عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #32
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


كان «فرح أنطون» واعيا في حواراته مع الشيخ «محمد عبده» في الدعوة إلي البعد عن التعصب وكره الرذيلة ومحاربتها بالفن الجميل، وهو ما عبر عنه «أنطون» في روايتيه: «الدين والعلم والمال» عام 1903م، و«أورشليم الجديدة» عام 1904م. وكانا للدعوة المحذرة من الصراع بين الطوائف والطبقات والفئات داخل المجتمع، وإلا أصبح الهلاك واقعا.
كأن «الهوية» هي الهم والغاية وأساس لبناء المجتمع القوي الجديد والمنتظر. اللافت أن تكون خاتمة روايته الأولي: ليس لنا الآن أمل (بعد الله) إلا فيك أيها العلم، ولا رجاء إلا في الطبيعة الإنسانية وهي الأقوي، لأنها الفاعل.
أما الكاتب «يوسف أفندي حسن صبري» فكتب رواية «فتاة الثورة العرابية» عام 1930م، التي جعلت من مذكرات أحمد عرابي أساسا في بناء وتشكيل روايته، مع قصة حب رومانسية للجندي الفلاح القائم علي خدمة الزعيم، هذا المزج بين الحب الذاتي وحب الوطن أبرز فكرة الهوية والتحرر من المحتل مباشرة.
كما كانت رواية «في الحياة قصاص» للكاتب «عبدالحميد البوقرقاصي» عام 1909م، وروايتا «محمود خيري» المسماة: «الفتي الريفي» و«الفتاة الريفية» عامي 1903 و1904م، وأيضا الرواية الشامية «الساق علي الساق» للكاتب «أحمد فارس» عام 1913م.. كلها نماذج تدعو إلي تعميق مفهوم الهوية والانتماء والدعوة للتحرر.
إلا أن الرواية العربية لم تعط نفسها للكاتب بشكل جيد فنيا، طوال الفترة السابقة للحرب العالمية الأولي، حتي كانت الكتابات الجديدة للرواية علي يد.. «نجيب محفوظ»، «حنا مينه»، «يحيي حقي»، «سهيل إدريس»، «فتحي غانم»، «محمود المسعدي»، «محمد الديب»..وغيرهم.
مع ذلك أليس السؤال عن الهوية والحرية بهذا الإلحاح يعبر ضمنا عن الإحساس بالخوف من الغياب في مقابل الآخر الأقوي؟! يبدو أن فترات التحول الحضاري هي الأكثر استثارة عند الشعوب والكتاب بالذات للبحث عن الموضوع والتعبير عنه، لأنه تساؤل يحمل قدرا من الطموح والرغبة في تأكيد الذات لتحقيق حلم جمعي من أجل مستقبل أفضل.
أما ونحن في بدايات الألفية الثالثة، حاصرتنا «العولمة»، كأننا أمام كائن مفترس غريب يغزو مضاجعنا. يكفي الإشارة إلي الأسئلة: هل هي نهاية التاريخ كما يقول «فوكوياما» الياباني؟ أم هي صدام الحضارات المتوقع كما يقول «صامويل هنتينجتون»؟ ولا إجابة إلا القول بأننا نعيش عصرا جديدا، بحيث يجب ألا ننشغل إلا بالبحث في المزيد من عوامل الربط من أجل المزيد من الانتماء بالقبض علي قيم الهوية والتحرر.
السؤال: هل البحث عن الهوية والتحرر والمقاومة بالتالي، يعتبر دعوة للانغلاق في مقابل العولمة والانفتاح؟ لقد أجاب «نجيب محفوظ» وحقق المعادلة الصعبة.. بقدر التمسك بمحلية المكان والشخوص والأحداث في رواياته، كانت عالمية الإنسانية جمعاء، فكان حصوله علي جائزة «نوبل» في الآداب عام 1988م تتويجا لقيم «أدب المقاومة» الحقة.
أما أن أهم ملامح أدب المقاومة هي: التعبير عن الذات الجمعية والهوية.. الوعي بالجوهر الأصيل للذات الجمعية، والحث علي تجاوز الأزمات الشعبية وآثار الحروب والاضطهاد والقهر.. الوعي بالآخر العدواني وكشف أخطائه وأخطاره، من أجل المزيد من الوعي بالذات والمواجهة.. إذن فهو أدب إنساني من حيث هو دعوة لتقوية الذات في مواجهة الآخر، وليس دعوة للعدوان أو الانغلاق.
وتكثر الملامح وتتعدد في روايات نجيب محفوظ، ليس بتعزيز القدرة علي مواجهة الآخر فقط، ولكن بتعزيز الذات (الجمعية) وتعظيم عناصر قوتها.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08913 seconds with 10 queries