جاء فى مقدمة الانجيل للقديس يوحنا قول الوحى الالهى:

C "فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان فى البدء عند الله. كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان. فيه كانت الحياة"(53).

وتعبر الآيه الأولى من هذه الفقرة "فى البدء كان الكلمة" عن وجود الرب يسوع المسيح السابق وأزليته بصورة رائعة، ويتركز جوهر هذه الأزلية، هذا الوجود السرمدى فى ثلاثة عناصر هى: "البدء" و "كان" و "كل شىء به كان" إلى جانب كونه الحياة "فيه كانت الحياة" ومانحها.

أولاً: فى البدء: هنا ليس بداءاً زمنياً، إنما هو بدء ما قبل البدء السابق للخليقة، البدء السابق لعملية الخلق ووجود المخلوقات.

فالذى كان فى البدء هو الخالف الذى "كل شىء به كان"، والذى كان قبل الكون، والذى قال عن نفسه أنه كان "قبل كون العالم"(54). وبالرغم أن البدء هنا يلمح إلى البدء فى سفر التكوين "فى البدء خلق الله السموات والأرض"(55)، إلا أن "البدء" هنا يسبق بدء التكوين، الخلق. البدء فى سفر التكوين هو "بدء التكوين، الخلق، الخلق، بدء عملية أخلق ذاتها، والذى يبدأ من هذه النقطة، الخلق، نازلاً إلى ما بعد ذلك فى دورة الزمن. و"البدء" هنا، البدء الذى كان فيه الكلمة موجوداً، هو "بدء" ما قبل البدء، البدء الذى لا بداية، بدء،له الازل. أنه البدء الذى يذكر وجود الكلمة فبل الخليقة ويرجع للوراء إلى ما قبل الزمن، إلى الأزل الذى لا بداية له، إلى الأبدية.

والكلمة الذى كان فى البدء هو الكائن السرمدى بلا بداية والذى وصف نفسه بالأول الذى قبله لا يوجد شىء، والبداية الذى بلا بداية له ولا زمن "غير المبتدىء الأبدى. غير الزمنى. الذى لا يحد"(56). وكما يقول عنه ميخا النبى باروح القدس "ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل"(57).

C يقول هيلارى أسقف بواتييه (315-67/368م):

"ما هى قوة هذه الكلمات "فى البدء كان الكلمة"؟ قروناً ولت دهوراً أنقضت، أتخذ أى بدء تشاؤه ومع ذلك لا يمكن أن تشمله بزمن"(5.

ثانياً: "كان الكلمة"، والفصل "كان en" جاء فى الزمن الماضى الناقص، ير التام، الدال على حالة كانت مستمرة، ويتضمن أستمرار الوجود، الوجود المستمر فى الماضى. وهذا يعنى أنه قبل أن يبدأ البدء كان الكلمة موجوداً، ويمكن أن تترجم الآية حرفياً "عندما بدأ البدء كان الكلمة موجوداً هناك"(59)، وهذا يعادل ويساوى القول "الكلمة يسبق الزمن أو الخليفة"(60). فكان هنا تشير إلى الوجود المطلق لارتباطها بالبدء وبالخالق.

ومعنى نص الآية كاملاً: أنه فى البدء، وقبل الخلق، كان الكلمة موجوداً وهوالخالق ذاته، الذى كان موجوداً من الأزل بلا بداية قبل أن يقوم بعملية الخلق، كان موجوداً، وكان هو العنصر الفعال، الخالق، بدء البدء. ويتكرر الفعل "كان _ en" فى هذه الآية، عن الكلمة، أربع مرات:

"فى البدء كان… الكلمة كان… وكان الكلمة… كان فى البدء".

وفى هذه المرات الأربع تشير إلى ما قبل الخلق والزمن إلى الأزل إلى الأبدية، فقد كان هو فى البدء عند الله، و "كان" هو الله، "كان" قبل وجود للخليقة و "كان" هو الخالق، "كل شىء به كان" أى بالكلمة، الرب يسوع المسيح، و "كان" فى هذه الآية "كل شىء به كان" فى أصلها اليونانى "صار – egeneto"، وحرفياً "جاء إلى الوجود"، "وبغيره لم يكن شىء مما كان (صار – جاء إلى الوجود – egeneto". اذاً، فهو الذى كان "موجوداً، والخليقة لم تكن قد جاءت إلى الوجود، فهو الخالق، الذى خلق الخليقة "كل شىء به كان (جاء إلى الوجود)" و "بغيره لم يكن شىء مما كان (جاء إلى الوجود)".

