عرض مشاركة واحدة
قديم 14/01/2008   #59
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


الاهتمام المبكر بنجيب محفوظ

لدي المستشرقين الفرنسيين

أندريه ميكيل نموذجًا

الدكتور أحمد درويش

لعل من المعتاد الآن، أن نجد روايات نجيب محفوظ المترجمة إلي الفرنسية، تزدان بها واجهات بعض المكتبات في الحي اللاتيني بباريس، قريبا من جامعة السوربون القديمة ومدرسة اللغات الشرقية، وجامعة السوربون الجديدة في الناحية الواقعة بين نهر السين وحديقة لوكسمبرج الشهيرة.

ولعل من المعتاد الآن أن نجد ندوات تقام حول أدب نجيب محفوظ لا تقتصر قاعاتها علي الجامعات وحدها، وإنما تمتد إلي المنتديات الثقافية خارجها، بل وتمتد خارج باريس إلي مدن صغيرة أو كبيرة في أرجاء فرنسا، تشارك في الحوار حول إبداعات الكاتب العربي، الذي دخل إلي مجال الذائقة الفنية للقارئ الفرنسي والغربي عامة، حاملا معه مزيجا من عبق الشرق القديم وتقنيات القصص الحديث، في بحثه الفني الدائب عن العام من خلال الخاص وعن الإنسان من خلال ما يبدو تخييلا بالواقع وعن العالمي من خلال المحلي.

بل إن دائرة الحديث عن إبداعات نجيب محفوظ لم تعد قاصرة علي أهل الاستشراق وحدهم حيث تعدتها إلي المهتمين بالأدب الروائي والإنساني عامة، بل ولم تعد وقفا علي المتخصصين في الآداب حين دخل إلي دائرة الاهتمام باحثون في السينما والفنون التشكيلية الجميلة، وعلوم الاجتماع وأحيانا باحثون في الحقل السياسي.

وإذا كان هذا الاهتمام بإبداع نجيب محفوظ في جوانبه المختلفة قد أصبح معتادا الآن وعلي نحو متدرج منذ حصوله علي جائزة نوبل العالمية فإن الأمر لم يكن كذلك منذ أربعين عاما في أواخر الخمسينيات أو أوائل الستينيات، حيث لم يكن اسم نجيب محفوظ يملك درجة كافية من الشيوع في الأوساط العالمية، ومن هنا فإن بواكير اهتمام الاستشراق الفرنسي بنجيب محفوظ في هذه الفترة يكتسب أهمية خاصة، وينبغي أن يعاد النظر إليه في ضوء أهميته في اكتشاف العبقرية الروائية لمحفوظ، والعمل علي توسيع دائرة التعريف به قبل حصوله علي جائزة نوبل.

ولعل من أقدم الدراسات الفرنسية التي صدرت عن نجيب محفوظ، مقال جومبير الذي صدر سنة 1957 في أعقاب صدور الثلاثية وهو يحمل عنوان La vie d'une famille au Caire d'après trois romans de Naguib Mahfouz.

حياة أسرة قاهرية من خلال ثلاث روايات لنجيب محفوظ إضافة إلي رسالة جامعية لجمال شهيد حول الموضوعات الاجتماعية في إنتاج نجيب محفوظ.

Les thèmes socialistes dans l'oeuvre de Naguib Mahfouz

وإلي كتاب آخر قيم إضافة نفس الباحث في مطلع الثمانينيات حول «الوعي التاريخي في روايات، إميل زولا ونجيب محفوظ.

Conscience historique dans Rougon-Macquart d'Emile Zola et dans les romans de Naguib Mahfouz

لكن أهم الدراسات المبكرة التي قدمها الاستشراق الفرنسي عن نجيب محفوظ في هذه المرحلة يتمثل ـ فيما أعتقد ـ في كتابات أندريه ميكيل، الذي يعد شيخ المستشرقين المعاصرين، وميكيل كان قد ولد سنة 1929 في جنوب فرنسا، ودرس العربية علي يد بلاشير، وعمل عقب تخرجه في دمشق وبيروت وإثيوبيا في الخمسينيات وكان يعد رسالته للدكتوراة حول كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي، وقد عين سنة 1961 مستشارا ثقافيا لفرنسا في مصر واتجه إلي أن يجعل رسالته الثانية للدكتوراة حول «الحياة الثقافية في مصر» واقترب من إنتاج نجيب محفوظ وغيره من الأدباء المصريين المعاصرين، ولكنه تعرض لمحنة قاسية نتيجة للخلاف الشديد بين فرنسا ومصر حول القضية الجزائرية آنذاك والتي كان عبدالناصر يدعم خلالها بشدة مطلب الاستقلال الذي حصلت عليه الجزائر سنة 1962، وخلال أحد ملفات الخلاف، اقتيد أندريه ميكيل، ومجموعة من العاملين في السفارة الفرنسية بالقاهرة إلي السجن الحربي بالقلعة في القاهرة، وقضي فيه عدة أشهر كان من نتائجها الأدبية فيما بعد كتابه الذي سجل فيه مذكراته عن تلك الفترة وأطلق عليه عنوان «وجبات المساء» Les repas du soirوقد دفعته تجربة السجن إلي مغادرة مصر، وتغيير موضوع أطروحته للدكتوراة، ليكون حول الجغرافية الإنسانية للعالم الإسلامي في منتصف القرن الحادي عشر للميلاد وقد ترجمت إلي العربية وقد عمل ميكيل بالتدريس في الجامعات في فرنسا منذ سنة 1968 وشغل منصب مدير معهد لغات الشرق والهند وشمال إفريقيا بجامعة السوربون الجديدة، ثم انتخب أستاذا لكرسي الأدب العربي في الكولج دي فرانس سنة 1975 وظل يواصل عطاءاته في التعريف بالأدب العربي القديم والحديث، وترجمة روائعه إلي الفرنسية، وبلغ به حبه للشعر العربي درجة جعلته يحاول كتابة قصائد شعرية باللغة العربية تتمتع بمذاق جمالي خاص.

وأبرز دراسات أندريه ميكيل عن نجيل محفوظ في هذه الفترة المبكرة تتمثل في الدراسة التي نشرت سنة 1963 في مجلة Arabica تحت عنوان الفن الروائي عند نجيب محفوظ Le technique du Raman chez nagib mahfuz وقد تناولت سبع روايات مبكرة لنجيب محفوظ ونظرا لأهمية هذه الدراسة في تمثيل روح هذه الفترة المبكرة في الاستشراق الفرنسي فسنقدم مع هذا المقال ترجمتنا الكاملة لها.

الملاحظات التي سوف يجدها القارئ في هذا البحث لا تطمح إلي أن تستنفد كل مجالات الإنتاج الروائي عند نجيب محفوظ، بل إنها سوف تترك جانبا كل ما يتصل بالجوانب الاجتماعية أو جانب الدراسات الأسلوبية الخالصة، ولن يجد القارئ هنا اهتماما بالنماذج البشرية أو الاختيارات السياسية الكبري أو الفن النثري أو طبيعة اللغة المستخدمة، وإنما هدفنا في هذا البحث أن نحدد ملامح إنتاج نجيب محفوظ في إطار المعني المحدد «للفن الروائي» ويبدو لنا أنه من خلال هذا الطريق أكثر من أية وسيلة تحليلية أخري يمكن للدارس أن يضع إنتاج نجيب محفوظ في مكانه في الإطار الواسع لتاريخ الرواية العربية أو تاريخ الرواية بصفة عامة.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03377 seconds with 10 queries