عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #33
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


كيف تحققت «المقاومة» في روايات محفوظ؟
سنحاول أن نرصد هذه العلاقة المركبة المعقدة من خلال قراءة الملامح العامة للمتغيرات الاجتماعية ثم الملامح العامة للنص الروائي عند «محفوظ» رصدا و تعبيرا عن تلك المتغيرات، وبذلك أصبح إبداعه مبعثا للوعي بالذات الجمعية.
أولا: الملامح العامة للمتغيرات الاجتماعية وانعكاساتها علي الإبداع الروائي
فكانت هزيمة ثورة (عرابي) الاحتلال الإنجليزي عام 1882، ثم اندلاعها في شكل ثورة 1919 وحصارها، ثم اندلاع ثورة 1952، ثم انكسار المشروع القومي بعد هزيمة 1967م، شكل الخلفية التاريخية والاجتماعية الأساسية في روايات الرائدة ثم روايات محفوظ.
بداية نشير إلي حركة (الإحياء الأدبي) التي برزت في الشعر عند سامي البارودي وإسماعيل صبري ثم أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.. (إبان حكم الخديو إسماعيل ومن بعده) كما رصدت المحاولات الروائية تلك المتغيرات الاجتماعية. ونشير هنا إلي ثلاثة أعمال ظهرت في تلك الفترة تقترب من الشكل الروائي:
«علم الدين» لعلي مبارك: حاول المقارنة بين بعض العادات الشرقية والغربية، اختار لهم في روايته شيخا أزهريا وسماه (علم الدين)، وفي تسميته (علم الدين) يتضح أنه كان يقصد بأن شيخه هذا هو العالم الديني المثالي في نظره كما أن تسميته لابن علم الدين (برهان) الدين دلالة علي نفس هذا المعني، وعلم الدين شيخ أزهري متفتح يقبل السفر إلي الخارج مع سائح إنجليزي عالم يرغب في تعلم اللغة العربية، وهو متفتح العقل يسأل عما لا يعرفه ويقتنع به، ولا يقبل كل عادات الأوروبيين، ولكنه يرفض بعضها الآخر التي لا تتوافق مع تقاليده وشرقيته.
حديث عيسي بن هشام للمويلحي: اتخذت شكل المقامة، وهي رحلة وجدانية متخيلة، بطلها باشا تركي يقوم من قبره فيلتقي (عيسي بن هشام) ويتجولان وسط معالم الحياة الجديدة، فيصطدم الباشا بالأنظمة الجديدة التشريعية والتعليمية والعادات وما فيها من تناقضات. ينقسم الكتاب إلي فصول، كل فصل يتعلق بقطاع من قطاعات المجتمع. وهو يتسم بالنقد الاجتماعي والدعوة التعليمية الإصلاحية ورفض تقليد التقاليد الغربية.
«ليالي سطيح» لحافظ إبراهيم: وهي محاكاة لحديث عيسي بن هشام، الراوي هو (أحد أبناء النيل) يلتقي مع «سطيح» (أحد الكهنة العرب القدامي). يتخذ الكتاب شكل المقامة أيضا، فالمكان ثابت والحوار هو السمة الغالبة بلا أحداث حقيقية أو فاعلة. فصول الكتاب بين مشاكل اجتماعية مختلفة.. فتارة هي الامتيازات الأجنبية، وتارة هي قضية أدبية إلي غير ذلك من ألوان النقد والنقد الاجتماعي.
وأيضا كانت محاولات الرواية العربية التي قام بها أدباء الشام ومنهم (أحمد فارس الشدياق) و(سعيد الشامي) و(سليم البستاني) و(لبيبة هاشم) و(زينب فواز) ومن تلاهم من (جورجي زيدان) و(فرح أنطون). دارت هذه الروايات عند محاور ودلالات قومية كما أنها تأثرت بشكل الرواية الغربية الأوروبية، في حين أن الأعمال المصرية الثلاثة التي توقفنا عندها حاولت التأصيل بالرجوع إلي شكل المقامة.
ثم كانت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول لتجد التعبير عنها في إبداعات الرواية عند (توفيق الحكيم) وهي (عودة الروح) و(يوميات نائب في الأرياف) و(عصفور من الشرق).. وفي إبداع طه حسين ومحمد حسين هيكل باشا، والمازني.. غير أن رواية (عودة الروح) كانت تعبيرا ناضجا فنيا وأكثر تعبيرا عن روح الثورة الوطنية وبداية التقاط الطبقة البرجوازية الصغيرة في المدينة وهي البذرة التي ستنمو في ثلاثية نجيب محفوظ الملحمية: بين القصرين وقصر الشوق والسكرية.. التي أرخت لثورة 1919 حتي 1946.
الا أن المتغيرات الاجتماعية بعد ثورة 1919م، تبدت جليه في مجمل الإبداعات الروائية سواء في ملامح الأماكن (الشعبية)، وطقوس الأحياء العريقة وعبق الحياة الشعبية. تنعكس علي تشكلات السرد والبناء الأسلوبي فكانت ما تسمي اللغة الثالثة (بين اللغة الفصحي والعامية) اللغة العامية الفصيحة العذبة في سهولتها وإيقاعها، وقدرتها اللافتة في رصد التحولات الثقافية والاجتماعية للطبقة المتوسطة الصغيرة، وتماسكها الذي سيبلغ اكتماله باندلاع الثورة الوطنية وتحديد ملامح ومكونات الشخصية المصرية.. مع التخلص من الأسلوب الخبري، والمحسنات اللفظية، وتماسك الفصول، ورسم الشخصيات بتصميم وتلقائية، وتشكيل وقائع الأحداث.
وكانت رواية (قنديل أم هاشم/يحيي حقي) حيث زيت قنديل الإنارة في مسجد «السيدة زينب» الذي يستخدمه المرضي بعيونهم، والشاب (إسماعيل) طالب الطب الذي عاد من بعثته متشبعا بالعلم والطب الحديث ليعالج به عيون ابن عمته فاطمة فتصاب بالعمي، ويوشك أن يكفر ويحطم القنديل ثورة علي تخلف المصريين. إنه صراع الشرق مع الآخر الأوروبي الغربي، حيث الحضارة الحديثة وقيم الروح الشرقية.. وتنتهي بمعادلة توفيقية بين الدين والعلم بعد عالم التصوف الشفاف، حيث يمزج الطبيب إسماعيل بين أدوات العلم الحديث وزيت قنديل أم هاشم في علاج مرضي الرمد والعيون.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04033 seconds with 10 queries