وانقسمت هذه القيادة، فذهب نفر منها، وعلى رأسهم المفتي، إلى برلين النازية، واعتقلت السلطات آخرين، مثل جمال الحسيني وأمين التميمي، وأبعدتهم إلى روديسيا، وتهاود نفر آخر مع الإمبريالية البريطانية وعادوا إلى البلاد.
وكان الملمح البارز في هذه الفترة أن الحركة القومية العربية كانت هامدة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية.
ومع هذا جرت محاولات بريطانيا للاتصال بالقيادة العربية التقليدية والاتفاق معها على حل للقضية الفلسطينية.
وذكر في هذا الصدد محمد عزة دروزة في كتابة حول الحركة العربية الحديثة أن الكولونيل نيمو كمب البريطاني اتصل في عام 1940 بوزير الخارجية العراقي وعن طريقة بجمال الحسيني وموسى العلمي "وتم الاتفاق خطيا على التعاون في خطة إيجابية على أساس الكتاب الأبيض" على أساس البدء في المرحلة الأولى بإيجاد "مجلس مديرين ثم يسار في المراحل الأخرى على ما جاء ذلك في محاضر مشاورات الوحدة" (المجلد الثالث ص 249).
ولكن إذا كانت القيادة العربية التقليدية قد اتخذت موقفا سلبيا من الحرب المعادية للنازية فقد ظهرت علنا على المسرح السياسي لأول مرة في القطاع العربي حركة شيوعية تحت اسم: عصبة التحرر الوطني، وبدأت تعمل تحت شعارات: تأييد الحرب ضد النازية من ناحية والمطالبة بالحريات الديمقراطية وبالحقوق القومية من ناحية ثانية، وكان برنامجها الجوهري: الاستقلال وإنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية.
حرك نشاط عصبة التحرر الوطني قيادة الحركة القومية التقليدية، وهكذا فما أن جاء عام 1943 حتى كانت بعض الأحزاب القديمة قد نشطت من جديد.
كذلك ظهرت فكرة إقامة لجان قومية في المدن الرئيسية ولكنها في هذه الفترة المبكرة لم تتعد حيفا.
وتحاول المصادر الصهيونية والمحافل الغربية التي تؤيدها عند كتابتها التاريخ تصوير العرب الفلسطينيين وكأنهم أنصار المفتي والنازية، ولكن الوقائع تختلف تماما، وتقرير فلسطين (الذي وضعته بريطانيا) يقرر أن مكانة أنصار المفتي هبطت بين الشعب العربي الفلسطيني بعد فشل ما عرف بثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق في أيار (مايو) 1941 وأصيبت هذه المكانة بنكسة أشد حين فر المفتي، الحاج أمين الحسيني، إلى أقطار محور النازية. (المجلد الأول ص 62).
وانعكس النشاط الاقتصادي الواسع النطاق في المجتمع العربي الفلسطيني في ميدانين: ميدان العمال وميدان البرجوازية العربية، فقد اتسعت صفوف الطبقة العاملة العربية اتساعا لا مثيل له بدخول عشرات ألوف العمال العرب إلى معسكرات الجيش البريطاني للعمل في منشآتها، كما دخل بضعة ألوف أخرى المنشآت العربية التي نمت في ظروف الحرب العالمية الثانية. وأثر هذا التطور في نهوض الحركة النقابية العربية فقام اتحاد نقابات وجمعيات العمال العرب في حيفا من نقابات عمال النفط وغيرها واستأنفت جمعية العمال العربية الفلسطينية عملها بعد الركود الذي أصابها بفعل القمع البريطاني عام 1936.
كذلك انتعشت الصناعة العربية بعد أزمة الإضراب العام وثورة 1936 وبدأت توطد مواقعها القديمة وتنشئ مواقع جديدة.
وكان لا بد من أن يؤثر هذا الوضع في الحركة القومية العربية ويغير شيئا من طابعها خصوصا وأن العمال بدأوا يمارسون نفوذهم في هذه الحركة من مواقع اليسار والوسط.
ونضجت نتيجة هذا كله فكرة تنظيم حزب برجوازي عصري يتبنى برنامجا ديمقراطيا ويستطيع أن يواجه تحديات عالم ما بعد الحرب. وفعلا تنظم هذا الحزب سرا وعرف باسم حزب الشعب وضم في صفوفه البرجوازية وأبناء البرجوازية الصغيرة من أصحاب المهن الحرة وقادة الحركة النقابية الإصلاحية (في جمعية العمال العربية الفلسطينية).
ولكن هذا الحزب لم يمارس نفوذه عمليا لأن صراعا داخليا بين يمينه ويساره عرقل ظهوره خصوصا وأن بعض قادته ترددوا في مواجهة زمرة المفتي التي كانت تحاول اللجوء إلى الاغتيال لوقف تنظيم القوى السياسية خارج إطارها.
ولم يكن من الممكن أن تبقى فلسطين في عزلة عن أحداث المشرق العربي ومن أبرزها إعلان استقلال سوريا ولبنان بعد دخول القوات الحليفة هذين القطرين وتقدم فكرة الوحدة العربية وحركتها لتحتل مكان الصدارة. وحاولت بريطانيا ركوب الموجة خوفا من أن يسبقها إليها النازيون ولذلك صرح وزير الخارجية البريطاني عند نهاية ثورة رشيد عالي الكيلاني أن حكومته تعطف على أماني
تباً إننا جيل كامل من الانتظار .. متى نفرغ من الصبر .. و من مضغ الهواء ..
اتعرى من الجميع كي أجدني,,,,
فأضيع !!!!
حاولتُ أن أغرق أحزاني في الكحول، لكنها، تلك اللعينة، تعلَّمَت كيف تسبح!
|