عرض مشاركة واحدة
قديم 23/10/2007   #5
يعسوب الشامي
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ يعسوب الشامي
يعسوب الشامي is offline
 
نورنا ب:
Sep 2005
مشاركات:
48

افتراضي حزب الأخوان المسلمين السوري ما له وما عليه


نشاة أصولية وتاريخ مبرقع وحاضر متأرجح ومستقبل مجهول


نشأة جماعة الأخوان المسلمين السورية
تتبع الحركات الإسلامية في عمومها من حيث المرجعية لهيئة مركزية واحدة ممثلة بخشص المرشد العام، وبذلك تنتفي صفة الوطنية، وتخدم مشروع الدولة الإسلامية الكبرى ولا تختلف عن شيوعي الأمس ومرجعيتهم الموسقوفية الأممية البروليتارية.
في ظل الاستعمار الفرنسي لسوريا تمفصلت التيارات الوطنية السورية وبعد أخذ ورد ولغط حصل وفاق بين كافة مكونات المجتمع السوري المؤلف من قرابة عشرين تكوين ديني ومذهبي متباين، حضر ليشارك الوليمة المطبوخة شيخ معمم شاب من مصر حاملا معه الدعوة الإخوانية التي تلقاها خلال دراسته في الأزهر علي يدي مرجعها الأول حسن البنا .

مصطفى حسني السباعي (15 ـ 1964):
وظلت الصلة قائمة بين السباعي والبنّا بعد عودته إلى سوريا، ونشط بين المحافظين واستطاع جمعهم تحت لوائه وكانت البذرة التي انتشت (جماعة الإخوان المسلمين) لعموم القطر (ولاية سوريا)، وقد شارك في اجتماع التدشين من مصر سعيد رمضان عام 1942، ثم بعد ثلاث سنوات من المماحكات أي في عام 1945 نصب مصطفى السباعي ليكون أول مراقب عام للإخوان المسلمين في سوريا. وفي عام 1949 انتخب السباعي نائبا عن دمشق في البرلمان، وتسلم كلية الشريعة بدمشق. في عام 1952 حاولت الجماعة فرض سياسة مرجعيتها المركزية على أرض سورية فقامت حكومة أديب الشيشكلي بحل الجماعة وابعاد السباعي إلى لبنان. وترأس الجماعات الأخوانية في البلدان العربية على إثر صدامات المرجعية الأخوانية مع قادة ثورة تموز واعتقال الهضيبي. أصيب مصطفى السباعي في آخر عمره بالفالج وعاش مشلولا ثمان سنوات حتى توفي في تشرين الأول 1964.