ويؤكد الوحى الالهى أنه هو، الكلمة، الرب يسوع المسيح، نبع الحياة ومصدرها بقوله "فيه كانت الحياة"(61)، فهو معطى الحياة للخليقة سواء كانت مادية (جسمانية) أو أخلاقية، وهو معطى الحياة الأبدية لكل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية"(62)، "الذى يؤمن بالابن له حياة أبدية"(63)، "من يؤمن بى فله حياة أبدية"(64). هو مصدر نبع، الحياة ومبدأها. وهذا ما عبر عنه القديس يوحنا الرسول بالروح القدس بقوله:

C "الذى كان من البدء، الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فأن الحياة أظهرت ونشهد ونخبركم بالحساة الأبدية التى كانت عند الآب وأظهرت لنا"(65).

فالكلمة، كلمة الله، الرب يسوع المسيح "كان" عند الله الآب، كان من البدء عند الله الآب، كان بلا بداية، من الأزل، كان أبداً، فهو الحياة الأبدية، الذى كان قبل كل شىء وهو الذى كون، خلق أوجد كل شىء هو الذى جاء بكل شىء إلى الوجود، خلق كل شىء.

2- جاء فى الرسالة إلى كولوسى قول الوحى الالهى:

"الذى هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة. فأنه فيه خلق الكل ما فى السموات وما على الأرض ما يرى وما لايرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق. الذى هو قبل كل شىء وفيه يقوم الكل"(66).

وفى هذه الآيات الثلاث يكشف لنا القديس بولس بالروح القدس عن أربعة القاب، أربع صفات للرب يسوع المسيح هى:

1- صورة الله.

2- البكر.

3- الخالق.

4- الأزلى.

1- صورة الله: يتكرر تعبير "صورة الله" للرب يسوع المسيح ثلاث مرات:

C "المسيح الذى هو صورة الله"(67).

C "الذى هو صورة الله غير المنظور"(6.

C "الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون مساوياً لله"(69). وصورة الله مثل كلمة الله هو الله ذاته، وكما دعى السيد المسيح كلمة الله "ويدعى أسمه كلمة الله"(70) بمعنى أنه الله "وكان الكلمة الله"(71)، دعى أيضاً "صورة الله" بمعنى أنه الله. ويستخدم الوحى الإلهى فى الآيتين الأولى والثانية النص اليونانى "إيكون _ Eikon"، "Eikon Tou Theou"، صورة، صورة الله، وهذا النص يعنى:

أ- "صورة طبق الأصل" والتى تعنى بالنسبة للرب يسوع المسيح، أو تجلى الذات الالهية فى شخصه، بمعنى أن "طبيعة الله وجوهره (كينونته) أعلنت، ظهرت فيه"(72) كما خبر"(73)، "هو الذى أخبر عنه" وكما عبر القديس بولس بالروح، أيضاً "لأناره معرفة مجد الله فى وجه يسوع المسيح"(74).

ب- كما يعنى "الشبه الدقيق"، الصورة الزيتية، أو الفوتوغرافية، أو الصورة المنقولة على العملة (النقود المعدنية)، أو صورة الشخص المنعكسة فى المرآة. والمسيح هو "صورة الله" بمعنى أنه الصورة الدقيقة لله الآب، مثل صورة الملك على العملة، أو الانعكاس كما يظهر الشخص فى المرآة(75)، فهو نفسه "بهاء مجد الله ورسم جوهره" أشعاع مجد الله، وصورة جوهر الله.

وفى الآية الثالثة يستخدم النص اليونانى "مورفى _ Morehe" والذى يعبر عن طبيعة الكيان وشخصه(76)، والذى يشير إلى الظهور الخارجى الذى يوصل للجوهر(77)، وهنا يُ عبر عن الكيان الجوهرى لله(7، ولذا فالتعبير "صورة الله" فى هذه الآية مترجم فى NIV "فى نفس طبيعة الله In The Very Nature Of God" أى "الذى إذ كان فى نفس طبيعة الله"(79).

