عرض مشاركة واحدة
قديم 03/07/2005   #7
شب و شيخ الشباب Syria Man
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Syria Man
Syria Man is offline
 
نورنا ب:
May 2005
المطرح:
بين الزحام أدوب ...................... وارحل بين الدروب
مشاركات:
5,240

إرسال خطاب MSN إلى Syria Man إرسال خطاب Yahoo إلى Syria Man
افتراضي


إن القول: فَاعْبُدُوهُ يحمل في طياته معنى الاستعباد. فالعبادة في الإسلام تعني: أنا مُلكٌ لربي، وهو مالكي، ويمكنه أن يصنع بي ما يشاء. أنا مستعد أن أعبده وأكون عبداً له بدون نهاية. فتربّي العبادة الإسلامية المسلم دائماً للخضوع لله كخضوع العبيد لسادتهم. وجعل محمدٌ المسيح يطلب هذا الاستسلام لله من جميع أتباعه، كي يضمن عبادتهم لله كالعبيد فيصبحون تلقائياً مسلمين أتقياء.

هذا هو الصراط المستقيم الذي تفتقت عنه قريحة محمد، بعد ما رفض صراط اليهود الأصلي. يصلي المسلمون في خاتمة الفاتحة أن لا يهديهم الله صراط اليهود، لأن غضب الله حال عليهم سورة الفاتحة 1: 7. وأراد محمد أيضاً أن يجعل صراطه الخاص متميزاً عن صراط النصارى، الذين اعتبرهم ضالّين، يتيهون يائسين عطشى في قفر بلا ماء، يهذون ويتخيلون ويرون سراباً ثلاثة آلهة بدلاً من الواحد ويظنون أنّ واحداً منهم قد صُلب سورة الفاتحة 1: 7 51/1.

51/1 - البخاري، تفسير سورة الفاتحة 1: 7

ربما كان محمد قد رأى الطرق الرومانية المُعبَّدة فأراد أن يستعملها في صورة بيانية لوصف الإسلام. إن كلمة صراط كلمة معرّبة من اللغة الرومانية وتعني الشوارع العريضة المبلطة المؤدية للهدف حتماً. وعندما قارن محمد هذه الطرق المعبَّدة بالوعر الرملي في بلده أبصر في الصراط الرمز الذي يعبّر مثالياً عن دينه. يفسّر المسلمون اليوم، الشريعة صراطاً مستقيماً يهديهم إلى الجنة. ولكن الكتاب المقدس يناقض هذا الظن المضلّ، فلا يستطيع أحد أن يطيع ويتمم الشريعة تماماً، وكل من يبني آماله على الشريعة تحكم الشريعة عليه بالهلاك حتماً متى 7: 13 و14.

وبهذا الخطاب صوَّر محمد المسيح إماماً مسلماً يأمر أتباعه وخاصة نصارى نجران أن يطيعوه ويعتنقوا الإسلام فوراً. ولكن نصارى نجران ترددوا في قبول دعوة محمد لأنهم أدركوا المتناقضات في الإسلام وشعروا بالاختلاف بين روح المسيح وروح محمد، فحذَّرهم محمد من أن يلقوا نفس مصير اليهود الذين كفروا بالمسيح، الذين دعاهم المسيح أن يصيروا تلاميذه ويهجروا جمهور اليهود المتمردين ليتبعوه في الصراط المستقيم ويعتنقوا الإسلام.-6إِعْتِرَافُ رُسُل الْمَسِيح وصلاتهم

يقول القرآن إن المسيح وجَّه خطابه إلى بني إسرائيل أولاً. وكان قد حاول إقناعهم بمعجزات باهرة، وحذَّرهم من عاقبة بخلهم، وحاول تطوير الشريعة الإلهية ليُهوِّن عليهم حياتهم، وطالبهم بخوف الله وبطاعته. وذلك هو الصراط المستقيم في رأي القرآن! ولكن الأغلبية الساحقة من اليهود لم تستجب لدعواه، بل قسَّوا قلوبهم تجاه الإنجيل وكرهوا المسيح لذيوع صيته وشهرته.

وتدل الآية 52 على أنّ المسيح قد أدرك كفر اليهود المتزايد به، فتحداهم على الملأ: «مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ؟». وكان المسيح قد لاحظ أن الكثيرين من اليهود منصرفون عنه غير مؤمنين به، غير راغبين في إقامة صلة روحية بينهم وبينه وغير مستعدين لطاعة أوامره. وكان أغلبهم يتبعه من أجل معجزاته. وفي إنجيل المسيح بحسب يوحنا 6: 66-71 نقرأ بكل وضوح عن نقطة التحول المصيرية في حياة المسيح عندما تركه السواد الأعظم من أتباعه. ففجأةً رأى نفسه مع بضعة تلاميذه الأوفياء. وطردته السلطات اليهودية التي أرادت اغتياله بالخفية يوحنا 5: 16-21< 8: 37-40< 11: 53-54< متى 16: 13-23.

