هلا حبيبي زياد
من المؤسف أن تأتي و تطرح أسءلتك دون أن تقرأ أي شيء من الكتب المسيحية و التي ترد على هذا الموضوع و كل المواضيع الاخرى
و اليك احد اصغر الكتب التي تكلمت عن هذا الموضوع ألا و هو كتاب هل المسيح هو الله؟ أم ابن الله؟ أم هو بشر؟ للأب المحبوب القس عبد المسيح بسيط أبو الخير و متى فرغت من قرائته يوجد العديد و نحن رهن اشارتك و في الخدمة
مقدمة
أصدرنا سنة 1988 كتاب "هل المسيح هو الله "يهوه" ليجيب على هذا السؤال الجوهرى فى العقيده المسيحيه، وأعتمدنا فى دراسته على الأسلوب الكتابى اللاهوتى اللغوى طالبين إرشاد الروح القدس وتوجيهه. وبعد مرور أكثر من ست سنوات ونصف من نشره ونفاذ نسخه من المكتبات رأينا، بتوجيه وإرشاد الروح القدس، اعاده الدراسة بتوسع، بل وعمل بحث جديد ونشر كتاب جديد يضم بين دفتيه محتوى الكتاب الأول بعد إعاده دراسته وتوسيعه على ضوء أحدث المراجع الكتابيه والتفسيريه واللغويه واللاهوتيه، بل والنقديه التى تنتقد عقيده لاهوت المسيح بشده ومراره بل وسخريه، وإضافه فصول جديده للأجابه على هذا السؤال، بتوسع كافى، وعلى أسئله كثيره غيره، مثل: هل المسيح هو الله؟ أم هو ابن الله؟ أم هو ابن انسان؟ أم هو مجرد بشر مثله مثل سائر البشر؟ هل هو الله أم ابن الله؟ هل هو ابن الله أم ابن انسان؟ ما معنى "ابن الله" وما معنى "ابن إنسان؟ دعا العهد القديم الملائكه والقضاه بالآلهه وأبناء الآلهه كما دعى بعض البشر مثل داود وسليمان وإسرائيل أولاد الله، كما دعا العهد الجديد المؤمنين أبناء الله، فما معنى ذلك؟ وهل يعنى القول المسيح "ابن الله" ما يعنيه بالنسبه للملائكه والبشر؟ هل هناك آيات صريحه فى العهد القديم تتكلم عن لاهوت المسيح؟ وهل هناك آيات صريحه فى العهد الجديد تؤكد ذلك أيضاً؟ هل قال المسيح "انى انا الله"؟ وهل نسب لنفسه أسماء الله والقابه وصفاته؟ وماذا يعنى بقوله "أنا ابن الإنسان" و "أنا انسان"؟ وهل يمكن أن يكون الله هو نفسه إنسان؟ وهل يمكن أن يقال أيضاً عن المسيح أنه ابن الله وابن الإنسان؟.
هذه الأسئله وغيرها ليست جديدة فى تاريخ المسيحيه أو فى تاريخ الفكر المسيحى، وإنما هى قديمه قدم المسيحيه نفسها وبدأت مع المسيح نفسه عندما سأله اليهود "من أنت؟"، "من هو هذا ابن الإنسان؟"، ولما أحتار الناس فى معرفه شخصه سأل هو تلاميذه "من يقول الناس أنى أنا ابن الإنسان؟.. وأنتم من تقولون أنى أنا؟"، وعندما أجابه بطرس بحقيقه كينونته وجوهره مدحه وقال أنه لم يعلن ذلك من نفسه بل أن هذا ما أعلنه الآب بواسطه بطرس. وقد وعد السيد الرسل أن يرسل الروح القدس لكى، كما يقول "يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم"، "فهو يشهد لى" و "يرشدكم إلى جميع الحق". وكما قال بولس الرسول "كلامى وكرازتى لم يكونا بكلام الحكمه (الإنسانيه) المقنع بل ببرهان الروح والقوه لكى لا يكون إيمانكم بحكمه الناس بل بقوه الله". ونرجو فى المسيح أن لا يكون كلام هذا الكتاب هو كلام الحكمه الإنسانيه المقنع بل هو برهان الروح القدس وتعليمه وإرشاده وشهادته للمسيح.
وفى هذا المجال نتقدم بالشكر لقداسه البابا شنوده الثالث بابا الاسكندريه وبطريرك الكرازه المرقسيه، الاستاذ والعالم والمعلم، على تشجيعه الرقيق ولمحات قداسته الرقيقه، ولنيافه الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمه وتوابعها، وأبى الروحى، على تشجيعه المستمر ودعمه المعنوى ومساعدتى فى الحصول على الكثير من المراجع اللازمه لمثل هذه الدراسات. راجياً من الله أن يديم حبريتهما سنين كثيره وأزمنه مديده. كما أرجو أن يأتى هذا الكتاب بالفائده المرجوه فى الروح القدس، روح الحكمه والاعلان فى معرفته.
عيد الميلاد المجيد
29 كيهك 1711ش
7 يناير 1995م
القس عبد المسيح بسيط
ابو الخير
الفصل الأول
الله
الكائن الأبدى الأزلى
الله كائن سرمدى، أبدى أزلى، لا بدايه له ولا نهايه، هو الموجود من الأزل، بلا بدايه، والموجود إلى الأبد بلا نهايه، لا إله قبله ولا بعده، ولا إله سواه أو مثله أو غيره أو معه، ولا شريك له. فهو الأله الواحد، الكامل فى ذاته، كلى الوجود والقدره والمعرفه والعلم، ولا يحتاج لغيره، فهو كلى الكمال، والذى يقول عن ذاته:
C "أنا الأول وأنا الأخر ولا إله غيرى. ومن مثلى فليخبر به… هل يوجد إله غيرى؟"(1).
C "أنا يهوه (الرب) صانع كل شئ ناشر السموات وحدى باسط الأرض. من معى؟"(2).
C "أنا الرب (يهوه) وليس آخر. لا إله سواى… لكى يعلموا من مشرق الشرق ومن مغربها أن ليس غيرى. أنا يهوه (الرب) وليس آخر"(3).
C "أذكروا الأوليات منذ القديم لأنى أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلى"(4).
C "أنا هو. أنا الأول وأنا الآخر. ويدى أسست الأرض ويمينى نشرت السموات"(5).
C "لكى تعرفوا وتؤمنوا بى وتفهموا أنى أنا هو. قبلى لم يصور إله وبعدى لا يكون"(6).
ولله أسماء وألقاب كثيره وأهمها الأسم "أكون – أهيه – ehyeh"، و"يهوه" اللذان سندرسهما فى هذا الفصل.
و"أكون – أهيه – ehyeh" يعبر عن كينونة الله وكيانه وجوهره، ويعبر عن وجوده الذاتى، الدائم والمستمر، الوجود السرمدى، الأزلى الأبدى، الذى لا بدايه له ولا نهايه، فوق الزمان، فهو غير الزمنى. كما يعبر عن وجوده الذاتى، كالموجود بذاته بدون موجد، إذ أن وجوده فى ذاته ومن ذاته. كما يعبر أيضاً عن وجوده كالموجود، الذى هو أصل وسبب ومصدر وعلة كل وجود، الموجود الذى يستمد منه كل وجود وجوده، فهو الموجود بذاته وخالق كل الموجودات، الكون كله من أصغر جزء فى الذره إلى أكبر المجرات، خالق الكون وفيه.
سأل موسى الله، عندما ظهر له بلهيب نار فى العليقه عن أسمه: "فقال موسى لله ها أنا آتى إلى بنى أسرائيل وأقول لهم إله آبائهم أرسلنى إليكم. فإذا قالوا ما أسمه فماذا أقول لهم؟"(7).
والأسم فى القديم لم يكن مجرد علامه (Lable) للشخص، بل يدل فى الأغلب عن خواص وجوهر وصفات صاحبه، وعلى معناه(

. وهناك أداتان فى العبريه
للسؤال عن الأسم:
أ- "ماه – mah" والتى تساوى فى العربيه "ما – what" "ما أسمه". وتسأل عن خاصية وصفه وجوهر الشخص، أو عن حادثه هامه ارتبطت بشخصه(9) ، (10).
ب- "مى – mi" والتى تساوى فى العربيه "من" وتسأل عن نسب الشخص أ بعض ملامحه الخارجيه(11)،(12).
وقد استخدم موسى النبى الأولى "ما اسمه"، لأنه أراد أن يعرف أكثر من مجرد الأسم، أراد أن يعرف جوهر الأسم ومغزاه وخواصه وصفاته. فأجابه الله عما سأل وكشف له ما تاقت إليه نفسه:
"فقال الله لموسى أهيه الذى أهيه". وقال هكذا تقول لبنى اسرائيل "أهيه" أرسلنى إليكم… يهوه إله آبائكم إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلنى إليكم.
هذا أسمى إلى الأبدى وهذا ذكرى إلى دور فدور"(13).وعباره "أهيه الذى أهيه" أو "Eheyeh asher Eheyeh" منقوله حرفياً من النص العبرى إلى اللغه العربيه.
وهذا ما حدث أيضاً فى الترجمات السريانية والفارسية والكلدانية التى نقلت النص كما هو(14)، وقد أجمع علماء اليهود فى القديم وأباء الكنيسة فى القرون
الأولى وبقية علماء الكتاب المقدس واللغه العبريه فى كل العصور، على أن الأسم "أهيه – Eheyeh" مشتق من الفعل العبرى "هايا – Haya"، فعل الكينونة
"أكون – Etre – to Be". وقد ترجم بهذا المعنى "أكون"، "الكائن" وأحياناً "هو" فى كل الترجمات العالمية.
1- فقد ترجم فى اللغه اليونانية المعروفه بالسبعينية (LXX):
والتى قام بها سبعون من علماء اليهود فى القرن الثالث (282ق.م) قبل ميلاد المسيح: "ego eimi ho On… ho On a pestalke me"(15) وترجمت حرفياً
إلى الإنجليزيه: "Iam THE BEING… THE BEING has sent me" أى "أنا هو الكائن… الكائن أرسلنى".
2- وترجم فى اللاتينيه (The Volgate):
"Iam Who am" = "Ego Sum Qui sum"(16) و Sum" تعنى، أكون، أوجد، أحيا. أى أن الترجمه ركزت على الوجود المطلق للذات الإلهيه "أكون الذى أكون".
3- وترجم فى العربيه التى هى شقيقه العبرية:
"أكون الذى أكون… أكون أرسلنى"(17).
C وترجم فى الكاثوليكية اليسوعية:
"أنا هو الكائن… الكائن أرسلنى"(1

