عرض مشاركة واحدة
قديم 02/02/2008   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

Exclamation


* عندما يأتي أخي من القصر
دعوا الموسيقيين يعزفون لأجله؛
وأنا سوف أسكب الخمرة من فمي له.
بذلك سيبتهج قلبُه.
بذلك سيفرح قلبُه.
دعوه يأتي، دعوه يأتي، ألا ليته يأتي [...].
[وفي أثناء ذلك يتابع دوموزي تعداد ما جاء به من هدايا.]
أختاه، سآتي بها معي إلى البيت:
حملانًا جميلة كالنعاج،
جديانًا جميلة كالعنزات،
حملانًا جيدة كالنعاج،
جديانًا جيدة كالعنزات،
أختاه، سآتي بها معي إلى البيت.
[هنا يغدو النص غامضًا بسبب ظهور أصوات أخرى في الحوارية. الأبيات التالية يمكن أن تكون لوصيفات الإلهة اللواتي يرقصن من حولها، وهنَّ يتحدثن بلسانها.]
ها صدرنا عارم، ها صدرنا،
ها هو ذا شعرٌ نَبَتََ على فروجنا،
و في حضن العريس فلتكن بهجتُنا
[يبدو أن إنانا تحثهنَّ على متابعة القص والغناء.]
هيا ارقصنَ، أنتنَّ، هيا ارقصنَ.
دعونا نبتهج لفرجي، دعونا.
هيا ارقصنَ، أنتنَّ، هيا ارقصنَ.
بذلك سوف يكون مسرورًا، سوف يكون مسرورًا.
دعوه يأتي، دعوه يأتي، ألا ليته يأتي.
هذه هي الخطوط العامة للأسطورة، كما ترسمها النصوص المتفرقة التي أوردنا بعضها أعلاه. فإنانا هي القوة الأنثوية الخلاقة، ودوموزي هو القوة الذكرية الخلاقة؛ وبدون تقاطع هاتين القوتين الكونيتين – القوة السالبة والقوة الموجبة – لا يمكن للحياة الحيوانية والإنسانية والنباتية أن تظهر وتستمر. تمرُّ إنانا في النصوص السابقة بثلاث مراحل من حياتها:
-الأولى، مرحلة الفتاة العذراء التي تحمل في جسدها وروحها كلَّ طاقات الخلق والإنجاب الكامنة؛ و
-الثانية، مرحلة الفتاة العاشقة التي تتوق إلى تفجير كلِّ تلك الطاقات الكامنة عن طريق الاتحاد بالقوة الذكرية المكمِّلة؛ و
-الثالثة هي الزواج المقدس الذي يحوِّل الفتاة إلى سيدة مكتملة ويُطلِق طاقاتها، لتتبدى على المستوى الطبيعاني في كلِّ مظاهر الخصب والنماء.
إن زواج الإلهين، على المستوى الميثولوجي الماورائي، هو البادئ والمحرك لعالم الطبيعة الحية، والغرام المستعر بينهما هو الذي يحرك الدافع الجنسي لدى الأحياء ويضمن تكاثرها، يملأ ضروع الماشية باللبن ويجعل من البذور الصلبة المدفونة في التربة سويقات وأعشابًا وأشجارًا.
غير أن أسلوب صياغة هذه الأناشيد يدلُّ على أنها كانت تُستخدَم في أداء طقسي. فالزواج المقدس، على مستوى الأسطورة، يتم تكرارُه سنويًّا، على مستوى الطقس، في عيد رأس السنة الذي يقام في بداية فصل الربيع في سومر وفي بقية أنحاء الشرق الأدنى القديم. وتشير الشواهد النصية والفنية إلى أن الملك السومري كان يلعب في تلك المناسبة دور الإله دوموزي، وكانت الكاهنة الكبرى تلعب دور الإله إنانا. ويبدو أن الاثنين كانا يلتقيان في ذروة الاحتفال في غرفة تقع في أعلى برج المعبد المدرَّج. والفكرة الميثولوجية–السحرية الكامنة من وراء هذا الطقس هي أن الإلهين يحلان، حقًّا وصدقًا، في الملك والكاهنة، وأن الحدث الدرامي المشهود هو عملية تحيين actualization للحدث الأسطوري الذي تَمَّ في الأزمان الميثولوجية وجَعْلِه حاضرًا في الزمن الجاري. من هنا فإن الطقس الدوري الربيعي لا يتخذ طابع الاحتفال بذكرى ميثولوجية، بل إنه يكرِّرها؛ ويغدو المحتفلون موجودين في زمن الأسطورة: يعايشون الكائنات العليا، ويشهدون تكرار عمليات الخلق، حيث يقوم الإلهان، من خلال وكيليهما الدنيويين، بتجديد الحياة – حياة الطبيعة والإنسان والحيوان.