انتبه محمد باليقظة لهذه الحقيقة المؤلمة. فقد مرّ وقت على المسيح وصل فيه عدد أتباعه للذروة، ولكن حينما اندلع الاضطهاد تركوه أجمعين إلا التلاميذ الاثني عشر. فكيف تناول محمد هذا التغيُّر الانقلابي في حياة المسيح؟ يذكر القرآن أن المسيح استنفر أتباعه الباقين بطريقة إسلامية بأن سألهم: «من أنصاري؟». وكلمة أنصار لها معانٍ عِدَّة: فهي تعني هؤلاء الذين يعينون المرء في الحياة الاجتماعية في أوقات حرجة، وتعني أيضاً الذين يجاهدون في سبيل الله ويقاتلون بشجاعة حتى الانتصار. وزعم محمد أن المسيح كان يواجه بقية أتباعه وحرّضهم للقتال بالسلاح لحفظ سلامته وفي سبيل الله.

«52 فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 53 رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 54 وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» سورة آل عمران 3: 52-54.

نقرأ في هذه الآيات اعتراف رسل المسيح كما تصوره محمد، هادفاً من ورائه إقناع وفد نصارى نجران بأنه يمكنهم هم أيضاً اعتبار أنفسهم مسلمين دون حرج أو تردد. وبهذا صاغ محمد قانون إيمان الرسل من وجهة نظر إسلامية. ففي هذا القانون قدَّم الحواريون أنفسهم وأجسادهم وأموالهم للمسيح عاطفياً، بوصفهم أنصار الله. وهذا اللقب هو أحد الأسماء أو الألقاب الستة التي تسمَّى بها تلاميذ المسيح في هذا الاعتراف المُقتَضَب والصلاة التي تَلَتْه. فأدرك محمد أنّ للمسيح أنواعاً مختلفة من الأتباع. فالنوع الأول هم الحواريون الطلاب المستعدون للاستماع والدراسة. ولم يكونوا على يقين تام بعد بماذا سيؤمنون به وماذا يفعلونه، لكنهم كانوا متصارحين مع معلمهم.. فبجَّلوه وأُعجِبوا به وأحبوه. أما الفئة الثانية فهم الأنصار المتعاونون أو المقاتلون المدركون قدرة معلِّمهم غير المحدودة، فكانوا على استعداد أن يقاتلوا من أجله، حتى وإن لم يفهموه تماماً. لا يترددون في بذل وقتهم وتضحية مالهم في سبيله، لا بل والاستعداد للجهاد من أجل إرساء ملكوت الله وتثبيته. هم كانوا متأهبين للقتال في سبيل الله بغض النظر عن التكلفة.. كما فعل بطرس. ثم أقروا بأنهم مؤمنون بالله ومرتبطون به برباط إخلاصهم الدائم. قد آمنوا به وبوحيه وفهموا ما أرادهم أن يفعلوا وما لم يُرِد أن يفعلوا.. بحسب شريعته. وأخيراً، اعترف الحواريون بأنهم مسلمون، بمعنى أنهم أسلموا حياتهم لله أو خضعوا له. وهذا الإسلام الأساسي يشمل إبراهيم سورة آل عمران 3: 67، وموسى، والمسيح ورسله.

هذا هو المفهوم الإسلامي للتقدم التدريجي في حياة التقوى: أولاً: طُلاّب، ثم أنصار مقاتلون، وبعد ذلك مؤمنون، وأخيراً مسلمون! فلا يتعجب أحد إذا ظن المسلمون أن النصارى يقاتلون لأجل إيمانهم. ففي عام 1981 تم اعتقال بطريرك الكنيسة القبطية بمصر، مع ثمانية من أساقفته وخمسين كاهناً لعدة أشهر لمجرد ادعاء المسلمين أنهم حاولوا تأسيس دويلة مسيحية في مصر الإسلامية، أو لأنهم تدخلوا في مسائل سياسية خطيرة. يظن المسلمون في جميع أنحاء العالم الإسلامي أن المسيحيين سيقتنصون كل الفرص السانحة للاستيلاء على الحكم واستبدال الشريعة الإسلامية بحقوق إنسانية ومسيحية. إنهم يعتقدون أن هدفهم الأسمى هو تشكيل دولة مسيحية< وبسبب هذا الوهم تجد أن المسلمين دائماً يشعرون بأن المواطنين المسيحيين والمبشرين الأجانب لا يشغلهم من وراء خدماتهم هدف ديني فحسب، بل يهدفون أولاً إلى قلب السياسة القائمة. فينظرون إلى المسيحية من خلال نظرتهم الإسلامية فيرون أن النصارى يسعون إلى تأسيس دولة دينية.. تماماً كما يفعل المسلمون.

