ومن ناحية واقعية فان القرويين الجبليين ابتنوا بيوتهم من الحجر لتوفر المادة الحجرية بينما ابتنى القرويون في السهل بيوتا من الطين بسبب ندرة الحجر وصعوبة الحصول عليه، وسنرى كيف ان سكان القرى بالقرب منن بحيرة الحولة اعتمدوا على أغصان الشجر والحصر المصنوعة من البربر والحلفاء في بناء بيوتهم، فإذا كان البيت من ناحية هو استجابة لظروف المعيشة فهو أيضا مرتبط بوفرة المواد الخام اللازمة لإنشائه.
بيت الله هو المسجد وبيت ولى الله هو المزار أو المقام الذي يضم ضريح ولى من أولياء الله الصالحين.
وفى القرية يعتبر المسجد بيتاً لله وهو أيضا بيت مفتوح لكل المؤمنين من أصحاب القرية وزوارها وعابري السبيل وهذا البيت مفتوح لكل المؤمنين، فيه يصلون وفيه ينامون في النهار والليل إذا شاءوا ومن الممكن للغريب والمسافر وعابر السبيل أن يقضى الليل في هذا البيت، وان يستريح أثناء النهار، وفى شهر رمضان بصورة خاصة يكثر الناس من التردد على بيت الله فبعد أن يؤدوا الصلوات يستريحون أو يقرؤون القرآن ومن الممكن أن يناموا على " حصر الجامع " حتى إذا ما اخذوا قسطاً من النوم نهضوا فتوضئوا وصلوا وأخذوا بعد ذلك يقرؤون القرآن أو يستمعون إلى حديث ديني أو تلاوة من القرآن.
وفى الغالب فان الأشجار تحف ببيت الله، والناس يتفيأون ظلالها في حر الصيف، ويسهرون على سطح الجامع في الليالي المقمرة ويجتمعون في أروقته في كل وقت وحين.
وفى هذه الموسوعة فأننا لن نتطرق لبنيان المسجد على اعتبار انه جزء من الموروث الرسمي لا الشبعى، لكننا سنعطى أهمية خاصة لبنيان المزار لصلته بالعامة من الناس اكثر من صلته بالجهات الرسمية، ونظراً لأنه يشبه البيت الشعبي إلى حد كبير ببساطته وعفويته.
يبنى المزار في العادة على قمة جبل أو تلة أو على مرتفع بسيط في السهل، وحتى تلك المزارات التي تبنى على جانب منحدر من الجبل أو في حوض الوادي فإنها تبنى في مكان يساعد الجميع على رؤيتها من كل جهة وكذلك بحيث تشرف على أكبر منطقة ممكنة، إن ذلك مرتبط بفكرة انه من الضروري ان تكون قبلة لكل زائر وان تكون واضحة المعالم ومعروفة.
وهذه قائمة بالمزارات المبنية في مناطق عالية، قمة جبل أو مرتفع يسيطر على المكان الذي حوله:
النبي صموئيل، الشيخ القطروانى بين بير زيت وعطارة، الشيخ الكركى الطيار، في القسطل أبو هريرة وادي الشريعة، العزيز، بالقرب من عورتا.
الشيخ العمرى الجعبى، بالقرب من بيت عنان وقد بنى هذا المزار على قمة جبل، ان المنظر من ناحية الغرب خلاب، فمن المزار تطل على الرملة، اللد ويافا وكذلك البحر وكل هذه المواقع ترى بوضوح إذا كان الجو صافيا.
الشيخ عبد السلام، عناتا، سلوان الفارسي، جبل الزيتون، النبي لقيا، شيوخ الدواعرة، صور باهر، النبي موسى، قرب أريحا، البنى يوسف بيت أجزا، الشيخ دير ياسين، الشيخ أحمد خربة السعيدة، الشيخ أعمرة بيت دقو.
وقد لاحظ الدكتور توفيق كنعان أن 70% من المزارات التي رآها في ست وعشرين قرية قد بنيت على قمة تل أو جبل وان 24% منها كانت على سفح جبل، اسفل قمته، وان 5% منها فقط كانت في السهل او الوادي، كما لاحظ صاحب تلك الدراسة إن جزءاً كبيراً من تلك المزارات التي وجدت في السهل هي ينابيع مقدسة، أشجار، حويطات وكهوف ذات طابع قدسى.
