عرض مشاركة واحدة
قديم 27/10/2007   #99
صبيّة و ست الصبايا *Marwa*
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ *Marwa*
*Marwa* is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
البــلاد المـقـدســـة
مشاركات:
2,869

افتراضي اصول فلسطينية


جذور فلسطينية
عرب لا أوروبيون :

يذكر الأستاذ "روبرتسن سميث" أن الفلسطينيين يوصفوا أحياناً بأنهم شعب غير سامٍ ، و من الجدير بالذكر أن بعض الباحثين يخطئون تسميته السامية ، يطلقون عليها اسم الجزرية أو الهجرات الجزرية على اعتبار أن موطنها الأول هو الجزيرة العربية ، إلا أنه ثبت عدم كفاية الأسانيد التي تؤيد هذا الرأي ، و رغم دخولهم إلى فلسطين عبر البحر ربما من كريت ، إلا أنهم كانوا إما من أصل سامي –جزري - أو كانوا على الأقل يصطبغون بالصبغة السامية - الجزرية بالفعل سواء في اللغة أو في الديانة لدى هجرتهم (12) .

فآخر الدراسات التاريخية تشير إلى أنه يبدو أن سكان كريت الأول ، و الذين أقاموا الحضارة المينوية الزاهرة فيها ، وصلوا إليها ما بين الألف الرابع و الثالث قبل الميلاد من آسيا الصغرى ، و أغلب الظن أن حضارتهم تأثّرت بالحضارة السومرية ، و لقد أصبح الآن معروفاً أن أهل كريت كانوا يتحدّثون لغة سامية - جزرية إلى جانب اللغة اليونانية في صورتها البدائية ، بالرغم من أن الوثائق سجّلت اللغتين مكتوبتين بطريقة مقطعية واحدة .

أما من ناحية الجنس ، فقد قام بعض العلماء بفحص جماجم الكريتيين ، و تبين أنها مستطيلة الشكل ، و أنها تدل على جنس البحر الأبيض المتوسط ، و لكن بعضها كان مستديراً ، و يبدو أن الجنس الألباني اعتاد التردد على الجزيرة (13) .

و يشير "توماس طمومسون" إلى أن كلمة فلسطين لا تستعمل لوصف مهاجرين من بحر إيجه و كليكا ، كما أنها لا تستعمل لوصف العناصر المشاغبة في الإمبراطورية المصرية الأخيرة ، فقد استعملت في وقت متأخّر جداً كاسم لشعب السهل الساحلي الجنوبي و جماعة تنتسب إلى سكان الدول المدنية في فاستيا ، سكان السهول الساحلية الفلسطينية كانوا من أصول مختلفة و معظمها من الساميين الغربيين الجزريين الأهليين في فلسطين ، من حيث ثقافتهم المادية و لغتهم و ديانتهم ، تعبير "فلسطين" يشير مبدئياً إلى حقيقة جغرافية ، و في القصص التوراتية يكتسب سمة إثنية محدودة خيالية كمناهض رئيس لظهور شعب "إسرائيل" ، كما في قصص القضاة و صموئيل 1 - 2 ، "الفلسطينيون لم يوجدوا كشعب إلا في المنظور العرقي التوراتي اللاحق ، إشارات النصوص الآشورية إلى "بي - ليس - تي" مثل الإشارات إلى "آ - يو - دي" جغرافية تناقض الإشارات الإثنية" (14) . و الكلام ما زال لنفس الباحث "و القول إن الفلسطينيين يمثلون شعباً غريباً متطفلاً على فلسطين يجب إنكاره" .

التأثير الوارد من بحر إيجه جزئي ، و على أساس البينات المعروفة كان هامشياً و سطحياً في اللغة و الديانة و الأشياء المادية حتى أقدم أشكال الفخاريات المدعوة فلسطينية - كانت ثقافة المنطقة الساحلية وطنية تماماً ، يمكن القول إنها متأثّرة بحضارة بحر إيجة و لكنها سامية - جزرية تماماً و ذات طابع حضاري فلسطيني (15) .

و الحقيقة أن المخلّفات الحضارية الفلسطينية في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد - بما في ذلك الساحل الفلسطيني - تعتبر استمراراً لحضارة العصر البرونزي الأخير ، و من أهم المكتشفات التي تنسب عادة للفلسطينيين فخّار ملون بأشكال هندسية و طيور ، و تظهر أيضاً أشكال حلزونية و مجموعات من أنصاف دوائر متشابكة ، إنما أشكال الأواني نفسها فمشابهة للأواني التي عثِر عليها في جزيرتي رودس و قبرص ، و لكنها غير مطابقة لها ، و من الصعب اعتبارها مستوردة ، بل على العكس فإن طينة الفخار محلية و صانعوها محليون أيضاً رغم تأثّرهم بصناعة الفخار المعروفة في الجزر الإيجية .

و ظهرت التأثيرات الكنعانية المحلية على مخلفات الفلسطينيين من خلال أسماء آلهتهم أمثال داجون و عشترون ، كما أن العمارة من مباني عامة و منازل مستمدة من التقليد المعماري للعصرين البرونزي الوسيط و الأخير ، و الحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية الأصل ، و كذلك المباني الدينية و أهمها : سلسلة المعابد المتعاقبة في تل القصيلة التي أنشئت على غرار المعابد الكنعانية مع ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية و إيجية .

