ثمة نكتة ..
عن مجنون ..
خط لنزلاء العنبر ..
خطا .. فوق الأرضية ..
ـ العاقل منكم من يعبر ..
من تحت الخط !!
وتسابق كل النزلاء ..
وتسلخت الأوجه .. سالت أنهار دماء ..
حتى غاب الخط ..
هذا عصر عبور الخط الوهمى ..
بالسفلى ..
فى مستشفى الأمراض العقلية ..
هذا سر السريالية ..
الرمزية ..
والربالية ..
وجميع «مذاهب» هتك الكلمة ..
ـ للكارثة ثلاث علامات ـ قبل البركان الزلزال الطوفان ـ فيزوف هنالك ينتظر الآن ـ فى غيظ الصمت وصمت الغيظ ـ ألمعبد ملعب ـ كيف الملعب يا بومبى؟ ـ والملعب معبد ـ كيف يكون المعبد يا بومبى ـ فسد الملح ـ والنور الظلمة فمتى يغضب ـ يتفجر تاراً فيزوف ـ تتكلم «نيديا» ـ نيديا تتكلم! ـ نيديا العمياء اللاؤوكون ـ فى كل مدينة ـ أخذت فى الليل على غره ـ للكارثة ثلاث علامات ـ لا تنفض الأعراس ـ فى بومبى ـ ليل نهار ـ فى المعبد ليس يجف الدم ـ قربى فى المذبح للآلهة العطش للدم ـ الآلهة الكهنة ـ والآلهة تبارك تقدمه الكهنة ـ والكهنة من ثم تبارك ـ الذبح لا المذبوح ـ وطقوس الصلوات على سن الرمح ـ والكورس يحفظ دوره ـ يلعب دوره ـ نيديا تتكلم ـ للكارثة ثلاث علامات ـ لا تنفض الأعراس ـ فى بومبى ـ ليل نهار ـ الشارع فى الليل كسكة تيانة .. الإرجل تتزحلق فوق النور المعكوس على الأسفلت ـ لكان الأرض مرايا من بللور ـ فتأمل وجهك فى المرآة السوداء ـ وارفع رجليك، ترى بالإست سماء ـ غير سماء الله ـ فسماء الله نراها بالعينين ! ـ الحانوت يجنب الحانوت ـ والفترينات ـ ملأى بالأحذية وكل الناس حفاه ـ ينتظرون الحانوتى ـ واللحاد ـ نيديا تتكلم ـ لاتجدى الأسوار وخلف الأسوار الفيران ـ فى موكب أصحاب السلطان ـ القصر العالى يفش للعازى القادم من بعد ـ ما خلف الأسوار ـ الحمامات تعرى العورات ـ كالفترينات ـ تستجدى ثمن العار .. ـ تغتسل النسوة وتظل تفوح ـ رائحة العهر ـ عبر الأسوار ـ فيزوف يرى يسمع ويشم ـ لكن فى صمت ـ الميزان هنا مخمور يترنح ـ العدل هنا مشنوق يتأرجح ـ بومبى تصير بلا عقل ـ فليرحل عنها العدل ـ لم يعد المتهم بريئاً حتى تثبت أية تهمة ـ متهم أى برى، لم تثبت بعد له أى براءة ـ فليرحل عنها العدل ـ وليلعب دور القاضى فى الحلبة وحش ـ لن يأكل بالطبع بريئاً ـ فليفصل فيما بين برىء أو مذنب ـ ياو حش الحلبة رحماك ـ إنا نلتمس العدل ـ فسد الملح..
. . . . .
نيديا تتكلم ..
بومبى الحانوت القصر الحمامات ..
بومبى العهر الفحشاء اللوطية ..
بومبى الكهنوتية ..
الكفر .. الترف .. الأيدى القفازات ..
بومبى الطبقات الراقية .. الهاى لايف ..
والهاى هاى ..
والهاى داون ..
بومبى الملعب والمسرح والسيرك ..