دعا محمد تلاميذ المسيح «مسلمين» ليساعد الوفد النصراني على اعتناق العقيدة الإسلامية بأكثر هِمةٍ. يا لها من مناورة ماكرة! فقد تلاعب بالمعنى الروحي للكلام إذ قال إن كل من أسلم لله فهو قد دخل الإسلام بالفعل. مع العلم أنّ محمداً لم يشأ أن يعتنقوا إسلاماً روحياً فقط، إنما توقع استسلاماً إضافياً لقيادته. فأراد أن يدفع الأسقف وكنيسته إلى قبوله كسفير الله، والخضوع غير المشروط لشريعته بواسطة هذه الإشارة إلى أن جميع رسل المسيح كانوا بالفعل مسلمين!

بوعد اعتراف قانون الإيمان الرسولي المزعوم نقرأ خلاصة الصلاة الرسولية المُخلِصة في الآية 52:

«رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ» سورة آل عمران 3: 53.

لم يكن القرآن موجوداً في عصر الرسل بعد، إنما كان معهم فقط التوراة، والزبور، والحكمة، والأنبياء، والإنجيل. فالقرآن يثبت بهذا البيان عصمة العهدين القديم والجديد ويبرز أنّهما موحى بهما من الله. ويعلق محمد بحسب هذه الصلاة الواردة في القرآن بأن تلاميذ المسيح مسلمون مخلصون لأنهم آمنوا بالكتاب المقدس! وهذه ألعوبة بارعة لإدخال أتباع المسيح في الإسلام بغرس فكرة أنهم كانوا مسلمين من قبل طالما أنهم يؤمنون بالكتاب المقدس. حينئذٍ لا يحتاجون أن يدخلوا الإسلام.. فهم بالفعل مسلمون ولا يدركون!

كل من يقارن صلاة رسل المسيح المدونة في القرآن بالابتهالات الرسولية الحقيقية مثلما وردت في رسالة بولس الرسول إلى أفسس 3: 14-21 يستطيع أن يفهم الفرق الكبير بين الصلاة في الإسلام والمسيحية. تبدو الصلاة التي وضعها محمد في أفواه رسل المسيح صلاة فقيرة، بلا روح والمعنى سطحي. مع أن صلاة بولس الحقيقية مفعمة بالمحبة والطاقة الإلهية والعمق والإيمان والرجاء والطمأنينة. وهو لم يُصلِّ لأجل نفسه كما تدَّعي الصلاة الرسولية المزعومة في القرآن بل صلى من أجل الأعضاء المؤمنين في الكنيسة، ممجداً الآب والابن والروح القدس.. الإله الواحد الوحيد إلى الأبد.

كان محمد قادراً أن يميّز مراحل مختلفة في النضج المسيحي. فأعلن أنه يوجد مبتدئون، وأنصار عاطفيون، ومسلمون مؤمنون بالكلمة الموحاة بإخلاص. ثم أشار إلى درجة متفوقة: أتباع المسيح الأمناء المستعدون للذهاب مع سيدهم أينما شاء. واعترف محمد بهذه الكلمات غير مباشرة - أنه يوجد بين المسيحيين نخبة بمستوى أعلى من الالتزام بالله عما يوجد في الإسلام، فوصف أتباع المسيح بصفات ممتازة في القرآن، يسلكون بلا كبرياء ويثبتون في الرحمة والرأفة سورة المائدة 5: 82< الحديد 57: 27، لا يبيعون آيات الله لِقاء ثمنٍ سورة آل عمران 3: 199، قد جعلهم الله فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة سورة آل عمران 3: 55. فبدا أتباع المسيح لمحمد كطبقة عُليا من البشر، ورأى أنهم اقتنعوا بالمسيح وتعاليمه واتبعوه في الماء والنار، في السرَّاء والضرَّاء، وأنهم حاكوا محبة المسيح ولم يتخلوا عنه. دعاهم محمد أفضل أعداء الإسلام سورة المائدة 5: 82 لأنهم كانوا يتعاطفون مع المسلمين وأحبوهم رغم الاختلاف القائم بينهما. وكانت أخلاقهم تعكس روح كهنتهم ورهبانهم غير المتكبرين، فجمع محمد اختباراته مع المسيحيين في إعلان الله القائل: «وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً» سورة الحديد 57: 27.