و بذلك يصعب على الباحث التفريق بين ما يمكن نسبته إلى المجموعات البشرية التي سكنت فلسطين في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد ، فوجود هذا الصنف من الفخار أو ذاك في منطقة معينة لا يدلّ بالضرورة على سكنى هذه المنطقة من مجموعة إثنية مختلفة ، و لكنها غالباً ما تعني أن هذه المنطقة وقعت تحت تأثيرات خارجية (16) .

و يؤكّد الأستاذ الدكتور نجيب ميخائيل إبراهيم بدوره "أن كفتور هذه يظن أنها كريت ، و قد يكون هذا الرأي صواباً ، ما دام بعض بلاد الفلسطينيين يطلق عليها اسم جنوبي الكريتيين" تميّزاً لهم عن يهوذا و كالب ، و لئن صح ذلك – و هذا ما نرجّحه و نميل إلى الأخذ به - فإننا أمام هجرة سامية جزرية مرتدة من كريت ، ربما نتيجة ضغط من ناحية الهلينيين، هذا إلى أن أسماء الفلسطينيين و أسماء مدنهم تشير إلى أنهم ساميون – جزريون – و لكن (الإسرائيليين) يشيرون إلى أنهم قوم لا يختنون ، و هو اصطلاح ينأى بهم عن الساميين - الجزريين و المصريين معاً ، و رغم ذلك فإننا نراهم يمارسون عادات الكنعانيين و يتحدثون لغتهم ، كما أن معبوداتهم تغلب عليهم النزعة السامية – الجزرية ، فمن بينها"داجون" إله الحبوب ، و "آثار حاتس" العسقلوني و "بلعزبون" العقروني (17) ."انطلاقاً من كل هذا ، و تخريجاً عليه ، يتضح أن كريت لا بد أنها استعمرت يوماً بواسطة الكنعانيين و المحتمل جداً أن بعضهم بعد أن اتصلوا طويلاً بالقبائل اليونانية رجعوا ثانية شرقاً إلى موطنهم الأصلي فلسطين ، فبغضّ النظر عن أسماء بلدانهم ، فإنّا نرى كذلك عدداً من أسماء أشخاصهم سامية و جزرية ، و منهم أبيمالك ، دليلة ، عبيد أيدوم – و ربما أيضاً أشبى ، صاف ، جوليات ، رفح .

و يظهر أن ديانتهم تطبّق نفس الأساليب السامية - الجزرية في تقديس معبودين اثنين ذكر و أنثى ، فلداجون آلهة من الأسماك بجانبيه ، و الأسماء داجون و بلعزبون آلهة أصلاً ، و لا ينفي هذا كون الفلسطينيين لا يمارسون عمليات الختان ، فربما أبطلوا إجراءها عندما هاجروا إلى كريت ، لذلك و لكل ما مرّ بنا ، فإني مضطر للاستنتاج بأن "الأصول الأجنبية لفلسطينيي الحقبة الآشورية و أصولهم المزعومة من كفتور مجرّد خيال خلفته الروايات التوراتية كقرين لأصول يهودا أنفسها ، فيهودا و الفلسطينيون كلاهما كيانات ثقافية أهلية في فلسطين ، و ناتجة عن حضارة و سكان العصر البرونزي ، الذين كانوا خلال العصر الحديدي الثاني ، متمايزين في مجموعات شبه إثنية ، على شكل دويلات تحت حكم إمبراطورية خارجية" (1 .

وفي نهاية المطاف ، أرجو أن أكون قد وفقت في الإجابة عن السؤال المطروح في بداية دراستنا ، و لكن يبقى شيء و هو "أن العرب الفلسطينيين الذين ما زالوا يعيشون في فلسطين هم الأبناء الحقيقيون للسكّان الساميين - الجزريين الأساسيين ، و جذورهم ليست قائمة في سوريا ، أو لبنان ، أو الأردن أو مصر بل إن البلاد التي عرفوها و لم يعرفوا سواها قط هي بلاد فلسطين" (19) .

إذاً فالفلسطينيون مزيج عرقي له نواة قوية عريقة في القدم ، و قد كان أجداد اللاجئين العرب الفلسطينيين الذين يحيون اليوم في الغربة حياة بائسة ، يحرثون الحقول في فلسطين قبل ثلاثة آلاف عام ، و يبدو أنه مما يتّصل بذلك أن اللاجئين الفلسطينيين يكنّون لوطنهم حباً لا يمكن تصوّره أبداً ، إنهم يثيرون انطباعاً مؤدّاه أنهم شعب يضرب بجذوره في الأرض متعلّقاً بكلّ بيتٍ ريفي صغير ، و بكل شجرة برتقال ، و بكل حجر ، فليس الفلسطينيون رعاة لا يعنيهم كثيراً أن يستقرّوا هنا تارة ، و هناك تارة أخرى ، و مع ذلك فأكثر العرب يكتفون في النزاع الفلسطيني ، بالإشارة إلى التراث التاريخي العربي - الإسلامي الذي دام ألفاً و ثلاثمائة عام ، و على أية حال فقد تم تعريب فلسطين في وقت كانت فيه هجرات الشعوب تجري على قدم و ساق ، و لم تكتشف أمريكا إلا بعد ذلك بـ (580) عاماً (20) .


لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير
ولكن قُل : يا هـمّ عندي ربّ كبير :]







؛

يا ريـحة البـلاد يا عطر الفّواح ..غـالي علينا يا تراب بلادنا
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03471 seconds with 10 queries