انه لمن المذهل حقاً أن نلاحظ بان كثيراً من الجبال المهجورة في فلسطين عليها مزارات أولياء اون جبالاً كثيرة تحمل في ذراها مزاراً لولى من أولياء الله، وهذا يوضح فكرة القداسة في الجبال والتي اعتنقها المواطنون من عامة الناس في فلسطين.
بناء المزار على الغالب هو رباعي الزوايا وذو قبة وتعتبر القبة ملمحاً بارزاً من ملامح الطبيعة الفلسطينية.
وللمزار باب وطئ وشباك صغير، وفى بعض الحالات تكون هناك فتحات صغيرة تسمى الواحدة منها طاقة وجمعها طاقات، أو إشراقة وجمعها شرا قات، ويتألف السطح من قبة بسيطة مقنطرة مع حجر عمودي في الوسط فوق القبة ومنحوت على شكل هلال ومن الممكن أن يكون الهلال من المعدن مع ثلاث كرات معدنية أدناها أكبرها.
والمزار من الداخل ( مقصورة أو مطين ) وكذلك مبيض بمحلول الكلس، ولكن بما أن الأبنية قديمة فان كل شئ خرب وآيل للسقوط، ان عدداً من المقامات هي بحالة سيئة بسبب الإهمال وعواصف الشتاء والزمن الطويل وكانت الحرب سببا آخر في دمار هذه المزارات كما هو الحال في مزار الشيخ احمد الحركي الطيار والنبي صموئيل والشيخ حسن " بيت اكسا " والقطروانى بالقرب من بيرزيت وأبو العون ( بدو ) والشيخ عبد العزيز ( قرب بيت سوريك ) وخلال الحرب فان بعض هذه المزارات قد سويت بالأرض ( مثل الشيخ نوران بين الشلالة وخانيونس ) وقد نهب الجنود البواب واستعملوها وقوداً مثلما جرى لمزارات الشيخ عنبر، عبد السلام والعمرى والجعبى، وفى بعض الحالات قام السكان باستبدال الأبواب وأصلحوا حال المزارات بطرق بدائية.
وفى داخل المزار نشاهد طاقات وهى فتحات غير نافذة وتستعمل أشبه بخزانة صغيرة، نراها في جدران المزار وتستعمل في العادة لوضع المصباح، الزيت والكبريت، وهى في الغالب مكان قذر، وفى مزار الشيخ بدر ( شمال غربي القدس ) وفى العزيز ( عورتا ) أكثر من اثنى عشر طاقة موزعة على الجدران الأربعة.
زخرفة المزار: يوحى داخل المزار بأنه كان يوما ما مزخرفا من الداخل بالنيلة أو الحنة أو كليهما، وتتألف الزخارف من خطوط مستقيمة أو متعرجة تشكل " زنارا" على الجدار الداخلي، وهناك " طبعة اليد " وهى تمثل في المأثورات الشعبية الإسلامية يد فاطمة ابنة الرسول.
ويعتقد أن مثل هذه الزخارف تجلب البركة، ونجدها على " اصداغات " الباب أو " الشايشة " وكذلك على الجدران الداخلية للمزار، وبشكل خاص بالقرب من المحراب، ومن الممكن أن نجد مثل هذه الزخارف في بيوت القرويين أيضا.
إن طبعة اليد تنتج عن غمس راحة اليد بالدم، الحنة أو النيلة ونسمع في الأغاني الشعبية.
يا دارنا لا تخافيش
واحنا حماتك وسورك
بالدم الأحمر لحنيك
من كل وبش يزورك
فالأصل هو " تحناية " الجدار بالنيلة والحنا. وكذلك يحنون جدار المزار بدم الضحية بهدف طرد الشياطين والجن وفى هذا المقطع من الأغنية يعد الشاعر داره بأن يطرد عدوه من الدار ويقتله ويحنى الدار بدمه.
الحنا بالدم: وهو شائع فقط في " تحناية " البيوت المبنية حديثاً بدم الضحية ومن الممكن أن يحنى شخص باب المزار بدم الضحية التي ذبحها تقدمه لساكن المزار " الولي ".
وتزخرف جدران المزار أيضا برسوم سعف النخل، ويتألف الرسم من خط عمودي مع خطوط اقصر تلتقي معه، إن مجموع الفروع ليست واحدة في كل الحالات ولكنها غالباً ما تكون 3،5 أو سبعة مع بعض الشذوذ، وفى كل الحالات فان عدد الفروع على كل جانب مساو للعد على الجانب الآخر.