هذه الآية تصديق غير مباشر على اعتراف بولس الرسول في رسالته إلى رومية 5: 5: «لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا».لاحظ محمد روح المسيح في أعضاء كنيسته، لكنه لم يفهمه.

أما العبارة الأخيرة فتبدو أكثر أهمية لأتباع المسيح، إذ صلوا: «فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ». وثق محمد بأن المسيحيين مُخلِصون لربهم ولإنجيله، وأنهم مستعدّون للاستشهاد. وسمع أيضاً أن المسيح تحدث عن كتاب الحياة الذي يُدوَّن فيه أسماء أتباعه لوقا 10: 20 < الرؤيا 3: 5 و20: 15، فوعد أنه يقيمهم يوم القيامة. واعترف الرسل في القرآن بإخلاص شهادتهم واستعدادهم لبذل الذات في سبيل المسيح، فطلبوا إليه أن يسجِّلهم في سفر الحياة. لا يقدر المسلمون أن يدركوا أن الإيمان بالنعمة وحدها يكفي لخلاص أنفسهم، بل يأملون أن طاعتهم وأعمالهم وأضاحيهم، بل وحتى استشهادهم في سبيل الله سيفتح لهم أبواب جنَّات الخلد.

كيف يتوقع المسلمون أن يتصرف المسيحيون عملياً؟ فإنهم ينتظرون من النصارى أن يعرفوا الإنجيل ويُقرُّوا بعصمته، وأن يُسْلِموا لله حقاً ويجاهدوا لنشر دينهم ويتبعوا المسيح مهما تكلف الأمر، حتى وإن استشهدوا في سبيل إيمانهم. نرى في هذه الآيات الباهرة وصفا شعرياً مُركَّزاً لما توقعه محمد من المسيحيين: فتصورهم تلاميذ، أنصار الله، مؤمنين، مسلمين ،أتباع المسيح، شهوداً، بل وشهداء. ليت كل مسيحي يتساءل: إلى أي مدى قد وصل في هذا التدرج الروحي، وكم هو مستعد لتتميم دعوته في اتِّباع المسيح حقاً.

يتعرض اليوم كل مسيحي إلى الخطر إذ يقصد خدمة المسلمين ويمارس أسلوب التشابه Contexualisation، ويقدم الرسالة المسيحية بطابع إسلامي بُغية ربح المسلمين للمسيح. فسوف يتَّهمونه بالزندقة والنفاق والخداع، يعترف بالإسلام ظاهرياً غير أنه ليس مسلماً حقيقياً، فهو في نظرهم ذئبٌ في ثوب حَمَل. وتتطلب الشريعة إعدامه فوراً، دون إمهال، ودون منحه وقتاً أو فرصة للتوبة. مع العلم أنّ محمداً سمح لنفسه بأن يتصرَّف كالمسيحي ليربح النصارى للإسلام، لكن حرَّم على النصارى أن يتصرفوا كالمسلمين ليربحوا المسلمين للمسيح.

واستمرّ محمد في خطابه أمام وفد نصارى وادي نجران واقترب في كلامه من لب الاختلاف بين اعتقاد ضيوفه وإسلامه الخاص قائلاً:

«وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ واللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» سورة آل عمران 3: 54.

يشير هذا النص المثير إلى حقيقة محرجة، إذ دأب اليهود على مؤامرة قتل المسيح سراً. وكان محمد قد سمع بالمقاومة التي لقيها المسيح من قادة اليهود وبمحاولتهم القضاء عليه بأي وسيلة ممكنة متى 26: 4 ومرقس 14: 1 ولوقا 22: 2 وويوحنا 5: 12-20 و8: 37 و40 و11: 53. لكن لم يقدر محمد أن يحتمل الفكرة بأن يكمل بنو إسرائيل مؤامرتهم ضد المسيح، وإلاّ تمكنت القبائل الوثنية في مكة أو اليهود في المدينة من هزيمة محمد أيضاً. لذلك استنتج أن اليهود مكروا، لكن الله في فكره أمكر حتى سمّاه في القرآن «خير الماكرين». ويوجد بين علماء المسلمين من لا يحب المعنى الحرفي لهذه العبارة، فيسمُّون الله خير المدبرين أو أفضل الناصحين، أو أمهر المخططين، غير أن معنى المكر ثابت في العربية، ولا سبيل للتَّمَحُّل حول المعنى! 54/1.