سفن اللهو المفروشة ..
فوق البحر الفضى اللبنى ..
وزوارق صيادى «الغلمان» ..
والنسوان ..
نيديا تتكلم ..
للكارثة ثلاث علامات ..
حين يصير الحب محالاً ..
ـ ويصير الحب محالاً ..
حين نضل الدرب إلى الله الكلمة ..
وكما تفضى كل دروب العالم يا بومبى لروما ..
تفضى كل دروب الكون إلى الله الكلمة ـ
لا تبنى بالعهر مدينة ..
لكن بالحب ..
فإذا كان بديل الحب الإكسير ..
إكسير الحب الزائف ..
وحبوب المنع من الحب ..
المحشوة سما .. غدراً .. حقداً ..
حين يصير المعهر حلال ..
وعلى المكشوف ..
عينى عينك ..
فلتتكلم يا فيزوف ..
نيديا تتكلم ..
حين يصير السحر ..
فى بومبى بديل العلم ..
ويصير السحرة فينا كهنة ..
سوف يصير الكهنة آلهة فينا ..
وتصير الكلمات دبائح ..
ودخاناً.. وبخوراً .. وطقوس ..
ورموزاً لا يفهمها إلا الخونة ..
من رهط الماكر طرطوف ..
لا تبنى بالمكر مدينة ..
فلتتكلم يا فيزوف ..
نيديا تتكلم ..
حين يكون البصراء ..
عميان القلب ..
حين يكون العميان ..
بصراء القلب ..
ويضيع الصوت القلبى ..
فى الليل المخمور المهتوك المأخوذ على غره ..
وتصير الكلمات لبانه ..
فى شدق الداعر واللوطى ..
ويصير الشرف خيانة ..
حينئذ يتكلم فيزوف ..
يهتز الملعب ينهار ..
هاقد صارت بومبى ..
صارت ماذا؟ ..
لم يترك غضب البركان ..
منها شيئاً ..
ليصير إلى شىء آخر ..
إلا نيديا ..
لكن نيديا أين؟ ..
ضاعت نيديا فى الليل الأسود ..
ضاعت أين؟
ضاعت كيف؟
ليس يهم ..
لا تسأل عنها منذ اليوم ..
«لا جدوى منها بعد اليوم لهذا العالم»!.
جاءت .. قالت .. ضاعت ..
تاهت فى الغمر ..
لكن تركت كلمات ..
أطلقها فيزوف قنابل ..
هل بنيت فوق البركان ..
بومبى العهر ..
أم أن العهر ببومبى ..
صنع البركان ..
أهيولى من قبل الصورة
أم صورة ..
من قبل هيولى ؟ ..
ووجود قبل الماهية ..
أم ماهية ..
قبل وجود؟ ..
والشكل أم المضمون ..
لم تفصل نيديا فى الأمر ..
تركته لمن ولى الأمر ..
«لا تولوا أموركم أيدى الناس إذا ردت الأمور إليكم»
كانت نيديا .. اللاؤوكون ..
طيفاً فى الليل الأسود ..
كانت وعداً ووعيداً ونبوءة ..
كانت صوت الإنسان .. الشاعر ..
صوت الشعب ..
ولهذا سوف تعود غداً أو بعد الغد ..
حتماً ستعود..
