* العلاقات مع تونس جيدة... وتجربة تونس رائدة
* سؤال: بالنسبة إلى العلاقات السورية ـ التونسية، ما هي مجالات تطويرها وتفعيلها خدمة لمصالح الشعبين الشقيقين؟
ـ السيد الرئيس: طبعاً خلال زيارتي الأولى لتونس ولقائي مع الرئيس زين العابدين بن علي، تحدثنا في ذلك الوقت عن هذه العلاقات بشكل موسع. بالنسبة لنا في سورية ننظر إلى التجربة التونسية كنموذج للتطور الداخلي في دولة عربية بشكله الأفضل، لأني أعتقد أن التجربة التونسية هي أنجح تجربة عربية حتى الآن وهذه التجربة ننظر إليها منذ قرابة عقدين من الزمن في التطوير الداخلي،
طلبت في ذلك الوقت من أخي الرئيس زين العابدين بن علي أن تقدم تونس ما تستطيع من أجل إغناء التجربة في سورية فقال كل التجربة التونسية تحت تصرف الإخوة في سورية من دون أي استثناء ودون أي تردد. وفعلاً منذ ذلك الوقت، بدأنا في سورية عندما نصل إلى مفاصل صعبة في عملية التطوير نرسل وفوداً إلى تونس لكي تلتقي بالمسؤولين التونسيين للاستفادة من التجربة.
هذا كان جانبا مهما جداً. الجانب الآخر، خاصة في السنتين الأخيرتين، كان هناك تطور جيد من خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة بشكل منتظم والشيء الإيجابي أن هذه اللجان في بداية اجتماعاتها، كانت تركز على القوانين والجوانب الأقل عملية في التطوير. تعلمنا من أخطائنا في هذا الجانب، وبدأنا نتحدث عن القضايا العملية، فبدأت النقاشات الآن في السنتين الأخيرتين تأخذ طابعاً عملياً واقعياً، لماذا لم يتحقق تطوير العلاقات بالشكل الذي كان متوقعاً؟ لماذا لم يزدد التبادل التجاري؟ وغيرها من الأسئلة الهامة. الآن بدأت هذه الأمور تنعكس على الواقع بشكل إيجابي،
مع ذلك أقول أن العلاقات العربية ـ العربية بشكل عام مازالت ضعيفة، لو قارنّا علاقة سورية بأوروبا وعلاقة تونس بأوروبا، ولو قارنا علاقة أي دولة عربية بأوروبا، أو ربما بآسيا، فسترى أنها أفضل بكثير من العلاقة العربية ـ العربية. لابد من تحسين التجارة البينية، السياحة، لابد أن نصل في المستقبل إلى اتفاقات ترتبط بموضوع العمالة. الآن هناك تبادل للبضائع من خلال كسر الحدود الجمركية، وهذا ما يسمى السوق العربية المشتركة،
ولكن لا تستطيع أن تتحدث عن البضائع ومازالت هناك حواجز بين البشر، والتجربة الأوروبية خير دليل، فلابد أن نجد حلاً لهذه النقطة، ولنبدأ بتأشيرات الدخول، لابد من تخفيض القيود على تأشيرات الدخول بين الدول العربية، وهذا ما يجب أن يكون في المرحلة المقبلة، عندها نستطيع أن نتحدث عن إقلاع أكبر في هذه العلاقة.
بنفس الوقت، هناك تواصل سياسي جيد بين البلدين، وظهر هذا التواصل والتعاون بشكل خاص قبل القمة العربية التي انعقدت في تونس في عام 2004، وأذكر تماماً عندما حصل لغط حول القمة التي أُجِّلت والقمة الثانية وحاول البعض أن يصطاد في الماء العكر، ويشير بإصبع الاتهام إلى دور تونس في الساحة العربية، وأنا تحدثت عندها مع أخي الرئيس زين العابدين بن علي في هذا الإطار بالتفاصيل، ونسّقنا من أجل نجاح القمة، وكانت القمة ناجحة، وأعتقد بأنها كانت منطلقاً سياسياً مهماً للتعاون بين سورية وتونس، ولاحظنا التقدير التونسي الكبير، وخاصة من قبل أعلى قمة الهرم من الأخ الرئيس مباشرة للدور السوري في نجاح تلك القمة.
* سؤال: سيدي الرئيس، ما هي الانطباعات التي تحملونها عن زيارتكم لتونس؟
ـ السيد الرئيس: في الحقيقة، كانت تلك الزيارة هي زيارتي الأولى لتونس، أقول ذلك مع كل أسف، لأنه من المفروض عليّ كمواطن عربي أن أعرف الدول العربية، وأنا مع كل أسف، كانت تلك هي زيارتي الرسمية الأولى الرسمية، أيضاً مع كل أسف، فإن الزيارات الرسمية تطغى عليها الترتيبات الرسمية ويفقد الإنسان الفرصة لكي يرى الجانب الشعبي الحقيقي في كل بلد،
ولكن كان واضحاً من خلال لقاءاتي المحدودة خلال يومين فقط، النهضة التونسية، وواضح تماماً مدى اندماج المواطن التونسي في عملية التطوير، هذا واضح تماماً، تراه في السيارة، في حواراتك السريعة مع كل من تلتقيه، لكن مع ذلك، أقول، إن ما ينقص هذه الزيارة هو رؤية الشارع التونسي بدون ترتيبات مسبقة، هذا ما سأحرص عليه، وإن شاء الله، لابد أن يكون هناك زيارة مقبلة لتونس.