ويسبق قوله "صورة الله – Morphe Theou" عبارة "الذى إذ كان – Hos en"، و "كان" هنا ليست فى الماضى البسيط "Eimai"(80)، بل فى الزمن المستمر والذى يعنى هنا الوجود من البدء أسبقية الوجود، الذى كان موجوداً دائماً، بصفة مستمرة فى حالة الأستمرار، مثل قوله "فى البدء كان الكلمة". ويلى ذلك أيضاً قوله أنه، المسيح، "مساوياً لله" الآب. ولا يساوى الله إلا الله، كلمة الله، صورة الله، الذى له نفس طبيعة وجوهر الله. هو الذى كان دائماً ويكون دائماً وسوف يكون أبداً، الأزلى الأبدى، السرمدى.

2- البكر: أستخدمت كلمة "بكر فى العهد الجديد عن السيد المسيح يمعنى السيادة والسمو والتفوق فى كل شىء:

C "الذى هو البداءة بكر من الأموات لكى يكون هو متقدماً فى كل شىء"(81).

C "متى أدخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله"(82).

C "يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض"(83).

وفى هذه الآيات يشير الوحى الالهى إلى أسبقية فى الزمن وسمو وسيادة وتفوق فى المكانة، المكانة السامية. وفى هذه الآية، "بكر كل خليقه"، تعنى وجود المسيح السابق لكل خليقة، السابق فى الوجود والزمن. وهو أيضاً فوق كل خليقة فى المكانة السامية والكرامة. وتركز الآية بصفة خاصة على سموه وسيادته، فهو "البكر فوق كل خليقة"(84). وهو فوق كل خليقة لأنه خالقها ومدبرها، ومن ثم تدين له الخليقة بوجودها ومعناها.

3- خالق الكون: "فأن فيه خلق الكل ما فى السموات وما على الأرض ما يُرى وما لا يُرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق". كما سبق وقيل "كل شىء به كان (كون) وبغيره لم يكن شىء مما كان (كون _ جاء إلى الوجود _ خلق)".(85)،

وأيضاً "ورب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به"(86)، ويستخدم الوحى الإلهى فى هذه الآيات، وخاصة الأولى ثلاثة حروف جر "فيه – به – له" بمعنى لاهوتى دقيق. "فيه خلق الكل" بمعنى أنه سبب وعله كل شىء سبب وجود كل شىء وخالقه، الخالق الذى أوجد، خلق، كل شىء، جاء به إلى الوجود. كل شىء خلق فيه، فهو الأصل والمصدر والمبدىء.و "الكل به"، "كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان.. كوُن العالم به"(87)، "الذى به جميع الأشياء ونحن به"، هو خالق الكون وما فيه، الذى كونه، صنعه، جاء به إلى الوجود، خالق السماء وما فيها من كائنات روحية غير مرئية والأرض وما فيها وما عليها من كائنات مرئية، الكون كله من أصغر جزء فى الذرة إلى أكبر المجرات ما يُرى وما لا يُرى، ما نعرفه وما لا نعرفه. هو الذى كان فى البدء وقبل البدء الزمنى، كان من الأزل، البداءه والمبدىء الذى جاء بالكون وما فيه إلى الوجود.

والكل خلق له أيضاً "الكل به وله قد خُلق"، هو الخالق للكون وهو الغاية والهدف الذى يتجه إليه ويتحرك نحوه كل شىء لخدمة وتحقيق أرادته وتسبيحه وتمجيده، سواء شاء أم ابى. وقد جاء فى سفر الرؤيا قول الوحى الإلهى أن جميع الكائنات تصرخ أمامه قائلة:

C "بصوت عظيم مستحق هو الحمل (المسيح)… أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة… والسلطان إلى أبد الأبدين"(8. فهو كما يقول الكتاب: الذى من أجله الكل وبه الكل"(89).

وعبارة "كل شىء فى اليونانية "Ta Panta" تُترجم أيضاً "الكون". وتشير، هنا إلى الكون، كل الخليقة المادية والروحية فى السموات والأرض، المرئية وغير المرئية، عالم الملائكة، الكائنات الروحية، وعالم البشر وكل الكائنات الأرضية، الكواكب والمجموعات الشمسية والمجرات، الكون كله. المسيح هو خالقه وهو ربه "رب الكل"(90).

