ما نقوله اليوم لكل قوى اليسار التي لم تعد تحتفظ من اليسار إلا بأخلاقه القائمة على مناهضة الاستغلال والفقر والتمييز ومحاربة الفساد والتسيب والفوضى والتبذير والهدر والتنكر للقيم أو التضامن الاجتماعي ، ولكل القوى الدينية التي تحاول التمسك بمثل هذه القيم ، أن أسرعوا لقيادة التيار الليبرالي لتضييق باب عبور شيوخ الفساد نحو السلطة الجديدة والتحكم بها من جديد ، وهم أقوياء ويملكون الكثير من الوسائل الفعالة ، ويسعون إلى ليبرالية مفصلة على قياسهم في بعض نواحي الاقتصاد دون السياسة والاجتماع ، مظهرين استجابتهم للرغبة الدولية المعولمة في تغيير الأنظمة العسكرية الشمولية المغلقة بأنظمة ليبرالية انفتاحية .. وهم يعرفون مدى قوة ونفوذ تلك القوى ، وأنها هي التي ستحدد نوع القوى التي ستتحكم بالسلطة ، ومعلوم لديها أن كل نظام حكم جاء للسلطة منذ قيام الدول المصطنعة ، لم يأت بغير جهود وخطط قوى خارجية ودعمها ومساندتها المستمرين ، ومن الغباء اليوم إهمال العامل الخارجي والاختباء تحت شعارات وطنجية لا تعني غير السلبية والانتظار والاستسلام لما يريده الآخرون ، حتى تضيع الفرصة ويعود المستبدون لقيادة السلطة بأداة جدية ونخضع لليبرالية مجتزأة أساسها شرعنة الفساد . وليس لنا قبل في مواجهتها من موقف معادي لليبرالية في ظروف العولمة ، و في ظروف المعاناة الوطنية المريرة من الاشتراكية ، من هنا لا بد من ضخ دماء قوية في صفوف ليبرالية ملتزمة بكل فئات المجتمع تدفع بمسيرة الحرية في كل اتجاه وتضع الضوابط ضد عودة من انتهك حرمات الوطن من تخليد سيادته وتسلطه عليه ، وتجديد الديكتاتورية بطريقة أخرى ، وبنفس الوقت تستفيد من الظروف الخارجية والدعم الدولي المتاح في ظل التناقضات القائمة بين سلطة الفساد الشمولية والمجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً بغبائها وبلادتها .
نعم إن الوقوف ضد ليبرالية الفساد المشوهة ، هو محق وشرعي ، لكن شكل هذا الوقوف نختلف عليه ، فالبعض يعارضها بالدفاع عن النظام السائد ( الاجتماعية الاشتراكية ) مع تغيير الأشخاص / أي السلطة / ، ونحن نعارضها بنظام ليبرالي حقيقي وطني مخلص وملتزم بكل فرد من أفراد المجتمع ، بنظام ليبرالي يشمل كل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية ..
نحن يا أخوتي طلاب حرية وحقوق وضمانات ديمقراطية ، ولم نكن ولن نكون مع الاستغلال والفساد ، ولا ضد الفقراء ، ولا ضد الأخلاق ولا ضد الدين ولا ضد الهوية ولا ضد الضمان الاجتماعي على أرقى مستوى ، لكننا عملياً ضد الاستبداد والفساد والشمولية الحالية والقادمة ، وضد الحزب الواحد الفاشي بموجب عقائد دنيوية أو دينية . ببساطة نحن نرى أن العلاقة الرأسمالية ( وبالإذن من كارل ماركس ولينين وستالين و ماو ) هي الشكل الوحيد الذي ينسجم فلسفياً وسلوكياً مع الحرية ، ونرى أنه العلاقة الرأسمالية لا تمنع المجتمع من تصحيح توزيع الخيرات بحيث يقوم نظام ضمان مترقي فيه تضمنه الدولة ، لكنا ضد الاشتراكية ( الاجتماعية ) لأننا ضحاياها . لأن الاشتراكية حسب ما تعلمنا وخبرنا هي الملكية العامة والاقتصاد المخطط والاستهلاك المدروس ، واللباس الموحد والأكل الموحد والمساكن التي يوزعها الحزب ، والجماهير المنظمة في أطر شعبية ، والتي تبني مستقبل الأجيال ، ( اقصد أولاد المسؤولين والمنافقين فقط ) فكيف ستكون ديمقراطية ؟؟؟ .
لا صراع حضارات بل صراع كيانات سياسية فالثقافات
لا تتناحر وإنما تتفاعل.....والحضارات لا تتصادم وانما تتلاقح.
......understood seek first to understand then to be
|