يظهر الطابع الطقسي للأناشيد التموزية واضحًا كلَّ الوضوح في بعض النصوص التي نجد فيها الإله دوموزي والملك السومري يتبادلان الأدوار في سياق النص، بطريقة نكاد من خلالها لا نتبيَّن الحدث الأسطوري من الدراما الطقسية. لدينا نصٌّ من عصر أسرة أور الثالثة (حوالى 2100 ق م)، يعود إلى فترة حكم الملك شولجي، يصف رحلة هذا الملك إلى معبد إيانا المكرَّس للإلهة إنانا في أوروك، وهو يحمل الهدايا من كلِّ نوع لكي يخطب ودَّ الإلهة ويدعوها للزواج منه: [8]
شولجي – الراعي المخلص – انطلق بقاربه.
حطَّ الرحال عند رصيف كولاب [في أوروك]،
فأخذتْه روعةُ ناموس الملكية – ملكية سومر وأكاد. [9]
أتى معه بثيران جبلية ضخمة تُساق بالأذرع.
أتى معه بنعاج وماعز تُشَدُّ بالأيادي.
أتى بجداءٍ مرقطة وجداءٍ ملتحية تُحمَل على الصدور.
إلى إنانا أتى بها، في حَرَمِ إيانا المقدس.
[وبينما شولجي يرتدي عباءته الطقسية ويستعد للقاء إنانا، كانت الإلهة تنشد في مخدعها وقد أنهت زينتها:]
بعد أن أستحمَّ من أجل السيد, من أجل الثور البري،
بعد أن أزيِّن أعطافي بـ<...>،
بعد أن أطلي بالعنبر ثغري،
بعد أن أكحِّل بالإثمد عينيَّ،
بعد أن يحتوي خصري براحتيه المليحتين،
بعد أن يضطجع الراعي دوموزي إلى جانبي،
بعد أن يمسِّد حضني باللبن والقشدة،
بعد أن يضع يده على فرجي،
بعد أن يضمَّني إليه في الفراش،
عند ذاك سأعانق سيِّدي وأرسم له قَدَرًا طيبًا.
نلاحظ في هذا النص كيف ابتدأ الكاتب بالحديث عن الملك شولجي، ثم تحوَّل بعد ذلك إلى الحديث عن دوموزي في مشهد العناق. وهذا يعني أن الملك، الذي يلعب دور الإله في طقس الزواج المقدس، لا يلبث أن يفقد صفته الدنيوية، متحوِّلاً، حقًّا وصدقًا، إلى دوموزي. وعندئذٍ تعود آلهة الأزمنة الميثولوجية لتمارس أفعالها الخلاقة، كما في البدايات، وتجدِّد حياة الطبيعة سنة أخرى قادمة.
ومن عصر الملك إيدين داجان، ملك إيسين (حوالى عام 2000 ق م) وصلتْنا ترتيلةٌ مرفوعة إلى الإلهة إنانا، يَرِدُ في آخرها وصفٌ للقاء الملك والإلهة في ليلة رأس السنة الجديدة: [10]
في رأس السنة، في يوم الطقوس،
أقيم لمليكتي مخدعًا لنومها.
عطِّروه بجرار مليئة بالأسل والأرز،
وضعوه لمليكتي, لسريرها.
وعلى المخدع انشروا حلاوةً,
حلاوةً تُبهِج القلبَ وتضفي على السرير عذوبةً.
مليكتي تستحمُّ على الحضن المقدس،
تستحمُّ على حضن الملك،
تستحمُّ على حضن إيدين داجان.
إنانا المقدسة تغتسل بالصابون،
ويُرَشُّ لها زيتُ الأرز العَطِرُ، على الأرض.
والملك يمشي رافعًا الرأس إلى الحضن المقدس.
أموشوم جال آنا (= دوموزي) اضطجع معها،
ولاطَفَ بحبٍّ حضنَها المقدس.
وبعد أن لاذت الملكة طويلاً بحضنه المقدس
غمغمت قائلة: "يا إيدين داجان، أنت <...>.