* سؤال: ستكونون موضع ترحيب وتبجيل كبيرين إن شاء الله. سيادة الرئيس، تحدثتم عن التطوير والتحديث، ونحن نعرف دوركم في مباشرة مسيرة التطوير والتحديث في سورية. لو تحدثونا عن أهم محطات ومرتكزات هذا المسار؟
ـ السيد الرئيس: طبعاً المحطات والالتزامات هي في كل المجالات، ولكن عليك طبعاً أن تضع أولويات، لدينا في سورية تراكمات كثيرة. نحن انتقلنا من الاحتلال الفرنسي إلى الانقلابات، ومن الانقلابات إلى التهديدات والحروب، أي أننا نعيش ظروفا خاصة. عندما وصلت إلى موقعي الحالي، كان هناك أولويات لابد من وضعها، على ماذا اعتمدت هذه الأولويات؟ اعتمدت أولاً على مدى حاجة المواطن السوري بالنسبة لحاجاته الأكثر إلحاحاً أولاً.
وثانياً، على مدى إمكانية التقدم في مسار قبل مسار آخر، المسار الذي أستطيع أن أتقدم به بسرعة عليَّ أن أعطيه أولوية على مسارٍ فيه عقبات كثيرة، فوصلنا لأولويات،
الأولوية الأولى هي الأولوية الاقتصادية، لاشك بأنه لدينا معاناة اقتصادية كبيرة في سورية، هي موجودة دائماً نتيجة ظروفنا السياسية، ولكن مع تزايد عدد السكان ومع تزايد حاجة الشباب لفرص عمل، تزداد هذه الحاجات الملحة، فكانت الأولوية اقتصادية لتحسين المستوى المعاشي للمواطنين، من خلال دور الدولة أو من خلال دور القطاع الخاص.
الأولوية الثانية هي الأولوية السياسية، وهي المرتبطة بقوانين الأحزاب وبقوانين الانتخاب، خاصة انتخابات مجلس الشعب وانتخابات الإدارة المحلية. الأولويات الأخرى تأتي بأهمية أقل، بدأنا بهذه العملية، طبعاً مع مجيئنا للرئاسة بدأت الانتفاضة في فلسطين المحتلة، وبدأت الضغوط على سورية من خلال وقوفها مع الانتفاضة ومع المقاومة الفلسطينية، أتى 11 سبتبمر في نيويورك وما دفعه العرب من ثمن لأحداث سبتمبر ، وبدأ الانهيار العربي في الحقيقة بعد هذه المحطة، وليس مؤخراً، مع أن البعض يقول أنه مؤخراً، أتى غزو العراق، وهنا بدأ الضغط المباشر وبشكل كبير على سورية، وأتت نتائج هذا الاحتلال من زيادة التطرف ومن بدء العمليات الإرهابية التي اختفت في سورية لعقود وبدأت تظهر منذ حوالي ثلاث سنوات على خلفية غزو العراق،
فأصبحت الأولوية أيضاً بالنسبة لنا هي الحفاظ على الاستقرار في سورية، وتقدمت لتصبح الأولوية الأولى، وأصبحت الأولوية الاقتصادية رقم (2) وأصبحت الأولوية السياسية هي رقم ثلاثة، كيف يمكن أن تحقق اقتصاداً جيداً من دون استقرار، طبعاً بالمقابل ما الذي حققناه خلال هذه الفترة ضمن هذه الأولويات، الاقتصاد السوري، النمو كان حوالي أقل من 1 عام 2000 أصبح في عام 2006، أي في العام الماضي حوالي 6.1 بالرغم من الظروف السياسية.
