وكتب مازن النقيب في الوطن السورية
مجموعات خفافيش الظلام بدأت تتحرك في عتمة الليل لإفشال قمة دمشق.. دمشق الصامدة في مواجهة التحديات الكبرى نيابة عن الأمة.
فالسيد لارسن المعروف بدعم وتأييد الكيان الإسرائيلي، وحقده الدفين على العرب والمسلمين الذي كان وراء القرار 1559 يقود حالياً مساعيه «اللاحميدة» للضغط على سورية وتحميلها مسؤولية عدم انتخاب رئيس جديد للبنان.
أما السيد الآخر سولانا الذي يتحرك من قارة إلى أخرى، ومن بلد عربي إلى بلد عربي فطالب «لا فض فوه» الدول الكبرى باتخاذ مواقف حازمة من سورية متهماً إياها أيضاً بتعطيل عملية انتخاب الرئيس اللبناني.
ثم خرج علينا السيد وليد جنبلاط الذي نسي تاريخ والده في محاربة الاستعمار والاحتلال، وباع كل أمجاد الطائفة التوحيدية ومواقفها المشرفة في الدفاع عن الحقوق العربية مطالباً السنيورة بعدم مشاركة حكومته في قمة دمشق. ومثله فعل السيد جعجع السائح حالياً في الولايات المتحدة الأميركية الذي ما زال ينشر أكاذيبه وسمومه في أروقة البيت الأبيض والبنتاغون على سورية والمقاومة علّه يحرك الإدارة الأميركية لفعل شيء ما لتفجير الأوضاع في المنطقة والقضاء على حزب اللـه.
إن فريق السلطة الذي تورط في المشروع الأميركي وشارك في نشاطات تضر بالمصلحة اللبنانية وبالأمن القومي العربي ما زال يمارس الفتنة والضغط على سورية ظنّاً منه أنه بقلاقله وفساده قادر على أن يهز شعرة واحدة من رأس أي عربي سوري يقف بالمرصاد للمشروع الأميركي - الإسرائيلي.
إن الذين يتباهون بعمالتهم للأميركي والإسرائيلي ويواصلون مساعيهم للقضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق ما هم إلا أدوات رخيصة لا لون لها ولا رائحة، مهما حاولوا زرع الفوضى واستدراج الحروب والانشقاقات وزرع الفتن في الجسم العربي الواحد.
لقد كان هم الأعداء وما زال إعاقة تقدم العرب وتحطيم كياناتهم غير الموحّدة وتجزئتها، ودفع كل جزء إلى مصارعة الجزء الآخر تحت شعارات الحرية والاستقلال أحياناً، وأحياناً أخرى محاكمة من قتل الرئيس رفيق الحريري.
لقد نجح العدو في تشتيت قوتنا البشرية وبعثرتها فوق مربعات قطرية مغلقة، حيث سادت نزعة القطرية عوضاً عن التمسك بالقومية.
من هذه الرؤية نعرف لماذا تتحرك مجموعات الخفافيش في كل اتجاه وحسب المصالح والأهواء لإفشال كل عمل عربي مشترك يعيد للأمة إمكاناتها المعطّلة، وأمانيها المشلولة، وكرامتها المنهكة، ووجودها الناقص والمبتور.
إنهم يتحركون لإفشال كل عمل عربي فعال وقوي ومؤثر وجذري ينشلنا من الظلم والاستغلال والاحتلال ويدفع بنا إلى طريق العمل العربي المشترك لحماية أمننا ومكتسباتنا وأهدافنا في الحرية والحياة الشامخة.
إن هذه المرحلة التي يعيشها وطننا العربي كأنها خارج التاريخ بل خارج الجغرافيا أيضاً، فالخريطة من المحيط إلى الخليج موضوعة تحت المجهر ومزروعة بالدبابيس الملونة في أقبية التآمر، وما أكثرها، إنها مرحلة الشيء وعكسه، مرحلة المبادئ وعكسها، مرحلة المناورة المستمرة حول المستقبل والمصير.
