الموضوع: بورخيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 30/12/2007   #5
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


متاهة احب بورخيس القديس اغوستينوس واستعماله الاستعارة في الرموز المسيحية. كان يقول انه على الرغم من ان اغوستينوس انقذنا، من خلال تفسيره لصليب المسيح، من دائرية متاهة الرواقيين، كان يفضل دائرية المتاهة. لكنه هنا يناقض نفسه، اذ في مكان آخر من كتاب مانغويل نكتشف ان بورخيس كان يخاف من أمرين، هما المرآة والمتاهة. ويخبر في هذا الصدد هكتور بيانكيوتي ان بورخيس وهو على فراش الموت، طلب من مارغوريت يورسونار التي زارته في جنيف، ان تبحث عن البيت حيث امضى طفولته في سويسرا وان تصفه له. فعادت إليه ووصفت له كل التفاصيل لكنها تجنبت ان تخبره بأن كان ثمة مرآة في المدخل! عندما كان يتكلم بورخيس عن الكتّاب الذين يعرفهم، لم يكن يذكرهم على اساس انهم اصدقاء بل على اساس انه قارئهم.
أما عن مناهج الجامعة، فكان ينتقد ويشكو، <لأننا في الجامعات لا ندرس الأدب. اننا ندرس تاريخ الأدب>. ويقول مانغويل ان بورخيس، ورغما عنه، غيّر الى الأبد مفهوم الأدب، وبالتالي مفهوم تاريخ الأدب، مضيفاً، ان المدهش الذي اتى به بورخيس من خلال استعماله الصفات والنعوت ليس بسبب جديدها انما بسبب دقتها. والنوع الأدبي المفضل لدى بورخيس، هو النوع الملحمي، كما ذلك في النثر السردي القروسطي في الأدب الانكلوساكسوني، وفي هوميروس، وفي افلام الغانغستير والوسترن الهوليوودية، وعند ملفيل، حيث يجد بورخيس عنصراً جامعاً بينها، ألا وهو تيمات الشجاعة والقتال. كان يقول ان التيمة الملحمية جوع بشري اساسي كالفرح او المأساة. ويقول مانغويل عنه: <الشعر الملحمي كان يجعله يدمع>. اما عن القصة البوليسية فكان يقول انها اقرب الى المفهوم الارستوتيلي في الأدب اكثر من اي نوع ادبي آخر، وقال هذا ومانغويل يقرأ له رواية لشرلوك هولمز. كان كذلك يبكي عند مشاهدته افلام الوسترن او امام اي مقطع او مشهد وطني، اذا كان يصرخ متحمساً: <يا الهي، هذا وطني!>. لكن من ناحية اخرى، كما يلاحظ مانغويل، يمكنه ان يكون ايضا شرساً ولاذعاً مع الكتّاب او الصحافيين. كان ايضا عنصريا ضد العرق الاسود حسب ما جاء في كتاب مانغويل، وأنا لا استغرب ذلك. لكن لو لم يكن اسمه بورخيس لكان نعته العالم بالرجعي.
انما بعيداً عن هذه المفاهيم، نكتشف لدى بورخيس، ومع مانغويل، منحى او ميلاً للمفارقة الطريفة، اذ يقول مرة لإبن اخته وكان الاخير في السادسة من العمر: <اذا كنت لطيفا وهادئا، سأسمح لك بأن تفكر بدبّ>!
في نهاية الكتاب، يقول مانغويل ان آخر مرة قرأ له سنة .1968 في تلك الليلة، وقع خيار بورخيس على هنري جايمس. وآخر مرة رآه كان في باريس، سنة ,1985 في فندق <لوتيل>. غالبا ما كان بورخيس يردد انه لا يريد ان يموت في لغة لا يفهمها. وبالفعل، مات في بلد كان يفهم لغته، في جينيف.
وهذا العملاق الذي خلّف وراءه عملاً عملاقاً لا يفنى، كان يكره الأبدية او يخاف منها او لا يفهمها، إذ قال مرة: <من يتوق الى ان يكون ازلياً لا بد انه مجنون>
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02460 seconds with 10 queries