.
C وترجم فى الترجمة اليسوعية الحديثه (1989م):
"أنا هو من هو… أنا هو أرسلنى إليكم"(19).
ويعلق أصحاب الترجمة فى الهامش قائلين:
"بما أن الله يعنى نفسه فهو يستعمل صيغة المتكلم "أنا هو"… لكن من الممكن أيضاً أن نترجم النص العبرى حرفياً فنقول: "أنا هو من هو". وهذا يعنى بحسب قواعد الصرف والنحو العبرية "أنا هو الذى هو"، "أنا هو الكائن". وهكذا فهمه أصحاب الترجمة اليونانية السبعينيه. فالله هو الكائن الوحيد حقاً… يتضمن هذا المقطع مُسبقاً تلك التوسعات التى سيأتى بها الوحى (راجع رؤ8:1): "أنه كائن وكان يأتى. وأنه القدير"(20). أى "الكائن والذى كان والذى يأتى القادر على كل شئ".
C وترجم فى الترجمة العربية الجديدة (1993م):
"أنا هو الذى هو …. هو الذى أرسلنى".
وفى الهامش: "أنا هو الذى سأكونه"(21).
C وأحتفظت الترجمة البيروتيه بالنص العبرى كما هو:
"أهيه الذى أهيه… أهيه الرسلنى".
وهذا ما سبق أن فعله أبو الفرج وفسره كالآتى:
"الأبدى الذى لم يذهب بعيداً"(22).
4- وترجم فى كل الترجمات الإنجليزية القديمة والحديثه(23) كالآتى:
"أكون الذى أكون"
"أكون ما أكون"
"أكون الذى أكون"
"أكون الذى أكونه"
"سأكون ما أكون… أكون أرسلنى".
“I Am Who I Am"
“I Am What I Am"
“ I Am That I Am"
“I Am That is Who I am"
“I Will Be What I Will Be… I Am has sent me"
5- وترجم إلى الفرنسية:
C "أكون الذى أكون… أكون أرسلنى
وأيضاً
“Je suis qui Je suis"
“Je suis qui serai"(24)
C وجاء فى معجم اللاهوت الكتابى المترجم عن الفرنسية:
"أنى كائن"(25).
C وهناك ترجمة فرنسية أخرى للحاخام اليهودى ذوى ( مع تعليق ) تقول(26):
“Je suis ce qui je suis Lemmuable. Le juste, aujourd, hui, Comme heir et demain: Seigneure, Eternel”:
"أكون ما اكون، أكون غير المتغير، العادل أمس واليوم وغداً"
6- وبالرغم من أن الترجمة السريانية نقلت النص كما هو بدون ترجمة إلا أن القديس أفرايم السريانى ( القرن الرابع الميلادى) ترجمها فى تفسيره لسفر الخروج إلى: "أنا هو الكائن… الكائن أرسلنى" وفسرها: "انا الأزلى الذى لا أول له ولا بدء ولا نهاية ولا عدم"(27).
وقد فهمت وأدركت جميع الترجمات القديم والحديثة مغزى الاسم، "الكائن"، "أنا هو"، "أنا هو الكائن"، "أكون"، ومعناه وجوهره. فهو يعبر عن شخص الله وكينونته، كيانه، وجوهره وصفاته، ووجوده الدائم، المستمر، السرمدى، الأزلى الأبدى، الذى لا بداية له ولا نهايه. فهو الموجود الدائم، فى الماضى والحاضر والمستقبل، أمس واليوم وإلى الأبد، "الكائن والذى كان والذى يأتى". الموجود أبداً بلا بداية ولا نهاية، فى كل زمان وقبل الزمان وبعده. فهو الكائن الذى يكون، بل ولابد أن يكون لأنه عله الكون وسبب وجوده. وهو الكائن الواجب الوجود، عله واصل وسبب كل وجود "خالق كل السموات وناشرها، باسط الأرض ونتائجها، معطى الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحاً"(2

، "أنا أنا هو وليس إله معى. أنا أميت وأحيى.. أنى أرفع إلى السماء يدى واقول حى أنا إلى الأبد"(29).
كما يعنى الاسم أيضاً ويعبر عن حضور الله الدائم والمستمر والفعال. وهناك تفسير رائع لمتى هنرى يقول:
1- هو الموجود بذاته، إذ أن وجوده (being) فى ذاته ولا يعتمد فى وجوده على أحد ما، فأعظم وأحسن إنسان فى العالم يقول: "بنعمة الله أنا ما أنا"(30) ولكن الله يقول بصوره مطلقة – وأكثر من أى مخلوق، سواء كان إنسان أو ملاك، "أنا ما أنا". الكائن الموجود بذاته والذى لا يمكن أن يكون سوى المكتفى بذاته، فهو نبع البركه وكل الكفايه.
2- وهو أبدى وغير متغير، ودائماً هو هو، أمساً واليوم وإلى الأبد، سيكون ما يكون، وما هو كائن ( يكون is)(31).
3- ولن نكتشفه بالبحث. فمثل هذا الأسم يوصل ما يختص بالله بوضوح ودقه، ويقول فى تأثير: "لما تسأل عن أسمى وهو عجيب"(32)، ما أسمه وما أسم ابنه ان عرفت؟"(33).
هل تسأل ما هو الله؟ ليكفينا أن نعرف أنه:
"يكون ما يكون وما كان أبداً وما سيكون أبداً"(34).
7- "أهيه – الكائن فى الفكر اليهودى":
كان اسم الله "أهيه" يعرف بين اليهود الذين كانوا يعيشون فى الشتات ويستخدمون اليونانية فى احاديثهم بـ "الكائن – ho On" وذلك بحسب الترجمة اليونانية التى كانت معهم.
والكائن كما بينا هو أسم الله الذى يعبر عن كينونته ووجوده وجوهره. وكانوا يعرفون "ho On – الكائن" أكثر من الأصل العبرى "اهيه". وكانوا فيلو (Philo) الفيلسوف اليهودى الأسكندرى يستخدم اللفظ اليونانى "الكائن"، فى القرن الأول الميلادى، كالأسم الحقيقى لله(35).
أما يهود فلسطين فكانوا يعرفون الأسم فى اصله العبرى "أهيه" كما فسرو بنفس المعانى السابقة:
C جاء فى ترجوم جوناثان وترجوم أورشليم:
"هو الذى تكلم والعالم كان، الذى تكلم وكل الأشياء وجدت"(36).
C وجاء فى المدراش على الخروج 14:3 "أنا أكون الذى كنت وأكون والذى أكون الآن والذى سأكون فى المستقبل"(37).
C وجاء فى ترجوم Joll على نفس النص: "أنا الذى كنت وسأكون"(3

.
C وجاء فى نفس الترجوم على التثنية (39:32): "أنا أكون الذى يكون والذى كان، وأنا أكون الذى سيكون ولا يوجد إله سواى"(39).
8- "أهيه – الكائن – ho On" فى العهد الجديد:
ورد فى سفر الرؤيا اسم "الكائن ho on" كاسم الله المعبر عن سرمديته خمس مرات، وقد ورد مضافاً إليه بعض أوصاف الله وألقابه الأخرى: "الرب الإله"، "القادر على كل شئ أى كلى القدره، "القدوس" و "العادل":
C "نعمة لكم وسلام من الكائن والذى كان والذى يأتى"(40).
C "أنا هو الألف والياء (البداية والنهاية) يقول الرب الإله الكائن والذى كان والذى يأتى القادر على كل شئ"(41).
C "قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شئ الذى كان والكائن والذى يأتى"(42).
C نشكرك أيها الرب الإله القادر على كل شئ الكائن والذى كان والذى يأتى"(43).
C "عادل أنت أيها الكائن والذى كان والذى يكون"(44).
وهذا هو نفس ما جاء فى خروج (14:3) ولكن، هنا، بصوره متوسعة، وتفصيلية أكثر، وتفسيرية أكثر، تعبر عن كينوتة الله وجوهره وتضيف القابه وصفاته، كالقدوس والقادر على كل شئ والعادل والرب الإله، كما تعبر عن سرمديته، وجوده الدائم المستمر، الدائم الوجود، الأزلى الأبدى، الذى لا بدايه له ولا نهايه.
وقد ركز الوحى هنا على ثلاث تقسيمات للزمن:
"الذى كان – الكائن – والذى يكون أو الذى يأتى"
أى الذى كان منذ الأزل بلا بدايه، والكائن فى الحاضر والماضى والمستقبل، الموجود دائماً، والذى يأتى أو الذى يكون كما هو كائن وكما كان، إلى الأبد بلا نهاية، فهو الدائم الوجود، السرمدى.
C قال العلامه أكليمندس الأسكندرى ( 150 – 215م)
"الذى وحده هو الذى يكون (الكائن – ho On) والذى يأتى"، ثلاث تقسيمات فى الزمن للأسم الواحد (الكائن – ho On) الذى يكون"(45).
9- "أهيه – الكائن – ho On" وأباء الكنيسة
أدرك أباء الكنيسة منذ البدء وفهموا مغزى إعلان الله لأسمه الذى أعلنه لموسى "أهيه الذى أهيه" وعرفوا بالتسليم والدراسة وإرشاد الروح القدس أنه يعنى "الكائن"، "الموجود الواجب الوجود"، "أكون الذى أكون"، "أنا هو الكائن"، "أنا هو الموجود"، "أنا هو الذى يوجد"، "الذى يكون"، أى الله فى جوهره وفى أبديته وفى كينونته:
C قال العلامه أوريجانوس (185 – 245م):
"الآن، كل الأشياء مهما كانت فى ذاك الذى يوجد حقاً والذى قال لموسى: "أكون الذى أكون"(46).
C وقال القديس أثناسيوس الرسولى (296 – 373م):
"عندما نسمع "أكون الذى يكون" و "فى البدء خلق الله السموات والأرض" و "أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد" و "هكذا يقول الرب القدير" ندرك أن المقصود هو الجوهر البسيط المقدس غير المدرك للذى يكون"(47).
C وقال هيلارى أسقف بواتييه (315- 67/368م):
"وفى هذه الكتب (كتب موسى والأنبياء) يعطى الخالق، الله نفسه، شهاده عن نفسه بالكلمات التالية: "أكون الذى أكون"، وأيضاً هكذا تقول لبنى إسرائيل: الذى يكون أرسلنى إليكم".
وذهلت حقا لهذا التعريف الواضح لله الذى عبر عن المعرفة غير المدركه للطبيعة الإلهية بكلمات أكثر ملاءمه للذكاء البشرى. لأنه لا يمكن أن يدرك العقل صفة لله تميزه أكثر من وجوده. لأن الوجود بالمعنى المطلق لا يمكن أن يتضمن ما له بداية وما سيكون له نهاية، ولا يمكن للذى يضم الآن أستمرارية الوجود (الأبدية) وقوة (مصدر) السعادة التامة أن لا يكون له وجود فى الماضى ولا فى المستقبل، لأن ما هو إلهى لا يمكن أن يكون له بداية أو نهاية. وبما أن أبدية الله لا تنفصل عن ذاته، لذا يليق به هذا الشئ الواحد الوحيد: الذى هو يكون. كتأكيد لأبديته المطلقه (التى لا تنتهى)"(4