ويروي من عرف وزامل مصطفى حسني السباعي أنه كان يبدو هادئا سوى أنه حين يشارك في الحوار خصاميا هائجا يمارس الصراخ كحجة ودليل، وتمثل خطاباته خلال حقبة الأربعينات حجر الأساس للفكر الإخواني التكفيري حيال المسيحيين وكل الأقليات المذهبية والدينية، وكعادة الإخوان والسلفيين كان المرحوم يرفض الحوار بغير ما يؤمن به، وينصرف صامتا غاضبا كاظما. وجدير بالذكر أن الحضور الأخواني التكفيري المفاجيء آنذاك على الساحة السورية لم يكن ذو ثقل فعلي شانه شان الشيوعي الذي فاقه في العديد من جوانبه خصوصا تماشيه مع متطلبات المرحلة واستيعابه لحيثيات الواقع الراهن آنئذ، وكانت المفاهيم السائدة خصوصا في الوسط الثقافي والطلابي متسامية عن الطائفية والمذهبية. إلا أن دور الإخوان انحصر بمناطحة التيار القومي المتصاعد آنذاك. ومرد ذلك في الصراع بين غايات المرجعيتين الوحدوية، وتحصر بنفسها هذا الهم وتوسع دائرته فدائرة دعاة الوحدة الإسلامية تجد في دعاة الوحدة العربية منافسين جديين على المصداقية، وذلك رغم غياب بوادر حقيقية ومقدمات موضوعية لتفعيل الفكرتين وبرهنت التطورات اللاحقة على فشلهم على طول الطريق.
لقد سجلت الجماعة حينذاك أولى الحماقات السياسية بمناطحة الجميع من قوميات وأديان ومذاهب. وبرز ذلك جليا في معارضتهم للوحدة التي شلت مرجعيتهم واصطدموا بالناصرية. وكانت فترة (61 ـ 1963) حربا شعواء حيث كرسوا جبهتهم وحصروها لمقارعة الشارع الناصري المتزايد آنذاك وضد العسكر الانقلابيين خشية ألا يوفقوا بإعادة الوحدة مع مصر مما قد يضع مشروع دولة الخلافة الإسلامية على الرف، وبغية معاكسة وإفشال مثل هذا المخطط وجدوا بغيتهم في أقل الفئات الممثلة برلمانيا وعيا وتنويرا فتحالفوا مع الرموز العشائرية والقبلية والمحافظين والقوى الدينية التقليدية والملاكين حيث تبنوا برامجهم المتمثلة بقضايا آنية بنت الساعة وشكليات سياسية فرسخوا المفهوم القبلي والطائفي من جهة وحاربوا بصلف كل مظهر يعتبر جديد كالإصلاح الزراعي أو تقليم أظافر الأغوات وكبار الملاكين ووشجعوا على القنانة السياسية والاجتماعية. وفي هذه المرحلة بالذات ودّع الأخوانيون العمل السلمي وتوجهوا للبنادق والتدريب على السلاح مما خلق دولة داخل الدولة بغض النظر عن الشكل السابق أو اللاحق للسلطة. وهذا من جانبه شكل ردة فعل لدى التيار القومي المتنامي آنذاك الذي يعتبر نفسه وصيا على العرب، كل العرب، ونشب الصراع تارة معلن وتارة خلف الكواليس مع دعاة حملة راية الإسلام وفرض شكله السني وما سواه مخطيء. الأمر الذي جعل أتباع الطوائف غير السنية الانضمام إلى المسيحيين والبحث دون برمجة مسبقة عن خيمة تناسبهم بين الخيام المنصوبة فكانت خيمة القوميين واليساريين. وبهذا استطاع الأخوانيون تجييش المجتمع دافعين فئاته للإحتراس بمتاريس ضمن الموجود. وهكذا انتفت الممارسة الديمقراطية التي لم تكتمل ولادتها أصلا بعد الجلاء الفرنسي، ويعود الفضل ببروز البعث لاحقا في عباءته التالية لتراكمات الفعل المثبط للمرجعية الأخوانية التي بررت بمقدمات تنظيرية لولادة هذه المرحلة من خلال إبراز مخالبها بوجه الآخر مما عمل على ترسيخ تصنيف (إما مع أو ضد) ولا مكان لدى الطرفين المتصارعين لخيار ثالث. وهو ما نجده ظاهرا حتى اليوم في الخطاب البعثي السلطوي والأخواني على حد سواء. ولا يرون غيرهم على الساحة.



التكفير كمبرر لتغييب الآخر

شكلت هذه المرحلة مقدمة موضوعية لتشجيع ودعم الفكرة الطائفية حيث تخصصت المرجعية الأخوانية بالاستحواذ على حق السنة – كل السنة - دون غيرهم بمقاليد المناصب الحساسة في الدولة وحاربت الدستور العلماني على علاته ونواقصه بشراسة ونحتت الجماعة الفتاوي لزندقة النظام والتي تمثلت في مرحلة تكفيرية (70 ـ 1976) وبلغت ذروتها بمحاربة تنصيب رئيس غير سني. وهذه كانت أنصع تجليات الفرز الجمعي والكتلي الذي ساهم فيه الأخوانيون من حيث يدرون أو لا يدرون، فتجمهر الناس بين موال للتكفير وخائف من التكفير ويندرج تحت الفرقة الثانية كل ما هو علماني التوجه من القوميين واليساريين وأتباع الأقليات القومية والدينية. وحتى الأكراد الذين هم سنة أوجسوا خيفة من المشروع التكفيري ولم يروا مستقبلا لهم فيه ولم ينخرطوا آنذاك فيه وبقوا مخلصين لمرجعيتهم القومية المتمثلة في العراق وبعضها في إيران وانحسبوا كما أراد الأخوانيون لهم على الماركسية – اللينينية بما فيهم أئمة المساجد ورجال الدين.
إبان التمهيد التكفيري وهدر دم واستحلال محرمات المختلف لم يعد صعبا، بل ومتوقعا الانتقال للمرحلة الاستئصالية التصفوية لللخصوم. أي أن الأمر محسوم من حيث التبرير النظري وفقا لقاعدة "قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة"، وهنا تجدر الإشارة إلى أن النظام استغل خوف الشارع العريض من الردح الأخواني على قعقعة سيوف التكفير فتنادى سرا وعلنا وجذب مجيشا كل خائف من الفئات العلمانية وأتباع الطوائف والقوميات وهذا ما يفسر التقارب النسبي للشيوعيين والقوميين المتخاصمين مع البعث أصلا ووقوفهم بصف واحد واستطاع البعثيون أن يقنعوا الجميع تأجيل الخصومات وتأجيل إحلال الديمقراطية حتى الانتهاء من مرحلة ترسيخ مقدماتها النظرية وتجذيرها شعبيا، وطبعا استمروا بالترسيخ لصالحهم ولم يهتموا بوعودهم للحلفاء وربحوا العلمانيين لجانبهم مرحليا حتى استحوذوا على الوطن والمواطن بينما الإصرار الأخواني على المضاددة لم يتغير ولم تقرأ الجماعة الحيثيات ولم تفكر بتكذيب الدعوى البعثية التي بدأت تأخذ شكلا عنصريا ومن ثم شوفينيا في مراحل متقدمة يتحمل وزر زرعها وترسيخها وقوننتها هذا العنت والصلف الأخواني الأصولي. فمارس النظام بحرية الإقصاء وكنس الجيش وكافة المراكز الحساسة ونظفه من غير الموالين وسط موافقة رافضة وتململ خجول متردد من قبل الحلفاء اليساريين والأقليات القومية. وهنا وجدت الطائفية أمثل تجلياتها في مشروع البعث الشمولي الذي تحول تدريجيا إلى حكم الفرد والحاشية من المقربين والمخلصين له من طائفته وتبلور بشكله الحالي.