يلي ذلك وصفٌ للمائدة العامرة التي أُعِدَّتْ لهذه المناسبة والتي نراها في أعمال الفنِّ المصوَّر لتلك الحقبة، مما سيرد الحديث عنه عمَّا قليل. هذه المائدة التي تُنصَب للشخصيتين الرئيسيتين في دراما الزواج المقدس، بما عليها من خيرات وثمار، هي، بشكل ما، تمثيلٌ للأرض التي يستحثها هذا الطقس على الفيض والعطاء. وقيام هذين التجسُّدين الإلهيين بالأكل من المائدة وتناوُل الشراب من جرار الخمر الموضوعة أمامهما هو نوع من الإيحاء بقدوم المواسم الطيبة التي تسدُّ حاجة أهل البلاد.
ويركِّز النصُّ التالي على تعداد الخيرات العميمة التي تنتج عن زواج الملك من الإلهة إنانا. ولكن اسم الملك المعني غائب فيه. يبتدئ النصُّ بخطاب موجَّه إلى الإلهة، نعلم منه أن سريرها قد طهَّره جيبيل، إله النار، وأن الملك قد أقام مذبحًا وانتهى من أداء جميع الإجراءات الطقسية اللازمة. بعد ذلك نجد الإلهة ننشوبور، وصيفة إنانا ووزيرتها الأمينة، تقود الملكَ إلى حضن عروسه، متوسلةً إليها أن تهبه حُكمًا وطيدًا وتفيض على البلاد من خيراتها: [11]
لعل السيد الذي قرَّبتِه إلى قلبكِ
الملك – زوجكِ الحبيب – لعل أيامه تطول في حضنك الهانئ.
امنحيه حكمًا وطيدًا ومجيدًا.
امنحيه عرشَ مُلكٍ وطيدِ الدعائم.
امنحيه قدرةً على تسيير الرعية،
وثبِّتي في يديه الصولجان والمِجَنَّ.
امنحيه تاجًا دائمًا وإكليلاً وضَّاءً على الرأس،
من حيث تشرق الشمس إلى حيث تغرب،
من شمال البلاد إلى جنوبها،
من البحر الأعلى إلى البحر الأدنى،
من بلاد شجرة الحلبو إلى بلاد شجرة الأرز،
على جميع سومر وأكاد امنحيه الصولجان والمِجَنَّ،
فيرعى ذوي الرؤوس السود، أينما كانوا.
وكما يفعل الفلاح، فليضاعف غلال حقولهم.
وكما يفعل الراعي فليكثِّر في حظائرهم.
وفي أيام حكمه، ليكن هنالك زرعٌ وحبوب.
وفي الأنهار، فلتَعْلُ المياه.
وفي الحقول، فلتكثرِ المحاصيل.
وفي السِّباخ، فلتُسمَع زقزقاتُ الطيور واصطخابُ السمك.
وفي الدغل، ليرتفع القصب الجديد والقديم معًا.
وفي البراري، لتَنْمُ أشجارُ الماشجور.
وفي الغابات، لتتناسل الغزلان والماعز البري.
وفي البساتين، ليَجْرِ الخمرُ والعسل.
وفي مساكب الحدائق، ليطلع الخسُّ والرشاد.
وفي القصر، لتكن حياةٌ جديدة ومديدة.
وليَفِضِ الماءُ في دجلة والفرات،
وليَعْلُ العشب على الضفاف ويملأ المروج،
وملكة المزروعات تكوِّم الحبوب تلالاً.
أي مليكتي – يا ملكة السماء والأرض – المحيطة بهما
فليهنأ بأيام طويلة في حضنكِ المقدس.
إن الإلهة إنانا، التي تُستنهَض هنا طقسيًّا لتهب الخيرات للبلاد عقب زواجها من الملك، قد قامت من قبل، على مستوى الأسطورة، بما هو مطلوب منها الآن. نقرأ في أحد النصوص هذه الأنشودة التي تغنِّيها إنانا:[12]
لقد جاء بي، لقد جاء بي إليه؛
إلى البستان، أخي قد جاء بي.
تمشيتُ معه بين الأشجار المنتصبة،
وقفتُ معه بين الأشجار المنحنية.
عند شجرة التفاح قرفصتُ كما يجب،
وأمام أخي القادم بالأغاني،
أمام السيد دوموزي الذي تقرَّبَ مني،
الذي من [شجر] الطرفاء تقرَّبَ مني،
الذي من [نخلات] عراجين التمر تقرَّبَ مني،
دفقتُ الزرع من رحمي،
وضعتُ الزرع أمامه، دفقتُ الزرع أمامه،
وضعتُ الحبوب أمامه، دفقتُ الحبوب أمامه.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 1.05009 seconds with 11 queries