الموضوع: نجيب سرور
عرض مشاركة واحدة
قديم 07/01/2008   #26
صبيّة و ست الصبايا فيرينيا
شبه عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ فيرينيا
فيرينيا is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
92

افتراضي


( 10 )

يا سيداتى .. يا أميراتى الحسان ..
وحفظت فى الكتاب آيات الكتاب ،
عن ظهر قلب .
ونسيتها عن قلب ظهر !
إلا علامات على جسمى لضرب .
- بهراوة عمياء - مثل بقية الوشم القديم ،
وغراب هابيلَ وقابيلَ ، وفأساً للخليل ،
والفعل - فعل الأمر - " اقرأ ! "
فقرأت ما ألقت به الأيام بين يدى : أدهم ..
والزير سالم ، والهلالى ، وابن ذى يزن وعنتر ..
ياسيداتى .. ثم نادانى من الأعماق صوت :
" قَرَّباَ مربط النعامة منى ..
لم أكن من جناتها علم اللّه وانى بحرها اليوم صالى " !

( 11 )

لكنهم قتلوا النعامة !
كم مرة بالنوق جاءوا ، أجحروا القرية من قبل المغيب ،
كم مرة قصوا بمقراض الحمير ..
قصوا الشوارب والشعور ،
ولحى الشيوخ ، وأطلقوا الكرباج يَرْتَعُ فى الظهور ،
كم مرة هجموا بيوت الطين ، داسوا بالنعال على الحبالى
أوسعوا المرضع ضرباً والرضيع ،
كم مرة غنت بهية ..
ياسينها المقتول من فوق الهجين !
ياهول معركة الأفاعى والضفادع .

( 12 )

ياسيداتى .. يا أميراتى الحسان ..
ورحلت يوماً للمدينة ،
فى ركبِ قافلةٍ ممزقةٍ حزينة
كُنّا أَهَلْنا فوق أمى آيتين من الكتاب ، وكومتين من التراب ..
وقالبىْ طوب وطبعاً ما تيسر من دموع !
لافرق يا أخطاب بينك والمدينة ،
غير المداخن والمآذن والقلاع الشاهقة ،
غير الزحام ،
وضجيج آلاف الطبول ،
ونذير أجراس الترام .
يا سيداتى.. يا أميراتى الحسان ،
وهنا البغايا كالذباب بغير حصر ،
ومشاتل البوليس والمتسولين بكل شبر ،
وقوافل جَوْعَى تهيمُ من الرصيف إلى الرصيف ..
حيرى تفتش عن رغيف !
والسوق لاتغفو .. تضج من الصباح إلى الصباح :
( من يشترى ؟ - وبكم تبيع ؟ !
يفتح اللّه - اتفقنا ! - يابلاش ! )
وهنا يباع ويشترى ..
ياسيداتى .. كل شىء !
حتى الترام يباع فى وضح النهار ..
للقادمين من القرى .. !
يادفتر الأرقام ما ثمنى ؟! أنا مثل التراب بلا ثمن ..
لاشىء بالمجان غير الموت .. لكن .. لامفر من الكفن !

( 13 )

كيخوت مهلاً .. ما هناك ؟
بحر من المتظاهرين هديره شق السماء ،
بالموت .. بالموت الزؤام .. أو الجلاء ؟
كيخوت .. ما الموت الزؤام .. وما الجلاء ؟
من هؤلاء ؟ !
ما هؤلاء ؟ !
وإذاك بين الموج تطفو كى تغوص ،
وتغوص كى تطفو - صغيراً أنت كنت - !
ما غير هذا حوت يونس ،
ما غير هذا .. أنت توشك تختنق !
وصرخت ياكيخوت بالموت الزؤام وبالجلاء ..
حتى لُفظت إلى الرصيف ،
فجعلت تهتف من هناك ..
وبمثل صوت الضفدعه ،
كيخوت وحدك .. بالرغيف ..
وسقوط " باشا " كان فى اخطاب فى القصر الكبير ،
واذا بكف كالجبل ..
تهوى عليك .. على قفاك ..
كى تنكفىء ..
فوق الرصيف !
كيخوت فانهض .. هل ترى ؟ !
هجم العساكر .. بالألوف على الألوف ،
جاءوا كما الطوفان لا بالنوق بل بمصفحات ..
ومدرعات .
محفوظة ياقريتى .. فالنوق من لحم ودم ،
لا من حديد !
حوتان يقتتلان .. أيهما يكون المنتصر ؟ !
ياسيداتى .. يا أميراتى الحسان ..
من يومها أدركت ما الموت الزؤام وما الجلاء ..
فالموت فى الميدان أكوام كحقل القمح فى يوم الحصاد
يا قريتى .. ها أنت مثل مدينتى ..
كِلْتَاكُما فى الهم .. فى البلوى .. سواء !
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02885 seconds with 10 queries