لن تكون مهمة مؤرخي الغد يسيرة، فلا قبول الوقائع كما رويت سيجيب عن تساؤلاتهم، ولا الاعتماد على الخطاب العربي المعلن، سيساعدهم في استقراء الأحداث، وأغلب الظن أن النتائج التي سيتوصل إليها مسار هذه المرحلة لن تمكنهم من ربط الفعل برد الفعل.
وسيكون عليهم أن يبحثوا خارج الوطن العربي عن حقيقة ما جرى في هذا الوطن، لكنها ستكون حقيقة غير عربية، وستُنتج رواية للتاريخ غير روايتنا، وهكذا سترى الأجيال المقبلة نفسها أمام العذاب والتمزق اللذين عرفتهما الأجيال التي سبقت، وسيكون عليها أن تعود إلى نقطة الصفر بحثاً عن حقيقة لم تشوهها أيدي العملاء وقوى الاستعمار المتجدد.
والأكيد أن المؤرخين لن يهتموا فقط بـ«إنجازات» الحكام أو بما قالوا في السياسات العليا ولم يفعلوا بل سينكبون على اهتمامات المواطن وتفاعله مع الحاكم، انطلاقاً من أن هذا العصر- عصرنا- شهد سيلاً من الكلام عن الشعب، والكثير الكثير من الاهتمام والانفعال أمام ظاهرة الجماهير، ولا عجب إن تساءل المؤرخون هل كان هناك شعب في الوطن العربي في القرن العشرين وبعده؟ هل كان هناك مواطن عربي له فكر وفعل وتأثير، وله حقوق وحريات وواجبات، بالعودة إلى كتابات العصر – عصرنا- ومخلفاته، قد لا يجد المؤرخون ما يروي تعطشهم إلى تحديد واضح لهذه العلاقة بين المواطن والسلطة، فهل صدق المواطن كل ما قيل له عن النعيم الذي يعيش فيه، وهو لم يعش فيه فعلاً ولم يعرفه؟ أو هل كان له دور في بلورة الديمقراطية والحريات؟ وهل أحسّ يوماً بأنه ابن هذه الأرض وابن تاريخها، ماضيه متصل بحاضره وبالمستقبل؟ وهل إن قانون الاستمرارية في سير الأمم يلعب في الوطن العربي لعبته بأمانة وجدارة؟
لا شك أن انبعاث الفكر العربي القومي الذي رافق فترة النضال من أجل الاستقلال، واحتل من بعدها الوجدان والعقل العربيين، كان له الفضل الأساسي في إعطاء الشخصية العربية تماسكها وبعدها الكوني والإنساني.
ولا شك أيضاً أن القضية الفلسطينية- القضية القومية، وضعت ذلك الفكر على محك خطر ودفعته إلى تطوير نفسه ليكون في مستوى الصراع الحضاري المفروض على الأمة العربية، فلا القضية الفلسطينية شقت طريقها، حرباً أو سلماً، ولا الفكر القومي فقد مقوماته.
لماذا إذاً هذا التراخي هذا الميل الصارخ إلى الاستسلام؟ هل خضع بعض العرب لمنطق التسويات وغرقوا في تفاصيلها؟ هل السلام عطية من أميركا ومن العدو الإسرائيلي يتصدقون بها على الأمة العربية لقاء التنازل عن القضية الفلسطينية أو لقاء تجاهل الشعب الفلسطيني أو توطينه، وكأنه غير موجود ولا مكان له على الخريطة؟
هل المشكلة أمام السلام فقط هي العدو الإسرائيلي الرافض للسلام، أم إن المشكلة هي حق الشعب الفلسطيني بالحرية والسلام والعودة؟
وهل الحل يكون بإلقاء هذا الشعب لسلاحه وإعلان ذوبانه في الجسم العربي الكبير، وإغلاق ملف القضية؟ وإلى متى؟
وهل القضاء على حزب الله ومقاومته الباسلة التي انتصرت على جيش العدو وسلاحه في حرب تموز أصبح مطلباً عند بعض اللبنانيين الذين سقطوا في كف العدو الأميركي – الإسرائيلي؟
هذه أسئلة يطرحها الشعب العربي ويبحث عن أجوبة لها.