.
C وقال القديس اغريغوريوس أسقف نيزينزا (325 – 389م):
"الذى يكون والله، هما الأسمان الخاصان بجوهره، ومن هذيه الاسمين، بصفة خاصة، الذى يكون، ليس لأنه عندما تكلم إلى موسى على الجبل وموسى سأله: ما أسمه، فقط. فقد دعى نفسه عندما أوصى موسى أن يقول للشعب: الذى يكون أرسلنى، بل لأن هذا الأسم هو الأكثر ملاءمة ودقه أيضاً… فنحن نسأل عن طبيعة ذى الوجود المطلق وغير المتحد بآخر، فالكينونة بمعناها اللائق خاصة بالله بصفة مطلقة وغير محدودة بكلمات مثل قبل أو بعد، لأنه لا يوجد فيه ماضى أو مستقبل"(49).
C وقال أيضاً: "الله كان دائماً ويكون وسيكون، أو بمعنى أدق، هو الكائن دائماً… فهو موجود أبداً، وهكذا يسمى نفسه عندما يتعامل مع موسى على الجبل. وهو يجمع فى ذاته كل الوجود (Being) لأنه لا بداية له ولا نهاية"(50).
C وقال القديس اغريغوريوس اسقف نيصص (339 – 394م):
"توضح كلمة الأسفار المقدسة علامة واحدة للاهوت الحقيقى، التى تعلمها موسى من الصوت العلوى (الذى من فوق)، عندما سمعه يقول:
"أنا هو الذى يوجد"، لذا يليق بنا أن نؤمن أنه هو وحده اللاهوت الحق الذى وجوده وجود أبدى وغير محدود (لا نهائى)"(51).
C وقال أيضاً أن الله "فى ظهوره الإلهى لموسى أعطى نفسه اسم الموجود عندما قال "أكون الذى أكون"(52).
C وقال امبروز أسقف ميلان (340 – 397م):
"الأسم هو ما يميز الشئ وبواسطته يمكن أن يفهم. وأنا من رأى موسى، عندما سأل: "ما أسمك؟". فقد أراد أن يعرف ما يخص الله وأن يعرف شئ خاص عنه. ولأن الله كان يعرف ما يدور فى عقله، لذا لم يخبره بأسمه بل بعمله، أنه لا يعبر عن أسم عام بل خاص عندما يقول: "أكون الذى أكون"، لأنه لا يوجد شئ أكثر تميزاً لله من كونه الموجود دائماً"(53).
C ويقول القديس جيروم (342 – 420م):
"يقول الرب فى الخروج: "أكون الذى أكون" وهكذا تقول لبنى إسرائيل: "الذى يكون أرسلنى إليكم"… الله الذى يكون دائماً، ليس له بداية من خارج ذاته، وهو أصل ذاته وسبب جوهره الذاتى"(54).
C وقال أغسطينوس أسقف هيبو (354 – 430م):
"وبكونه وحده الذى يوجد، قال: "أكون الذى أكون" و "قل لبنى إسرائيل: الذى يكون أرسلنى اليكم". لم يقل، الرب الإله، القدير، الرحيم، العادل، ولو قال لهم هذا لكان محقاً تماماً ولكنه… أجاب أنه هو الذى يكون الذى يدعى الكائن ذاته"(55).
C أخيراً قال يوحنا الدمشقى (675 – 749م):
"يبدو أن أكثر أسماء الله، المنطوق بها، مصداقيه هو "الذى يكون" كما يقول هو ذاته على الجبل فى جوابه لموسى "قل لبنى إسرائيل: الذى يكون أرسلنى" لأنه يحفظ فى ذاته كل الوجود(56).
الفصل الثانى
يهوه رب العالمين
يهوه "Yahweh" مع "أهيه – ehyeh" هو الأسم الوحيد فى العهد القديم من بين أسماء الله وألقابه الدال على كينونته ووجوده الدائم، السرمدى، الأبدى الأزلى، الذى لا بداية له ولا نهايه. فهو مرتبط أيضاً مثل "إهيه" بالفعل "hayah – haya – هياه" والذى معناه "يكون to be، يصير become، يحدث happen أو يسبب to couse"، وبذا يكون معناه "الواحد الذى يكون" = "الكائن" المطلق الذى لا يتغير، وأيضاً "الذى يسبب أن يسير" = "الخالق" سبب وعلة الوجود، خالق الجميع، الفاعل فى الكون، فى الخليقة والتاريخ(1).
هو الموجود الذاتى، الموجود بذاته، ذو الوجود الدائم والمستمر.
هو الموجود بذاته من غير مُوجد، الموجود الوحيد الواجب الوجود وسبب وعلة كل وجود، الموجود المطلق غير المتغير وغير المحدود وغير الزمنى وغير المحوى، غير المستحيل:
C قال لموسى "أكون الذى أكون… أكون أرسلنى… يهوه إله أبائكم إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب… هذا أسمى إلى الأبد وهذا ذكرى إلى دور فدور"(2).
C أنه الكائن الذى كان والذى يكون غير المتغير:
"أنا يهوه لا أتغير.."(3).
"أما أنت يا يهوه فإلى الدهر جالس وذكرك إلى دور فدور… إلى الدهر سنوك. من قدم أسست الأرض والسموات هى عمل يديك. هى تبيد وأنت تبقى وكلها كثوب تبلى. كرداءٍ تغيرهن فتتغير. وأنت هو وسنوك لن تنتهى"(4).
"من قبل أن تولد الجبال أو أبدأت الأرض والمسكونة منذ الأزل إلى الأبد أنت الله"(5).
"يهوه هو الله يهوه هو الله"(6).
"فأعلم اليوم وردد فى قلبك أن يهوه هو الإله فى السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل ليس سواء"(7).
1- أصل الأسم "يهوه" ومغزاه:
يتفق العلماء، الآن، وبصفة عامة، على أن أسم "يهوه – yehweh" مشتق من الأصل العبرى، فى شكله القديم "هايا، هاياه – hayah, haya"(

، ويعنى "أكون – Etre, to Be، يصير – become، يحدث – happen"(9). والأسم فى المضارع يعنى "هو الذى يكون – He Who is، أى "الموجود الذاتى"، "الموجود بذاته"، وفى المستقبل يعنى "هو الذى يستمر كائناً – He who will continue to be"(10)، أى الدائم الوجود، الموجود أبداً، الكائن الذى يكون الدائم الوجود وواجب الوجود، الكائن المطلق، الإله المطلق، الموجود بذاته والذى له حياه جوهرية فى ذاته، الموجود الدائم، الحى الذى له الحياه فى ذاته، الموجود بلا مُوجد، الموجود المطلق.
ويحدد أحد العلماء (Newbery) مغزى الأسم بقوله: "الذى كان دائماً والذى يكون دائماً والذى يأتى أبداً"(11).
أنه مشتق من فعل الكينونه منسوب إلى الثالث الغائب "أنا هو الذى يكون، أنا الكائن"(12)، والمعبر عنه فى العهد الجديد بـ "الألف والياء، (البداية والنهاية) يقول الرب الإله الكائن والذى كان والذى يأتى القادر على كل شئ"(13)، أى الأزلى الذى لا بدايه له، والحاضر الآن ودائماً، الكائن، الموجود دائماً، والأبدى الذى لا نهايه له، السرمدى، الذى لا يتغير، واجب الوجود:
C "هكذا يقول يهوه… يهوه صبوؤت أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيرى"(14).
C "لأنى أنا يهوه لا أتغير.."(15).
ويتضح معنى الأسم ومغزاه من الطريقة التى سأل بها موسى الله عن أسمه: "ما أسمه"(16)، فقد سأل عن جوهر الأسم ومغزاه، ويتضح المعنى أيضاً من الطريقة والكيفية والكلمات التى أعلن بها الله عن الأسم:
"أهيه الذى أهيه… أهيه ارسلنى… يهوه إله آبائكم". و "أهيه" مثل "يهوه" أكون، هى صيغة المتكلم من الفعل "هايا، هاياه، هيه"، أى "أنى كائن" "أكون الذى أكون… أكون… الكائن، وعلى قول الله "أنى كائن" يجيب الانسان" هو الكائن" ويخاطبه "أنت الكائن"، أو "هو من يعطى الكيان"(17).
إذاً فالأسم يعبر عن الوجود الذاتى غير المتغير، الذى كان دائماً ما يكون، والذى يكون ما كان، والذى سيكون دائماً ما كان وما يكون دون أن يتغير(1

، لأنه هو ذاته غير المتغير.
وإلى جانب ما سبق فهناك الوجهه السببيه للأسم والذى يعنى "يسبب أن يصير"(19)، "الذى يسبب أن يكون، الذى يُحضر للوجود"، أى "الخالق"(20)، "أنا الذى يسبب أن يكون" أى الذى يخلق، الذى يخلق من العدم، يوجد الشئ من لا شئ، "أنا سبب كون ما يأتى للوجود"(21)، عله الوجود، "خالق كل شئ" ما فى السماء وما على الأرض، السماء ذاتها وما فيها، والأرض ذاتها وما عليها، الكون كله من أصغر جزء فى الذره إلى أكبر المجرات، ما يرى وما لا يرى، ما ندركه وما لا ندركه:
C "فأنه هو الذى صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره الذى يجعل الفجر ظلاماً ويمشى على مشارف الأرض يهوه أسمه إله الجنود أسمه"(22).
C "هكذا يقول الله يهوه خالق السموات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطى الشعب عليها نسمه والساكنين فيها روحاً"(23).
C "لأنه هكذا قال يهوه خالق السموات هو الله. مصور الأرض وصانعها. هو قدرها. لم يخلقها باطلاً. للسكن صورها. أنا يهوه وليس آخر"(24).
C "أنت نصبت كل تخوم الأرض الصيف والشتا وأنت خلقتها"(25).
C "الشمال والجنوب أنت خلقتهما… خلقت جميع بنى آدم"(26).
C "أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدره لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهى بإرادتك كائنه وخُلقت"(27).
C "الحى إلى أبد الآبدين الذى خلق السماء وما فيها والأرض وما فيها والبحر وما فيه"(2

.
2- قداسة الأسم "يهوه":
يتكرر أسم "يهوه" فى العهد القديم، فى الأصل العبرى حوالى 6.800 مرة(29)، وبالتحديد 6.823 مرة(30). ونظراً لقداسة الأسم الشديدة وعظمته ورهبته، وكذلك الخوف من تحذير الوصية الثالثه:
"لا تنطق بأسم يهوه إلهك باطلاً لأن يهوه لا يُبرى من نطق بأسمه باطلاً"(31).
وأيضاً الخوف من الوقوع تحت عقوبه التجديف التى هى الموت رجماً:
"ومن جدف على أسم يهوه فإنه يقتل. يرجمه كل الجماعة رجماً. الغريب كالوطنى عندما يجدف على الأسم يقتل"(32).
لذلك أمتنع اليهود عن النطق به نهائياً منذ القرن الرابع قبل الميلاد، أى، فى زمن الهيكل الثانى، وبالغوا فى ذلك كثيراً، ودعوه "بالأسم الذى لا ينطق به ولا يصح ذكره"(33).
ويعقب الفيلسوف اليهودى فيلون Philo (20ق.م-40م)(34) على لاويين (15:24) "كل من سب إلهه يحمل خطيئته"، بقوله "إذا كان هناك أحد، لا أقول أنه يجدف على رب الناس والألهه، بل يجرؤ فقط على أن ينطق بأسمه فى وقت غير مناسب فليتوقع الموت"(35).
وقال أيضاً "الأسم يهوه لا يجوز أن ينطق به إلا الذين تطهرت بالحكمة آذانهم والسنتهم، وبشرط أن يسمعوه وينطقوا به فى مكان طاهر"(36).
وبلغ من حرصهم على عدم نطق الأسم أنهم ظنوا أنه حتى الملائكه نفسها لا يجوز لها أن تنطق بأسم يهوه(37). وجاء فى القاموس الدولى للدين" هذا الأسم (يهوه) مقدس لدرجة أن اليهود لم ينطقوه عالياً أبداً ودائماً يستبدلونه بلقب آخر"(3

، ويقول التلمود البابيلونى "أن اليهود امتنعوا أن يلفظوا الأسم، بل والكهنة أيضاً لم يعدوا ينطقون به حتى فى تلاوة البركه"(39). ويقول التلمود الأورشليمى أنه كان مشروعاً لرئيس الكهنه أن ينطق بالأسم فى احتفالات يوم الكفاره(40). وكان ينطق به بصوت خفيض فى قدس الأقداس حتى لا يسمعه أحد خارجاً.
وبلغت المبالغه فى الخوف من نطق الأسم أن يقول أحد الربيين، كما ينقل د.ت. بيرسون D. T. Pierson، أن من يجرؤ على النطق بهذا الأسم (يهوه) سيفقد مكانه فى العالم الآتى(41)، أى يحرم من السعاده الأبدية.
ومن ثم فقد دعوه بـ "الأسم – Ha Shem" و "الأسم العظيم المهوب" و "الأسم الخاص" و "الأسم المنفصل" و "الأسم الذى لا ينطق به" و "الأسم الذى لا يوصف" و "الأسم المحفوظ، و "الأسم المقدس" و "الأسم المتميز" و "الأسم الذى من أربعة أحرف ( ى . و . هـ Y H W H)"(42). وغلاباً ما يسمى بالكلمه اليونانيه "تتراجراماتون – Tetragrammaton" أى الأسم ذو الحروف الأربعة (YHWH, JHVH)(43).
وكانوا عند قراءة يهوه يستبدلونه بـ "ادوناى – Adonai" والذى يعنى "ربى – My Lord"، ويضعون التشكيل والحركات التى للأسم "ادوناى" على الحروف الأربعة "ى.هـ.و.هـ" للأسم الذى لا ينطق به، وينطقون "أدوناى". وهكذا تركوا الحروف الساكنه الأربعة ليهوه، فى النص، ووضعوا معهم الحروف المتحركة لأدوناى (a – o – a). ومن هذا جاء الأسم الهجين "جيهوفاه – Je hovah" المستخدم فى الانجليزية والفرنسية والألمانية، وهو الشائع الآن(44).
وقد فقد النطق الصحيح للأسم من التقليد اليهودى أثناء العصور الوسطى(45). وصار ينطق بأشكال مختلفة أهمها: "ياهفيه او يهفيه – Yahveh, Yeheveh" أو "ياهفى – Yahve" أو "جيهوفا – Jehova"(46).
يقول المؤرخ والكاهن اليهودى يوسيفوس (36 – 100م) أنه غير مشروع له أن يقول شئ عن هذا الأسم المقدس ونطقه(47).
وقد حاول العلماء التوصل إلى النطق الصحيح للأسم، وقد توصلوا، من خلال ترجمة أكليمندس الأسكندرى للاسم "Iaoue" وكذلك نطق ثيؤدوريت أسقف قورش (من القرن الرابع الميلادى) والذى راجعه على التوراه السامريه(4

