الموضوع: وليد معماري
عرض مشاركة واحدة
قديم 29/04/2008   #12
شب و شيخ الشباب abosleman
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ abosleman
abosleman is offline
 
نورنا ب:
Aug 2006
المطرح:
السقيفة...
مشاركات:
2,726

افتراضي


الصعود نحو الأسفل


لقيني، عند فسحة درج البناية، جاري أبو حدو المعتَّر، (وهو موظف مرموق في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بدمشق.. وأب لستة أولاد.. إثنان منهما خريجا جامعة عاطلان عن العمل)، وسألني للمرة الواحدة بعد الألف: "يا جار.. باعتبارك صحفي .. ألا تذكر أنه بعد آخر زيادة أجور أعطتها وزارة سابقة (ووريثتها اللاحقة) للعاملين في الدولة، وعدت، وأوردت في بيانها الوزاري، أنها ستستمر في سياسة رفع الأجور مرة كل ستة أشهر، إلى أن يصل دخل المواطن إلى الحد المعقول، بما يتناسب مع أسعار الفول؟!.. فكيف نسيتنا الوزارات كل هذه السنوات؟.. وكيف أخلّت بتلك الوعود.. وحللت لنفسها الآن طرح فكرة رفع الدعم عن بعض المواد الأساسية للمواطن غير المدعوم أساساً، ثم أشاعت نبأ رفع سعر المحروقات الأساسية من بنزين ومازوت وغاز؟!..
وأمسكني جاري أبو حدّو المعتّر من (زيق) قميصي، وهزني، وكاد يمزق القميص اليتيم لدي، كما لو كنت أنا رئيس الوزراء، المسؤول عن رزق الفقراء، وقال: إسمع يا جار.. صحيح أني موظف ديوان في الوزارة.. لكني خرّيج كلية اقتصاد وتجارة.. وأعرف أن التضخم النقدي في بلدنا يصل إلى حدود 13% سنوياً... وهذا يعني أن دخلي، قياساً إلى حاجاتي من السوق، أضحى مثل عجلة سيّارة، (بنشر) أحد دواليبها، وليس لدى السائق دولاب احتياط.. فإلى أين نحن سائرون يا عم؟!!...
ولم يكن لدي جواب..
وتابعت، أنا وجاري، صعود البناية المؤلفة من عشرة طوابق... وسألني مرافقي: يا جار.. لماذا تتعب قلبك بصعود عشرة طبقات، ولا تستخدم المصعد الكهربائي في صعودك؟.. وأجبته بأني أخشى أن يدركني التقنين الكهربائي، وأنا في منتصف الصعود!... فضحك جاري أبو حدّو المعتّر.. وقال لي: معك حق... أنا علقت قبل يومين في المصعد لمدة ثلاث ساعات... وربك ستر، أني كنت أحمل بعض المشتريات، من خبز وخضراوات، وليس بينها مادة اللحمة.. وإلا لكانت اللحمة، (خمَّت)... وكنا سنرميها للقطط... وبالمناسبة، كان لدينا قطة نربيها على الشرفة.. وقد هربت في أول فرصة سنحت، لأننا لم نكن نطعمها سوى الخبز الحاف، وفي المناسبات السعيدة، مثل الأعياد نطعمها الزيت والزعتر..
حين وصلنا إلى الطابق السابع، جلست وجاري على بسطة الدرج لنستريح من وعثاء الصعود، وقلت للرجل: يبدو أن الحكومة عدلت عن رأيها في رفع أسعار المحروقات، بعد أن شمَّت رائحة عاصفة (سونامي) عند الرأي العام.. ولم تجرؤ على طلي الشحّار بالسخام... وهي لن تعود لمثل الهذر، ولا إلى زيادة العصّة لمن هم أصلاً في القبر..
ابتسم أبو حدّو.. ثم ضحك.. ثم قهقه.. وقال وهو يكاد ينقلب على ظهره من الضحك: يا جار.. صحيح أنك صحفي فهيم.. لكنك أغشم من الغشيم... ألم تسمع ما يشاع خلف الأبواب، من أن الحكومة (دردرت) في أذن بعض الأصحاب.. وأجلت الموضوع إلى مطلع السنة القادمة... فابشر بطول سلامة يا مربعُ...




العدد 169 (1690) 15 ــ 22 أيلول 2007

كان اسمه.. .
لا تذكروا اسمه!
خلوه في قلوبنا...
لا تدعوا الكلمة
تضيع في الهواء، كالرماد...

"We ask the Syrian government to stop banning Akhawia"
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03333 seconds with 10 queries