الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 04/05/2008   #135
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي إهداء ل butterfly"ميمو"


أثر الفراشة


دار رياض الريس للنشر
2008
يُثير كتاب «أثر الفراشة» عدداً من الالتباسات لدى القارئ. لعل درويش نفسه حاول تجنّب التعددية التي تحكم نصوص الكتاب، فوضعها في خانة «اليوميات». لكنّ وسم النصوص بهذه الصفة لا يجعلها تنضوي، كلها، تحت هذه اللافتة. ثمة نصوص كثيرة في الكتاب تتجاوز فكرة اليوميات. بل إن معظمها يفتقد المعنى الدارج لليوميات والذي يتمثل في تدوين الوقائع أو المشاهدات العادية اليومية.
السبب في كل هذا أن محمود درويش لا ينسى أنه شاعر. وإذا نسي هو أو شرد عن كونه شاعراً، فإن لغته، أو بالأحرى معجمه اللغوي ونبرته التي ربّى قصيدته عليها طويلاً، تتكفل بإعادته إلى الحقل الذي يتقن حرثه. الشاعر الذي في داخل درويش يطل برأسه حتى لو كتب نثراً عادياً. الشاعر موجود وإن توارى خلف تسميات أو أجناس أدبية أخرى.
الكتاب، بهذا المعنى، ليس يوميات بالمعنى الحرفي والتقني للكلمة. الطريقة التي ينظر بها الشاعر إلى العالم تتدخل في صوغ كل ما يُستدرج إلى النصوص وشعرنته. لنقل إن ما نقرأه هو استراحة الشاعر من الانكباب المضني على الشعر. النصوص فسحة لكي يتنفس الشعر خارج المتطلبات الصارمة للإيقاع. إنها فرصة كي يستريح الشاعر من مطاردة الصور والاستعارات. لكن هل يمنع هذا تسرّب الشعر أو ما يشبهه إلى جملة درويش حتى وهي مشغولة بغير الشعر. الجواب هو لا بالطبع. فالشاعر لن يقوى على إدارة ظهره للغة التي اعتاد الكتابة بها.
إذا سلّم القارئ بهذه البداهة، فسيكون سهلاً عليه أن يجد تصنيفاً خاصاً بـ«يوميات» محمود درويش. حينها لا يمكن أن يتفهّم فقط وجود شعر متوارٍ أو مدفون تحت سطح العبارات، بل وجود شعر حقيقي بعضه مكتوب بأبيات فراهيدية. لكن لماذا يضع درويش هذه القصائد هنا ولا ينشرها ضمن دواوينه؟ الجواب المرجح هو أن هذه القصائد أقل من الطموح الدرويشي الراهن، خاصة بعد المنعطفات والتطورات التي شهدها شعره في الفترة الأخيرة. الواقع أن بعض هذه القصائد لا يقل عن الشعر الذي نقرأه في دواوين درويش، لكن القارئ المتأني والمتمعن في شعرية درويش يلاحظ أن ثمة شيئاً يعصى على التحديد في هذه القصائد ولكنه كاف ليستبعدها الشاعر عن دواوينه.
تفسح اليوميات مجالاً للتأمل في الموت والحياة ومشاغل العيش العادية. وتفسح للقارئ، في الوقت نفسه، مجالاً كي يعرف جانباً آخر من الشاعر الذي يسبقه شعره وتسبقه فلسطين إلى الجمهور. الشاعر الذي شكا من ربط شعره بالقضية لا يتوقف عن ذلك حتى في يومياته. ها هو يرفع شكواه موزونة هذه المرة: «يغتالني النقاد أحياناً/ يريدون القصيدة ذاتها/ والاستعارة ذاتها / فإذا مشيتُ على طريق جانبيٍّ شارداً/ قالوا: لقد خان الطريق / وإن عثرتُ على بلاغة عشبةٍ/ قالوا: تخلّى عن عناد السنديان/ وإن رأيتُ الورد أصفر في الربيع/ تساءلوا: أين الدم الوطني في أوراقه/ .... / يغتالني النقاد أحياناً/ وأنجو من قراءتهم/ وأشكرهم على سوء التفاهم/ ثم أبحث عن قصيدتي الجديدة».
اليوميات، إذا استعرنا تعبير درويش في الاقتباس السابق، ما هي إلا طريق جانبي يقود في النهاية إلى الشعر.
بقلم/حسين بن حمزة


