جاء أدونيس إلى القاهرة مفكراً محاضراً لا شاعراً، مدعواً من قبل الجامعة الأميركية في إطار الموسم الثقافي العربي، فقدم بحثاً بعنوان «معوقات الحداثة في الثقافة العربية بعامة والشعر العربي بخاصة»، طرح من خلاله قضيتين أساسيتين؛ الأولى هي الرؤية الوحدانية للإنسان والعالم، تلك التي تفصح عن نفسها بثقافة العنف والإقصاء والتكفير، بتبني حقيقة واحدة مطلقة وربطها باللغة في النص الديني، الذي يتم تأويله تأويلاً سياسياً سلطوياً. والثانية هي انعدام الذاتية التي تحصر حقيقة الإنسان والعالم في ذات التأويل السائد للنص الديني، حيث تتحدد المعرفة ويكون ختامها، وبالتالي لا يكون للفرد إلا الاتباعية في مقابل الذاتية التي يجب أن تتحدد بعالم الفرد الداخلي لا بكل ما هو خارجه؛ بالنص والشريعة والأمة. وقد أكد أدونيس أكثر من مرة، أنه لا يتحدث عن النص الديني المقدس، بل عن تأويله السائد الذي ألغى «الأنا» في سبيل «النحن»، وبالتالي انعكس ذلك على الثقافة العربية وعلى أصواتها الشعرية التي أصبحت بين مطرقة السياسة وسندان اللاهوت. ومحاضرة أدونيس، تأتي مباشرة قبل يومين من زيارته الأولى لإيران، مما يفسر ان يرى البعض في مضمونها ما ينطبق على ايران أكثر من غيرها من الدول الاسلامية. وبعد المحاضرة كان لنا هذا الحوار الخاص مع أدونيس، الذي طرح فيه بعض القضايا للمرة الأولى.
|