متفقين بعدة جوانب أخي ياس ..
أنا لم أقصد مطلقاً أن عداء الغرب لنا و وضعه العصي في دواليب تطورنا و تقدمنا يعني أن الفشل قد أصبح حقيقة واقعة ، بالعكس علينا أو من المفترض أن يكون هذا التحدي وسيلة لإستنهاض هممنا للخروج من هذه الحالة المخزية !
لنتفرع هنا قليلاً و نحتدث عن أبعاد المشكلة الحقيقية ، في صراع الحضارات هناك فرق ما بين التقدم و الرقي المادي و ما بين التقدم و الروقي المعنوي ، ولا يشترط أن تكون هناك ثمة علاقة ما بين كلا الجانبين ، بمعنى ، من الممكن أن يكون هناك شعب في ذروة تقدمه المادي و يكون في الدرك الأسفل من التطور أو الرقي المعنوي أو الروحي ، الهنود الحمر مثلاً شعب في قمة تطوره و رقيه الروحي لكنه لا يمتلك من وسائل الرقي المادي ما يؤهله لخوض غمار الصراع مع البيض المتقدمين مادياً المتخلفين روحياً ! حسم الأمر لصالح البيض و إنقرض شعب الهنود الحمر ليبقى مجرد ذكرى و عظة .
لا يعني هذا مطلقاً أن الديمومة و الإستمرار تؤسس حصراً على التقدم المادي و إلا لما شهدنا إنهيار إمبراطوريات عريقة كانت تفتقر للجناح الآخر الذي يمكنها من خلاله التحليق عالياً ، و هنا أضرب مثالاً حياً هو اليابان التي إستطاعت خلال بضعة عقود أن تنطلق بسرعة الضوء من الهزيمة و الإنحسار لتتربع الآن على عرش التقدم و الرقي الحضاري و على كافة المستويات .
لنتحدث عن حالنا و عن حال أمتنا و معذرة ممن لا يؤمن بمفهوم الأمة هنا لأنني متيقن أنه لا سبيل لنهوض أحدنا بمعزل عن الآخر و إلا لنهض الخليج " المادي " و لنهض العراق " المادي و المعنوي " و لنهضت سوريا " المعنوية " .
نحن كأمة في حسابات التقدم الحضاري أصفارنا لا تعد ولا تحصى ، علمياً و تكنولوجياً صفر ، روحياً و عقائدياً صفرين ، أخلاق صفر ، ثقافة صفر ، إقتصادياً صفر مكعب إلخ .
الأسباب متعددة و متشابكة و كما تحدثت أخي ياس هناك الخارجي و هناك الداخلي ، لكن ينبغي أن نتوقف عند الرافعة لهذه الأسباب أو الطفيل الرئيسي الذي أسس لنمو و تشعب هذه الطفيليات لتنهش جسد الأمة ، لسبب بسيط و هو أن السبب الرئيسي هو الذي ينبغي التصدي له لأن زواله يعني زوال كل ما ترتب عليه أو كان نتيجة لوجوده على قاعدة الوجود و العدم !
إتفقنا أن السبب المحوري الذي أسس لهذه الحالة هو الإستعمار و إتفقنا أيضاً أن الإستعمار بمعناه الشمولي " ثقافة التغريب و الهيمنة إلخ " هي العلة الرئيسية لما نحن فيه ، هذا يعني أن التصدي لهذا السرطان و النهوض من جديد يستوجب أن نستخدم ذات السلاح و إلا فلن يجدي نفعاً أن أواجه !
صراع حضاري يعني ثقافة غريبة بمعناها الشمولي تستنزف كل الطاقات التي كان يفترض أن توجه لإبداع و النهوض ، السلاح الذي يجدي نفعاً هنا هو مقاومة هذه الثقافة بثقافة أخرى تؤسس لحالة نهضوية و على كافة المستويات ، ينبغي لنا أن نجدول حاجاتنا و إمكاناتنا و ينبغي أن ننطلق في كل الإتجاهات في آن واحد ننهض بكل جزء من هذه المنظومة الكبيرة و نسير بخطى ثابتة و على كافة المحاور حينها فقط يمكن لهذه النهضة المعنوية و الروحية أن تؤسس لنهضة مادية و أن نزاحم الكبار ..
و أف زهقت
