عرض مشاركة واحدة
قديم 17/07/2005   #120
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي


نتابع ....


العمى بقلبك" أيها الوزير الوغد تحدثني عن المناسبات الوطنيه و قيم و معان عيد الشجرة و تنهي حديثك بكلام يشبه الشعر عن السيد الرئيس القائد ثم تنسى كل ذلك لتتذكر أمرا تافها كنتيجة مناقصة من مناقصات الوزارة.ألتفت الى الوزير و صفعته بالرقم هو حتما سمع بالرقم من جهة ما لأنه ولا شك له تنظيما "للموظفين الأحرار" و لا بد أن أحد مخلصيهم قد نقل له النتيجة لذلك لم يبد ردة فعل كبيرة و لكنه تظاهر بالدهشة و استغرب من الفرق بين الرقم في المناقصة الأولى ثم الرقم الحالي.ولكني لم أعر الموضوع أهتماما و أكدت له ان في المناقصة الأولى خطأ ما و هذا ما أكدته لجنة الفحص المالي الذي شكلتها.طبعا وغد كهذا له أكتاف عريضة كأكتاف الثور لن يصدق ما اقول و هو متأكد بأن في الموضوع "أن" و أخواتها.هز رأسه بلا معنى و قال الآن ليس وقته دعنا نبيض وجهنا أمام السيد الرئيس و ليأت أحتفالنا كما يليق "بالشجرة".وافقته و أنطلقت الى" أشرف" مهمة يتكلف بها معاون وزير جديد, مهمة تنظيم حفل جماهيري يحضرة السيد الرئيس شخصيا.

تألفت اللجنة من مجموعة من المديرين في الوزارة حرصت على أن يكون مدير المشتل المركزي أحدهم ليشعر بمدى أقترابه مني و لأكسب صوتا مضمونا أذا حدث اقتراع ما ضمن أعمال اللجنة. و قد كان عند حسن ظني فقد كان يهز رأسه موافقا عند كل عطسة اعطسها. أنظم ألى اللجنة مندوب من وزارة التخطيط و آخر من الداخلية و ثالث من رئاسة الجمهورية و رابع لم اعرف الجهة التي ينتمي أليها و لكنه كان عضوا في منتهى الطرافة.ذو ملامح طينية و بذلة بأكمام طويلة تصل الى منتصف كفه و ربطة عنق محلولة قليلا رغم أن ياقة القميص كانت واسعة حول رقبة دقيقة كأنها عود قصب تتوسطها حنجرة شديدة البروز لا تتوقف عن الأهتزاز بحركة مكوكية طلوعا و نزولا , من يرى هذا العضو سيتعجب كيف تتحمل هذه الرقبة التي تشبه الخيط لشدة نحولها ذلك الرأس الكبير الذي يشبه الى حد بعيد رأس ابو مكنى.أما عيناه فشبه مطموسة تكتسيان بنظرة لزجة بلا أي معنى.كان يجلس متجهما و كأنه يحمل هموم الدنيا, جذعه منتصب دائما و شفتيه متلاصقتان و حنجرته لا تتوقف ابدا دائمة صعودا و هبوطا.صمت هذا العضو كان قريبا من صمت التماسيح يربض كأنه قطعة من خشب لا تتحرك فيه ألا حنجرة داخل فم مغلق كصندوق.

كان مدخل الوزارة عريضا جدا يتوسطة درج عال , فسيح كملعب كرة سلة ليستوعب الكثير من الشخصيات الرسمية,و لا شك أن أختيار مكان كهذا لا يخلو من "بعد نظر و رؤيا استرتيجية" . و لكن الجدال العنيف بدأ منذ الأجتماع الأول للجنة فقد كان كل عضو يريد أن يثبت أنه أكثر وطنية و غيريه في مثل هذا اليوم "الأغر" و الأعتقاد السائد كان أنه يمكن اثبات الوطنيه بعلو الصوت و الخبط على الطاولات و كثرة الأعتراضات. الجدال تركز حول شكل توضع الضيوف الرسميون هل سيجلسون أم سيظلون واقفين . وفي ظل أعتراضات كثيرة كان لا بد من توجيه السؤال الى جهات أعلى لتقرر اذا كانت الوفود ستجلس أو ستقف و جهنا سؤالنا عبر كتاب رسمي ممهور من أعلاه بعبارة "سري للغاية" و تحتها عبارة "الموضوع: جلوس أم وقوف".و أنتظرناالجواب. و كنا قد قررنا كلجنة و نظرا لخطورة الأمر أن نبقى في حال أنعقاد دائم حتى الإنتهاء من مراسم الإحتفال.

