ومن المعروف أن معظم معسكرات الاعتقال النازية أقيمت على الأراضي البولونية. ويروج بعض دعاة الصهيونية أن الألمان كانوا يأملون في موافقة البولون الضمنية على مشروع الإبادة الذي أعدوه.، غير أن هذا الادعاء لم يكن له أساس من الصحة وقد تم الرد عليه بشكل مقنع من قبل مؤرخين عديدين. والواضح أن معسكرات الاعتقال نشأت في بولونيا لاعتبارات لوجستية، ولأن معظم اليهود كانوا يقيمون فيها. هذا فضلاً عن أن هذه المعسكرات أقيمت في الأساس في أشويتز لوضع البولون المعتقلين فيها وذلك خلال الفترة من عام 1940 إلى عام 1942 ولم تبدأ الموجة الأولى من اعتقال اليهود إلا عام 1942(3).
وتدحض هذه المقولة أيضاً، مقولة إن البولون ساعدوا النازيين بل إن عدد كبيراً من البولون قاموا بتقديم المساعدات لليهود بإيواء الهاربين منهم أو إنقاذ حياتهم بتزويدهم بأوراق مزورة لإثبات أصلهم الآري. رغم أن الألمان جعلوا عقوبة الإعدام جزاء من يقدم المساعدة لهم ولم يتوان النازيون عن تنفيذ عقاب جماعي بحق كل أسرة بولونية خبأ بعض أفرادها يهودياً(4).
أما الكنيسة البولونية فكانت أول مؤسسة قامت بتقديم المساعدات للسكان اليهود رغم الظروف الصعبة وذلك عن طريق الأديرة التي آوت مجموعات من اليهود(5).
أما في فترة الحكم الشيوعي فقد فضل عدد كبير من اليهود البولون التخلي عن انتمائهم الديني واستبدلوا أسماءهم بأسماء أخرى لإخفاء شخصياتهم. وقد صدرت في المدة الأخيرة نشرات وبيانات عدة لا يعرف مصدرها، بأسماء شخصيات سياسية ورسمية حالية ترجع أصلها إلى اليهودية وتذكر الأسماء الحقيقية لهذه الشخصيات. وفي موعظة أحد الآباء في كنيسة غدانسك عام 1995 ذكر أن البولون لا يعرفون من يحكمهم الآن هل اليهود القادمون من الاتحاد السوفياتي السابق أم اليهود القادمون من "إسرائيل". وقد ثارت ثائرة اليهود عليه وطلبوا من رئيس الجمهورية فاليسا الذي كان حاضراً في الكنيسة أن يعتذر لهم لأنه لم يرد على هذا القس.
ومنذ استقلال بولونيا عن الاتحاد السوفياتي واليهود يركزون اهتمامهم على استعادة نفوذهم فيها: تارة بالمطالبة باستعادة أملاكهم وتارة أخرى باعتبار الهولوكوست (معسكرات الاعتقال النازية في بولونيا) أرضاً تخص اليهود ويجب أن تكون خارج السيادة البولونية. لادعائهم بأنهم وحدهم كانوا ضحايا هذه المعسكرات والقتل الجماعي. وهو أمر مشكوك فيه وتدحضه الدراسات الحديثة. فالمصادر تختلف في ما بينها في عدد وجنسية ضحايا معسكرات الاعتقال النازية: فاللجنة السوفياتية أكدت أن عددهم بلغ 4 ملايين ضحية. ثم أصبح هذا العدد موضع شك بعد أن أجرى المؤرخون البولون أبحاثهم مستندين إلى إحصاءات دقيقة. وبحسب إحدى الدراسات التي أجراها متحف (أشويتز) في كراكوف بالتعاون مع معهد (ياد فاشيم) اليهودي في القدس والتي نشرت نتائجها عام 1991 فإن عدد المعتقلين بلغ مليونين وخمسمئة ألف معتقل. قضى منهم مليون ومئة ألف ضحية بينهم 960 ألف يهودي و75 ألف بولوني و21 ألف غجري والباقي من جنسيات أخرى(6). أما عدد الذين بقوا في بولونيا من اليهود أثناء الحرب فقد غادر قسم كبير منهم بعد الحرب في عامي 46 و47 إلى فلسطين (حوالي 50 ألف يهودي). أما من بقي منهم في بولونيا فأخذوا يرتبطون بالنظام الشيوعي وبزعيمه الأعلى ستالين وجرى تعيينهم في مناصب هامة في جهاز الأمن والإدارة وفي وسائل الإعلام، وفي عام 1968 نشأت موجة عداء نحوهم بسبب ممارساتهم وتسلطهم وقد تبعتها عملية تصفية لهم في أجهزة الأمن والجيش وفي بعض الإدارات الحكومية. وكان من نتيجة حملة التصفية هذه مغادرة أكثر من ثلاثين ألف شخص من الضباط والكادرات الإدارية والفنية إلى فلسطين.
((((*(*(*(*(*(*(*عصابة الملوك *)*)*)*)*)*)*) ))))
بلا حب بلا تخريف
بيع القلب واشتري رغيف
ايامنا صارت صعبة
والدنيا منها لعبــــة
|