عرض مشاركة واحدة
قديم 14/11/2007   #5
شب و شيخ الشباب فاوست
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ فاوست
فاوست is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
في وطني السليب
مشاركات:
655

افتراضي مزة 86 مدينة مشوهة - ريف مخنوق...والدولة تنتظر الزلزال!


لحاجز 86
من مقابل كنيسة المزة وسوق الخضار، حيث يتوضع حاجز عسكري تشغله عناصر من الشرطة العسكرية والمدنية ومطبّات، يبدأ حي مزة 86.. وتبدأ الحكاية!
وجد الحاجز منذ منتصف السبعينيات، وكان يومها عبارة عن خيمة عسكرية يقبع فيها عسكري وربما كان ضابطاً، كانت مهمته تماثل مهمة عساكر الحاجز اليوم، مراقبة البناء ومنعه في منطقة المزة 86.
من الواضح الآن أن لا الخيمة ولا الحاجز تمكنهما من القيام بالمهمة المسندة إليهما، فها نحن أمام حي ضخم، إشكالي إلى الحد الذي سماه فيه البعض بالقنبلة الموقوتة أو السجن البشري الكبير.
كيف نشأ الحي؟
كانت المنطقة المسماة الآن مزة 86، عبارة عن أحراش وصخور تعود ملكيتها إلى بعض من أهالي المزة وبعض الوزارات كوزارة الدفاع ووزارة السياحة.
في بداية السبعينيات تأسست كتيبة (ثكنة) عسكرية أُطلق عليها رقم 86. سمح لبعض عناصرها العسكرية ببناء عدد من الغرف المنفردة لإيوائهم، ويقال إنها كانت مبنية من اللبن والصفيح. هؤلاء أحضروا زوجاتهم وأولادهم من قراهم البعيدة، ومن كان عازباً تزوج، هذا هو المنطق الطبيعي للحياة. وعُدت المنطقة منطقة حي سكني عسكري، واتخذ من رقم الثكنة اسماً له : مزة 86.
في منتصف السبعينيات أو قبلها بقليل بدأ المد المدني إلى ذلك الحي، وبدأ التوسع بنتيجة تضخم الدولة وأجهزتها ومؤسساتها في دمشق .. بعض الأشخاص ممن كانوا من الفقراء أو غير ذلك، كانوا أقوياء في لحظة من اللحظات بحكم حاجة الدولة لهم في الجيش، فتمكنوا من إشادة بيوت مؤلفة من طابق أو طابقين وبيعها للمدنيين، وكل هذا دون ترخيص وبالطبع دون أن يكونوا أصحاب الملكية، والدولة غضت النظر عنهم. لكن العمران العشوائي المخالف انتشر بعد منتصف السبعينيات بصورة مذهلة فتنبهت الدولة إلى خطورة ذلك وقررت وضع حد له: مراقبة البناء ومنعه!! من خلال عسكري أو ضابط في خيمة!! لكن ما حدث هو أن ذلك العسكري فعلاً منع البناء، لكنه سمح لمن دفع له ومن خلال وسطاء لديه بالتعمير في المنطقة، أي كان يبيع الأراضي المشاعية وقد يقوم بمصادرة مواد البناء بما فيها حنفية الماء ليعود ويبيعها لصاحبها، تماماً كما يحدث اليوم عند ذلك الحاجز العسكري الشهير. إذ يمكن أن يُصادر مجلى متواضع لأسرة فقيرة اشترته بدل المجلى القديم المعطوب، وفي الوقت نفسه يمكن أن تمر شاحنة "قلاب" يحمل المئات بل الآلاف من حجارة البناء! والآلية معروفة: الدفع-الرشوة، رشوة الجميع من عناصر الحاجز العسكري، إلى البلدية فالمحافظة، أو من خلال علاقات التوسط والقوة، ليتم غض النظر عن البناء.

وسائل الفقراء:قانون الحياة الحاسم

يقول مختار "حي مزة 86" إن "عدد سكان الحي 200000 نسمة ويصل إلى 250000 صيفاً، أتوا من كافة أنحاء البلد من الساحل وهم الأكثر والأقدم، ومن الداخل ومن الجزيرة، والآن من العراق، إنهم خليط مذهبي وإثني. كل فقير يأتي إلى هنا لأنه يعرف أن الـ86 ستأويه إما في غرفة يصل إيجارها حد أدنى 2000 ليرة أو في منزل ممتلك ثمنه عدة مئات من الآلاف".
وهنا لا يهم الطابو، المهم هو تدبير الحال، وأساساً يعرف هؤلاء الناس أنهم لما تمكنوا من إيجاد مأوى لهم بتلك الأسعار لو بحثوا عن الطابو.
الآن تبدو بيوت الـ86 حالة هجينة من الريف والمدينة. فالأهالي الذين قدموا من الريف نقلوا بيوتهم الريفية معهم إلى المدينة: البيت مؤلف من غرفتين أو أكثر وفسحة دار ومنافع خارجية، بيت ملاصق للآخر، بيت هنا وبيت هناك، وعلى عجل حلت غرفة بمنافعها الخارجية بين البيتين، من الخارج جدرانها مطلية بالاسمنت، ولحقت بها غرفة طابق ثان دون ذلك الغلاف الاسمنتي. بيوت رُقع طلاؤها الأبيض بالاسمنت، نوافذها صغيرة جداً، يفصل بينها وبين نوافذ الجيران المقابلة أقل من متر. أزقة ضيقة بل "زواريب" صاعدة بأدراج حفرتها الأرجل عبر السنوات، وأدراج طويلة حجارتها متكسرة. قالت لي صديقتي القاطنة في أعالي ال86 أنها لم تتمكن من نقل خزانة عرسها الكبيرة بسبب ضيق الزقاق المؤدي إلى بيتها فاضطرت إلى إنزالها من سطح الجيران إلى شرفة بيتها. كما أخبرتني أنها اضطرت إلى العدول عن فكرة ارتداء أحذية الكعب العالي فمن جهة لن يطول عمر الكعب بسبب سوء الشوارع حيث الحفر الكثيرة والمطبات والحجارة والتراب، وهذا بوجود القار"الزفت" أو دون وجوده، ومن جهة أخرى فإن ارتداء الكعب العالي محفوف بمخاطر الانزلاق على تلك الشوارع خاصة وأنها-أي الشوارع كما البيوت- تتسلق الجبل بميول حادة ، وكلما صعدنا نحو الأعلى ازداد المشهد قتامة وفقراً. تزداد "الزواريب" ضيقاً والأدراج ميلاناً وتعثراً، وتزداد البيوت تقشفاً وتلاصقاً وتداخلاً. وتكثر الأبنية الطابقية المتصدعة التي تفتقر إلى الشروط الفنية المطلوبة للأمان.


الحرية لسوريا من الإحتلال الأسدي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03372 seconds with 10 queries