4- الأزلى: مقيم الكون مدبره: ويشير الكتاب بقوله "الذى هو قبل كل شىء إلى وجوده السابق للخليقة، إلى أزليته، إلى وجوده الأزلى قبل الكون، إلى سرمديته، كالأزلى بلا بداية وهو أيضاً الأبدى بلا نهاية.

و"فيه يقوم الكل"، "فيه قُوام(91) و (يتكون)(92) كل شىء بمعنى يتوحد ويتماسك ويُدار، فهو الذى يجعل الكون متماسك والذى جعل للكون "نظاماً كاملاً متكاملاً (Cosmos) بدلاً من اللاتكون(93). وهذا يساوى قوله "وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته"(94)، والذى يعنى يحافظ على الكون ويبقيه ويديره فى حركته المستمرة، أى أن "كل الأشياء (الكون Tapanta) تتوقف على تماسكها فيه أو تبقى بتماسكها فيه"(95)، وهو يدير الكون فى حركته المستمرة وتغيراته الدائمة، وكما قال أحد العلماء (Weiss) "مع الكل فى كل تغيراته وتحولاته فى كل الدهور"(96).

4- جاء فى الرسالة إلى العبرانيين قول الوحى الإلهى:

C "يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وغلى الأبد"(97)

C "وأما عن الأبن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب أستقامة قضيب ملكك. أحببت البر وأبغضت الأثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الأبتهاج أكثر من شركائك. وأنت يا رب فى البدء أسست الأرض والسموات هى عمل يديك. هى تبيد ولكن أنت تبقى. وكلها كثوب تبلى وكرداء تطويها فتتغير ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى"(9.

وتعبر هذه الآيات عن أزلية الرب يسوع المسيح وأبديته، سرمديته، إلى جانب أنه خالق الكون، كما تعبر عن كونه الحى الدائم إلى الأبد، وتخاطبه بلقب "الله"، "كرسيك يا الله" وبأسم "يهوه"، "وأنت يا رب" هنا مقتبسه من مزمور 103 الذى يخاطب الرب، يهوه "باركى يا نفسى يهوه". وتخاطبه بالذى كان فى البدء "وأنت يارب فى البدء"، وبالحى القيوم، الباقى "أنت تبقى"، وغير المتغير، والدائم إلى الأبد، والذى لا يفنى. ويتكرر فى الآيات تعبيرى "هوهو" و "أنت أنت" للدلالة على الثبات وعدم التغير، من الأزل وإلى الأبد، فى الماضى "أمساً" والحاضر "اليوم"، والمستقبل "وإلى الأبد". فهو الحى، القيوم، الأذلى، الأبدى، الباقى، الدائم، البداية والنهاية، الأول والآخر، الألف والياء، الذى لا يفنى.

5- جاء فى الرسالة إلى رومية قول الرسول بالروح القدس:

C "ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل الهاً مباركاً"(99).

فى الجزء الأول من الآية يتحدث عن تجسد المسيح وأتخاذه جسداً من مريم العذراء ابنة داود وإبراهيم. أما الجزء الثانى فيتحدث عن المسيح بلاهوته كـ "الكائن على الكل" و "الله المبارك"، هو "الكائن"، "يهوه"، "رب الكل". ويستخدم الوحى فى هذه الآية لتبين "الكائن على الكل" والذى يساوى "يهوه رب الكل"، و "إلهاً مباركاً" والذى يترجم حرفياً "الإله المبارك" و "الله المبارك" إلى الأبد.

والخلاصة، كما جاء فى الآيات السابقة أن الرب يسوع المسيح هو، الرب، رب الكل، الله، الأبدى، الأزلى، السرمدى، الحى القيوم، الدائم، غير المتغير، الباقى، الخالق، المدبر، المعين، المدير (الذى يدير الكون)، السيد، السامى، المتفوق، كلمة الله، صورة الله، رسم جوهر الله، بهاء مجد اللهن رب الكون وخالقه ومدبره، القدوس، الحق، المبارك، البدء، الأول، الآخر، الألف، الياء، الحياة، معطى الحياة، الذى له الحساة فى ذاته، المحيى، المميت، القدير.