"iabe"، كما وجُدت بردية مصرية بها نصوص سحرية من نهاية القرن الثالث الميلادى تشهد للهجاء الابائى لاسم يهوه، خاصه لنطق ثيؤدوريت، إلى النطق التقريبى للاسم(49).
ويعتقد العلماء الآن أن النطق والشكل "يهوه – Yahweh" هو الأقرب للنطق الأصلى، وأصبح هو الشكل المقبول عالمياً، والنطق الذى تعتمده الترجمات الحديثة والدارسين عموماً(50).
3- ياه تصغير "يهوه":
وهناك تصغير ليهوه هو "ياه" ومعناه "هو يكون – He is" والكتاب يربط أحياناً بين "ياه" و "يهوه"، أو يأتى "ياه" بمفرده، وقد تكرر حوالى 40 مره فى أسفار الخروج والمزامير وأشعياء:
C "توكلوا على يهوه إلى الأبد، لأن فى ياه يهوه صخر الدهور"(51).
C "غنوا لله رنموا لاسمه. أعدوا طريقاً للراكب فى القفار باسمه ياه وأهتفوا أمامه"(52).
C "ياه (الرب) قوتى ونشيدى. وقد صار خلاصى. هذا إلهى فأمجده. إله أبى فأرفعه"(53).
ويرتبط اسم .ياه" مع "يهوه" فى أشعيار أكثر من ثلاث مرات للتعبير على أن "ياه" هو "يهوه" ذاته: "هوذا الله خلاصى فأطمئن ولا أرتعب لأن ياه يهوه قوتى وترنيمتى وقد صار لى خلاصاً"(54).
وكما لم يجرؤ الكتبه على نطق "يهوه" وكتابته بشكل كامل، هكذا لم يجرؤ أيضاً على كتابه "ياه" بشكل كامل "ياه – Ya". وهو كما قلنا يعنى "هو يكون – He is" من الزمن المضارع لفعل الكينونه "هيه – هايا – Etre – to Be"، ويمكن أن يوصل إلى "أنا أكون – Ego eimi – I am"، كما يوصل "يهوه" إلى التعبير الكامل "أكون ما أكون"(55). فهو يعبر عن الإله الحى، الحاضر والموجود دائماً فى كل زمان، كما يعبر عن حضور الله الدائم فى الحياة اليومية، وعمله الدائم وأشرافه على سلوك خليقته(56):
"الله لنا ملجأ وقوه. عوناً فى الضيسقات وجد شديداً"(57).
4- أسماء الله العامه و "يهوه":
إذا كان "يهوه" هو اسم الله الخاص الذى لا يمكن أن يطلق على غيره، والذى يعبر عن كينونته وجوهره، وكونه الموجود أبداً والحى إلى الأبد، لذا لا يقال أبداً "يهوه الحى"(5

، فالاسم ذاته يعنى أنه الموجود الذاتى واجب الوجود والحى إلى الأبد، فهناك ألقاب أخرى، عامه، لله، تعبر عن "الالوهيه، اللاهوت، وهى "إيلوهيم – Elohim، إيل – Eloah"، وتعنى "الله، إله، لاهوت، الوهيه".
وقد استخدمت عن الله الواحد "يهوه" وعن فكره الالوهيه عموماً(59):
C "لا يكن لك إلهه (إيلوهيم) أخرى أمامى"(60).
C "لأنه من هو إله (إيلوه) غير يهوه"(61).
C "لأنه من هو إله (إيل) غير يهوه"(62).
C "الله (إيل) ليس إنسان فيكذب"(63).
C "أما المصريون فهم أناس لا إلهه (إيل).."(64).
C "ليس لك مثل بين الالهه (ba, elohim) يا رب"(65).
C "وليس معه إله (Lo, el) أجنبى"(66).
C "ذبحوا لأوثان ليس الله (Lo, eloah)"(67).
(1) إيلوهيم ( يهوه إيلوههيم)، "القدير، المقتدر":
يستخدم لقب "إيلوهيم – Elohim" فى العهد القديم، بصفه عامه، كلقب لله الواحد، وككلمه معبره عن الالوهيه بصفه عامه "إله، إلهه، الوهيه"(6

. وقد تكرر فى العهد القديم (2.570)(69) مره، منها (2.300)(70) مره عن "الله" والباقى استخدم بمعنى عام "إله آلهه" عن أوثان(71)، وملائكه(72)، وبشر(73).
ويعبر "إيلوهم"، كلقب لله، فى العهد القديم، عن القدره "المقتدرون والعزه والسمو والأرتفاع. وهو اسم جمع، وعندما يستخدم عن الله يتبعه فعل مفرد وضمير مفرد وصفه مفرده:
C "فى البدء خلق (مفرد) الله (إيلوهيم) السماء والأرض"(74).
ويصف العلماء صيغة الجمع هذه فى "إيلوهيم" بالجمع المشدد الذى يتضمن فى ذاته "ملء اللاهوت" مركز فى الإله الواحد. وبالتالى فهو أكثر لقب مستخدم "لله"، بعد يهوه، ليعبر عن الله الواحد بصوره محدده، كما يعبر عن الله الواحد الذى يتضمن فى ذاته جمع القوات والصفات والشخصية. أنه يعبر عن وحدة اللاهوت فى الله الواحد، اللاهوت فى ملئه وكماله(75)، مع تثليث أقانيمه.
C "يهوه الهكم (إيلوهيكم) هو إله الإلهه (إلوهى ها إيلوهيم) ورب الأرباب الإله (إيل) العظيم الجبار المهيب…"(76).
وتكرر هذا اللقب 32 مره فى الاصحاحين الأول والثانى من سفر التكوين للتعبير عن قوة الله الخلاقه. فهو لقب يعبر عن قدره الله ومجده وقوته الخلاقه وكمال لاهوته. كما أنه يعبر عن الله كلى القدره واللاهوت بأوسع معنى له:
"أنا يهوه إلهك (إيلوهيم) إيل (إيل) غيور"(77).
ويستخدم الكتاب المقدس أبتداء من سفر التكوين (4:2) تعبير "يهوه إيلوهيم" والذى عاده ما يترجم "الرب الإله – The Lord God". ويعبر هذا التعبير عن كينونه الله وقدرته الكليه، فيهوه، كما سبق أن بينا يعنى: الكائن الدائم الوجود، الحى السرمدى، كما يعنى إيلوهيم: قدره الله وسموه وعزته، كلى القدره والكائن الاسمى. وأستخدام الاسمين معاً فى تعبير واحد يعبر عن حقيقة الله الواحد، الكائن أبداً، الدائم الوجود، الواجب الوجود، الموجود بذاته، الحى، الخالق، نبع الحياه ومصدرها، العظيم المهوب.
(2) إيل (EI)، "القدير":
يستخدم "إيل" فى اللغات الساميه، بصفه عامه، كأسم عام "للالوهيه"، ويعنى "إله، الوهيه" ويرادفه فى العربية "إله – ilah"(7

. ويعنى فى أصله السامى "الحياه"، "القوه"، "التفوق"(79). ويوصف بأنه الخالق الأبدى "خالقنا الأبدى"، "خالق المخلوقات"، "خالق الأرض"، "أبو الإنسان"، "الذى لا عمر له"(80).كما يوصف بصاحب الحكمه ذو الشعر الاشيب و "القديم"، "الأبدى"، "الملك الأبدى"، الملك أبو السنين(81)"، والرحيم"، الرؤوف"، الديان"، السامى"، "القدير"، "القوى(82)".
ويستخدم "إيل" فى العهد القديم كأسم عام للاهوت "إله، ألوهية، بصفة عامة، كما يستخدم كأسم علم "لله" بصفة خاصة(83). بمعنى "القدير" ونادراً، ان لم يكن ابداً، ما يستخدم كأسم علم لغير الله "يهوه" فى العهد القديم(84). ويستخدم الأسم كثيراً فى الأسفار الشعرية، خاصة ايوب والمزامير، كأسم لله الواحد. وقد تكرر فى سفر ايوب وحده حوالى 50 مرة(85). ويستخدم كأسم مرادف ليهوه، كما يستخدم أيضاً ليصف يهوه:
C "صوت يهوه على المياه. إله (إيل) المجد أرعد(86).
C "لأن يهوه إله (إيل) عليم(87).
C "هوذا الله (إيل) خلاصى… لان ياه يهوه قوتى(8

.
وقد ترجم اللقب "إيل" حوالى 250 مره(89) "الله(90)". ويظهر هذا اللقب كثيراً فى ظروف تصف الله فى قوته العظيمة(91) وجبروته؛ فالله (إيل) هو الذى أخرج بنى إسرائيل من مصر بذراع قويه(92). ويصفه موسى النبى لبنى إسرائيل بالقول:
C "لأن يهوه إلهكم (إيلوهيم) هو إله الإلهه ورب الأرباب الإله (إيل) العظيم الجبار المهيب(93)".
وهو الذى قدم وعوده القديرة والعظيمة لأبراهيم ويعقوب(94)، وقد ظهر للمره الأولى فى سفر التكوين "الله العلى"، "إيل عليون"، عندما تقابل ابراهيم مع ملكى صادق كاهن "الله العلى، إيل عليون(95)".
كما استخدم السيد المسيح هذا اللقب فى أقوى تعبير له وهو على الصليب يعانى آلاماً شديدة، عندما صرخ إلى الآب منادياً:
C "إيلى، إيلى، لما شبقتنى" أى "إلهى إلهى لماذا تركتنى(96)"، والتى نقلها القديس مرقس بالاراميه "إيلوى، إيلوى(97)"، مناشداً الآب القدير، الله القدير، ومعبراً عن شدة الآلام التى يتحملها.
وبالاجمال فاللقب "إيل" يشير إلى الله "كالقوى، الأول، والواحد الذى هو عله وسبب وجود كل شىء، وبصيغته المفرده يعبر عن جوهر اللاهوت، ويرافق هذا اللقب عامه، صفات الله، وهو ملء التعبير يعبر عن شخص الله وعمله(9

".
ويستخدم اللقب "إيل" مع مجموعته من صفات الله والقابه، كالقاب مركبه، صارت فى حد ذاتها القاب عامه لله.
(3) إيل شداى (El Shaddai)، الله القدير":
يعنى "إيل شداى"، "الله القدير"؛ فاللقب "إيل" يعنى "الإله القدير"، كما يعنى "شداى"، "القدير- Almighty، أو الكافى- Sufficient"؛ وبالتالى فهو يعبر عن قدرة الله الكلية المركزه فى "إيل" وعن كرم الله وسخائه غير المحدود المركز فى "شداى". واللقب فى شكله المركب "إيل شداى" يعبر عن الله القدير الجواد، كلى القدرة كلى الجودة.
وكان هذا اللقب من أكثر الألقاب التى عرفها الأباء البطاركه(99)، والتى أعلن الله به عن ذاته كالقدير والقادر على كل شىء كلى القدرة، وخاصة فى الشعر القديم(100) وعندما ظهر لأبراهيم للمره الأولى ودعاه قال له: "أنا الله القدير (إيل شداى). سر أمامى وكن كاملاً(101)".وعندما بارك اسحق يعقوب قال له: "الله القدير (إيل شداى) يباركك(102)"، وكذلك عندما بارك يعقوب أبنه يوسف قال له: "القادر على كل شىء (شداى) الذى يباركك(103)".
وكان هذا اللقب من أكثر الألقاب استخداماً فى سفر أيوب، فقد تكرر فى هذا السفر وحده 31 مره من اجمالى 49 مره تكرر فيها اللقب فى كل العهد القديم(104). وكان هذا اللقب ايضاً مرادفاً لـ "يهوه" ومعبراً عن قدرته الكليه ووجوده المطلق.
(4) إيل عليون (El Heleon)، "الله العلى":
"إيل عليون"، “El Elyon, Eleyon, Heleyon" يعنى "الله العلى"؛ إذ أن "عليون" يعنى "العلى- High, Most High" أو "الأعلى- Uppermost" أو الاسمى، الكائن السامى، الله فى سموه وعلوه "يهوه أرعد من السموات والعلى (عليون) أعطى صوته(105)". ويستخدم "عليون" أيضاً مع "إيلوهيم"؛ أصرخ إلى الله العلى (إيلوهيم عليون)..(106)"، وأيضاً مع "يهوه"؛ "وأرنم لاسم الرب العلى (يهوه عليون)..(107)"، لأن يهوه على (عليون) مخوف ملك كبير على كل الأرض(10