* * *
« ـ لا تغتروا بالخيل الخشبية ـ وجب عليها شق البطن وكشف الخلفية ـ ما أبشع ما تخفيه المرآة الفضية ـ وجهاً والكحلية ـ ظهراً .. مثل مجن ـ نحن المقلوبون أم المرآة المقلوبة؟ ـ لم تحسم نيديا الأمر .. ـ لم تحسم أشياء كثيرة ـ مثلاً .. مثلاً .. ـ الإنسان اليوم القرد ـ لكن بقناع الإنسان ـ والعالم كل العالم سيرك والترويض ـ متروك للخبراء الكهنة ـ والكهنة فى ميزان الشعر على وزن الخونة ـ ولهذا لا يتفق اثنان ـ الشعراء مع الكهان ـ والحرب سجال .. ـ ولكن دوريان ـ هل فسد لأن الصورة ـ فسدت .. أم حدث العكس؟ ـ أم أن الباطن أصبح فى الصورة ظاهر ـ والظاهر فى دوريان باطن؟ ـ أم أن الصورة كانت مرآة مقلوبة ـ أم معكوسة ؟ .. ـ لم تحسم نيديا لا الأمر ـ أم كان جميل الصورة دوريان ـ محض حصان خشبى ـ محشو قبحاً وبشاعة ـ والصورة محض قناع؟ .. ـ نيديا تذكر سيدنا يوسف ـ لا أدرى فى الحق لماذا؟ .. لكن دوريان ـ كان يقدم من الخلف .. ـ هذا فى النص مؤكد ـ لوطياً كان بغير جدال ـ فإذا كانت صورته محض قناع ـ كان جميل الصورة يحيا بقناعين ـ يؤتى من قبل ودير ـ بالصورة والوجه الأصلى الصورة ـ محض حصان خشبى ـ وإذا كان جميل الصورة يحمل رأساً مزدوج الوجهين ـ كان الباطن أحد الوجهين ـ والظاهر كان الوجه الآخر ـ أيهم كان الباطن أيهما كان الظاهر ـ الصورة أم وجه جميل الصورة دوريان ـ أم باطنة الصورة ـ لم تحسم نيديا الأمر ـ وإذا كان الباطن صورة ـ والظاهر أيضاً صورة ـ فلتنتحر الصورة ـ كى ينقلب جميل الوجه على ذاته ـ فيعود لجنس القردة ـ أنا لا أفهم شيئاً ـ هل يفهم أحد شيئاً؟..
* * *
مادام الشعر لديهم رمزاً لا نفهمه نحن ..
حتى بعد الجهد وبعد الإعياء ..
وعلى هذا اتفقوا فيما بينهم سراً ..
أن يفهم بعضهم البعض وألا نفهم عنهم نحن ..
مادام الأمر كذلك ..
«وهو كذلك» !
وعلينا أن نعطيهم درساً فى ملعوب الرمرية ..
والشفرية ..
كى لا يعرف أحد منهم رأسه ..
من قدميه ..
ولنبدأ من ملعوب الصمت ..
كيف نقول ..
بالصمت الحكمة ..
إن الله الكلمة ..
«وما جدل الأقوام إلا تعلة
مصورة من باطل متوهم»
. . . . . . .
الموت أمامى واحتى العطش .. للعطشان ..
فمتى أرحل؟ . لا أسألكم كفنا ..
أو جرعة ماء أو لقمة ..
أو إحسان ..
أو حتى نعيا فى «جرنان» ..
يقرأ صدفة ..
فى مرحاض ..
لكن أسألكم باسم «الكلمة» ..
باسم ابن الخطاب ..
أن تلفتوا دوماً للخلف ..
وتعطوا الظهر إلى المحراب ..
لتكون جميع الصلوات .. صلاة الخوف ..
مادام الأعداء هنالك ..
بالزرد اللامع والسيف ..
وختاماً .. قال مؤرخ :
«.. وإلى جانب هذا عنوا (المماليك) بالحركة الأدبية، فرفعوا من شأن ديوان الإنشاء.. وأسندوا العمل فيه لأكابر الأدباء .. وحافظوا على اللغة العربية يجعلها اللغة الرسمية . ومع عنايتهم يتشجيع العلم والأدب والتأليف فيهما ... وتغرب الشعراء إذ لم يتوافر لهم الحس اللغوى الذى ساعدهم على تذوق الأدب .. فحرم الشعراء على عهدهم الصلات .. فاضطروا أن يتكسبوا عن طريق الحرف والصناعات الأخرى فكان منهم الجزار والوراق والحمامى والدهان والكحال ..»
* * *