ثرثرة فوق البحر المتوسط
إلي نجيب محفوظ
أحمد فضل شبلول
الجرائد لم تصل
والمحلات لم تفتح أبوابها بعد
والصباحات لم تجئ
والبحر..
غارق في ظلمة لا تنتهي
وأنا..
أعبر الكورنيش في يدي كتاب
معي..
هاتفي المحمول الذي أصيب بالخرس
منذ رحيل المعلم الفنان
في لقائنا..
لم يشرب من قهوته..
سوي وجهها
وضع الفنجان أمامي
لم أرتشف بقاياه
قلبَ الفنجان
وقال بصوت أبوي: اقرأ
فأخذت أثرثر فوق البحر
وأعدو..
وراء السمان المتكاثر في الآفاق
كان خريفي..
يتخفي خلف أغسطس
فهل كان معلمنا
يتخفي خلف النظارة مثلي..؟
لا أحد الآن يغني..
ماتت أناشيد الحرافيش
ومات الجبلاوي
تأتيني أصداء السيرة
فأصلي عليهم
في «ميرامار»
أسفل تمثال «سعد زغلول»
üüü
الجرائد لم تصل
ومحطة الرمل
تقف أمام سينما «الهمبرا»
في انتظار «الكرنك»
لكني أشاهد لصًا وكلابًا
يجرون أمام العرش
لم يكن اللص هو الأستاذ
بل.. أنا
üüü
أنا سعيد مهران
أحببت زُهرة
وجئتُ إلي «قشتمر»
لكي أخطبها
فعلمت بأن الأستاذ
يعيش في الحقيقة
وفي ليالي ألف ليلة
üüü
أنا عيسي الدباغ
أنا محتشمي زايد علوان
كنت البداية والنهاية
والقاهرة الجديدة
وأنا اللص الجديد الآن
فر الكلاب من الحديقة
بعد أن نهشوا الحقيقة
üüü
الجرائد لم تصل
والمحلات تفكر في فتح أبوابها
وأحمد عاكف
يسألني عن كتاب جديد
لم يصدر بعد
üüü
رششتُ الماء..
أمام سينما «مترو»
وجلست علي مقهي «بترو»
أنتظر السيد أحمد عبدالجواد
لأقول له:
«ملعون أبو الدنيا»
اهتز السيد في ضحكته
أخبرني ـ همسا ـ
أن أمينة حامل
فضحكت وقلت:
إنها أحلام فترة النقاهة
يصفعني سي السيد
أشكوه إلي الأستاذ
كان الاستاذ يحدّق في أفراح «أفراح القبة»
ويصلي في الحسين
وينام في «قصر الشوق»
أو العجوزة
üüü
أنا الشحاذ
جئت لكي أشحذ منك «السراب»
فرأيت نفسي في « المرايا »
مثل أحمد رمزي في «العوامة»
مع أني كافحت في «طيبة»
وطردت الهكسوس والغلمان
وبنيت الأهرام
تُطل علي كورنيش الروح
فيعلو صوت الباعة في الخان والزقاق
و«بحبك ياأبيض»
üüü
هطعت إلي الإسكندرية
«الإسكندرية أخيرا
قطر الندي
نفثة السحابة البيضاء
مهبط الشعاع المغسول بماء السماء
وقلب الذكريات المبللة
بالشهد والدموع»
üüü
أيها البحر
ها هي الشمس تسطع..
فوق مياهك الحبلي بالأمطار
ها هو سبتمبر قد هل علينا
بعد رحيل الأستاذ
فاجمع أوراقك يا بحر
وانتظر..
هطول المطر القادم.