"، ويتكرر أستخدام "يهوه عليون"، "الرب العلى" كثيراً فى سفر المزامير(109).
وهذا الأسم المركب يعلن عن الله "العلى المرتفع ساكن الأبد القدوس أسمه(110)"، "العلى" المتسلط "فى مملكة الناس ويعطيها لمن يشاء(111)".
(5) إيل عولام (El Olam)، "الله الأبدى":
يعنى "عولام"، "أبدى"، "زمن أبدى"، زمن حدوده مخفيه" أى بلا حدود، بلا بدايه بلا نهايه، ويصف ما يمتد فوق رؤيتنا البعيده جدأً، سواء كانت رؤيتنا للوراء أو للأمام. وعندما سصف الله يعنى أن سلطانه ممتد فى الأبدية، ممتد فى كل الدهور ولا تأثير للزمن عليه، وأنه هوذاته، الله، إيل أبدى بلا بدايه ولا نهايه، سرمدى:
C "من الأزل إلى الأبد أنت الله"(112)".
C "كرسيك مثبته منذ القدم. منذ الزل أنت الله(113)".
C "توكلوا على يهوه إلى الأبد لأن فى ياه يهوه صخر الدهور(114)".
C "ودعا (إبراهيم) هناك بإسم يهوه الإله السرمدى(115)".
C "يهوه إله أبدى… خالق أطراق الأرض(116).
(6) إيلوه (Elah)، "المعبود":
"إيلوه" يعنى "المعبود"، الذى تقدم له العباده"، الذى له السياده". وهو مفرد "إيلوهيم" ومرادف له، وهو لقب قديم لله، إيل، يهوه، ويرادف "الله- Allah" فى العربية، ويهوه(117) فى العبريه، ويعبر عن الله الواحد المعبود والذى له السياده. ويتكرر أستخدامه فى الشعر، خاصه الشعر القديم جداً(11

، فقد تكرر فى العهد القديم ككل 57 مره منها 42 مره فى سفر أيوب وحده.
و"إله- Elah" هو الشكل الكلدانى، الأرامى من "إيلوه" ويعنى أيضاً "المعبود" ويرادف "الله" بالعربية، وفعله العبرى "ألاه alah(119)" يعنى "يعبد"، يسجد"، "يقدم العباده"، "يهاب"، وكأسم يعنى "المعبود" و"الذى له السيادة، ويظهر هذا اللقب "إله" فى سفرى عزرا ودانيال 89 مره، وفى سفر ارميا مره واحدة فقط، وذلك فى الاجزاء الأرامية من هذه الأسفار، لأنه يصف الله الحى، الحقيقى، المعبود، المرتبط بشعبه أثناء السبى وعند العودة منه.
(7) ادون، ادوناى (adhon, adhonai)، "الرب":
يعنى لقب "ادون، Adon, adhonai))، فى العبرية "رب، سيد، “Lord”، وجمعه "ادونيم- Adhonim"، "ارباب- Lords" والذى يستخدم كجمع تعظيم للمفرد(120). ويستخدم "آدون" فى العهد القديم بمعنى السيد الأرضى (أكثر من 300 مرة)(121) مثل الزوج الذى تخاطبه زوجته "ياسيدى(122)" والآب الذى يخاطبه ابناؤه "سيدى(123)، والعبد الذى يخاطب سيده "سيدى(124)" والتلميذ الذى يخاطب معلمه "ياسيدى(125)، و "سيد الأرض"(126) ورب البيت وغيره ممن يملكون أشياء كثيره مثيله(127). كما أستخدم بصفه خاصه للملوك "يا سيدى الملك"(12

وأصحاب السلطان "يا سيدى أنت رئيس من الله بيننا"(129). كما استخدم بمعنى الالهى (حوالى 30 مره(130)).
وقد استخدم هذا اللقب "آدون" بكل هذه المعانى فى مخاطبة الله، بالمعنى الأسمى، معنى الكرامه والسياده(131)، فهو الرب والسيد صاحب السلطان والسياده على جميع المخلوقات، مخلوقاته هو، كالخالق للكون وما فيه، السماء والأرض، من فيها ومن عليها، كما يستخدم أيضاً للتعبير عن قوة الله وقدرته الكليه. ويستخدم أيضاً عن الله بصيغة الجمع، جمع التعظيم للتعبير عن الوهية الله وربوبيته وسيادته "قدرته السرمدية ولاهوته"(132):
"الرب الهكم هو إله الالهه ورب الأرباب ,ادونى ها ادونيم) الإله العظيم الجبار"(133).
ويعنى لقب "ادونى adhoni"، "ربى، سيدى – my lord" لأن حرف الياء "ى" هو ياء الملكيه. أما "ادوناى – adhonai" فيستخدم عاده للأحترام والتوقير، كبديل لـ "أنت" و "هو"(134). ويستخدم فى أغلب الأحيان عن الله ويرتبط دائماً بالأسم الإلهى "يهوه". ويظهر هذا اللقب فى العهد القديم 449 مره، منها 315 مره مع يهوه – "ادوناى يهوه" 310 مره، ويهوه ادوناى" 5 مرات – و134 مره "ادوناى" وحده(135). وقد تكرر اللقب فى سفر حزقيال وحده 127 مره(136)، منها حوالى 182مره(137). "ادوناى يهوه" والباقى "ادوناى"وحده. وقد ترجم هذا اللقب المركب "ادوناى يهوه" و "يهوه ادوناى" بـ "السيد الرب Lord God"(13

، ويعبر عن سلطة الله، يهوه، وسيادته على الكون كله، الخليقه كلها. وفى الغالبيه العظمى من الفقرات التى يتكرر فيها "ادوناى" تسبقه عباره "هكذا يقول كمقدمه له، خاصه فى سفرى حزقيال وأشعياء:
C "لذلك هكذا يقول السيد الرب…"(139).
C "هكذا يقول السيد رب الجنود…"(140).
ومنذ فترة ما بعد السبى وأمتناع اليهود عن نطق الأسم يهوه، أستخدم اللقب "ادوناى" كمرادق لأسم يهوه ومساو تفسيرى له، يعبر عن مغزاه وماهيته(141)، كما حل محله، كبديل له، فى الأحاديث الشفويه(142). وهذا جعل اليهود يحرصون على حماية الأستخدام الدينى لـ "ادون" حتى لا يخاطب الناس به كما يخاطبون الساده من البشر، فكانوا يكتبونه، عند الأستخدام مع "يهوه" أو كبديل له، بطريقة مميزه وينطقونه أيضاً بطريقة مميزة(143).
الفصل الثالث
أسم يهوه
حمل الأسم "يهوه" ونسب إليه كل ما ينسب لله من صفات، كما كان اسم "يهوه" محور العباده فى القديم. واسم "يهوه كما بينا هو الاسم الوحيد الدال على ماهية وكينونة وجوهر الذات الإلهية والذى لم يشارك الذات الإلهية فيه أحد. وقد كان اسماُ على مسمى. والاسم فى الكتاب المقدس وفى اللغة العبرية والشعوب التى كانت مجاوره لها لم يكن مجرد علامه (Lable) خارجيه لتمييز شخص عن آخر، وشئ عن آخر، مثل إله وإنسان وحيوان ونبات وجماد، فحسب(1)، بل كان الاسم، فى الكتاب المقدس، خاصه أسماء الأشخاص المرتبطين بعلاقه قوية مع الله، مثل الآباء البطاركه والأنبياء، مرتبط بمغزاه الكامن فيه والمتصل به، "فآدم" دعى "آدم" لأنه من أديم الأرض أخذ"(2)، وحواء دعيت "حواء" لأنه "أم كل حى"(3)، وأسحق ومعناه "ابن الضحك" دعى هكذا لأن أمه ضحكت عند سماعها خبر الحبل به من الفم الإلهى(4). فالاسم فى الكتاب المقدس يشير إلى الشخص وكما يقال: "كما يسمى الرجل يكون هو"(5).
وكان للاسم فى الكتاب المقدس أهمية خاصه، فكان يدل على صاحبه، وكما قيل: مثل الاسم يكون الشخص، والاسم هو الشخص، فقد كان يتبع تغيير صفة الشخص أو حالته تغيير اسمه(6)، وعلى هذا الأساس تغير اسم "ابرام" إلى "ابراهيم"(7) و "ساراى" إلى "ساره"(

و "يعقوب" إلى "أسرائيل"(9) و "سمعان" إلى "بطرس"(10) و "شاول" إلى "بولس"(11). بل وكان الوحى يعطى بعض الأفراد أسماء نبويه ذات مغزى نبوى ولا هوتى مثلما حدث مع أبناء أشعيا النبى(12) وهوشع النبى(13).
وهكذا اسم الله، فإذا كان للأسماء البشريه مثل هذه الأهمية لذا فمن الطبيعى أن يكون لأسماء الله وألقابه أهميه عظمى ومغزى لاهوتى عظيم.
أولاً: أسم يهوه يحمل جميع صفات الذات الإلهية
1- اسم يهوه لم ينسب لغير الله:
أسم "يهوه" هو اسم الله وحده ولم يطلق على غير الذات الإلهية ولم يسم به سوى الله وحده "يهوه هو الله، يهوه هو الله"(14). فهو الدال على ماهيته وجوهره وكينونته، الدال على الوجود الذاتى المطلق لله، كما يدل على الحياة الذاتيه المستمرة أبداً والفعاله فى ذات الله، "حى أنا إلى الأبد"(15)، "حى أنا يقول يهوه"(16).
ولم يذكر اسم "يهوه" معرفاً بأداه تعريف على الأطلاق لأنه اسم الذات الإلهيه الدال على ماهية وكينونه وجوهر اللاهوت، الله. ذُكر "يهوه" فقد كأسم مُعرف فى ذاته بدون أدوات التعريف اللغوية. كما لم يذكر أبداً بصفه الحى ولم يقال أبداً "يهوه الحى" كما قيل "الله الحى"، بل ذكر "يهوه" دون إضافه لقب "الحى"(17). فالاسم فى حد ذاته يعبر عن وجود الحياه فى الذات الإلهية، فهو الكائن الواجب الوجود، الدائم الوجود، عله وسبب الوجود الذى تنبع الحياه فى ذاته "له حياه فى ذاته"(1

وهو "الحى"، "حى أنا يقول يهوه"(19)، والحياه ليست منفصله عنه. وهذا ما لا ينطبق على مخلوق، لأن كل مخلوق يستمد وجوده وحياته من الله الحى الموجود الذاتى واجب الوجود، يهوه الكائن السرمدى.
كذلك لم يطلق تصغير يهوه "ياه" على بشر أو أى مخلوق آخر، بل أطلق على الله وحده، وأن كان قد ذُكر مع أسماء مركبه مثل "أبيا Abijah" والذى يعنى "يهوه ابوه"(20).
2- يهوه اسم الله وحده ولا يمكن أن يعطيه لغيره:
يكرر الكتاب تعبير "يهوه اسمه"، "اسمك يهوه"، "اسمى يهوه" للتعبير على أن أسم يهوه لا يخص ولا يعبر سوى عن الله وحده، لأنه كما قلنا يعبر عن ماهيته وكينونته وجوهره كالواجب الوجود والدائم الوجود وعلة كل وجود، كلى القدره:
C "هكذا قال يهوه صانعها. الرب مصورها ليثبتها، يهوه اسمه"(21).
C "الرب إله الجنود يهوه اسمه"(22).
C "ويعلمون أنك أنت وحدك اسمك يهوه العلى على كل الأرض"(23).
C "هأنذا أعرفهم هذه المره، وأعرفهم يدى، وجبروتى، فيعرفون أن أسمى يهوه"(24).
C "هو الذى صنع الجبال وخلق الريح وأخبر الإنسان ما هو فكره، الذى يجعل الفجر ظلاماً، ويمشى على مشارف الأرض، يهوه إله الجنود اسمه"(25).
C "الذى صنع الثريا والجبار، ويحول ظل الموت صبحاً، يظلم النهار كالليل، الذى يدعو مياه البحر ويصبها على وجه الأرض، يهوه اسمهُ"(26).
C "الذى بنى فى السماء علاليه، وأسس على الأرض قبته الذى يدعو مياه البحر ويصبها على وجه الأرض يهوه اسمه"(27).
كما أنه لم ولا ولن يعطيه لأخر لأنه "اسمه القدوس"(2

