عرض مشاركة واحدة
قديم 02/03/2008   #111
شب و شيخ الشباب Nihal Atsiz
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Nihal Atsiz
Nihal Atsiz is offline
 
نورنا ب:
Feb 2008
المطرح:
دمشق
مشاركات:
350

افتراضي


شجرة الدر ملكة مصر

تركية الأصل من أشهر و أذكى نساء زمانها ,كانت جارية السلطان الصالح نجم الدين أيوب ثم أصبحت زوجته وولدت له ولدا اسمه خليل و أصبحت تكنى أم خليل و لكن خليل توفي و هو في السادسة من عمره فحزنت عليه حزنا عظيما.
أسست شجرة الدر دولة المماليك الأتراك في مصر على انقاض الدولة الايوبية بعد وفاة زوجها الصالح نجم الدين و مقتل ابن زوجها توران شاه و ضمت هذه الدولة بلاد مصر و اليمن و الحجاز و بلاد الشام و كان من اهم اعمال هذه الدولة الانتصار على المغول في معركة عين جالوت بقيادة السلطان التركي قطز و الملك التركي بيبرس و الانتصار على الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا عام 1250م.
عندما كان زوجها الصالح مريضا كانت شجرة الدر تحكم و ترسم و تأمر في ظله و باسمه ,دون ان تشعر الناس, حتى انها كانت تصدر الاوامر و القرارات و المراسيم المكتوبة بخط و توقيع يشبه خط و توقيع زوجها المريض.
فلما مات الصالح نجم الدين في شعبان عام 1249م بمدينة المنصورة حيث كانت البلاد في حروب طاحنة مع الصليبيين , وكان يدير المعركة ضدهم و هو مريضا , أخفت شجرة الدر و بشجاعة موته و منعت أي انسان من الدخول لغرفته و قادت المعركة بدلا عنه و باسمه و كأنه على قيد الحياة مما أتاح لقيادة الجيش و الشعب فرصة الانتصار على العدو الغازي , كما أنها جمعت الامراء و القادة و قالت لهم: ان السلطان يأمركم أن يكون خليفته من بعده ابنه توران شاه واخذت عهدا منهم بذلك و اقسموا على تنفيذ الأمرو أرسلت بعد ذلك تستقدم توران شاه من حصن كيفا في جزيرة بلاد الشام و تستعجله بالقدوم لأن البلاد كانت في حالة حرب مع الفرنجة.
لقد تمكنت شجرة الدر اخفاء خبر وفاة السلطان عشرة ايام و هي تدير الامور باكمل وجه و عندما تسرب خبر وفاته و بدأ انتشاره في صفوف العدو الذي اخذ يستغل الموقف لصالحه , بادرت شجرة الدر الى اعلان وفاة السلطان و مناشدة الجيش التركي على الاستمرار بالجهاد وقرأ اعلان الوفاة في 26 شعبان عام 647ه فوق منبر الجامع الازهر و كان اعلانا بليغا فيه مواعظ جمة و جاء في أوله قوله تعالى: ( انفروا خفاقا و ثقالا و جاهدوا في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون)
وكان لهذا الاعلان تاثيره الكبير على الشعب مما امتزج شعورهم بالحزن و الاسى لوفاة السلطان و الحماس الكبير لمجاهدة الصليبيبن.
فلما وصل جيش العدو الى المنصورة حيث يعسكر الجيش التركي الذي بدا يقاتل بروح قتالية عالية و بقلب واحد و حقق نصرا كبيرا على العدو وهذا ما كانت تهدف اليه شجرة الدر و تعمل لاجله بكل ما لديها من دهاء وحكمة.
وفي نشوة الانتصار على العدو وصل توران شاه في شباط 1250م و لكنه بعد استلامه السلطة عامل شجرة الدر معاملة غير لائقة و لم يقدر لها دورها في حفظ البلاد و تدبير الأمور حتى مجييئه فاخذ يضايقها و يطالبها باموال والده فاعلمته انها انفقتها في شؤون الحرب مع الفرنجة فاخذ يهددها و يتوعدها فأوغر صدرها من اعماله الشائنة نحوها و لكنها صبرت عليه و كتمت غيظها حتى انتهت المعركة بالنصر على الحملة الصليبية الغازية و التي تم فيها اسر قائد الحملة الملك لويس التاسع ملك فرنسا و حاشيته حيث زاد مضايقته لها و اكد مطالبته باموال والده دون النظر بتكلفة الحرب بل طالبها بما تحت يدها من حلي و جواهر تخصها و لم يسلم من مضايقته مماليك والده الذين كان لهم السهم الكبير في النصر على العدو فاصطدم معهم مما ادى الى قتله من قبلهم يوم الاثنين في 2 ايار عام 1250م .
