عرض مشاركة واحدة
قديم 08/03/2008   #117
شب و شيخ الشباب Alzubair
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ Alzubair
Alzubair is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
مهد العرب
مشاركات:
45

افتراضي


مبدأ الجهر بالدعوة
بعد أن مضى على الإسرار بالدعوة ثلاث سنين كثر دخول الناس في دين الإسلام من أشراف القوم ومواليهم: رجالهم ونسائهم، وفشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس، فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة وأنزل عليه: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فبادر بامتثال أمر ربه؛ وأعلن لقومه الدعوة إلى دين الله تعالى؛ وصعد على الصفا ونادى بطون قريش.
فلما اجتمعوا قال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادى تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ. قالوا: نعم ما جربنا عليك كذبا، فقال: فإني نذير لكم بين يدى عذاب شديد. فقام أبو لهب من بينهم وقال: تبا لك ألهذا جمعتنا، فأنزل الله تعالى في شأنه: (تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّاَلةَ الْحَطَبِ* في جِيدِها حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)، وقد كانت امرأة أبي لهب تمشى بالنميمة في نوادي النساء وتتقول الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشعل بذلك نار الفتنة، ثم أنزل الله تعالى عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اْلأَقْرَبِينَ)، فجمع من بني عبد مناف نحو الأربعين وقال لهم: ما أعلم إنسانا جاء قومه بأفضل مما جئتكم به؛ قد جئتكم بخيرى الدنيا والآخرة، وقد أمرنى الله أن أدعوكم إليه، والله لو كَذَبْتُ الناسَ جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إنى لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة. والله لتموتن كما تنامون؛ ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءاً. إنها لجنة أبدا أو لنار أبدا. فتكلم القوم كلاما لينا، وقام أبو لهب وقال: شدَّ ما سحركم صاحبكم، خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب. فمانعه في ذلك أبو طالب وتفرق الجمع.
تذمر قريش من تسفيههم وعيب آلهتهم
لما استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعلان الدعوة إلى الله وتوحيده لم يجد من قومه في مبدإ الأمر مقاومة ولا أذى، غير أنهم كانوا ينكرون عليه فيما بينهم فيقولون إذا مر عليهم: "هذا ابن أبي كبشة يكلم من السماء، هذا غلام عبد المطلب يكلم من السماء". ولا يزيدون على ذلك، وأبو كبشة كنية لزوج حليمة السعدية مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أن المرضعة بمنزلة الأم كذلك صاحب اللبن بمنزلة الأب. وكانوا يريدون بذلك تنقيص النبي صلى الله عليه وسلم عنادا واستكباراً.
ولكن لما استتبع إعلان الدعوة عيب معبوداتهم الباطلة، وتسفيه عقول من يعبدونها، نفروا منه وأظهروا له العداوة غيرة على تلك الآلهة التي يعبدونها كما كان يعبدها آباؤهم، فذهب جماعة منهم إلى عمه أبي طالب وطلبوا أن يمنعه عن عيب آلهتهم وتضليل آبائهم وتسفيه عقولهم أو يتنازل عن حمايته، فردهم أبو طالب رداً جميلا.
واستمر رسول الله عليه وسلم يصدع بأمر الله تعالى، وينشر دعوته، ويحذر الناس من عبادة الأوثان، ولما لم يطيقوا الصبر على هذا الحال عادوا إلى أبي طالب وقالوا له: إنا قد طلبنا منك أن تنهي ابن أخيك فلم ينته عنا، وإنا لا نصبر على هذا الحال من تسفيه عقولنا وعيب آلهتنا وتضليل آبائنا، فإما أن تكفه أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، فعظم الأمر على أبي طالب، ولم ترق لديه عداوة قومه ولا خذلان ابن أخيه، وكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: والله ياعم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ما فعلت حتى يظهره الله أو أهلك دونه. فقال أبو طالب: اذهب فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا.
ثم رأى أبو طالب أن يجمع بني هاشم وبني المطلب ليكونوا معه على حماية ابن أخيه؛ فأجابوه لذلك إلا أبا لهب فإنه فارقهم وانضم إلى بقية كفار قريش.
ولما رأت قريش تصميم أبي طالب على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق بني هاشم وبني المطلب معه في ذلك؛ وكان وقت الحج قد قرب وخافوا من تأثير دعوته في أنفس العرب الوافدين لزيارة الكعبة فتزداد قوته وتنتشر دعوته؛ اجتمعوا وتداولوا فيما يصنعون في مقاومة ذلك، فقال قائل منهم: نقول كاهن، فقيل: ما هو بكاهن وما هو بحالة الكهان، فقيل: نقول مجنون، فقيل: ما هو بمجنون. لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما حالته كحالة المجانين، فقيل: نقول هو شاعر، فقيل: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر بأنواعه فما هو بالشعر، فقيل: نقول ساحر، فقيل: لقد رأينا السحرة فما حالته كحالتهم.
ثم اتفقوا على أن يذيعوا بين الوافدين إلى مكة من العرب أنه ساحر جاء بقول هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه؛ وبين المرء وأخيه؛ وبين المرء وزوجه؛ وبين المرء وعشيرته، وصاروا يجلسون بالطرق حين جاء موسم الحج، فلا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا له أمره.
ولقد كان ذلك سبباً في شيوع دعوته صلى الله عليه وسلم وذكر اسمه في بلاد العرب كلها.

عن دعوة الإيمان من صـدّ الغـزاه والمعتدي غير اليمـن وأقيَـالهــا
وعن رسـول الله قـد قـال الـرواه العلـم والإيـمان في أجـيالـهـا
من غَيـرنا آواه وأستقبـل خطـاه وناصر الدعـوه على جُهـالهــا
شعب اليمن لولاه ماقامت صـلاه أو جاهليــه جرجرت أذيالـهـا
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05386 seconds with 10 queries