الموضوع: حوارات أدونيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/11/2007   #6
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


قوة الشعر وشكوكه عباس : هذا الكتاب الكلي، يبدو طموحـا لأن يكون جـامـعا للثقافة العربية وتقديمها بشكل أو بآخر، أعود لأشير إلى علاقة الشـعـر بالنثر فـيه، بمعنى القصيـدة النثرية والقصيدة الموزونة، لاحظت أولا أن في الكتاب شعرا نثريا أكـثر من الوزن، إلى أي مـدى هذا مقصود، وثانيـا أن القصيدة النثرية تبدو وكأنها تقول شيئا، مختلفا- في أحـيان- عمـا يقوله الوزن، ففي الوزن هناك شيء من الكلام ذي الصوت العالي الذي فيه اكتمال ذاتي، وفيه ثقة ويقين (شـمسـه مثلا، أمواجه) نوع من تكامل الأنا والفرد، فيما تبدو القصيدة النثرية قصيدة شكوك، فلو أخذت( ربما بفعل هذه الغيمة لم يزل عمود سمعان/ لم يكن في حـاجـة إلى أن يحول حـياته إلى عمود آخـر، بمعنى هل الكتـابة هي وحـدها الشتاء، هي ذي يراها كمثل ثمار تتساقط ولا يأبه لها حتى البستاني/ الذي أمضى حـيـاته ساهرا عليها...) في النثر، هناك تشكيك بقوة الشعر التي يبدو أن الوزن تأكيد لها.
أدونيس : انطبـاعك هنا، كما يخيل إلي، سريع جدا. النصوص الوزنية في "الكتاب"، مليئة بالتساؤلات والشكوك، حـول كل شيء، بدءا من الذات. لا تكاد تخلو صفحة منها. بل أنها أكثر إيغالا فيها من النثر. كل شيء في هذه النصوص يبدو كأنه على الحـافة، فوق الهاوية، يكاد أن يسقط. كل شيء قلق وضياع. مرة ثانية، أعد القراءة. وآلا فأنت آخذ بدفعي إلى القول أن الوزن في القصيدة، مجرد الوزن، يحجب عنك شعريتها. وهذه ظاهرة قرائية نراها عند كثير من الكتاب الشبان، اليوم. وأنت بنعمة الشعر، لم تعد شابا فأنا لا أقصدك. كأن لسان حـال كل من هؤلاء هو: عندما أرى شعرا موزونا، لا أقدر إلا أن أصوب مسدسي! الوجه المقابل تماما لمن يقول: لا شعر خارج الوزن. ما أسباب ظاهرة كهذه؟ ليست، في كل حال، ثقافية أو فنية، و إنما هي، بالأحرى، ثبوتية في الموقف، ذلك أنني لا أتصـور شاعرا فرنسـيا أو إنكليزيا، يتهم شعر بودلير أو مالارميه أو شكسبير باللا شعرية، لمجرد أنه شعر موزون! كذلك لا أتصور شاعرا عربيا حقيقيا يتهم شعر امرئ القيس أو أبي نواس أو المعري باللا شعرية، لمجرد انه شعر موزون! و انما يمكن ألا نعجب بشعر هؤلاء، لكن لأسباب أخرى، لا تتصل بالوزن. ربما، حين أتكلم بلسان المتنبي، يحس القارئ أحيانا بما تشير إليه- بالتكامل، و بالتماهي مع الذات والطموحـات. لكن في معظم النصوص، لا نحس إلا بالقلق والتساؤل والشك والعـبث، والتبعثر والتفكك، اقرأ الهوامش الخاصة بالشعراء والمفكرين. اقرأ نصوص الحرب بين العرب والروم. اقرأ مذكرات سيف الدولة. اقرأ أوراق خولة. اقرأ دفاتر المتنبي نفسه. لن تجد غير التأرجح فوق الهاوية: هاوية القلق، والشك والتساؤل. أجدني هنا مضطرا إلى أن أشير إلى البنيـة التشكيلية الفنية في "الكتاب"، وهو ما لم تطرح حوله، حتى الآن، أي سؤال، وهو مما أستفسر به- خصوصا أنها بنية لا يعرفها الشعر العربي. ففي تكوين الكتاب تشكيليا تتلاقى الأزمنة والأمكنة في الصفحة الواحدة: لحظة الذات ولحظة الآخر، لحظة الشيء والوقائع، لحظة الماضي ولحظة الحاضر، ويزدحم فيها العبث والفوضى واللايقين. وهذا يعكس التنور والتناقض، في الشخص، وفي المكان والزمان، وفي التاريخ والمجتمع.

عباس : مـع اعتـرافي بأن هذه اللحظات- بتـواجـهـهـا واجتماعها- تعطي دينامية وجدلا للنص، ولكني أبقى أحس وكأن مـوقف الوزن- إذا جـاز التـعبير- موقف أساسي في شـعرك، باعتبار أن الشاعر هو- إلى حد كبير - إنسان أعلى، والشعر- إلى حد كبير هو خلاص.هو نوع من ذاكرة حية، يبدو موقف الوزن وكـأنه موقف الشعر، بينما في موقف النثر شكوك عميقة في الشعر وفاعليته وبقيمته وحتى بإمكانه.
أدونيس : لكن في التحليل الأخير، يقوم شعري كله، سواء في وزنه ونثره، على الشك العميق، لا مع العالم وحده، بل في ما يفترض انه الملاذ والملجأ- أي الشعر. وهذا مما يأخذه علي، أساسيا، بعضهم - أولئك الموقنون المؤمنون. وذلك بدءا من "أغـاني مهيار"، حتى أن من الممكن قراءة كتاباتي كلها في ضوء هذا السؤال: ماذا يقدر الشعر أن يفعل في ظلام العالم
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02618 seconds with 10 queries