عرض مشاركة واحدة
قديم 11/10/2007   #4
شب و شيخ الشباب الأندلسي
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ الأندلسي
الأندلسي is offline
 
نورنا ب:
Nov 2006
مشاركات:
526

إرسال خطاب Yahoo إلى الأندلسي
افتراضي


عاد عبد الله قبرصي، يوم امس، إلى بلدته ددة في قضاء الكورة ليستريح في ثراها بعد رحلة طويلة من العمر استمرت لنحو قرن من النضال في العمل الوطني والقومي، كان خلالها من مؤسسي الحزب السوري القومي الاجتماعي الى جانب الزعيم أنطون سعادة، وفي مجالات السياسة والفكر والادب والثقافة والشعر الذي عبر من خلاله عن ثورته ومفاهيمه القومية، فشكلت كتابته وقصائده حافزاً دائماً لكل المناضلين القوميين داخل الحزب وخارجه.


كان جاري في السكن في محلة المصيطبة ببيروت. بقينا مدة من الزمن متجاورين متقاربين. وكنّا نتلاقى بين الحين والحين كلما سمحت لنا الظروف بذلك. ولكن عندما اصبح مسكنه ـ منذ ثلاث سنوات ـ في تلة الخياط لم اعد أراه ولا اسمع صوته إلا عبر الهاتف الذي كان صلة الوصل الوحيدة بيني وبينه.
قال لي مرة بنبرة مؤثرة: «قررت ان اموت على ظهر حصاني لا تحت حوافره».
كم كان هذا الرجل معتدا بنفسه فخوراً بما يختلج في صدره من آراء... وبما تنطوي عليه جوانحه من أفكار. احببته لأنه كان رجلاً مفكراً صاحب ذاكرة قوية جداً... يتذكر الكبيرة والصغيرة. حوادث كثيرة غابرة يذكرها بتفاصيلها ويذكر أسبابها ومسبباتها. كان رجل الساعة بلا منازع في وقت من الأوقات.
لم يكن محامياً لامعاً فحــسب، بل هو أديب كبير من أدباء العربية بلا منازع. كان ممـيزاً بين المميزين، ومفكراً سياسياً محنكاً. انه شاعر ملهم نذر شعره في سبيل القضـية القومية التي عدّها من اولى القضـايا الواجب الاهــتمام بها ورعايتها... والتي ناضل من أجلها طوال نصف قرن من الزمان.
قال لي مرة ايضا بتأثر بالغ: ـ ألا تعلم يا صديقي نجيب ان الإنسان لا يموت الا اذا أراد ان يموت؟
فهل أراد عبد الله ان يموت بعد ان ادى رسالته خير أداء؟
ذلل عبد الله العقبات التي اعترضته في ايام شبابه، والمصاعب التي صادفها بعد وفاة والده ووالدته... فانتقل الى كنف العمومة. وعندما بلغ السادسة من عمره، تحــركت غيرة آل قبرصي من آل الزاخم بســببه، فسلــخوه عنهم واخــذوه عنوة بفعل القـانون. ولو ترك له أمر تقرير مصيره لما كان ليتخلى عن جده وجــدته وخاله حنّا الزاخم.
وصادف عبد الله بعد ذلك في حياته شظف العيش وهو في هذه السن الصغيرة يسوق بقرة حلوباً ورأسين من الماعز والغنم... متحملاً المسؤولية التي ينوء بها عوده الطري، يمشي وحيداً في وجه العواصف وتحت وابل المطر يقاسي البرد والصقيع والجوع احياناً... فما ونى ولا تأفف... وقام بالعمل الموكل إليه خير قيام.
وكان أبرز ما أسداه إليه عمه ديب من خدمة انه حبّب إليه العلم، وكذلك فعل خاله حنّا يعقوب الزاخم. وعندما رحل المعلم الياس الذي كان يتعهده واقفلت المدرسة الرسمية أبوابها في القرية، أرسله عمه الى بيترومين ليدخل مدرسة ياسين الحاج حيث درس مدة، ثم انتقل الى مدرسة اخرى تقع بين بيترومين ودده، ثم الى مدرسة الخوري يوسف في برسا، ومنها انتقل الى مدرسة القلمون ثم الى دير البلمند ومن ثم الى مدرسة الصفاء في كنف الشاعر نعمان نصر... وكانت هذه المدرسة مختلطة فيها الصبيان والبنات يجلسون في قاعة واحدة.
وفي هذه المدرسة تعرّف قبرصي الى الشاعر فؤاد سليمان حيث توطدت الصداقة بينهما وهو ابن الرابعة عشرة من عمره. وانتقل من ثم الى مدرسة الفرير في طرابلس في شهر كانون الثاني ,1924 حيث تعرّف الى شخصيات سياسية وأدبية مثل: عبد الحميد كرامي ولطف الله خلاط والشاعر سابا زريق والمطران انطون عريضة وسليم جحا وموريس سرحان وغيرهم.
نال عبد الله اجازة الحقوق من الجامعة اليسوعية في 18 تشرين الثاني ,,.1932 وعمل في مكتب المحاميين ابراهيم وفهيم الخوري... وبعد ثلاث سنوات تزوّج جورجيت بربر في 24 كانون الاول سنة .1935
كان عصامياً من الدرجة الاولى، وان كنت قد اختلفت معه في بعض الامور، او اتفقت معه في بعض منها، رجل كبير يصح ان نقول فيه انه كان إنساناً خلاقاً نموذجياً، نفتخر بصداقته.
نجيب البعيني


رب صن سوريا
 
 
Page generated in 0.03336 seconds with 10 queries