الجواب جاء..."وقوفا"..... سيقف الجميع و كان هناك تعليقا في منتهى الإقناع يقول بأن جماهير الشعب ستتحرك أمام منصة العرض على اقدامها فلا بد لممثلي الشعب أن يكونوا وقوفا ايضا اثار هذا التعليق الحماس و الإعجاب ومط مندوب وزرارة الداخلية عنقه تيها فقد كان من مؤيدي وقوف الضيوف الرسميون أما العضو العضو التمساح اياه فلم تتغير ملامح وجهه الطينية و لكن اضطراب جوزة حلقه أزداد فعرفت عندها اي مشاعر وطنية يحمل هذا الرجل.بعد أن حلت مشكلة وضعية الرسميون جاءت المشكلة التي تليها وكانت حول لون البساط الذي سيوضع تحت اقدام الرسميون و حدث خلاف شديد بين اعضاء اللجنة و كنا في النهاية أمام خيارين أما الأحمر و أما الأخضر و الأحمر هو اللون الرسمي و لكن الأخضر هو لون المناسبة الهامة.و كان لا بد من توجيه سؤال آخر الى الجهات العليا . كان الرجل التمساح ذو الجوزة من يتصدى لأيصال هذه الإستفسارات و أحضار الأجوبة.فوجهنا كنابا أكثر سرية من الأول بعنوان "لون البساط" .بعد أن عاد الجواب بأن اللون هو اللون الأحمر تتالت الأسئلة السرية و توالت الإجابات "الحكيمة", عن انواع الورود التي ستزين الحاجز الأسمنتي الذي يفصل القادة عن الجماهير و عن الشعارات التي ستطرح و عن الهتافات التي سيزعق بها ذوي الحبال الصوتية الغليظة و عن نوعية الصور التي سيحملها المشاركون وهل هي ملونة أم أسود و أبيض و عن ..و عن..و جدنا أنفسنا في النهاية بأننا لجنة لصياغة الأسئلة و تلقي الأجابات و عمل الرجل التمساح مجهودا طيبا يشكر علية. و بعد أن أنتهينا من الأمور التنظيمية لم يبق ألا معاينة مكان الأحتفال لتوضيبة و فرشة و تحضير أماكن سير الجماهير ووقوف القادة.

صادفنا مشكلة عويصة جدا عندما نزلنا جميعا الى موقع المنصة فقد كان على مدخل الوزارة شجراتان ضخمتان من اشجار الجميز القديمة لا يعرف أحد عمرها كانت دائمة الخضرة و تؤوي آلاف العصافير.و لكن الشجرتين كانتا تفصلان بين مكان وقوف الرئيس و المكان المخصص لسير الجماهير حاولنا تعديل مكان وقوف الرئيس و لكن الفكره لم ترق للرجل التمساح هو لم يتكلم و لكنه حرك رأسة الضخم و "رمش" بجوزة حلقه العملاقه فتوقفنا عن خيار" تحريك الرئيس" من مكانه و أنتقلنا الى خيار تحيرك الجماهير و لكن الأمر كان يتطلب هدم بنايتين في الجهة المقابلة لتسير الجماهير "بشكل سوي أمام الرئيس", بعد ان طرح هذا الخيار توجهت العيون الى جوزة حلق العضو ذو النظرة الطينية و لكنه كان غائب هذه المرة في سباته التمساحي فعدنا الى خيار هدم الأبنيه وجدنا بأننا لا نملك الوقت الكافي لذلك.و عند وصولنا الى هذا الجدار المسدود علت الأصوات و كثرت الإعتراضات ثم ساد الصمت من جديد و تملكتنا الحيرة و الإحباط حتى كدنا نوجه كتابا سريا جديا, و لكن الحل جاء من حيث لا تحتسب فقد تكلم الرجل التمساح طارحا رايا في منتهى الموضوعية..قال بعد أن فرك عينية الطينيتين"لماذا لا تقطعوا هاتين الشجرتين اللتين تفصلان القائد عن الشعب".كانت كلمات تحمل الحل و لم أتمالك نفسي من معانقته و تقبيله على وجنتيه و غمزت مدير المشتل ليفعل مثلي, كان بحق حلا سحريا لم يفكر به أحد.

