مفهوم الرؤيا:
يشير جبران خليل جبران في أحد رسائله إلى ماري هاسكل سنة 1929 إلى أن الطموح الجوهري للإنسان الشرقي هو أن يكون نبياً, و النبوة بهذا المعنى ليست النبوة الدينية, إنما النبوة بمعنى الإدراك العميق لما يدور حوله و استقراء الغيب من خلال رؤية عميقة للمستقبل ترتكز على فهم عميق للواقع.
و يعرف ابن خلدون الرؤيا على أنها " مطالعة النفس لمحنة من صور الواقعات مقتبساً بها علم ما تتشوق إليه من الأمور المستقبلية "
بهذا المعنى يجب على الشاعر أن يمتلك رؤية واضحة للمستقبل تمكنه من الانخراط مع الواقع و المصالحة معه, و ربما نسوق هنا مثالاً قريباً عن تلك الرؤيا التي يمتلكها الشاعر الحقيقي, عندما تناقلت الأخبار الثقافية مدى تقاطع أحداث 11 سبتمبر مع مضمون قصيدة قبر لنيويورك للشاعر أدونيس, علماً بأن الأخير قد كتب تلك القصيدة قبل الأحداث بعشر سنوات تقريباً.
من كل ما سبق نؤكد على
أولاً – الشعر = إيقاع:
و هذا متفق عليه, كذلك كل أنواع الفنون لكن الشعر له ارتباط حميم به, و ذكرنا الأسباب النفسية لذلك, لكن الإيقاع لا يعني الأوزان الخليلية بل الأوزان الخليلية هي أحد الأساليب المتخذة لبلورة هذا الإيقاع.
هذا الإيقاع الذي هو عبارة عن تنبيهات تأتي من العلاقة بين العناصر المكونة لبنية القصيدة, و تأتي في القصيدة الشعرية الموزونة من المصدر الصوتي للكلمة بشكل أساسي, و بشكل ثانوي من الدلالات اللغوية للكلمة.
بينما في قصيدة النثر, يعتبر الإيقاع حاصلاً للعلاقات الداخلية للقصيدة, أي هناك ارتباط وثيق بالدلالة المرتبطة أساساً بالصياغة اللغوية, هذه الصياغة التي هي عبارة عن سلسلة من الحركات الصوتية المقترنة بسلسلة من الحركات الفكرية.
و بهذا يكون الإيقاع في قصيدة النثر حركة مرتكزها الأساسي الدلالة اللغوية المصاغة, تسير مع النص و تنهض في نسيج مكوناته لتوليد الدلالة النهائية, بحيث تكون هناك علاقة تأثير و تأثر بين الإيقاع و الدلالة.
و بهذا نجد أن الإيقاع له صلة وثيقة بالقصيدة بشكليها الموزون و النثري, و ذلك لتمكين الشعور من السيطرة على الحالة الانفعالية من قبل الكاتب و المتلقي, و ربما هذه النقطة هي أكثر النقاط خلافاً بين مؤيدي قصيدة الوزن و مؤيدي قصيدة النثر.
و لا أجد أي مبرر للغضب و المشاحنات عندما تتبدل الأساليب لتأدية نفس المهم
|