في عصر العولمة هناك أجتياح لكل ماهو معلب ثقافيا واجتماعيا
في المقال المنشور لمحة عن بعض المتناقضات التي نعيشها مع بعض الأسئلة للقارىء وبعض الاستنتاجات من وجهة نظري
في أحد أيام الصيف المنصرم ذهبت وأصدقائي الى أحد مطاعم دمشق . بعد تناولنا لوجبة العشاء طلبنا المشاريب والاراكيل فجاء بها الكرسون وبعد توزيعها لنا كل حسب طلبه . وجدت أحد أصدقائي يعترض . نظرت اليه فوجدته يعترض على أحضار نوع من المشروبات الغازية غير الكوكا كولا . وبعد أصراره بأنه طلب الكوكا كولا ألغى الطلب لأن المطعم يقدم ماركات أخرى . فقلت له ماعيب الصنف الأخر فقال أن الكوكاكولا أطيب وأنه لايغير فدخلنا في نقاش طويل . ليتدخل صديق أخر يملك سوبر ماركت ليقول أن أغلب الزبائن في محله تفضل البيبسي على المندرين مثلا مع أن الماركتان من صناعة منتج واحد .
كيف أصبح الشعب فجأة مفطوما على ماركات دون غيرها رغم أنها مولود جديد في أسواقنا وقد أعتدنا لفترة طويلة على ماركات معينة
وكيف أجتمع ذوق الناس على الماركات التي لم تكن موجودة مع أن الماركات القديمة كلها بترخيص من شركات عالمية
واستطرادا كيف اصبحت مثلا جبنة الكيري وأبو الولد تجتاح زوايا كاملة في محلات السوبر ماركت لدينا مع أننا بلد يتميز بصناعة الأجبان . وماذا لودخلت بلادنا أجبان الموزريلا والروكفورد والبرميزان بأسعار مقبولة . هل سنصبح مفطومين فجأة على هذه الأنواع .
لا أدري كيف أصبح فجأة كل ماهو غربي بامتياز من طعام وطرق معيشة يطغى بحياتنابشكل عجيب على كل ماهو أصيل . بل حتى على كل مانتميز به ابتداء من الطعام والمطاعم الى سؤالنا عن مصدر مانشتري من الألبسة وانتهاء بأسماء جامعاتنا ومدارسناومحلاتنا
من جهة أخرى نلاحظ ومنذ فترة جيدةأ جتياح الثقافة الداعورية في مجتمعنا (نسبة الى طلال الداعور وهو عازف أهم الأغاني الفلكلورية أو الشعبية أوالبلدية سمها ماشئت) فلن تذهب الى مكان في سوريا دون أن يطاردك ذلك اللحن ومستحيل أن تركب تكسي أو تجبر على دخول الكراجات أو حتى المرور من جنبها دون أن تسمع عدة سيمفونيات داعورية .وألحانه سمة الأماكن السياحية في بلدنا وقليلا مايخلو موبايل أحدهم من الداعوريات . ومع أن هذا النمط من الغناء هو نمط ساحلي جبلي الا أنه أنتشر في جميع أنحاء البلد ليلغي تقريبا كل ماهو أصيل وتراث في باقي المحافظات من القدود شمالا الى الزجل جنوبا .
وفي النهاية هذا يؤدي الى مجموعة من الأسئلة .
ما الذي جعل المواطن السوري يضيع ضمن مجموعة من المتناقضات الثقافية والحياتية!!.
وكيف يريد المواطن السوري ان يعيش ؟
وما الخلفية الثقافية الحقيقية له ؟
وهل المواطن السوري أصبح متلقي فقط . متلقي لكل شئ وكيفما كان دون أن يتدخل ليصحح مايعيش
أخرا ليس الخطأ أن نختلف في طريقة التفكير والعيش ولكن الخطأ أن نتحول الى دمى متحركة تعيش كيفما كان . يجب أن نختلف دون أن يفسد الأختلاف للود قضية . حتى يستفيد كل من الأخر . وحتى نصل في النتيجة الى مانريد أن نكون . بلادنا تتميز بموزاييك ديني عرقي قل نظيره في العالم . ومرت عليها الكثير من الحضارات . فمن الجميل أن نضيف على مكتسباتنا التاريخية فقط ماهو جيد من الحضارة الأستهلاكية الحالية لنصل الى سورية نضاهي بها الامم ونفتخر بالأنتماء اليها
منقوش للنقاش