والمخوف، اسم الذات الإلهية الدال على الوجود الذاتى المطلق. كما يذكر الكتاب أن يهوه، الله، يغار على اسمه القدوس من التدنيس، وأنه لا يعطى اسمه ولا مجده لمخلوق ما:
C "أنا يهوه هذا اسمى ومجدى لا أعطيه لآخر"(29).
C "وأعرف بأسمى المقدس وسط شعبى إسرائيل ولا أدع أسمى المقدس يتنجس بعد فتعلم الأمم أنى أنا يهوه… وأغار على أسمى القدوس"(30).
ومن لا يمجد اسمه من الكهنه ويرتاع منه تصيبه اللعنه:
C "والآن اليكم هذه الوصية أيها الكهنه. أن كنتم لا تسمحون ولا تجعلون فى القلب لتعطوا مجداً لأسمى قال يهوه الجنود فأنى أرسل عليكم اللعن والعن بركاتكم… كان عهدى معه (لاوى) للحياه والسلام وأعطيته إياهما للتقوى فأتقانى. ومن اسمى أرتاع هو"(31).
3- المدعوا بأسمه:
كل من دعا بالإيمان بالله والتوبه فى العهد القديم دعا "باسم يهوه" وكان انوش بن شيث بن آدم هو أول من "دعا باسم يهوه"(32).
C وأختار الله سبط لاوى "لكى يقف ليخدم باسم يهوه هو وينوه كل الأيام"(33).
C وعندما قدم ابراهيم ذبائح لله بنى "مذبحاً للرب ودعا باسم يهوه"(34).
C وكذلك اسحق "بنى… مذبحاً ودعاً باسم يهوه"(35).
C ولما بنى سليمان الهيكل "دعا باسم يهوه"(36).
C وكذلك لما ظهر الملاك لهاجر "دعت اسم يهوه الذى تكلم معها أنت ايل رئى"(37).
C وكذلك نزل الله بمجده وظهر بواسطة السحاب نادى قائلاً:
C "وأجيز كل جودتى قدامك وأنادى باسم يهوه قدامك"(3

.
C "فنزل الرب فى السحاب، فوقف عنده هناك ونادى باسم يهوه"(39).
4- اسمه مخوف ومهوب:
حذر الله من الحلف باسمه "يهوه" باطلاً أو التجديف عليه مما جعل بنى اسرائيل يتجنبون نطق الاسم نهائياً وليس الحلف به فقط:
"لا تنطق باسم يهوه إلهك باطلاًز لأن يهوه لا يبرئ من نطق باسمه باطلاً"(40).
"ومن جدف على اسم يهوه فإنه يقتل"(41).
5- والفرق بين النبى الصادق والنبى الكاذب هو النطق باسم "يهوه" بالحق:
"أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون ابن الإنسان الذى لا يمسع لكلامى الذى يتكلم به بأسمى أنا اطالبه. أما النبى الذى يطغى فيتكلم بأسمى كلاماً لم أوصه أن يتكلم به أو الذى يتكلم بأسم الهه أخرى فيموت ذلك النبى. وأن قلبت فى قلبك كيف نعرف الكلام الذى لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبى باسم يهوه ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذى لم يتكلم به الرب بل يطغيان تكلم به النبى فلا تخف منه"(42).
6- وكانت الشعوب تخاف شعب الله لأن اسم "يهوه" دعى عليهم:
"فيرى جميع شعوب الأرض أن اسم يهوه قد سمى عليك ويخافون منك"(43).
7- وكان الحلف باسم "يهوه" هو أساس الثقة والأمان وذلك لاستحالة الحلف أو القسم به باطلاً، فمن يحلف به باطلاً موتاً يموت:
"فقال يوناثان لداود أذهب بسلام لأننا كلينا قد حلفنا باسم يهوه قائلين يهوه يكن بينى وبينك وبين نسلى ونسلك إلى الأبد"(44).
8- وكان داود وشعب الله فى القديم يترنمون ويسبحون ويباركون اسم "يهوه":
C "أحمد يهوه حسب بره وأرنم لأسم الرب العلى"(45).
C "فتخشى كل الأمم اسم يهوه وكل ملوك الأرض مجدك"(46).
C "وباسم يهوه دعوت آه يا رب نج نفسى"(47).
C "آه يا يهوه لأنى عبدك. أنا عبدك ابن امتك. حللت قيودى"(4

.
C "وباسم يهوه دعوت آه يا رب نج نفسى"(49).
9- وكان اسم "يهوه" هو البرج الحصين، والمتكل عليه والمخوف والمتنبأ به والمدعو له وبه:
C "أسم يهوه برج حصين. يركض إليه الصديق"(50).
C "فيخافون من المغرب اسم يهوه ومن مشرق الشمس مجده"(51).
C "ويكون أن كل من يدعو باسم يهوه ينجو"(52).
C "لأنى حينئذ أحول الشعوب الى شفه نقية ليدعوا كلهم باسم يهوه ليعبدوه بكتفٍ واحدة"(53).
10- أخيراً قال المرنم "يهوه هو الله الذى أنار لنا"(54).
ثانياً: أسم "يهوه" وترجماته المختلفة
1- "يهوه" والترجمات العالمية:
يكتب الاسم "يهوه" فى العبرية كما هو "يهوه" ولكن ينطق بدلاً منه، "ادوناى" كما سبق أن بينا ولكن عندما ترجم اليهود العهد القديم إلى اللغة اليونانية فى القرن الثالث ق.م الترجمة المعروفة بالسبعينية (LXX)، لم ينقلوا الاسم "يهوه" كما هو مثل أسماء الملائكة والبشر، كميخائيل وإسرائيل وغيرهم، وإنما ترجم ترجمة تفسيرية، لم ينقلوه بحرفيته، كما هو معروف فى نقل الأسماء كما هى من لغة إلى أخرى، وإنما ترجموا معناه، ترجموا الاسم ترجمة تعطى معناه وتبين ماهيته، أى استخدموا مرادف تفسيرى له، وترجموه إلى اللغة اليونانية "كيريوس – Kyrios"(55) ومعناه "رب وسيد" وبالنسبة للاهوت يعبر الاسم "كيريوس" فى اليونانية عن سيادة الله على الكون وربوبيته، كما يعبر عن العلاقة الشخصية بين الله والانسان. فالله هو السيد والرب والمعبود والخالق، والانسان بالنسبة لله، عبد ومخلوق، الله سيد والانسان عبد يقف تحت أمره(56).
كما ترجم أيضاً لقب "ادوناى" إلى كيريوس Kyrios. وقد أختار علماء الكتاب المقدس الذين قاموا بالترجمة إلى اليونانية لفظ Kyrios بالذات كمرادف تفسيرى للاسم "يهوه" لأنه يعبر عن ربوبية الله وسيادته على الكون بإعتباره، كما وصف فى الكتاب المقدس، "سيد كل الأرض"(57)، "سيد الأرض كلها"(5

.
وقد ترجم "يهوه" واختصاره "ياه" وتركيباته مثل يهوه صبؤوت إلى "كيريوس Kyrios" 6156 مرة(59). كما أستخدم لفظ "كيريوس" للتعبير عن اللاهوت فترجم إليه "ايل" القدير 60 مرة، و"ايلوه" 43 مرة، و "ايلوهيم" كلى القدرة 193 مرة، و"الهى صبوؤت" 3 مرات. كما استخدم لفظ "كيريوس Kyrios" فى ترجمة تعبيرات "يهوه ايلوهيم" الرب الاله Kyrios o Theos و "يهوه ادوناى" السيد الرب Kyrios Kyrios وأحياناً "despotis Kyrios"(60).
كما ترجم "يهوه" فى القبطية (بشويس – Pshois) الرب، كما ترجم فى العربية أيضاً "الرب" بمعنى السيد والمالك، كما جاء فى مختار الصحاح: "الرب اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال فى غيره إلا بالاضافة"(61). فرب كل شئ مالكه، كما أن "الرب" فى العربية هو اسم من أسماء الله يدل على ربوبيته وسيادته للعالمين.
وترجم إلى الانجليزية سواء اليهودية أو البريطانية أو الأمريكية أو العالمية بلفظ "Lord" بحروف كبيرة ويعنى السيد والرب وبالنسبة لله يعنى السيد والرب والكائن الاسمى(62). كما ترجم فى الفرنسية بـ "L’Eternel" أى السرمدى و "Seigneure" أى سيد، مولى، رب، وترجم بنفس المعنى فى جميع اللغات الأوربية والعالمية.
وكما هو واضح فقد حذت جميع الترجمات حذو الترجمة اليونانية السبعينية التى ترجمت سنة 282ق.م والتى كانت أول ترجمة من العبرية إلى لغة أخرى غيرها. وإن كان يوجد الآن بعض الترجمات القليلة جداً والتى نقلت الاسم بحرفيته "يهوه"(63).
2- "يهوه" والعهد الجديد:
لم يستخدم العهد الجديد لفظ "يهوه" ولم يظهر هذا الاسم فى أى من أسفاره على الاطلاق، سواء فى حديث السيد المسيح أو تلاميذه أو فى أحاديث اليهود، ولم يذكر أو يظهر حتى فى الآيات التى نقلت واقتبست من العهد القديم وبها اسم ولفظ "يهوه". ويرجع ذلك إلى أن الاسم كما بينا كان ممنوع النطق به منذ القرن الرابع ق.م وحتى الآن فى الأوساط اليهودية. لذا لم يستخدمه السير المسيح مع اليهود الذين كانوا يهابون النطق به أو مع غيرهم من الذين كانوا يتكلمون اليونانية. كما كانت اللغة الآرامية هى اللغة التى كانت سائدة أيامه"(64).
وكان اللقب المفضل لدى السيد المسيح هو لقب ولفظ "الآب" “Pateer” خاصة فى مخاطبته له:
"نعم أيها الآب(65)".
"أحمدك أيها الآب(66)
"أيها الآب مجد اسمك"(67).
وكان لقب "الآب" هو اللقب الذى لمح به وأعلن عن لاهوته من خلاله مرات كثيره بإعتباره ابن الآب السماوى له فى الجواهر والواحد معه فى اللاهوت والطبيعة. وقد فهم اليهود من استخدامه لهذا اللقب مساواته لله الآب، كما فهموا أنه يعلن عن لاهوته وأنه ينسب لنفسه أنه إله بقوله واستخدامه لقب "الآب":
فأجابهم يسوع أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً (مساوياً) نفسه بالله"(6

.
ولما قال لهم "أنا والآب واحد. فتناول اليهود حجارة ليرجموه… قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف. فأنك وأنت انسان تجعل نفسك إلها"(69).
كما كان لقب "الآب" هو اللقب الذى بين من خلاله وحدة الذات الإلهية وتثليث الأقانيم أو الصفات الذاتية فى لاهوت الله الواحد، كما بين من خلاله أيضاً العلاقة بين الأقانيم الإلهية وخاصة أقنوم الآب وأقنوم الكلمة:
"وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الأبن ومن أراد الأبن أن يعلن له"(70).
"ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى"(71).
"ومن رآنى فقد رأى الآب"(72).
"أنا فى الآب والآب فى"(73).
"أنا والآب واحد"(75).
وبالإضافة إلى لفظ ولقب "الآب" استخدم السيد المسيح وتلاميذه لفظى "رب – Kyrios" و "الله Theos" كبديل ليهوه وغيره من القاب مثل "ايلوهيم" و "أيل". وهذا واضح من الآيات التى افتبسها العهد الجديد من العهد القديم:
1- جاء فى مزومور 5:31 "فى يديك استودع روحى – فديتنى يا يهوه اله الحق".
واستخدم السيد المسيح نفس النص مع استبدال لفظ يهوه بـ لفظ "يا ابتاه":
فقال: "يا أبتاه فى يديك استودع روحى"(76).
وجاء فى ملوك الثانى 33:4 "فدخل وأغلق الباب على نفسيهما كليهما وصلى إلى يهوه".
وقال السيد المسيح: "متى صليت فأدخل الى مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك الذى فى الخفاء"(77).
وهذا استخدم لفظ الآب "أبيك" بدلاً من "يهوه".
2- جاء فى تثنية 3:8 "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل ما خرج من فم يهوه يحيا الانسان".
وقال السيد المسيح: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله (Theos)(7