مقتطفات من الكتاب

ليتني حجر
"لا أَحنُّ الى أيِّ شيءٍ

فلا أَمسِ يمضي، ولا الغَدُ يأتي

ولا حاضري يتقدمُ أو يتراجعُ

لا شيء يحدث لي!

ليتني حجرٌ – قلتُ – يا ليتني"



"أَثر الفراشة

أَثر الفراشة لا يُرَى

أَثر الفراشة لا يزولُ

هو جاذبيّةُ غامضٍ

يستدرج المعنى، ويرحلُ

حين يتَّضحُ السبيلُ

هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ

أشواقٌ إلى أَعلى

وإشراقٌ جميلُ

هو شامَةٌ في الضوء تومئ

حين يرشدنا الى الكلماتِ

باطننا الدليلُ

هو مثل أُغنية تحاولُ

أن تقول، وتكتفي

بالاقتباس من الظلالِ

ولا تقولُ…"


البيتُ قتيلاً

بدقيقة واحدة، تنتهي حياةُ بيتٍ كاملة. البيتُ قتيلاً هو أيضاً قَتْلٌ جماعيّ حتى لو خلا من سُكَّانه.
مقبرة جماعية للموادّ الأولية الـمُعَدَّةِ لبناء مبنى للمعنى، أو قصيدةٍ غير ذات شأن في زمن الحرب.
البيت قتيلاً هو بَتْرُ الأشياء عن علاقاتها وعن أسماء المشاعر. وحاجةُ التراجيديا إلى تصويب البلاغة نحو التَّبَصُّر في حياة الشيء. في كل شيء كائنٌ يتوجَّع… ذكرى أَصابع وذكرى رائحة وذكرى صورة. والبيوت تُقْتَل ُكما يُقْتَلُ سكانها. وتُقْتَلُ ذاكرةُالأشياء:
الحجر والخشب والزجاج والحديد والإسمنتُ تتناثر أشلاء كالكائنات. والقطن والحرير والكتّان والدفاتر والكتب تتمزّق كالكلمات التي لم يتسَنَّ لأصحابها أن يقولوها. وتتكسَّرالصحون والملاعق والألعاب والأسطوانات والحنفيّات والأنابيب ومقابض الأبواب والثلَّاجة والغسَّالة والمزهريات ومرطبانات الزيتون والمخللات والمعلبات كما انكسر أصحابها. ويُسحق الأبْيَضَان الملح والسُّكَّر، والبهارات وعلب الكبريت وأقراص الدواء وحبوب منع الحمل والعقاقير الـمُنَشطة وجدائل الثوم والبصل والبندورة والبامية الـمُجَفَّفة والأرُزُّ والعدس، كما يحدث لأصحابها. وتتمزَّق عقود الإيجار ووثيقة الزواج وشهادة الميلاد وفاتورة الماء والكهرباء وبطاقات الهوية وجوازات السفر والرسائل الغرامية، كما تتمزّق قلوب أَصحابها.

وتتطاير الصُّوَر وفُرَشُ الأسنان وأمشاط الشَّعْر وأدوات الزينة والأحذية والثياب الداخلية والشراشف والمناشف كأسرار عائلية تُنْشَرُ على الملأ والخراب. كل هذه الأشياء ذاكرةُ الناس التي أُفْرِغَتْ من الأشياء، وذاكرة الأشياء التي أُفْرِغَتْ من الناس… تنتهي بدقيقة واحدة.

أشياؤنا تموت مثلنا. لكنها لاتُدْفَنْ معنا!




عندي ثقـــــــة فيـــــــك ...



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

الأمــــــل باقي

آخر تعديل ooopss يوم 04/05/2008 في 03:01.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04878 seconds with 11 queries