بين حافظ الأسد ونزار قباني صفحة من صفحات التاريخ
مما لاشك فيه ولا جدال عليه أن نزار كان شاعراً متمرداً ثائراً على معظم الأنظمة العربية الحاكمة وكلنا يعلم أنه كان يراسل الشعوب العربية بالياسمين والنرجس ويراسل الحكام بالاعتراضات والتهم ولكن القليل منا يعلم أن نزار كان يعشق رجلاً يسمى حافظ الأسد وآلى على نفسه أن لايمدح إنساناً بحياته سوى حافظ الأسد فإن ممدوحي نزار شعرياً كانو بحكم الرثاء لا المدح أمثال جمال عبد الناصر وبهية المصرية ومما يدور بين ليلة وضحاها في الأجواء الشعرية المسّيسة لأن نزار غادر دمشق عنوة ولم تطأها قدمه طيلة حياته وهو محروم من أهله ودمشقيّة ترابه الذين غنى لهم لحرمانه منهم
ولكن أي استعراض لحياة نزار اليومية نجده دائم الزيارات لدمشق محترماً مكرماً بين القلوب والأكف فزيارته لدمشق كانت شبه موسمية وأمسياته على مدرجاتها جزء من تراثه التاريخي إن كانت في جامعة دمشق أو في مكتبة الأسد
ولقد عدّ نزار استقبال الرئيس له في مكتبه عام 1974 من أفضل وأنبل الأوسمة و الشهادات التي حققها طوال حياته
لقد أدرك نزار منذ البدء أن قائد الأمة يحمل نكهة المجد والعطاء في ترنيمة خلود أبدية للشعب العربي في النصر والتحرير
ففي تشرين المجد كتب المقاتل العربي بأحرف مذهبة وأروع معارك الشرف مدافعاً عن تراب الوطن وبساتين ياسمينه واقفاً في وجه أحدث المعدات الإسرائيلية راهناً الغالي والرخيص لتنتصب سنابل القمح تجدلها الشمس الأموية عناقيد حب أزلي للوطن وترابه كتب نزار يقول:
منذ أيان النبي العربي..... والشام بتتكلم عربي ومنذ أيام معاوية وهشام ومروان حتى أيام حافظ الأسد ومنذ موقعة بدر حتى موقعة جبل الشيخ.... والشام مواظبة على تكلم اللغة العربية وعلى تعليمها إن صناعة دمشق الأساسية هي العروبة
واستمرت أيام تشرين معبرة عن الصمود العربي وتفوقه على كل معدات الحرب وتعانقت الآمال العربية بقدسية مؤمنة بوحدة الهدف والمصير وتغنى نزار بالتضامن العربي عندما استخدم العرب لأول مرة في تاريخهم سلاح النفط في المعركة فيقول نزار:
للمرة الأولى...أشتري زجاجة بترول...وأهديها لحبيبتي
وتشكرني لأنني أعدت إليها الثقة بأنوثتها
أهديتها عطرها المفضل: النفط
حبيبتي بعد حرب 6 تشرين تفضل
أن تستعمل عطراً قومياً
وعندما انسحبت القوات المصرية من المعركةوهرول أنور السادات إلى تل أبيب في موقفه المحزن الذي أضاع على العرب فرصة كانوا من خلالها يستطيعون مسح الكيان الإسرائيلي من الوجود وبعد فترة من أحزان و آلام كامب ديفيد كتب نزار قصيدته الرائعة كلن اسمه السادات حيث قال:
كان اسمه
كما يقال أنور السادات
كان اسمه المأساة
خلف عبد الناصر العظيم مثل الشاة
كنا نظن أنه يرتل القرآن
لكنه فاجأنا وأخرج التوراة
كنا نظن أنه
سيدخل القدس على حصانه
ويستعيد المسجد الأقصى من الأسر
ويدعو الناس للصلاة
لكنه فاجأنا
وسلم الأرض من النيل إلى الفراتيتبع...