مرت الأحداث والأيام يسابق بعضها الآخر وكان الموعد مع حرب أخرى حاكت فصولها أيدي العناكب في الشام ، لم تكن تهنأ وعليٌ يبني ويصلح ، فأرادت القتال لتسلب الحق من أهله فكانت معركة صفين ، لم تكن صفين حرب بالمعنى العسكري للكلمة فقط بل حرباً كان وقع صداها أكبر من ساحة المعركة ففيها تجسد الحق بكل معانيه في شخص علي والباطل بكل قبائحه في شخص أعدائه ولأن المروءة حكرٌ على الشرفاء كان موقف معسكر الشام في منع معسكر العرق من الماء رسالة للتاريخ ولمن يعي ، عليٌ بمروءته لم يكن ليعامل الأعداء بما فعلوا ، بولس سلامة قرأ الحدث بعين المنصف فرأى الإنصاف سمة الشيعي فصرخ مرة أخرى من كل كيانه إن في كل منصف شيعياً :
فغدا الماء للأمير فإن يعط .. فسمحاً وإن أبى فقمينا
صانه الله أن يحاول نصراً .. بسوى السيف قاضباً مسنوناً
فدعاهم أن اشربوا عفو حرٍ .. قد أعاد الحياة للغادرينا
اشتعل فتيل المعركة وراح عليٌ يقاتل الباطل بسيفٍ لم يقاتل إلا بالحق يوماً .. كان التاريخ ينتظر ساعةً تصل فيها رسالةُ أخرى يتولى هو إبلاغها للأمة ولمن حكّم عقله وضميره ، هوى عمار شهيداً بسيف أمية ، فاستعاد التاريخ مقولة المصطفى ياعمار تقتلك الفئة الباغية .. ودوّن هو الحقيقة وترك الحكم للأجيال ..
كان استشهاد عمار نقطة تحول في المعركة فحينها فقط أعلن علي عن هجوم كاسح هدفه قطع رأس الأفعى ، يصور بولس هذه اللحظات كمن عاينها رأياً وعاشها بكل وجدانه مع علي :
مصرع الشيخ فضّ صبر علي .. فبكى الصاحب الجليل الخدينا
عمم الرأس بالعمامة السوداء .. وكانت إرث الرسول الثمينا
وامتطى صهوة الجواد و نادى .. أين انتم معاشر المؤمنينا
زغرد السيف ذو الفقار فلا .. يبغي قراباً إلا الكلى والوتينا
ورأى الغاصب المهول ابن هند .. صيد فرسان جندهُ يحصدونا
فدعا بالجواد يبغي فراراً .. فأتى عمرو يوقف الهاربينا
حينها انبعث قرنٌ آخر للشيطان يبغي الباطل ، ورُفعت المصافح في حركة كانت تهدف لخلق الفتنة في صفوف جيش علي ، ونجحت أيما نجاح حين انقسم المعسكر العراقي بين من يرى أن رفع الأعداء كتاب الله دعوة للتحكيم منصفة ولابد من إيجابها ، ومن يرى أن الحق مع علي يدور معه حيثما دار ..
فعل المكر في صحاب علي .. فاذا هم كعوسج شائكونا
فبديد الآراء ظلمة ليل .. والنجوم الزهاء حالت دجونا
لجؤوه للصلح ما حيلة الملاّح .. إن تصبح المياه غرينا
كلما هيأ الشراع لسير .. أنبت الوحل حوله تنينا
امتدت فصول المسرحية لتبتدع فصلاً بعنوان التحكيم كان بطلاه بن العاص والأشعري ذاك عن معاوية وذا عن علي وعليٌ مجبر فعلي أراد اختيار عبدالله بن عباس لعلمه بحيلة بن العاص لكن من أجبره على قبول التحكيم أجبره على اختيار أبوموسى الأشعري ليقع فريسة سهله بين ذئب مفترس ..
لــــــــــــــــــــــكل انســـــــــــــــــــــان في هذا العالم وطنـــــان وطنه الأم و ســـــــــــــــــــوريا