الاستئصالية الأخوانية:

في مطلع الثمانينات كانت البيادق قد اصطفت في مربعات محددة تمثلت بالقناعة الأخوانية بحمل السلاح وممارسة الإغتيالات في الوقت الذي كان النظام قد جيّر كل القوى المستهدفة من المشروع الأخواني لجانبه مهولا للخطر على أنه مصيري "نكون أو لا نكون" وأجّل معهم الخلافات وتصالح وقتيا وطبخ وصفة الرد العسكري بموافقة محلية عريضة مدعومة بمباركة سوفياتية واصطف الفريقان بانتظار صفارة بدء اللعبة الدامية. وكانت معركة حماة 1982م. ولم يكن صعبا على السلطة التي تملك كل وسائل القوة الرد بأقسى الصور تمثل بتدمير شبه كلي لمدينة حماة وتشريد سكانها وما رافقه من حملات قمع وترويع لكل من يتوسم فيه خصم حالي أو مستقبلي من كافة المحافظات السورية. وهكذا حدث عزوف شعبي عن الأخوان ممزوجا بالخوف ومتأثرا في الدعاية الرسمية والوعيد لمن ينغمس بمشروعهم. وهذا ساهم بإبعاد الشارع السوري عن الدين لئلا يوصم بالقرب من المرجعية الأخوانية أو التعاطي معه لما يحمل من مغية وتنكيل سلطوي. ورغم ذلك لم يسمح النظام لبروز من سانده وبرر لمشروعه تالقمعي للأخوان ولم ترتق طموحات اليساريين والقوميين سوى لعتبة ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية وهي مؤسسة شكلية تدور في فلك البعث وظلت حلما يراود الأكراد الذين تم اسبعادهم وعدم إشراكهم بشيء ينم أو قد يفسر على أنه اعتراف بشكل من أشكال وجودهم. ومع هذا لم يخل الخطاب الأخواني من استهداف للأكراد وهم من أهل السنة والجماعة، فتضمن تبريرا لقتل "العلويين والأكراد" على حد سواء وفا لكتابات وخطابات الثمانينات.
وهنا لابد من تسجيل مفارقة أخوانية وكردية، حيث أوقف الشيخ مصطفى البرزاني عملياته العسكرية ضد الجيش العراقي وأعلن هدنة من طرف واحد أثناء حرب تشرين بين العرب وإسرائيل ليتيح الفرصة لتجليات وطنية ويسجل مصداقية لم يحسبها له ولم ينصفه لا القومي العربي ولا الإسلامي آنذاك لأعتباره مارقا، وهو بنفس الوقت محط لوم ونقد بعض المحللين الكرد باعتباره لم يغتنم فرصة مؤاتية فوتها على شعبه. بينما اختار الأخوان المسلمون السوريون ظرفا اعتبروه مناسبا ومماثلا في حيثياته العامة تمثل بالغزو الإسرائيلي للبنان. بل وأشد ضراوة حيث المعارك دائرة مع القوات اللبنانية. ولا يصعب على متتبع أن المرجعية الأخوانية على عكس الكردية، لم ترفض الدبابة الأمريكية أو الإسرائيلية لتشكل عونا أو سندا ولن يتورع الأخوان باستغلال الفرصة وليس ضروريا أن يسموها قوى محررة حتى تصير كذلك، فخسرت المعركة والشارع بآن واحد.

مهما علا شأنها يفترض أن الإنسان أسمى من البقرة المقدسة
 
 
Page generated in 0.04416 seconds with 10 queries