في الجانب السياسي، طبعاً كان السير أقل نتيجة العقبات الأكثر ونتيجة الضغوط على سورية ومحاولات اللعب في الداخل السوري، كان من المفترض، ونحن أخذنا القرار بتطوير قانون الأحزاب في عام 2005، الحقيقة اضطررنا لتأجيله، في عام 2005 كنا في ذروة المعركة مع قضية اغتيال الحريري، ومع الخروج من لبنان، ومع بدء التحقيق والمحكمة الدولية، وكل هذه الأمور، في الحقيقة أجّلنا كل شيء آخر حتى ربما العمل الاقتصادي كان نوعاً ما هامشياً بالنسبة لنا في تلك المرحلة، الآن في خطاب القسم الأخير، أعدت طرح هذه الأمور، وجدنا أنه في الإطار السياسي، طبعاً المبدأ العام هو توسيع المشاركة، ولكن لاحظنا أن الشيء الأسرع والذي كان هناك إصرار وحماس بالنسبة للناس فيه، هو توسيع المشاركة من خلال مجلس جديد،
البعض كان يتحدث عن توسيع مجلس الشعب، البعض تحدث عن مجلس آخر هو كمجلس شورى أو شيوخ، الآن ندرس هذه الفكرة. قلنا ربما في العام 2008 نبدأ في دراسة هذه الفكرة بشكل أساسي، طبعاً قلت أنا في خطابي وكنت واضحاً وشفافاً، قلت الآن بما معناه، أنه يجب أن لا تتوقعوا شيئاً في الأشهر المقبلة، لأن هذه الأشهر هي أشهر مصيرية بالنسبة لنا، هذه أشهر حاسمة ربما حتى بداية العام المقبل أو الأشهر الأولى القليلة منه، وطبعاً سنكون منشغلين بالتحضير للقمة العربية، ستكون هذه شهورا مصيرية،
بعد القمة العربية وإن شاء الله مع تجاوز كل الألغام التي نفترض أنها موجودة وربما لا تكون موجودة، ونتمنى أن لا تكون موجودة، عندها سيكون هناك عمل جدي على الوضع الداخلي، سيكون هناك متسع من الوقت ومن المزاج الشعبي. الآن الكل منشغل حول العدوان الإسرائيلي، طبعاً أنا قلت المرحلة خطيرة مباشرة بعد أقل من أسبوعين أعلنت الولايات المتحدة عن منح صفقات بـ 30 مليار دولار لتسليح المنطقة، بعدها بأسابيع أخرى حصل العدوان الإسرائيلي. هذا يثبت هذا الشيء. إن شاء الله بعد القمة العربية سيكون لدينا متسع من الوقت للحديث في كل هذه الأمور. هذا ما حققناه، وهذا ما لم نحققه في المرحلة الماضية، وكان يجب علينا أن نحققه، ولكن ظروفنا منعتنا وإن شاء الله في المرحلة المقبلة، سنحقق ذلك.
* سؤال: سيادة الرئيس، أخيرا، حين تنظرون إلى المشهد العربي بصفة عامة، كيف تتوقعون المستقبل العربي؟
ـ السيد الرئيس: والله أقول إن الوضع الشعبي الآن أفضل من قبل، بعكس الوضع الحكومي أو الوضع على مستويات الحكومات أو الدول، الذي هو أسوأ من قبل. فالوضع الشعبي يبقى هو الأساس،
عندما نفقد تواصلنا مع شعوبنا، بمعنى أننا لا نتبنى سياسات هذه الشعوب، يصبح لا قيمة للوجود، فأنا متفائل بالجانب الأول، لأن الوضع الشعبي سيفرض علينا كحكومات أن نعود لكي نلتقي. هذا أولاً. ثانياً، لا نستطيع أن نضع الإطار الحكومي في الإطار الأسود الحالك، هذا كلام غير واقعي أيضاً، هناك أشياء إيجابية تحصل، بمعنى أنه عندما نتحدث عن جوانب التعاون الأخرى الاقتصادية، فهي جيدة تتحسن، عندما نتحدث عن إطار التعاون السياسي والتنسيق، فهناك نوع من التنسيق موجود، ولكن هناك فوارق بين الدول،
هناك دول ستشاركك الرأي السياسي، هناك دول تقوم معك بتنفيذ خطة سياسية، وطبعاً هي الأقل، هناك دول لا تهتم وهناك دول ربما تصطاد، هناك مسؤولون يصطادون في الماء العكر، لدينا كل هذه الجوانب من الأبيض إلى الأسود، فأنا لا أستطيع أن أقول أن الوضع العربي هو أسود بشكل كامل، لذلك يبقى هناك نوع من الأمل. الأحداث التي تحصل تثبت أن الخلافات ستنعكس علينا، وما يجعلني أتفاءل هو أنه سيأتي يوم نصل كلنا لهذه القناعة ونضطر شئنا أم أبينا لكي نعود ونلتقي، وعندها سنكون أيضاً في حالة التقاء مع شعوبنا، فهذا ما يجعلني أتفاءل رغم أنه تفاؤل حذر، ولو أنه تفاؤل دون معطيات واضحة متى وكيف، ربما يكون الجواب صعبا لكن بالعنوان العريض أستطيع أن أقول بأن هناك شيئاً من الأمل، ومن دون هذا الأمل سنتوقف عن العمل، إذا فقدنا الأمل بالوضع العربي فسنعمل مع أي دولة أخرى غير عربية ونبتعد تماماً عن الساحة العربية وهذا شيء خطير، لذلك يجب أن يبقى نوع من الأمل ونوع من التفاؤل. هذه نظرة واقعية قدر الإمكان على ما أعتقد.
طـــاب المجوز دكلُو يا بو عبـــود.............ماحلا رقص الحجية وتهز نهـــود
..<< لمن تشتكي حبة القمح اذا كان القاضي دجاجة >>..
"We ask the Syrian government to stop banning Akhawia"
|