"
وهذا استبدل اسم "يهوه" بلق "الله – Theos- ثيؤس".
وقال السيد المسيح "للرب (كيريوس) الهك تسجد وإياه وحده تبعد"(79).
وهنا استبدل اسم "يهوه" بترجمته "رب – Kyrios".
وكذلك حذا التلاميذ – كيهود فى الاصل – حذو السيد المسيح ولم يستخدموا لفظ "يهوه" مطلقاً سواء فى الكلام عن الله بصفة عامة أو عندما اقتبسوا نصوص وآيات من العهد القديم.
الفصل الرابع
يسوع ويهوه
أولاً: أسم يسوع
عندما بشر الملاك جبرائيل العذراء مريم بالحبل بالسيد المسيح وولادته قال لها:
"وها أنت ستحبلين وتلدين أبناً وتسمينه يسوع"(1).
وقال ليوسف النجار خطيب العذراء عن الحبل "الذى حبل به" فى العذراء:
"فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"(2).
إذا فأسم "يسوع" هو الاسم الوحيد الذى تسمى به السيد المسيح(3) بعد التجسد، أنه اسمه الوحيد الذى تسمى به من الملاك كما تسمى به أيضاً بعد ثمانية أيام من ولادته، أى يوم ختانه: "ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبى سمى يسوع كما تسمى من الملاك قبل أن حبل به فى البطن"(4).
1- الاسم لغوياً
والاسم "يسوع" فى أصله العبرى هو "يشوع" الذى هو أيضاً تصغير "يهوشع". فقد كان الاسم يكتب وينطق "يهوشع – يهو شع" حتى سنة 500 ق.م(5) وبعد السبى البابلى أصبح يكتب وينطق فى شكله المختصر "يشوع – Joshua". والاسم كما هو فى أصله العبرى مكون من مقطعين، من كلمتين مندمجتين، هما "يهوه" الكائن الدائم الوجود الواجب الوجود وعلة كل وجود و "شع" وهو فعل عبرى بمعنى "يخلص"، وهو هنا فى الاسم "يهوشع" يعنى "المخلص". وهكذا يكون معنى الاسم "يهوه المخلص" أو "يهوه يخلص" أى الله المخلص. وقد فسره بعض العلماء اليهود مثل فيلو Phelo الفيلسوف اليهودى بأنه "الرب خلاص Soteria Kyrios"(6). وقال يوسابيوس القيصرى أبو التاريخ الكنسى "أسم يسوع يعنى خلاص الله"(7).
والاسم فى شكله الكامل "يهوشع" هو اسم جمله، الفاعل يأتى أولاً وهو "يهوه" والفعل "شع" هو شكل مساعد ومعناه الكامل كما قلنا "يهوه يخلص" أو "يهوه المخلص"(

. قال يشوع بن سيراخ عن يشوع بن نون "كان كأسمه عظيماً فى خلاص مختاريه"(9).
2- نقل الاسم الى اللغات المختلفة
عندما ترجم العلماء اليهود العهد القديم إلى اللغة اليونانية نقلوا الاسم "يهوشع" وتصغيره "يشوع" إلى Isou (ايسو) وفى حالة الفاعل Isous (ايسوس) وكذلك فعلت الترجمة القبطية التى حذت حذو العهد الجديد الذى استخدم Isous لكل من الاسم وتصغيره، وحذت الترجمات العالمية حذو الترجمة السبعينية والعهد الجديد، فنقل الاسم فى الانجليزية Jesus وفى الفرنسية Jesus(10) أما الترجمة العربية فقد استخدمت الشكل الأخير "يشوع" وأن كانت قد حافظت على الشكل الكامل "يهوشع" ونقلته كما هو عدة مرات(11)، وميزت بين المسيح "يسوع" فى شكله الآرامى أما يشوع بن نون فحافظت عليه كما هو "يشوع" وكذلك فعلت الترجمة الانجليزية التى ميزت بين يسوع Jesus. ولكن فى اليونانية لا فرق بين يسوع ويشوع ويهوشع فجميعهم واحد "ايسوس Isous"(12).
3- مغزى الاسم يسوع
وقد تسمى كثيرون من اليهود باسم "يشوع" خاصة بعد يشوع بن نون(13) حتى أوائل القرن الثانى الميلادى، وقد سمى بهذا الاسم يسوع المسيح "قبل أن حبل به فى البطن" وذلك بإعلان الهى "لأنه يخلص شعبه من خطاياهم". أنه "يهوه المخلص"، فقد كان حقيقة هو يهوه الكائن "قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن"(14) وهو أيضاً "المخلص" ليس باحد غيره الخلاص.لان ليس اسم اخر تحت السماء قد اعطى بين الناس بة ينبغى ان نخلص(15)" اذا فالاسم "يسوع" هو أسم الذات الالهية بعد التجسد، كما سبق أن أعلن اسم "يهوه" كاسما للذات الالهية فى القديم. فالاسم "يهوه" يعبر عن كينونة الله وجوهره وعمله فى الخلق والاسم "يسوع" يعبر عن التجسد الالهى وعمل الله فى الفداء والخلاص فى العهد الجديد، "يهوه" هو يسوع ويسوع هو "يهوه" المخلص.
قال الوحى الالهى فى سفر أشعياء عن مجىء يوحنا المعمدان قبل المسيح:
C "صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق يهوه… ويتجلى مجد يهوه ويعيانه كل بشر".
وبعد أن جاء المعمدان قيل عنه:
C صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب Kyrios(16)".
والرب هنا هو المسيح الذى قال عنه الوحى الالهى "والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً(17)". كان يوحنا المعمدان صوت صارخ فى البرية لاعداد طريق الرب، "يهوه"، يهوه المخلص، يسوع المسيح، فيتجلى مجده، مجد يهوه، مجد يسوع المسيح ويراه كل بشر كقول الوحى "ورأينا مجده مجداً".
4- أسم يسوع يحل محل أسم يهوه:
كان أسم "يهوه" فى القديم هو محور العبادة ومحور العلاقة بين الله والإنسان فقد أرتبط به كل ما يتعلق بالعلاقة بين المخلوق والخالق من عبادة وصلاة وسجود ودعوة… الخ. أما فى العهد الجديد فأن أسم يسوع والمساوى لأسم يهوه فقد أصبح هو محور العلاقة بين الله والناس، ومحور العبادة وأرتبط به كل ما أرتبط فى القديم بأسم يهوه. وصار أسم يسوع أسماً "فوق كل أسم لكى تجثوا بأسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض(1

".فهو "فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل أسم(19)".
فأسم يسوع يفوق كل أسم الإله المتجسد، أنه يهوه المخلص. أنه الإسم الوحيد المساوى والمرادف لاسم "يهوه" ويسوع نفسه كما قال الوحى الالهى "لم يحسب مساواته لله اختلاساً(20)".
يسوع وحده هو المساوى ليهوه لنه "يهوه المخلص"، أنه الهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح(21)"، أنه "افله الحق والحياة الأبدية(22)"، أنه "الألف والياء البداية والنهاية، الأول والآخر(23)"، أنه "الكائن على الكل الاله المبارك إلى الأبد(24)".
ثانياً: يسوع هو محور الإيمان وموضوعه
( أ ) الإيمان بالله وأسم يهوه:
الله ذاته هو محور وأساس وموضوع الإيمان والدعوة، فهو خالق الوجود من العدم ومعطى الحياة لسائر المخلوقات، ومن ثم ينبغى دائماً للخليقة أن تكون متجهة إليه ومؤمنة به وبوحدانيته وبقدرته الكلية المطلقة.
وكان الإيمان بالله "يهوه" هو محور وموضوع رسالة النبياء والرسل والخدام ورجال الله فى كل العصور:
"هكذا قال يهوه خالق السموات هو الله. مصور الرض وصانعها هو قررها. لم يخلقها باطلاً. للسكن صورها. أنا الرب وليس آخر… أليس أنا الرب ولا إله آخر سواى (غيرى). إله بار ومخلص ليس سواى. التفتوا إلى وأخلصوا يا جميع أقاصى الأرض لأنى أنا الله وليس آخر. بذاتى أقسمت خرج من فمى الصدق كلمة لا ترجع. أنه لى تجثو كل ركبة يحلف كل لسان(25)".
وكان "أسم يهوه" هو علامة وراية هذا الإيمان وموضوعه. وقد بدأت الدعوة أول ما بدأت بأسم "يهوه" لنه، كما قلنا، الأسم الدال على كينونته وجوهره وعمله فى الكون كواجب الوجود وعلة كل وجود:
C دعا أنوش بن آدم "بأسم يهوه(26)".
C ودعا ابراهيم واسحق ويعقوب "بأسم يهوه(27)".
C ونادى الله أمام موسى "بأسم يهوه، فنزل يهوه فى السحاب. فوقف عنده هناك ونادى بأسم يهوه(2

".
C كما أختار الله سبط لاوى يقف أمامه و "يخدم بأسم يهوه(29)".
C ودعى أسم يهوه على شعبه "فيرى جميع شعوب الأرض أن أسم يهوه قد سمى عليك ويخافون منك(30)".
C وكان "كل من يدعو بأسم يهوه ينجو(31)".
( ب ) الإيمان بالله وأسم يسوع:
أسم "يسوع" فى العهد الجديد حل محل "أسم يهوه" فى القديم والدعوة "بأسم يهوه" والإيمان به تحولت إلى الدعوة "بأسم يسوع" والإيمان به، فقد نسب "لأسم يسوع، كل ما نسب ليهوه فى القديم، كما أقتبس العهد الجديد نفس الآيات الخاصة "بيهوه" وطبقها حرفياً على "يسوع"، مؤكداً أن يسوع هو يهوه وأن ما نسب ليهوه ينسب ليسوع.
1- أسم يسوع السامى:
وصف الكتاب "أسم يسوع" بالأسم السامى الذى يفوق كل أسم والذى هو فوق كل أسم وبرغم التجسد وأتخاذه صورة العبد إلا أنه "جلس فى يمين العظمة فى الأعالى صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث أسماً أفضل منهم… ولتجسد له كل ملائكة الله(32)" لأن الفرق بين الملائكة وبين يسوع هو الفرق بين المخلوق والخالق "وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحاً وخدامه ليب نار. وأما عن الابن (يسوع) يقول كرسيك يا الله إلى دهر الدهور(33)" انه أعظم من الملائكة، فهو خالق الملائكة ورب العرش، الله الجالس على العرش، لذلك فأسمه أفضل من أى أسم. أنه الغنى الذى أتخذ فقرنا "أفتقر وهو غنى(34)" ولكن السم الذى أتخذه بعد التجسد هو السم الذى يفوق كل أسم لأنه أسم الإله المتجسد.
وكما كان "أسم يهوه" هو الأسم الذى له العظمة والمجد كان أيضاً "أسم يسوع" وسيظل الأسم الذى له المجد والعظمة كما يقول الوحى الإلهى:
C لكى يتمجد "أسم ربنا يسوع المسيح" فيكم وأنتم فيه بنعمة الهنا والرب يسوع المسيح(35)".
C "وكان أسم الرب يسوع يتعظم(36)".
وما أروع هذا النشيد الذى تغنت به الكنيسة فى عصرها الأول بالوحى الالهى:
C الذى اذ كان فى صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس واذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب لذلك رفعه الله وأعطاه أسماً فوق كل أسم لكى تجثوا بأسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع هو رب لمجد الله الآب(37)".
أنه الأسم الذى يفوق كل أسم ، المسجود له من جميع الخلائق، رأس كل شىء والخاضع تحت قدميه كل شىء.
2- يسوع هو محور الإيمان:
C قال السيد المسيح: "أنا هو القيامة والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا(3

