بمناسبة تعليق هشام على حديث الرئيس الأسد
شاب سوري :
منذ اغتيال الشهيد الحريري بدأت قصاصات الورق "البوست-ات" تتكاثر عندي بشكل كبير متناولة العديد من الجوانب المذهلة من تفاهات الاعلام و "السياسيين" و "المثقفين" في لبنان، لبنان... الذي كان في مخيلة كل عربي و سوري مثالاً للنهوض بعد حرب أهلية طاحنة، و إذا باستشهاد الرئيس الحريري يكشف أن كل هذا كان صرحاً من خيال... فهوى! و لكني لم اقدم على مشاركة الآخرين بقصاصاتي. كنت أقول هو الحزن: معليش، ثم هو الحنق: كمان معليش... و لكن "و بعدين؟" على حد قول البيك الاشتراكي!
مضت الذكرى الأربعينية الأولى للشهيد الحريري، فثانية، فثالثة، و نوشك على اتمام الرابعة، و مازال الاستحمار من قبل فئة سياسية و اعلامية لبنانية متصدراً و يستمر و يستمر و يستمر! و الحمد لله، و الشكر للقيادة السورية، التي أدركت حقيقة هذا السعار قبل الانتخابي المستقوي بالخارج، فآثرت أن تثق بالشعب اللبناني الشقيق و تتركه في بلد تعافى من هولات الحرب إلا زعاماتها التي بدأت تنهش بعضها بعضاً بعد هذا الانسحاب السوري الذي فاجأهم بسرعته كما صرح البيك لوسائل الاعلام! و رغم ذلك فالاستحمار مستمر، و اتهامات سورية في كل مصيبة تعصف بلبنان (حماه الله و حمى أهله) مستمرة!
ودون الخوض في الاتهامات بالجرائم التي لم تتوقف، و آخرها أخبار الانفجار الذي استهدف وزير الدفاع اللبناني منذ لحظات و بعد الانتهاء من كتابة هذه المقالة، فهناك علائم استحمار شامل بدءاً باستخدام ساذج و مكثف للماركتنغ السياسي à la Goebbels ، مروراً بانفضاح آليات اتخاذ القرار في "مؤسسات" اعلامية انفضحت بينما كان أصحابها يفاخرون بما عملوا، و بانكشاف ورقة التوت الأخيرة التي كانت تستر شيئاً من عورات النظام الطائفي جداً، الذي أوشكنا أن نصدق أنه "أوشك أن يسترجع عافيته الديموقراطية" كما قال كاتب سوري، و انتهاء بسطحية مذهلة لدى بعض الأكاديميين و المثقفين الذين تفجع ضحالتهم كل معجب سابق بهم!
الأمثلة كثيرة، و تحليلها يحتاج فعلاً إلى مجلدات، لكني شخصياً وجدت ذرى التراجيكوميديا في حلقات زاهي وهبي و قمتها تلك مع رئيس مجلس إدارة المستقبل نديم المنلا، التي كنت أتابعها في الاعادة غير مصدق أن هذه هي آليات العمل في تلفزيون كان الأحب إلى قلوبنا في سورية، أتت تلك الحلقة لتتوج شذرات تفضح النفاق و حقيقة "الروح الاحترافية" في هذه المؤسسة موزعة بين العديد من البرامج و المقابلات، و "أحلى" ما في تلك الحلقة أنها لم تبث كاملة عند الاعادة التي كنت أشاهدها، و لم يقطع تساؤلاتي عن السبب إلا قراءتي لمقالة كتبتها إعلامية من المكتب الاعلامي لبرنامج سوبر ستار تنتقد فيها زاهي لسؤاله مديره عن الحوافز التي استحفها العاملون في الفيوتشر لجهدهم الكبير بعد المصيبة! أما عن نشرات الأخبار و مقابلات علي حمادة و فارس خشان (المحقق) فتستحق فعلاً التدريس في كليات الصحافة كنماذج للهوبعة و فن الاستحمار!
أما ما أغاظني فعلاً –ربما بقدر الهتافات ضد سورية و تبرير جبران تويني لتفريقه بين "البشر و الغنم"- فكان المحاولة الساذجة لتقليد ريمي بندلي، التي غنت لجيلي :غسل وشك يا قمر، فوقفنا نتساءل معها "ليش ما في عندي اعياد، اعطونا السلام اعطونا الطفولة" بكل براءة الأطفال المؤلمة كسيف، فأتت النسخة الباهتة تتساءل "ليش أخدوا مني رفيق الحريري، و هو بيي و خيي، و وين هو الضمير؟"!!