الفصل السادس

9- يسوع.. رب العالمين

أولاً: الرب (رب الكل)

ترجم "يهوه" إلى "كيريوس Kyrios" فى اليونانية، كما سبق، بمعنى رب الكون وسيده ومالكه، فهو خالقه. وأستخدم لقب "رب Kyrios" فى العهد الجديد للآب والابن على السواء، الله الآب دعى رب، والأبن دعى رب بنفس المعنى اللاهوتى وبوظيفة مساوية للتى لله الآب. أستخدم لقب رب للسيد المسيح بمعناه اللاهوتى الكامل وقد أرتبطن به كل خصائص الذات الإلهية بأعتباره أسماً من أسماء الله الذى ترجمت إليه أهم أسماء الله والقابه(1).

1- رب بمعنى المعلم:

أستخدم لقب رب أولاً للسيد المسيح بمعنى "معلم" وذلك بسبب نظرة تلاميذه، الذين هم فى الأصل يهود، وكذلك بسبب نظرة اليهود إليه "كمعلم" مثل معلمى الشريعة اليهود. وكان تلاميذه يطلبون منه أن يعلمهم كما يعلم كل من الربيين اليهود ويوحنا تلاميذهم:

C "يا رب (Kyrie) علمنا أن نصلى"(2).

وقال لهم أيضاً:

C "أنتم تدعوننى معلماً وسيداً (رباً Kyrios) وحسناً تقولون لأنى أنا كذلك"(3). وكانوا يدعونه أيضاً "رابى – Rabby"(4) و "ربونى Rabbouny(5)" وأصلهما "راب" وتعنى فى العبرية السيد العظيم والمعلم(6). وهكذا دعى معلمى اليهود ربيين وقال السيد المسيح عن الكتبة والفريسيين أنهم يحبون أن يناديهم الناس "سيدى سيدى Rabby أى "رابى"(7).

من هذا المنطلق أيضاً دعى السيد المسيح معلماً بمعناه التعليمى وكانوا ينادونه فى بعض الأحيان قائلين: "يا معلم ديدا سكالوس – Didaskalos"(.

2- يسوع هو الرب يهوه:

وعلى الرغم من أن اللقب قد أستخدم للمسيح سواء من اليهود ومن تلاميذه خاصة قبل الصليب والقيامة، ولكن ليس بمعناه اللاهوتى، كاملاً، إلا أن الوحى الالهى نسب إليه اللقب بمعناه اللاهوتى الكامل خالصة فى الاعلانات السماوية عنه:

فقيل عن يوحنا المعمدان أنه يكون:

"عظيماً أمام الرب… يهيىء للرب شعباً مستعداً"(9).

والرب هنا هو السيد المسيح، والقبذكر هنا بمعناه اللاهوتى الكامل، أى "يهوه"، ففد جاء فى العهد القديم عن يوحنا المعمدان أنه:

C "صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق يهوه"(10).

وجاؤ عنه أيضاً فى الهد الجديد:

C "كانت كلمنة الرب على يوحنا بن زكريا فى البرية… صوت صارخ فى البرية أعدوا طريع الرب Kyrios"(11).

والمقصود فى الآية الثانية الرب يسوع المسيح، كما أن ما جاء فى الآية الأولى هو نبؤة عنه، نبؤة عن يوحنا كصوت صارخ أمام الرب يسوع المسيح، الذى هو "يهوه"، الرب. وهذا ما بينه بصورة أكبر سجود المعمدان وهو جنين فى بطن أمه له ستة أشهر للرب يسوع المسيح بينما الملاك لم يبشر العذراء بالمسيح سوى من أيام قليلة"(12).

ولكون السيد المسح، يسوع، هو الرب "يهوه"، فقد قال عنه المعمدان:

C "الذى يأتى بعدى هو أقوى منى الذى لست أهلاً أن أحمل حذاءه"(13).

C "الذى يأتى بعدى الذى صار قدامى الذى لست بمستحق أن أحل سيور حذائه"(14).

C "هذا هو الذى قلت عنه يأتى بعدى رجل صار قدامى لأنه كان قبلى"(15).

C "وأنا قد رأيت وشهددت أن هذا هو ابن الله"(16).

C "ينبغى أن ذلك (المسيح) يزيد وأنا (المعمدان) أنقص"(17).

