خبـر اغتـيـال مغنـيـة تلفـزيـونيـاً: «الجـزيـرة» متصــدرة
أول الخبر مفاجأة وغموض، وآخره أسئلة من دون إجابات حاسمة. هكذا ظهر خبر اغتيال القيادي في حزب الله عماد مغنية داهماً الكثير من الشاشات، فكشف عن حقيقة استعداد بعضها للتعاطي مع ما هو «عاجل»، وعجز بعضها عن الخروج من دائرة التكهنات المسيّسة، في وقت التزمت الشاشات المحلية بفقراتها الصباحية السياسية المعتادة (عدا المنار التي أعلنت الحداد فور إعلان النبأ). مرة جديدة كانت «الجزيرة» أول من يتلقف الخبر ويتفاعل معه، هكذا انفردت، ولمساحة كبيرة من الزمن بالتغطية، قبل أن تتدارك «العربية» قصورها.
مفاصل كثيرة كانت لافتة في تغطية «الجزيرة» للحدث، طفا فيها عامل الدقة إلى السطح، كما هي الحال مثلاً مع عدم تأكيد مدير مكتب القناة في بيروت غسان بن جدو على مكان مقتل مغنية، تبعاً للبيانات التي صدرت، والحرص الواضح على غلبة نبرة التهدئة في تحليله حول انعكاسات الاغتيال على تعاطي حزب الله على الساحة الداخلية اللبنانية. حتى قبل أن يشغل الخبر أثير محطات أخرى، تنقّلت «الجزيرة» بين مديري مكتبيها في بيروت ورام الله ومراسلها في دمشق. واستضافت أنيس النقاش من إيران، بوصفه «المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية»، قبل ان تحاور عدداً من السياسيين اللبنانيين على الهاتف مباشرة. وفي حين كان أسفل شاشة «العربية» يشير إلى ان مغنية قد خضع في الآونة الأخيرة لعمليات تجميل لتمويه صورته، من دون ذكر مصدر «المعلومة»، فإن أقل ما يقال عن قاموس المصطلحات الذي استخدمته القناة في انتقاء وصياغة الأخبار عنه أنه كان.. لافتاً. وهنا عينة: «عماد مغنية مسجّل على قائمة الإرهاب الدولية ومطلوب من عدة دول إسلامية» و«مغنية قاد خطف طائرة كويتية عام 1988 وقتل عدداً من ركابها»، خصوصاً إذا وضعت بالمقارنة مع ما كانت «الجزيرة» تعلنه في الموضع نفسه من الشاشة «المرجع حسين فضل الله: مسيرة الجهاد ضد العدو فقدت ركناً أساسياً باغتيال مغنية».
يبقى أن السؤال حول تغطية «الجزيرة»، أمس، يتمحور عن سبب استضافة مراسلين عسكريين للإذاعة الإسرائيلية، خصوصاً أنهم لم يقدموا للتغطية ما لم يقدمه مثلاً مراسل القناة في رام الله وليد العمري.
أمس، إذاً، ترجمت عوامل غياب صورة الحدث والغموض في عملية الاغتيال وشخصية مغنية، وندرة الأرشيف المتاح، صعوبة ودقة الحديث عن المسائل الأمنية إضافة إلى التعقيدات على الساحة اللبنانية، ما جعل التغطية استحقاقاً غير سهل على الإطلاق. فقد تعودت الشاشات، في ما يخص اغتيال شخصيات لبنانية، ان تكون صور الاغتيال متاحة وأن تكون الركيزة الأولى التي يستند إليها التحليل، في حين أن البحث عن معلومة وتقديمها، أمس، كان عليه ان يبني الصورة الغائبة عند المُشاهد. فكان اللجوء «التعويضي» إلى أرشيف أحداث، يصح السؤال عن علاقة مغنية الحقيقية بها، ما شكّل المادة المرئية الوحيدة المتوفرة إلى جانب صور حصرية لقناة «العالم الايرانية»، وهي صور التقطت عن بُعد لم تظهر فيها السيارة المستهدفة بشكل واضح. في فترة بعد الظهر عادت الشاشات إلى دورة برامجها الطبيعية، انتقلت «العربية» إلى العراق، أما بن جدو فكان «وحيداً» في ضاحية بيروت الجنوبية يقدم الصورة من المكان الأكثر تأثراً باغتيال مغنية.
كانت الصورة الوحيدة والحصرية، أمس، من مكان الانفجار لقناة «العالم» الإيرانية، وفي اتصال مع «السفير» قال مراسل قناة «العالم» في دمشق مجتبى شهيدي أن فريق تصوير القناة قام بتصوير حوالى ثلاثين ثانية عندما وصل إلى مكان الانفجار، «ولم نبث الصور، أمس، لدواع امنية واخترنا بثها اليوم صباحاً»، نافياً ان يكون التأجيل هذا بناء على طلب جهات أمنية سورية «لا أحد طلب منا البث أو عدمه، لكن عندما تتعلق المسألة بقضية أمنية من هذا الحجم لا نقدم مواد قد تكون فيها معلومة مجانية»، نافياً أن تكون لفريق عمل القناة معاملة خاصة مكنته من التقاط ما عجز عنه مراسلون آخرون: «لقد منعت كل وسائل الإعلام من التصوير على حد سواء، وبصراحة أنا أتفهم الأمر في موضوع في حساس كهذا».
مايسة عواد السفير