ليس جزء منه
أبو مريم المحترم
بالنسبة لسؤالك جوابه هكذا :
التثليث في المسيحية هو : إله واحد في ثلاثة أقانيم متساوية في الجوهر والذات الإلهية والقدرة والقوة والأزلية والمجد ... إلخ من صفات الله عز وجل . وهذا ما نبدأ به صلواتنا " بسم الآب والإبن والروح القدس , الإله الواحد آمين " الواضح أننا ندعوهم الإله الواحد وليس الآلهة الثلاثة .
الذي حدث يوم أن قبل يسوع المسيح المعمودية ( تواضعاً منه ) من يوحنا المعمدان ( النبي يحيى في الإسلام ) في نهر الأردن وهو خارج من الماء حدث تجلي ( إعلان و بيان ) هذه الحقيقة أي الإله المثلث الأقانيم , حيث يروي الإنجيل أن الروح القدس ( الأقنوم الثالث ) حل بهيئة حمامة ( منظورة ) على الإنسان يسوع الموجود على الأرض وجاء صوت الآب ( الأقنوم الأول ) معلناً أن يسوع هذا الذي تراه يا يوحنا إنساناً بسيطاً متواضعاً يأتي إليك وأنت العبد ليقبل معموديتك التي كنت تعد بها الناس للتوبة وقبول المسيا المنتظر , هذا هو ابني الحبيب وبه سررت أي فيه تتم مشيئتي ومسرتي "
لم يرَ الناس هذا بل رآه يوحنا المعمدان وعندها قال لتلاميذه وأتباعه " هذا هو حمل الله " و " اتبعوه " و " هذا ينبغي له ان يزيد وأنا يجب لي أن أنقص " ... الخ
لم يرَ الناس هذا لأنه كان يجب أن يتمم المسيح عمله حتى الصليب
وهذا الصوت السماوي عاد فتكرر يوم انفرد يسوع بثلاثة من تلاميذه ( يوحنا كاتب الإنجيل الرابع ) وبطرس ويعقوب على حبل ثابور وتجلى أمامهم وأظهر نوره الإلهي الأزلي فسقطوا أمامه على وجوههم إذ لم يحتملوا النظر أليه وقد صار وجهه كالشمس وثيابه كالثلج وسمعوا نفس الصوت ونفس العبارة .
وعيد معمودية الرب يسوع من يوحنا المعمدان تعيد له الكنيسة في 6 كانون الثاني عموماً ويسمى عيد الظهور الإلهي لأنه أول ظهور مذكور للأقانيم الثلاثة ( الإله الواحد ) في العهد الجديد .
أما في استفسارك كيف يكلم الله جزءاً منه فهو ناتج عن عدم إدراك لما تقوله الكنيسة عن إيمانها بحقيقة الثالوث : الإله واحد لا يتجزأ ولم يكن في زمن ما موجوداً على الرض وناقصاً في السماء وما شابه ... بل هو دائماً موجود في كل مكان
والمسألة هنا واضحة الأقنوم الثاني كان في الماء بجسده الذي اقتبله ليصير إنساناً والأقنوم الثالث يحل عليه بهيئة منظورة ليراها يوحنا ولكنه يحل فعلاً فيه ويملؤه كما يقول بولس الرسول " وفيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً "
وبهذا يكون هو هو على الأرض منظوراً لأنه اقتبل جسداً نراه ويشابهنا فيما عدا الخطيئة ولكنه في كل لحظة كان هو الإبن المولود من الآب والذي به تتم مشيئة الآب في مصالحة وخلاص البشر بيسوع المسيح ابنه ( كلمته ) المتجسد
الأقانيم الثلاثة متساوية وواحدة ومتحدة ولكنها غير متمازجة ولا يذوب أحدها في الآخر ولا ينقص أحدها عن الآخرين .
أعرف أن الكلام بالغ الصعوبة ونحن نقبله بالإيمان ولكن هناك حدود للدخول وتحليل الذات اإلهية هي الحدود التي لا يتجاوزها العقل البشري المحدود والذي لا يحيط بالإله غير المحدود
هذا ما أستطيع إفادتك به الآن مع إدراكي المسبق لمدى صعوبته على قلب بشر وقلت نحن نفبله بالإيمان الذي هو اليقين بما لا يرى . والله لم يره أحد أبداً - كما يقول القديس يوحنا الإنجيلي وتلميذ المسيح - وحده الإبن الذي في حضن الآب قبل الدهور أخبر عنه
|