C "الذى يأتى من فوق هو فوق الجميع… الذى يأتى من السماء هو فوق الجميع"(1.

C "الآب يحب الابن وقد دفع كل شىء فى يديه"(19).

كما قالت أمه اليصابات للعذراء "من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلىّ"(20).

وهذا ما يؤكد أن المسيح "كرب" هو "يهوه" الذى أتى من فوق من السماء، ملك كل شىء ورب كل شىء وسيد كل شىء والذى هو فوق الجميع.

والسيد المسيح نفسه يستخدم هذا اللقب بمعناه اللاهوتى المطلق فى كثير من أقواله:

"ليس كل من يقول لى يا رب يدخل ملكوت السموات"(21).

"كثيرون سيقولون لى لى ذلك اليوم يا رب يا رب أليس بأسمك تنبأنا وبأسمك أخرجنا شياطين وبأسمك صنعنا قوات كثيرة"(22).

"ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً"(23).

وعندما سأل اليهود "قائلاً ماذا تظنون فى المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا ابن داود قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح رباً… فأن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه"(24).

"ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسى مجده… فيجيبه الأبرار يا رب متى رأيناك…"(25).

وهذه الآيات تدل على أنه رب السموات والأرض. رب الطبيعة ولأرواح وسائر المخلوقات رب السبت، رب داود، رب الملائكة، رب المجد، رب العرش، رب الدينونة (الديان). أنه الرب، أى "يهوه"، الرب بمعناه اللاهوتى الكامل. قال الملاك فى بشاربه للرعاه "ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلصاً هو المسيح الرب"(26). ويتضح معنى هذا اللقب كاملاً بالاضافة لما سبق فى مخاطبة توما له "ربى والهى"(27) أنه الرب والاله، الرب الإله، يهوه ايلوهيم.

3- لقب رب بعد القيامة:

وأن كان السيد قد تعمد أخفاء لاهوته قبل الصلب والقيامة، برغم ما أعلنه عن ألوهيته فى عدة مواقف وبالرغم من أن الكثير من أقواله وأعماله التى كانت واحدة منها تكفى لإعلان لاهوته كما فهم اليهود فى موقفين وقالوا "قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله"(2 و "فأنك وأنت أنسان تجعل نفسك الهاً"(29) كما حاولوا رجعه عدة مرات لذلك"(30) إلا أن المواقف تغير تماماً بعد القيامة من الموت ولم يعد هناك ما يدعو لأخفاء لاهوته، فبدأ يظهر مجده ولاهوته أمام تلاميذه بدون أخفاء أو تحفظ، وتحولت علاقة التلاميذ الودية معه إلى الرهبة والخوف المشوب بهيية النظر إلى الإله، رب المجد، يهوه".

وعند رؤية المريمتين له بعد القيامة "سجدتا له"(31) والشريعة تقول "ليهوه الهك تسجد وأياه وحده تتقى وتعبد"(32). ولما ظهر لتلاميذه على بحيرة طبرية، يقول الوحى الالهى "لم يجسر أحد من التلاميذ أن يسأله من أنت إذ يسأله من أنت إذ كانوا يعلمون أنه الرب"(33).

وكان أخطر وأهم أعلان بعد القيامة هو أعلان توما الذى خاطبه "ربى والهى"(34).

وهذا التعبير أستخدم كثيراً فى العهد القديم عن الله "يهوه" "يهوه ايلوهيم". وراح التلاميذ يسألونه أسئلة وهو يجيب بلا تحفظ دون أن يخفى ألوهيتهن على هذه الأسئلة التى لا يمكن أن يجيب عليها سوى الله وحده(35) وهم يعلمون تماماً أنه العليم، العالم بكل شىء، "يهوه" الذى لا تخفى عليه خافية فى الكون لأنه ربه وخالقه، ويعبر عن ذلك قول القديس بطرس له بالوحى" "يارب أنت تعلم كل شىء"(36) ويؤكد صحة كلامه هذا بسؤاله للرب عن مصير القديس يوحنا وهذا ما لا يعلمه إلا الله وحده، فيقول له "وهذا ما له"(37) فيجيبه الرب يسوع أجابة يعلن فيها أنه الله، الكلى القدرة، رب الحياة والموت، رب العالمين "قال له يسوع أن كنت أشاء أنه يبقى حى حتى أجيىء"(3 كما سأله التلاميذ أيضاً عن مصير ملك إسرايل: "يا رب هل فى هذا الوقت ترد الملك إلى إسرائيل"(39). واضح من سؤالهم أنهم يعلمون مقدرته على "رد الملك لإسرائيل" أى أنه رب العالمين.

