قلت : ايه حكاية ؟
قال: حكايتى مع العلم والعلماء والبحث والمبادئ فقد كنت فى صدر شبابى كما قلت لك أنا والكتاب واحد، وكانت الكلمة المطبوعة هى حياتى، وكان أشخاص الكتب هم أصدقائى ، ليس لى فى الدنيا سواهم، ومن هنا جاءت قدسية الكلمة، فلما سلكت طريق العلم أصبح للكلمة محراب فيه أرقام وأرقام أهتز لها احتراما، وأنحنى أمامها تبجيلا، ولكن حين أصبحت أحد خدام هذا المحراب اكتشفت أن ليس به آلهة دائما، بل هناك أيضا أصنام من الحجارة تبدو عليها سمات الآلهة ، واهتززت وتشككت وكدت أتراجع والأبحاث فيها الحسن وفيها السئ، وحين تقرأ إما أن ترفضه وإما أن تقبله ، ولكنى كنت أحد خدام المحراب وولدانه ، فمارست تناول الماء المقدس من الداخل ولم يكن دائما مقدسا، خصوصا لدى المشايخ والأحبار .
قلت هذه الحياة "فيها" .. "وفيها".
قال نعم هذه الحياه ، ولكن فى محراب العلم تصبح الأمور لا تحتمل أن يكون " فيها".. "وفيها" ، إما أنه فيها ، أو أنه ليس فيها .
قلت : فلندخل إلى الموضوع ونخفف من الألغاز .
قال: ما دامت الأبحاث فى بلد نام، أو فلنسمه متطوراً فلا بد من احترام إمكانياته ، وقد سمعت أستاذاً ساخرا يقول أثناء التلمذة إن الأبحاث فى مصر - فى مجاله على الأقل - إما كلام فاغ أو كلام مفروغ منه ، أما الكلام الفارغ فهو بالبحث الذى يعمل وكأنه شيء مبتكر وهو ليس به شئ ، أما الكلام المفروغ منه فهو الذى سبق عمله فى بلاد أكثر تقدما وما تكراره هنا إلا من باب تحصيل الحاصل .
قلت : هل تعنى أن نوقف البحث العلمى فى بلادنا ؟
قال : كنت أتصور أنه إما أن يكون هناك بحث علمى وإما أن يوقف.
قلت : وكيف ننمى قدرة البحث ؟
قال : آه ... إذاً فلتكن أبحاثنا لننم قدرة البحث .. ليس إلا .. ، فى هذه المرحلة ،إلا فى حالات الفلتات الخاصة فلها اعتبار خاص .
قلت : فليكن .
قال : لم يكن .
قالت : إذا ما الذى كان ؟
قال : كان يا ماكان أستاذ ذو كرسى ، والأستاذ عندنا صنفان :
واحد له كرسى والآخر يظل واقفا حائرا بدون كرسى، وعندنا من الأستاذة من يتراخى على كرسيه حتى يصبح الكرسى أريكة ، ويا حبذا لو كان سريرا يحاط بمساعدين يهوون عليه بمراوح من ريش نعام .
قلت : إنك فى أزمتك تذهب إلى بعيد وترسم صورة صارخة ليست هى القاعدة .
قال : أنا لا أتحدث عن قواعد، أنا أتحدث عن تجربتى الخاصة، أنا مريض نفسى وأنت طبيب نفسى ، وقد تحرجت طويلا أن أقول هذا الكلام بين الزملاء ، كانوايشعرون أنى أهاجمهم وأكشف عوراتهم فى حين أنى كنت أنقد نفسى معهم، كانوا يدافعون عن جلال العلم وهيبة "الأساتيذ" دون محاولة لمناقشة صدق محاولتى وكان الأستاذ أستاذا لأنه أستاذ، وليس لأنه رائد وموجه ونقادة وإنسان، وظللت أكتب وأخطئ نفسى واضح حسابا للذى يصح والى لا يصح ، وأفوت وأصهين وأسكت وأغمض حتى انكسرت، وأصبحت عندك يا سيادة الأستاذ الطبيب النفسى ، ولكن قل لى هل أنت تعترض لأنك أستاذ أم لأنك طبيب ؟ لمصلحة من تحاول أن تزين حقائق عشتها بكل الألم والمرارة ، وتقول أنت تبالغ ؟ أنتم الذين تبالغون فى العمى والضلال .
قلت: العم والضلال ؟
قال:نعم بحجة احترام الواقع والمجاملات ، إن الواقع محترم . طالما هو صدق وأمانة ، والمجاملات عظيمة طالما هى الزيت الذى يلين تروس المعاملات الجافة ، أما أن نرص الأرقام ونتبع مبدأ "من سهل، سهل الله عليه" فإن ذلك هو العمى والضلال.
يتبع...
تباً إننا جيل كامل من الانتظار .. متى نفرغ من الصبر .. و من مضغ الهواء ..
اتعرى من الجميع كي أجدني,,,,
فأضيع !!!!
حاولتُ أن أغرق أحزاني في الكحول، لكنها، تلك اللعينة، تعلَّمَت كيف تسبح!
|