حظيت شجرة الدر بعد مقتل توران شا ه تأييد كبار الامراء و القادة و المماليك الاتراك لما اتصفت به هذه السلطانة من حكمة و مقدرة و حسن سيرة و خبرة في شؤون البلاد و ذلك في ايار عام 1250م و قبلت اختيارهم و باشرت عملها و اتخذت لنفسها عددا من الالقاب منها ( المستعصمية) نسبة الى الخليفة العباسي المستعصم بالله تعبيرا للانتماء اليه باعتبار سلطان مصر يستمد سلطته الشرعية من الخليفة العباسي.
و لقبت ايضا ( ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين) ولقبت ايضا (بالستر الرفيع و الحجاب المنيع ملكة المسلمين)
ووافقت على تنصيب عز الدين أيبك التركماني قائدا عاما للجيش ووصيا على العرش , ثم قامت بترحيل الفرنجة من البلاد المصرية بعد الانتصار عليهم و أخلت سراح الملك لويس التاسع لقاء فدية قدرها 800 الف دينار وأخذت تتقرب من العامة و الخاصة لتنال رضاهم و انقصت الضرائب المفروضة على الشعب و عملت على محاربة الغلاء و فرضت على الاغنياء نصيبا من اموالهم للفقراء و اصلحت ما شوهته الحرب للمباني و الطرقات ووسائل الري و جعلت لمجلس الشورى الذي أنشأته مرجعها في اصدار الاحكام و لم يعرف عنها ان اصدرت امرا بمفردها و أوقفت الاوقاف الكثيرة منها مدرسة في القاهرة سميت باسمها و حمام سمي حمام السيدة .
و لكن الخليفة العباسي المستعصم في بغداد لم يعجبه تولي امراة مقاليد أمور الدولة فأرسل للقاهرة رسالة قال فيها :
( فقد بلغنا أنكم وليتم أمركم شجرة الدر و قلدتموها أمور الدولة و جعلتموها سلطانة عليكم فاذا لك يكن يكن عندكم رجال يصلحون للسلطنة فأخبرونا لنرسل لكم من يصلح لها ) و لما قرأت شجرة الدر هذه الرسالة أدركت ان بقاءها على العرش سوف يثير لها و لشعبها المشكلات فخلعت نفسها من السلطنة و برضاها دون أن يكرهها على ذلك أحد و ذلك في حزيران 1250.
بعد أن حكمت الديار المصرية ثمانين يوما برهنت خلالها على حسن سيرتها و رجاحة عقلها و جودة تدبيرها لشؤون البلاد .
وقد قرر الامراء تولية عز الدين ايبك التركماني سلطنة البلاد واشار اليها مماليكها بأن تتزوج هذا السلطان الجديد قائد جيشها و نائبها السابق فقبلت هذا الاقتراح و اصبح ايبك زوجا لها و ملكا على مصر و لقب بالملك المعز.
وقد كانت تشارك زوجها في كل امور الدولة حتى توفي و قد قيل انها كانت السبب في مقتله لخلافات بينهما فاسرع المماليك الى القلعة و انقسموا بين مؤيد لها و هم المماليك الصالحية و معارض لها وهم المماليك المعزية الذين احاطوا بالقلعة و اقدموا على قتلها في النهاية.
لقد برهنت شجرة الدر في حياتها أن النضال مهمة المرأة مثلما هي مهمة الرجل , فقادت البلاد بقدرة عالية و بحكمة نادرة و بتبصر حكيم و كانت أقوى امرأة شهدها العصر الاسلامي و قال عنها الكتاب: لم تكن شجرة الدر بالملاك المعطر و لا بالمرأة التي تخلبها الزينة و تحجبها عن الحقيقة , و انما كان لها عقل يدبر و يفكر و يقدر , قادت معركة المنصورة الخالدة في أحلك الظروف, و حققت النصر الساحق على الأعداء , إنها امرأة جبارة تستحق التقدير و الثناء , دخلت التاريخ من أوسع أبوابه.

The homeland of Turks is not Turkey or Turkistan
its great and eternal place called Turan
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04726 seconds with 10 queries