ثم يعلن لتلاميذه بأشكال مختلفة أنه رب العالمين، رب الكون:

C "دفع إلىّ كل سلطان فى السماء وعلى الأرض"(40).

C "وتكونون لى شهوداً فى أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض"(41).

C "وأن يكرز بأسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم"(42).

"وهذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين بأسمى ويتكلمون بألسنة جديدة يحملون حيات وأن شربوا سماً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون"(43).

C "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بأسم الآب والابن والروح القدس"(44).

"وها أنا معكم كل الأيام إلى أنقضاء الدهر"(45).

وهذه الآيات تدل على أنه رب السماء والأرض، رب الطبيعة. وبرغم صعوده إلى السموات جسدياً، بناسوته إلا أنه مالىء الكل بلاهوته، جالس على العرش فى السماء ومع ذلك موجود بلاهوته مع كل واحد من مؤمنيه. فسجد له التلاميذ(46) عند صعوده كيهوه رب العالمين و"خرجوا وكرزوا فى كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة"(47).

يعمل معهم على الأرض بالرغم من أنه جالس على العرش، كرب العرش، فى السماء.

ثانياً: يسوع.. رب المجد

1- مجد يهوه:

كلمة مجد (كابود – Kabod) فى العبرية تعنى بالنسبة لله، "يهوه"، إعلان كينونة الله(4 وطبيعته وجوهره وتشير إلى حضوره وعظمته(49). كما يرتبط أحياناً بإعلان مجد "يهوه" ببعض الظواهر الطبيعية مثل البرق والرعود والنار والدخان والسحاب الثقيل(50): "هوذا الرب الهنا قد أرانا مجده وعظمته وسمعنا صوته من وسط النار"(51). وكان "يهوه" ذاته هو "مجد إسرائيل"(52) فى القديم، سار معهم فى البرية مرشداً وقائداً لهم: فى الصباح ترون مجد يهوه… وإذ مجد يهوه قد ظهر فى السحاب"(53).

وحل الله بمجده على خيمة الاجتماع "ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملأ بهاء يهوه المسكن(54) ولما بنى سليمان الهيكل حل "يهوه"، الله، بمجده فيه(55) ورأى حزقيال مجد "يهوه" فى صورة شبه انسانية: "شبه كمنظر إنسان… منظر شبه مجد الرب (يهوه) ولما رأيته خررت على وجهى(56) "كما رأى أشعياء السيد الرب "يهوه" جالساً على كرسى مرتفع… السرافيم واقفون فوقه… وهذا نادى ذلك وقال قدوس قدوس قدوس يهوه الجنود مجده ملء كل الأرض"(57) ولكن مجد "يهوه"، ظهر بعد ذلك فى سفى أشعياء النبى بصورة أكثر روحانية "فيعلن مجد يهوه ويراه كل بشر"(5، "أما عليك فيشرق يهوه ومجده عليك يرى"(59).

2- مجد يسوع:

تعنى كلمة مجد (ذوكسا Doxa)(60) فى العهد الجديد "المجد أو البهاء"(61) وقد أستخدمت عن مجد الرب يسوع المسيح "رب المجد"، أنها تصف شخص الله وحضوره وظهوره فى شخص وعمل الرب يسوع المسيح، كلمة الله المتجسد، الاله المتجسد الذى هو "بهاء مجده ورسم (ختم) جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته"(62)، صورة الله غير المنظور"(63) و"الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً"(64).

وظهر مجد يسوع فى الههد الجديد مساوياً لمجد "يهوه" فى القديمن كما ظهر مجد يسوع أنه هو مجد "يهوه" ذاته. قال القديس يوحنا بالوحى أن المجد الذى رآه أشعياء النيى فى القديم هو مجد الرب يسوع "قال أشعياء هذا حين رأى مجده وتكلم عنه"(65).

