أنا، الذئب الذاهب في ليل الملجأ، خديع الخبرة، شاغل النيران، مشعل الفتن، متعهد الهشيم، جامح الدم، متجهم القلب، خدين الشياطين.
ضبع يولغ دماء القتلى بأشفار مرتعشة شبقا وأنيابه تكزّ على عظم الجثة، كما يخلع نبي قميصه المهتوك.
جدير بكل ما تقدرون عليه من الفتك،
ولتكن حرياتكم راية الإنتقامات.
72
أنا، هدف القناصين، طاشت روحي بين أياديكم، تعفـون ولا يليق بكم. أنتم أعذار القتلى، خطاياكم أكثر من براءة الطفل. ليس لكم أن تبالغوا بيد ترتجف وهي في مقبض المعول المثلوم بصدأ عتيق كنبيذ فاض بي ولم يحتمل الصبر في نزيف يذبح الخلايا.
يوشك الليل أن يصير كفنا يرأف بالمتلعثم أمام الحب، المبتهج بنحيب المحتضرين، المتأرجف برهاب النصل من جهات جمـة.
آن السفر
آن السفر،
ولا رجوع.
لم يعد في الفضاء هواء لكي تأخذ الجثة شهقة.
ولتكن منكن الوصيفات لهودج الليل.
ولتكن منكن شديدات البأس،
ليأتي الحداد من الأقاصي.
ولتكن منكن النائحات يدفعن،بفرح دفين، جثمانا يذهب.
73
يعوي في السهوب :
سأذهب، لكي يعرفوا أنني جئت.
***
انتحاب
كنا نغني حول غربتنا الوحيدة
كالعذارى في انتحاب الليل.
كنا نترك النسيان يأخذنا على مهل
لئلا نفقد السلوى.. ونذكر..
أن عشاقا لنا كانوا هنا
واستأثروا بالفـقـد
سابونا على أوهامنا و تقلصوا عنا
و أهدونا إلى أسلافنا،
لو أنهم
لو أن عشاقا على ميزانهم مالوا قليلا
أو تمادوا في تغزلهم بعذراواتنا، أو بالغوا
لو أنهم جاءوا قبيل الماء،
أفشينا لهم أسرارنا،
كنا توضئنا لهم بالنرجس الناري
لو جاءت رسائلهم لنا كنا قرأنا سورة الرمان
سورنا بلادا بالتراتيل،
إنتخبنا بهجة أخرى،
وكنا زينة في الليل، كي لا تخطئ النيران
كي تغوي العذارى شهوة الأحلام
توقظ فتنة من نومها.
لو أنهم ماتوا قليلا قبلنا..
كنا تمهلنا قبيل الموت
أو كنا قـتلنا بعضنا،
كنا مكثنا في خطايانا
و أجلنا مكاشفة العدو لعله يعفو
و يذبحنا برفق
علنا نخفي عن الجيران شهقتنا
نكابر،
ننتحي في ركن خارطة و ننسى هجرة
و نغض طرفا عن منافينا و ننكر جرحنا
كنا تشنجنا على أكبادنا
كنا كتمنا،
لم نكابد غبطة العشاق
لم نفتح كتابا فاتنا في الحب
أو كنا قنعنا بالخسارة كلها
لو أنهم ..... *
مديح اليأس
لم تكن أخطاؤنا أغلى من الأبناء
كابرنا لكي نخفي هوانا عن معذبنا
مدحنا يأسنا، متنا
وسمينا اختلاج الروح تفسيرا،
تقمصنا الهواء.
لم تكن أخطاؤنا أغلى
تماهينا، شحذنا نعشنا،
وسمينا هوانا كاسر النسيان
أسرفنا و أرخينا مراثينا
لئلا يعرف القتلى طريق الموت
..ـ ــئلا تشفق الرؤيا على أخطائنا.
لم ينتخبنا سيـد، لا نغفر الأسماء،
لم نحضر دروس النحو،
لم نعرف مكانا آمنا للحب. *
جمرة الفقدان
ماذا سيبقى عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل
ماذا يختفي فينا
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي
وطير الروح ينتظر احتمالا واحدا للموت.
***
هل نـمشي على ليل الحرير لجنة تهوي
ونمدح بالمراثي،
ربما ينهار أسرانا على تذكارهم و نؤجل الأسلاف،
هل نمنا طويلا كي نجرب موتـنا
فينالنا، ... ويؤلف الأشياء ثانية.
فماذا ينتهي فينا ويبدأ
عندما تبقى بقايانا على باب المساء
وتصطفينا شهوة المكبوت
أو ماذا سنقرأ في المرايا
هل نؤثث سورة الفتوى بتفسير يكافؤنا على الأخطاء.
لو كنا عرفنا جمرة الفقدان
( وهي علامة الشكوى )
ستمدح موتنا.. متنا
لئلا ننثني شغفا
فنشهق في اندلاع الحب
يذبحنا ويلهو في شظايانا.
***
هنا وهم سينقذنا من الأحلام ،
نحن شهوة الفردوس
نهذي في جحيم غير مكتمل
لكي نسهو عن المكبوت و الرغبوت.
لو فيروز توقظ ماءنا ...
... كنا توضئنا لئلا ننتهي
يا منتهانا
هل سرى ترياقنا فينا
فأدركنا مرارتنا و أوشكنا على ندم
فقدنا منحنى أحلامنا في الوهم
قلنا شعرنا كي يفضح المعنى
ويغفر أجمل الأخطاء.
ولو قلب لنا أغفى على كراسة الأسماء،
لم تكمل أغانينا
بكينا حسرة وتماهت الذكرى مع النسيان،
أو كنا مـزجنا ليل قتلانا بماء النوم
لم نهمل قصائدنا على ماض لنا
متنا قليلا و انتهينا في البداية
لم نؤجل سرنا
كنا انتحرنا قبل قتلانا
و أخطأنا كما نهوى
فلا ماء سيرثينا و لا نار ستمدحنا.
***
جئ لنا واذهب إلينا
ذلك الباب الموارب
غير مكترث بوحشـتنا الغريبة
وهي تهتف في النوافذ و اصطخاب الروح.
يا الباب الموارب غير مكترث
تواضع بـرهة و ارأف و صدقنا قليلا،
أيها الباب الموارب غير مكترث بنا
اغفر لنا و اسأل وصادقنا قليلا.
هل تمادينا وبالـغنا بحبك كل هذا الليل
كي يأتي عليك الوقت تنسانا
و تبقى موصدا .
نغفو على أشلائنا،
نحن الذين انتابنا ماء العناق
وساعة الرؤيا
و أنت موارب،
قمصاننا مثقوبة و يداك في وحشية النسيان تمحونا.
لماذا وحدنا قمصاننا مثقوبة بالقلب
هل نهفو إليك و أنت في غيبوبة الرؤيا
ترانا دون أن تحنو علي ما ينتهي فينا.
أيها الباب الموارب
أيها المرصود و العشاق ينتظرون في بهو المسافة
قـل لنا واغضب علينا
و امتحن و اعصف بنا واشفق علينا
إنما لا تعتذر عنا أمام الناس
يا باب النجاة و منتهى أسرارنا
افتح لنا و انظر
و لا تغفل و لا تقسو علينا
أيها الباب الموارب..
جئ لنا.. و اذهب إلينا.
|