و على العكس من المستقبل (تلفزة و صحيفة) التي انقلبت بعد الجريمة بعد أن أصبح دم الشهيد تجارة سياسية رابحة، فالمشكلة في نهار جبران تويني قديمة، و كانت تفاقمت عام 2003 عندما استقال عمود جريدة النهار و رئيس تحريرها لإحدى عشرة سنة مثمرة، أنسي الحاج، بعد شهور من التوتر ،وبالأخص منذ الحرب علي العراق، نشأ من تدخل رئيس مجلس الادارة جبران تويني في شؤون التحرير تدخلا اختراقيا لم يقبله الحاج، ولو كان مبررا من الناحية القانونية، ولم تنجح وساطة الاستاذ غسان تويني في ايجاد تسوية. خلا بعدها الجو لسياسة السيد جبران التي حولت النهار منبراً سياسياً ليس فيه من تاريخها الصحافي المشرق إلا الذكريات. و بعد جريمة اغتيال الحريري أصبحت لا تخلو في كل اسبوع من عدة مقالات و تحليلات ما أنزل الله بها من سلطان، من دراسة اقتصادية خلبية، إلى تحليل سياسي ليس قيه من السياسة إلا البروباغاندا... و القائمة تطول، و الضحية غالباً سورية، و أخلاق الصحافة، و تاريخ النهار، و الهدف الاستحمار!
بالأمس مثلاً –و هذا مجرد مثال بسيط لكنه الأحدث-، نشرت بقلم مراسلها في واشنطن "هشام ملحم" عرضاً لحديث الرئيس الأسد إلى ملحق النيويورك تايمز. و لن نسأل لماذا أهمل السيد هشام أن يشير إلى أن الكاتب اعتبر حكم الرئيس بشار الأسد من حيث الأيديولوجية و الجغرافيا و الميول صخرة في طريق تحقيق إدارة بوش لسياستها الخارجية بل و فلسفتها، أو إلى قول سيادة الرئيس أنه يفتح الاقتصاد و يستعد ليوم يخرج فيه من السلطة بشكل انتخابي مسالم، أو إلى اشارة الكاتب أن أخبار نهاية التاريخ و انتصار الرأسمالية الليبرالية لم تصل إلى سوريا كشطائر الماكدونالد و العملات القابلة للتحويل دون قيود، و غير ذلك مما يستحق الاقتباس لكنه يتنافى مع ما أراد السيد هشام أن يوصله. و هذا حقه! كما لن نقدم تعليقات على ترجمته لبعض العبارات، فربما كان هذا ضعفاً في القدرة، و لكن هناك نقاطاً توضح سوء نية و لا حرفية السيد هشام.
فأولها هو حرف الكلام عن مواضعه ببتره، ينقل مثلاً "وشدد على اولوية الاصلاح الاقتصادي قبل السياسي، قائلاً ببعض نفاد الصبر: ما الذي علي ان اطعمهم؟ البيانات؟" ام الورق؟ يريدون ان يأكلوا طعاماً"." حاذفاً الفقرة التي تقول بأن هذا التشديد على الجانب الاقتصادي و بعض "نفاذ الصبر" أتى بعدما سأله الكاتب عن عدم جديته في الاصلاح السياسي:
I said that some Syrian reformers, after watching him for five years, concluded he was not serious about political change. He said that his priority had to be economics, and he grew impatient: ''What should I feed them? Statements? Or paper? They want to eat food.'' He had to act against corruption immediately, he said. ''If we don't have a new party today, we can have it two years later, nobody will die. But if you don't have the food today, they will die tomorrow.''
و كمثل آخر، يقول السيد هشام: "وتفادى الاجابة مباشرة عن سؤال عما اذا كان يعتبر العنف في العراق مقاومة شرعية، وقال: بالطبع، بالنسبة الى التفجيرات الانتحارية، وقتل العشرات كل يوم، لا احد في هذه المنطقة يعتبر ذلك مقاومة شرعية ... وفي الوقت ذاته يتحدثون عن مهاجمة العراقيين لقوى التحالف ويعتبرونها مقاومة"."
في حين أن المقالة الأساسية تقول بأن تفادي الرئيس للاجابة كان بقوله أنه وجه نفس السؤال للعراقيين فاجابوه بهذين التصنيفين!
He sidestepped, saying he had put the same question to Iraqis. ''Of course, about suicide bombers and killing tens every day, nobody considers it legitimate resistance anywhere in this region,'' he said. ''But at the same time, they talk about Iraqis attacking allied forces -- they consider it resistance.''
و في مثال ثالث توقف السيد هشام عند حديثه عن عمار عبد الحميد عند قوله: "منهم عمار عبد الحميد الذي يقول ان النظام "ميت" ويصف البعثيين بـ"الغباوة" "، حاذفاً الجزء الثاني من كلامه و الذي يرى عدم وجود بديل في المجتمع المدني لأن الجميع ينتظر القائد أو المخلص، مشيراً إلى أنه رغم عدم مناداته بالثورة الدامية فإن معمودية الدم من قبيل ما يحدث في العراق قد تكون المخرج الوحيد من حالة الركود التي تقتل الأرواح و العقول، لتعلمنا كيف نقدر الحريات حق قدرها!!!
When I stopped by, he called the regime ''defunct'' and the Baathists ''idiots'' and ''morons'' while we were still settling into our seats.