كان وزيرنا وبحكم أنه المعني مباشرة بالمناسبة يقف الى يمين الرئيس و لكن الى الخلف قليلا و من خلفهما اصطف رجالات الدولة و أعضاء السلك الدبلوماسي و رجال الأعلام و رجال الأمن و رجال أخرون لم أعرف مهماتهم و كانت الجماهير تمر من تحت المنصة زرافات زرافات و قد قسموا على شكل مجموعات متجانسة مهنيا فمر الأطباء و كانوا يرتدون أزياء بيضاء و يتقلدون سماعات طبية و أيديهم مشرعة في الفضاء يصرخون بأنهم سيذبحون الأستعمار ثم مر المهندسون بأردية زرقاء حتى لا تكاد تميز مهندس عن آخر, و أراد هؤلاء أن يدعسوا بكرش الإمبريالية, ثم المحامون بأرواب سوداء و كانوا يرغبون بتصفية فلول الرجعية, ثم مر المعلمون وكانوا يرغبون بمحي الأمية و الصهيونية, ثم مرت جماهير النسوة و كن يرغبن "بكشف" رأس المتآمرين و الخونه.و مر الجنود حاميلن بنادق خالية من الرصاص يلوحون بها تحديا كما مر صغار الكسبة و كبار الكتبه و الأطفال و اليفع و الرضع...كل هذا مر من تحت المنصه بعيون شاخصة الى الرئيس الذي لا يمل التلويح لهم بيد مرفوعة و أبتسامة حانيه و قامة منتصبة .

حاوات أحدى المنضويات في لواء النسوة العاملات ان تشق طريقا الى حيث يقف الرئيس ملوحة بورقة تحملها في يدها سارع رجال كثيرون و أحاطوا بها و حاولوا جرها بيعدا عن ناظري القائد و لكنه اشار لهم أن يدعوها فأنحنى أليها و تناول الورقة من يدها و أراد أن يدسها في جيبه و لكن رجلا كان يقف الى جواره أخذها منه شمها ثم وضعها في جيبه الداخلي.جرت كل هذا أمام أنظار الجميع فلم يتمالكوا أنفسهم من التصفيق ابتهاجا بهذا التواضع الجم و الأريحية الكبيرة التي ابداها الرئيس.

كنت أقف في الصف الخلفي من المكان المخصص لمعاوني الوزراء كانت الرؤيا شبه محجوبة و الزحام شديد و التنفس يزداد صعوبة شيءا فشيئا لعنت نفسي لأني لم أفكر باضافة مراوح هوائية تطرد روائح العرق العطن و روائح الأنفاس الكريهة.و مما زاد الأمر صعوبة موجات متواترة من الأندفاع فلا تعرف من يدعس على قدمك أو من يدخل كوعه في خاصرتك.كان عيد الشجرة في ذلك العام عيدا مثيرا للقرف.

شكل المنصة و الشارع الذي يواجهها كان أقرب الى كومة من الحطام مئات اللافتات القماشية الملقاة على الرصيف و مئات أخرة من الصور الملصوقة على شرائح خشبية و مئات أخرى من قناني الماء الفارغة و يمكنك أن تميز بعض فردات الأحذية هنا و هناك و لكن كان في تلك الساحة الخالية شيئا بدا غريبا جدا أن يكون هناك, لباس نسائي داخلي بلون أحمر محاط بقطعة من الشيفون تتدلى منه حمالات جوارب حريرية.

تلقت الوزراة ثناءا من رئاسة الجمهورية على جهودها الكبيرة في إنجاح المناسبة.وضع الوزير الثناء في إطار خشبي و علقه في غرفة مكتبه في الجهة المقابلة لجلوسة تماما كان يريد أن يقرأ نجاحه على الجدار كلما رفع رأسه.هنأته طبعا فتلقى التهنئة كعادته بوجه مقطب و لم يعزو ألي أي فضل في النجاح و بدلا من ذلك سألني هل بوشر العمل في محطة ضخ المشتل الرئيسي؟؟!!.

يتبع..








محبتي

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03628 seconds with 10 queries