وكذلك قال القديس يوحنا عن تجسده وظهوره فى الجسد "والكلمة صار جسداً وحل بيننا (فينا) ورأينا مجده مجداً لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقاً"(66).

ولم يحتاج الرب لخيمة ليحل فيها كما لم يحتاج أن يتكلم من وسط النار إذ أنه نصب خيمته بيننا، حل لكل ملئه فى الناسوت.

أظهر السيد المسيح مجده فى معجزاته مثل تحويل الماء إلى خمر "وأظهر مجده فآمن به تلاميذه"(67).

وكما أظهر "يهوه" مجده فى القديم على جبل سيناء لموسى(6، وعلى جبل حوريب لأيليا(69)، أظهر الرب يسوع المسيح مجده على جبل نابور، فأخذ تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا ابنى زبدى "وصعد بهم إلى جبل عال منفردين وتغيرت هيئته قامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور بيضاء جداً كالثلج(70)، وإذا موسى وأيليا قد ظهرا يتكلمان معه… وأما بطرس والذين معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم فلما أستيقظوا رأوا مجده والرجلبين الواقفين معه"(71).

وكان التلاميذ مرتعبين(72)، فجاءهم صوت من السماء قائلاً "هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت"(73) فسقط التلاميذ على وجوههم وخافوا جداً(74).

ويكتب القديس بطرس فى رسالته الثانية عن هذا الحدث يقول: "إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل كنا معاينين عظمته"(75).

ومع ذلك يقول السيد المسيح أن مجده الأزلى عظيم "مجدنى أيها الآب بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم"(76) وأن كان قد تخلى عن مجد هبا لتجسد إلا أنه بعد القيامة والصعود يقول الكتاب: "ولكن الذى وضع قليلاً عن الملائكة (بالتجسد) يسوع تراه مكللا بالمجد والكرامة"(77). "عظيم هو سر التقوى اله ظهر فى الجسد تبرر فى الروح تراؤى لملائكته كرز بين الأمم، أؤمن به فى العالم رفع فى المجد"(7، أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده"(79).

3- رب المجد:

ويقول الكتاب أن يسوع هو "رب المجد" الذى لو عرف اليهود والرومان حقيقته لما صلبوه "لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد"(80). ويكرر الكتاب كثيراً تعبيرات:

C "يسوع المسيح له المجد إلى الأبد"(81).

C "يسوع المسيح له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين"(82).

"مستحق هو الحمل المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة"(83)، ونفس هذه الصفات أعطيت فى نفس السفر لله الآب(84) مما يدل على أن ما للمسيح، يسوع، هو لله، "يهوه" كل ما للآب هو لى"(85).

وأن الآب والابن واحد "أنا والآب واحد"(86) أى أن يسوع هو "يهوه" ويشلهما نفس السفر بصفات واحدة فى نص واحد:

"وكل خليقة مما فى السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل مافيها سمعتها قائلة للجالس على العرش وللحمل البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين"(87).

وسيظهر الرب يسوع المسيح فى مجيئه الثانى فى مجده بصورة أعظم وأبهى مما ظهر فى أيام خدمته على الأرض، أنه سيأتى بقوة ومجد كثير. ويجلس على كرسى الدينونة.

C "ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله"(8.

C "ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته"(89).

C "منى جلس ابن الإنسان على كرسى مجده"(90).

C "ومتى جاء ابن الإنسان عى مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسى مجده"(91).

C "ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين"(92)

"أستعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته فى نار لهيب معطياً نقمة للذين يعرفون الله والذين لا يطيعون أنجيل ربنا يسوع المسيح الذين سيعاقبون بهلاك أبدى من وجه الرب ومن مجد قوته، متى جاء ليتمجد فى قديسيه ويتعجب منه فى جميع المؤمنين"(93).

C "منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الهنا ومخلصنا العظيم يسوع المسيح"(94).

من هذا يتضح أن مجد "يهوه" هو مجد يسوع، ومجد يسوع هو مجد "يهوه"، ويسوع هو يهوه، ويهوه ويسوع واحد، غله واحد ورب واحد.

سيخرجونكم من المجامع, بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله
[url]www.christpal.com[/url]
 
 
Page generated in 0.10173 seconds with 10 queries