ان شجرة النخل ذات سمعة طيبة إذ يقال إنها خلقت من نفس الأرض التي خلق منها آدم.
ومن هذه الزخارف شكل الحية التي تشير لطول الحياة.
وهناك زخارف مثل: شكل مسجد، منارة، سفينة، أزهار والغرض الرئيسي من هذه الزخارف هو تجميل المزار فحسب، وفى بعض الأحيان تصادفنا زخارف مؤلفة من آيات قرآنية مكتوبة بطريقة جميلة على الجدران وكذلك اسم الله و أسماء الأنبياء والصحابة ففي مزار الشيخ ياسين نجد اسم الله واسم محمد تحيط بهما زخارف من أشكال الزهور وكذلك شعار: لا اله إلا الله، محمد رسول الله، وهناك علمان: العلم التركي وعلم الرسول، وكذلك هلال ونجوم متعددة، وفى المحراب رسمت المبخرة معلقة بالسلاسل.
ويعتقد بعض القرويين أنه لا يجوز رسم زخارف المزار بالنيلة بل بالحنة والسراقون (المينوم ) ويعجن بالحنة حتى يتحول إلى معجون وقد يضاف إليه السمن، ومن هذا المعجون تصنع طبعة اليد، وبعد أن يجف المعجون ويسقط يترك على الجدار أثراً بنياً مائلاً للحمرة.
المحراب: وهو الثغرة غير النافذة في المزار التي تبين الاتجاه للقبلة، وعلى الأقل يوجد محراب في كل مزار، وفى بعض المزارات نجد اكثر من محراب، ففي قبر الراعي قرب النبي موسى هناك ثلاثة، وفى بعض المزارات يكون المحراب مجرد خطوط مرسومة أو حزام ملصق.
وفى كنسية الخضر بين بيت جالا وبرك سليمان، والتي يحترمها المسلمون أيضا فان اتجاه الصلاة يوضح بواسطة صور كبيرة للقديس جورج، إذا وقف المصلى المسلم قبالتها فانه يستقبل القبلة.
ارض المزار: في المزارات الفقيرة تجد الأرض عارية أحيانا تجد بعض الحصر، وفى مزارات أخرى تجد الأرض مفروشة بالحصر والسجاد.
القبة: في الشكل البسيط منها تكون القبة مبنية على الجدران الأربعة مباشرة، وهناك شكل آخر للقبة تتكئ فيه على " ركب " تعتمد على الجدران وفى حالة وجود قبتين تكون كل منهما سقفا لغرفة وبين الغرفتين يبنى قوس قوى ليساعد على حمل السقف بدلاً من الجدار الملغى.
وفى نوع آخر من المزارات يكون هناك: رواق، وهو قاعة كبيرة محمولة على أقواس وفى هذا الرواق يجتمع الناس، يأكلون ويحتفلون، ويوجد مثل هذا الرواق في جامع السلطان إبراهيم في بيت حانيا، وكذلك في " الشيخ سلمان الفارسي " جبل الزيتون.
وقد يضاف للمزار غرفة أو اكثر لتستعمل مطبخاً، مكاناً لاقامة خادم المزار ( القيم ) ومن الممكن أن يكون هناك مستودع وغرفة للكتاب ( مدرسة القرية ) وأخرى للخطيب ( المدرس
وفى بعض الحالات توجد غرفة ملحقة بالمزار تستعمل لغسل الموتى كما هو الحال في " العزيزات " وجامع العزيز في قرية أبو غوش.
وفى قرية اشوع هناك غرفة مبنية فوق المزار لتستعمل كمضافة، وفى الشيخ ابو إسماعيل ( بيت لقيا ) والشيخ حسين ( بيت عنان ) تستخدم الغرفة الأمامية كمضافة، اما في الشيخ ياسين ( دير ياسين )
تباً إننا جيل كامل من الانتظار .. متى نفرغ من الصبر .. و من مضغ الهواء ..
اتعرى من الجميع كي أجدني,,,,
فأضيع !!!!
حاولتُ أن أغرق أحزاني في الكحول، لكنها، تلك اللعينة، تعلَّمَت كيف تسبح!
|