".
C "أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى(39)".
C والذى يؤمن بالابن له حياة أبدية والذى لا يؤمن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله(40)".
ويقول الوحى الالهى فى الرسالة إلى رومية:
C "إن أعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت لن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص. لأن الكتاب يقول كل من يؤمن به لا يخزى… لأن رباً واحداً للجميع غنياً لجميع الذين يدعون به. لأن كل من يدعو بأسم الرب يخلص"(42).
والآيات الدالة على الإيمان به فى الكتاب المقدس كثيرة أنظر مثلاً:
C "فآمن به تلاميذه"(43).
C "آمن كثيرون بأسمه"(44).
C "فآمن به فى تلك المدينة (السامرة) كثيرون"(45).
C "آمن به كثيرون من الجمع(46).
C فآمن كثيرون بالرب(47).
C "من يؤمن به لا يخزى(4

".
C "من يؤمن به ينال بأسمه غفران الخطايا(49)".
وكان شعار الكنيسة فى بشارتها بالأنجيل فى المسكونة كلها:
C "أمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك(50)".
C "من آمن وأعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن(51)".
C "وليس بآحد غيره الخلاص. لأن ليس آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص(52)".
وذلك لأن يسوع المسيح هو:
C "رب الكل(53)".
C "لأن رباً واحداً للجميع(54)".
C "ملك الملوك ورب الأرباب(55)".
C "رب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به(56)".
C "هذا هو الاله الحق والحياة الأبدية(57)".
كان ومازال وسيظل الإيمان به هو محور الكتاب المقدس ومحور رسالة الأنبياء والرسل والخدام والمبشرين.
3- الدعوة بأسمه:
وكما كان الإيمان بأسم يهوه هو محور الكتاب هكذا كان "أسم يسوع" أيضاً وسيظل هو أساس الدعوة المسيحية. قال الوحى الالهى فى سفر يؤئيل النبى:
C "أن كل من يدعو بأسم يهوه ينجو(5

".
وأقتبس كل من القديس بولس والقديس بطرس هذه الآية وطبقاها حرفياً على يسوع:
C "كل من يدعوا بأسم الرب (Kyrios) يخلص(59)".
والرب هنا حسب سياق الموضوع والكلام هو الرب يسوع. وقد قال حنانيا لبولس بعد أن أمن بالرب يسوع المسيح:
C "لماذا تتوانى؟ قم أعتمد وأغسل خطاياك داعياً بأسم الرب(60)".
والرب طبعاً هو الرب سوع المسيح الذى قال عن بولس لحنانيا:
C "لأن هذا لى أناء مختار ليحمل أسمى أمام أمم وملوك وبنى إسرائيل لأنى سأريه كم ينبغى أن يتألم لأجل أسمى(61)".
والقديس بولس يخاطب أهل كورنثوس بالوخى قائلاً:
C "إلى كنيسة الله التى فى كورنثوس المقدسين فى السيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعن بأسم ربنا يسوع المسيح فى كل مكان(62)".
وهكذا تحولت الدعوة من "أسم يهوه" فى القديم إلى "أسم يسوع" فى العهد الجديد ودعى تلاميذه ورسله والمؤمنين به مسيحيين(63) على لقبه "المسيح" لنه "يسوع الذى يلقب بالمسيح".
ويسوع المسيح هو يهوه متجسداً، كلمة الله المتجسد.
4- يسوع هو محور وأساس وموضوع الكرازة:
كان الهدف الأول للبشارة والكرازة فى العهد الجديد هو الإيمان بالرب يسوع المسيح ونشر أسمه فى كل المسكونة. قال السيد نفسه لتلامسذه مفسراً ما كتبه عنه الأنبياء:
C "هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث.
وأن يكرز بأسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم(64)".
C ويقول الوحى الالهى "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال بأسمه غفران الخطايا(65)".
والإيمان بألوهيته كان هو هدف كتابة العهد الجديد:
C "أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكى تكون لكم اذا آمنتم حياة بأسمه(66)".
C "أكتب هذا إليكم أنتم المؤمنين بأسم ابن الله لكى تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكى تؤمنوا بأسم ابن الله(67)".
C ومن أجل أسمه خرج الرسل ليبشروا ويكرزوا فى المسكونة كلها مزودين بوصاياه:
C "من أجل أسمه خرجوا وهم لا يأخذون شيئاً من الأمم(6

".
C "أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بأسم الآب والأبن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى أنقضاء الدهر(69)".
C "يسوع المسيح ربنا الذى لأجل أسمه قبلنا نعمة ورسالة لأطاعة الايمان فى جميع الأمم(70)".
C كان أسم يسوع هو محور وموضوع وأساس الكرازة كما أنه مرسل الرسل والأنبياء والمبشرين، وكان تعليم تعاليمه ووصاياه وتلمذة الأمم على ذلك هو شريعة الرسالة.
5- وهو مرسل الرسل والأنبياء والملائكة:
وهو أيضاً الذى يرسل الملائكة والأنبياء والرسل والمبشرين للأعلان عنه والبشارة والكرازة بأسمه وبتعاليمه ووصاياه فى كل المسكونة:
C أنا يسوع أرسلت ملاكى لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس(71)".
C وقال لتلاميذه "أذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالانجيل للخليقة كلها(72)".
C "وتكونون لى شهوداً فى أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض(73)".
وقال عنه الوحى الالهى:
C "الذى نزل هو الذى صعد فوق جميع السموات لكى يملأ الكل. وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلا والبعض مبشرين والبعض رعاه والبعض معلمين(74)".
C "سر المسيح" الذى فى أجيال أخر لم يعرف به بنو البشر كما قد أعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح(75)".
5- وهو المعطى فما وكلاما وحكمة:
فى القديم قال الله لموسى:
C "أذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به(76)".
والسيد المسيح يقول لتلاميذه:
C "لأنى أنا أعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يناقضوها أو يقاوموها(77)".
وفى القديم قيل:
C "أسمعوا كلمة يهوه يا بيت يعقوب(7

".
وفى العهد الجديد يقول الوحى الالهى:
C "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعض بمزامير وتسابيح وأغانى روحية بنعمة مترنمين فى قلوبكم للرب. وكل ما عملتم بقول أو بفعل الكل بأسم الرب يسوع المسيح(79)".
والسيد المسيح كثيراً ما يكرر ويقول:
C "فكل من يسمع أقوال هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر(80)".
C "وكل من هو من الحق يسمع صوتى(81)".
وكان يختم كثيراً من أقواله بتعبير "من له أذنان للسمع فليسمع(82)".
وهذا يبين أن يسوع هو يهوه، فيسوع هو الذى يرسل الملائكة والانبياء والرسل والمبشرين وهو الذى يعطيهم كلاما وحكمة عند أفتتاح الفم.
6- الكل خدامه:
قيل فى القديم:
C "وأما أنتم فتدعون كهنة يهوه تسمون خدام الهنا(83)".
C "وأبناء الغريب يقترنون بيهوه ليخدموه وليحبوا أسم يهوه ليكونوا له عبيداً(84)".
وفى العهد الجديد يقول الوحى الالهى:
C "لأنكم تخدمون الرب المسيح(85)".
فخدام يهوه هم خدام المسيح وخدمة يهوه هى خدمة الرب يسوع المسيح. ونحن جميعاً نخدم رباً واحداً والهاً واحداً.
8- أحتمال الآلام لأجل أسمه:
قال بطرس للسيد المسيح: ها نحن قد تركنا كل شىء وتبعناك".
C "فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو أخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلى ولأجل الانجيل إلا ويأخذ مئة ضعف الآن فى هذا الزمان بيوتاً وأخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات وفى الدهر الآتى الحياة الأبدية(86)".
السيد المسيح يمدح من يترك كل شىء فى العالم لأجل أسمه ويعده بالحياة الأبدية كما بين أنهم سيضطهدون وينالون الضيق والآلام لأجل أسمه:
C "وتكونون مبغضين من الجميع لأجل أسمى(87)".
C "حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل أسمى(8

".
C يلقون أيديهم عليكم ويطردونكم ويسلمونكم إلى مجامع وسجون وتساقون أمام ملوك وولاة وتكونون مبغضين من الجميع من أجل أسمى(89)".
ولما جلد التلاميذ فى مجمع اليهود "أوصوهم أن لا يتكلموا بأسم يسوع(90)" ولكنهم ذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل أسمه(91)".
كما قيل عن بولس وسيلا: "رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل أسم ربنا يسوع المسيح(92)".
وقال القديس بولس بالوحى الالهى:
C أنى مستعد ليس أن أربط فقط بل أن أموت أيضاً فى أورشليم لأجل أسم الرب يسوع(93)".
C "من سيفصلنا عن محبة المسيح. أشدة أم ضيق أم أضطهاد أم جوع أم عرى أم خطر أم سيف. كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا فى هذه جميعها يعظم أنتصارنا بالذى أحبنا. فأنى متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التى فى المسيح يسوع ربنا"(94).
كما يمتدح السيد المسيح كل من ملاك كنيسة أفسس وملاك كنيسة برغامس، فيقول للأول: "احتملت ولك صبر وتعبت من أجل أسمى"(95) ويقول للثانى: "وأنت متمسك بأسمى ولم تنكر إيمانى"(96).
أحتمل الأنبياء والرسل والمبشرون والخدام الآلام لاجل "أسم يسوع" وقبلوا ذلك بفرح، ولو لم يكن المسيح، يسوع، هو يهوه، الله، الاله المتجسد، الله الظاهر فى الجسد، لما احتملوا الآلام لاجل أسمه وطافوا العالم كله يدعون للإيمان بأسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا والحياة بأسمه، من يؤمن به ينال حياة أبدية ومن لا يؤمن به يمكث عليه غضب الله "الذى يؤمن بالأبن له حياة والذى لا يؤمن بالأبن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله"(97).
9- على اسم يسوع رجاء الأمم
وكما قيل عن يهوه أن اسمه رجاء الأمم قيل عن يسوع أيضاً أن على اسمه رجاء الأمم: "فعلم يسوع وانصرف من هناك. وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعاً. وأوصاهم أن لا يظهروه. لكى يتم ما قيل بأشعياء النبى القائل: هوذا فتاى الذى اخترته. حبيبى الذى سرت به نفسى. أضع روحى عليه فيخبر الأمم بالحق… وعلى اسمه يكون رجاء الأمم"(9

.
10- بالإيمان بأسمه تغفر الخطايا
C يقول الكتاب "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا"(99).
C "أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غفرت لكم خطاياكم لأجل اسمه"(100).
C ولما وعظ بطرس الرسول أول عظة له بعد حلول الروح القدس سأل الكثيرون من الذين نخسوا فى قلوبهم الرسل "ماذا نصنع" فقال لهم القديس بطرس:
"توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس"(101).
11- وبأسم يسوع تجرى قوات وعجائب وتخرج الشياطين
عندما أرسل السيد المسيح تلاميذه للبشارة به قال لهم معطياً سلطانه لهم:
C "اشفوا مرضى. طهروا برصاً. أقيموا موتى. أخرجوا شياطين"(102).
وكذلك لما عين سبعين رسولاً وأرسلهم أمامه خاطبهم قائلاً:
C "وأية مدينة دخلتموها وقبلوكم.. أشفوا المرضى الذين فيها"(103).
C "فرجع السبعو بفرح وقالوا له يا رب حتى الشياطين تخضع لنا بأسمك"(104).
وقبل صعوده مباشرة قال لتلاميذه ورسله:
C "وهذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين بأسمى ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات وأن شربوا سماً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون"(105).
حتى الذين ليسوا من أتباعه كانوا يخرجون الشياطين بأسمه، قال له يوحنا:
C "يا معلم رأينا واحداً يخرج شياطين بأسمك فمنعناه لأنه ليس يتبعنا. فقال يسوع لا تمنعوه لأنه ليس أحد يصنع قوة بأسمى ويستطيع سريعاً أن يقول
سيخرجونكم من المجامع, بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله
[url]www.christpal.com[/url]