فإذا كان المبدأ أن العرب متفقون على من هو العدو وعلى أنهم موحدون في المعركة لأنهم موحدون أصلاً من أجل القضية، فما الذي يفرق بينهم إلى حد مس قدسية هذه القضية وتحطيم ما تحقق فيها حتى الآن؟
وإذا كان المنطق أن العرب مختلفون على السبل التي سُلكت أو يجب أن تسلك لمواصلة المعركة فما الذي يسوّغ اختلافهم حول القضية وشعبها؟ وإذا كان الواقع يقيد بأن الانتصار على العدو حرباً حتى أو سلماً، متعذر دون صف عربي موحد ومتزامن فما الحكمة من تعميق الخلافات ومن الذهاب بالانقسامات إلى نقطة اللارجوع؟
إن العدو الرئيس للأمة معروف ولا عناء في تحديده، إنه أميركا وإسرائيل لأن هذا العدو يريد إذلال الأمة ويرفض تنفيذ القرارات الدولية وضمان حقوق شعب فلسطين، ويرفض الانسحاب من الجولان المحتل ومن مزارع شبعا اللبنانية.
إن أي يد تمتد للأميركي أو للإسرائيلي من أي عربي كان هو مشاركة في هزيمة العرب وذبح الإنسان العربي الباحث عن حريته واستقلاله.
كما أن مد اليد للعدو لضرب وإنهاء المقاومة هو مسلك مشين ومعيب في حق الأمة وحق الإنسان العربي ووطنه.
كفانا جنوناً وعربدة وسقوطاً في حضن الأعداء الملوثة أيديهم برائحة الدماء.
هل يتذكر جعجع وجنبلاط والسنيورة وغيرهم من اللبنانيين اجتياح بيروت والقصف المجنون بكل أنواع القنابل لأحيائها السكنية؟ وهل نسي هؤلاء تدمير مخيمات الفلسطينيين؟
من يمنع إسرائيل من أن ترتكب غداً أو بعد غد جريمة جديدة باقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم إلى لبنان أو غير لبنان؟ هل نسي هؤلاء مرج الزهور على أيدي الصهاينة حيث لا خجل أو وخزة ضمير؟
علينا أن نتعلم من دروس الماضي ولا ننسى قول بيغين:
(عندما نسرح ببصرنا إلى الشمال نرى سهول سورية ولبنان الخصبة وفي الشرق تمتد وهاد الفرات ودجلة الغنية وبترول العراق وفي الغرب بلاد المصريين لن تكون لدينا القدرة الكافية على النمو، إن لم نسو قضايا الأرض من موقع القوة وعلينا أن نجبر العرب على الطاعة التامة، إذاً من عدونا الرئيس؟ هل أصبحت سورية هي العدو الأول عند هؤلاء الخفافيش؟
لماذا كل هذا الحقد الأعمى والصراخ المقيت ليل نهار على بلد عربي بقي وحده في الميدان يصارع الاحتلال ويمنع امتداده وشروره إلى الوطن العربي؟
لقد سقطت إسرائيل في الامتحان عندما قامت بعدوانها في حرب تموز، وسقطت أيضاً عندما حاولت اجتياح قطاع غزة لوقف صواريخ القسام، وإسرائيل ستنتهي كحلم وعقيدة وأسطورة فمتى تسقط الأقنعة عن وجوه أولئك الذين يحلمون بانتصار إسرائيل لنصرتهم؟
وحياة سواد عينيك يا حبيبي غيرك ما يحلالي
we ask syrian goverment to stop panding akhawia
نقسم سنبقى لاننا وارضنا والحق اكثرية
|