He saw no alternative in civil society either. ''They all want a leader or a messiah,'' he said. He did not advocate ''bloody revolution,'' he said. But he also said that the civil strife accompanying regime change in Iraq might be the only way forward in the region. ''Stagnation is killing our souls and our minds,'' he said. ''Hopefully, this baptism by blood and mayhem will teach us to cherish the liberties.''
و لا تقتصر ابداعاته على البتر، بل يعتبر أن القارئ حمار ينبغي افهامه بالمعلقة و التعليق، و لو تناقض هذا التعليق مع النص الأصلي!
مثلاً يقول: "وفي اشارة ضمنية الى ان العلاقات الدولية للحريري ربما تسببت باغتياله، قال الاسد: "الحريري كان رجل اعمال عالميا. ولا نعرف شيئا عن علاقاته"."
في حين أن الاشارة الصريحة في حديث السيد الرئيس كانت أن عدم المعرفة بتشعب العلاقات هذا هو السبب في دعم سورية للتحقيق الدولي! و شتان بين الاشارتين!!
''There are always assassinations in Lebanon,'' he said. ''Hariri was an international businessman. We don't know anything about his relations.'' I asked if he agreed with a recent op-ed column in the Arabic press by one of his ministers, Buthaina Shaaban, suggesting that American or Israeli intelligence was responsible. ''Even if I want to blame any other international or regional party, I can't say it as president,'' he said. ''That's why we supported the international investigation.''
و في مقطع آخر يتحدث السيد هشام مفسراً السرائر من جديد قائلاً أن السيد الرئيس قال "في انتقاد ضمني لحقبة والده"، في حين أن الاقتباس يتحدث عن طريق طويل ينبغي قطعها، و ضرب المثال بـ 10 سنوات و ليس بـ 5!
و بالعودة للاشارات، يقول السيد هشام "وفي اشارة لافتة، يقول كاتب المقال بينيت انه عندما التقى الرئيس السوري وقبل ان يثير معه مسألة العريضة، تبرع الاسد بالقول ان جده حض الفرنسيين مع غيره من العلويين "على العودة الى الدولة الام، اي سوريا. وهم ادركوا انه اذا تم تقسيم البلاد، سوف تنشب الحروب". واضاف بينيت: "لقد انتابني شعور غريب بأن احداً يراقب رسائلي الالكترونية"، في اشارة الى الاتصالات الالكترونية بينه وبين لانديس.”"
في حين أن المقال الأصلي تحدث عن شعور غريبspooky أصابه فشعر كما لو أن أحداً آخر يقرأ ايميله عندما بادر الرئيس الأسد بالتحدث عن العريضة، و لم يتحدث عن المراقبة بهذا الشكل الذي قاله السيد هشام (و بدهي أن هكذا الحديث كان سيشير لهذه النقطة، فهي ليست سراً و متفقة مع سياق الحديث)، ثم عاد ليثبت رأي الرئيس المخالف، رغم أنه يتبنى ما قر في ذهنه مسبقا في التفسير اللاحق!!
Before I had the chance to bring up the petition, Assad volunteered that his grandfather had petitioned the French with other Alawite leaders to ''go back to our mother country, which is Syria.'' He said: ''They knew that if we divide the country we would have wars. So it's better to be, to mingle, with the others.'' I had the spooky feeling that someone else was reading my e-mail.
I said that I had heard the petition proposed separation. ''No, no, no, no, no,'' Assad replied. ''It's the opposite.''
و نحمد الله أن اشارات السيد هشام توقفت هنا، فلم يستنتج مثلاً أي شيء من حديث الكاتب عن مغارة قابيل و هابيل في جبل قاسيون!!
و بعيدا عن الاشارات فالسيد هشام ينجر الى التزوير الصريح عندما يقول:
“دافع عن الاجراءات المتخذة ضد "منتدى الاتاسي" قائلا ان اعتقالهم مماثل لاعتقال الولايات المتحدة اي خلية تنتمي الى تنظيم "القاعدة""
في حين أن المقال الانكليزي يتحدث عن الاتصال بجهة ارهابية، كما لو كان أحد في أمريكا له علاقة مع تنظيم القاعدة، فان رد الفعل الطبيعي هو اعتقاله. و مرة أخرى: شتان و شتان!
''When you know in the United States that somebody has a relationship with Al Qaeda, what do you do?'' he asked. ''You arrest him.''
و كما قلت، فهذا ليس إلا غيضا من فيض! مؤلم هو هذا الاستحمار بحق ابن لبنان و ابن سورية، و المؤلم أكثر أنه مستمر.
لبيروت السلام و للبنان جبران خليل و سناء محيدلي و حزب الله كل السلام، و قلبي مع كل من يغني "شرشحتوا البلد"، لأنهم فعلاً شرشحوا بلداً تكفي أن تكون فيروز منه ليكون قطعة سما! صدقت يا وديع الصافي، و كذب المستحمرون
عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
|