54/1 يروي الطبري في تفسيره عن السدي أن مكر الله بهم القاؤه شبه عيسى على بعض أتباعه حتى قتله الماكرون وهم يحسبونه عيسى وقد رفع الله عز وجل عيسىقبل ذلك جامع البيان، ج3، ص 289

أما الزمخشري فيقول في تفسير «والله خير الماكرين»: «أقواهم مكراً وأنفذهم كيداً وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب» الكشاف، ج 1، ص 432

يرى الرازي في «مكر الله» عدة وجوه:

- الأول: مكر الله بهم هو أنه رفع عيسى إلى السماء.

- الثاني: ألقى الله شبهه على أحد المنافقين.

- الثالث: انتزع ملك الروم وكان نصرانياً سراً أتباع عيسى المعذبين وقتل وسبى أعداءهم في بيت المقدس.

- الرابع: أن الله سلط عليهم ملك فارس حتى قتلهم وسباهم.

- الخامس: يحتمل أن يكون المراد أنهم مكروا في إخفاء أمره وإبطال دينه ومكر الله بهم حيث أعلى دينه وأظهر شريعته وقهر بالذل والدناءة أعداءه وهم اليهود» مفاتيح الغيب، ج 8، ص 65-66.

وإن كان الله خير الماكرين، إذن سيتعلّم أتباعه منه لا محالة، فيحاكونه ويمكرون بين بعضهم البعض أيضاً. قال محمد كثيراً: «الحرب خدعة» البخاري، جهاد 157، مسلم، جهاد 18، أبو داود، جهاد 92. فتأذن الشريعة للمسلم بالكذب في أربع حالات: في الجهاد، وفي إصلاح ذات البَين، بين الرجل ونسائه، وبين المرأة ورجلها الترمذي، بر 26، مسند، ج 6، 459 و461. ولا يؤكد حتى القسَم في بعض الحالات الحقيقة الواقعة سورة التحريم 66: 2. ولا تكون السياسة والتجارة والتدريس والحياة الأسرية مبنية على الحق الخالص، بل تتفرع منسوجة بالألاعيب والحِيل والغش!

فلماذا استخدم محمد هذه الصفة المرعبة من صفات إلله؟ وما هو السبب والغرض من إظهار القدير بمظهر «خير الماكرين» في القرآن؟ نجد الإجابة من الآيات التالية في القرآن آل عمران 3: 52-53، حيث ترك محمد لله ذاته أن يشرح ويحل هذه الأحجية والعرقلة اللاهوتية، ويكشف عن الخديعة الكبرى التي قام بها الله في تاريخ العالم.-7حَدِيثُ الله إِلَى الْمَسِيح

«55 إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 56 فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ» سورة آل عمران 3: 55 و56.

تحتوي هذه الآيات أحد الأقوال الأربعة التي ألقاها الله إلى المسيح أو عنه في القرآن 55/1. وأعلن الله فيها للمسيح أنه يتوفّاه ثم يرفعه إليه. هذه هي خديعة الله الكبرى أنه أنقذ المسيح من الصليب! كان المسيحيون قد أخبروا محمداً بأن المسيح مات على الصليب موتاً مريعاً، فاعتبر هذا القصاص الصارم غير لائق برسول الله. وكان يعتقد أن الله القدير لن يَدَع المسيح الأمين يسقط حتى يُصلَب. فقد كان عيسى حسب القرآن صالحاً زكياً ومنزَّها عن الخطأ، وأيضاً الله هو صالح وأمين في ذاته. لذا كان من غير المعقول لمحمد أن يحكم الله العادل على المسيح البريء بالموت على الصليب. فلا بد أن ينجّيه من هذا العذاب، وإلاّ لكان الله قد تخلَّى عن أمانته.

55/1 - آل عمران 3: 45 الخ و55 الخ، المائدة 5: 115 الخ و116 الخ

افتكر محمد أنه لو كان الله سمح بأن يُصلب المسيح، فيمكن أنه يواجه هو نفسه نفس القضاء، لذلك أكَّد محمد على عدم إمكانية الصلب، فادَّعى أنّ الله ألقى على المسيح نوماً، ثم أرسل ملائكته لتصعده إليه مباشرة. ويحتمل القول مُتَوَفِّيكَ معنىً مزدوجاً فيعني أن المسيح نام فقط، أو أنه توفيوفاة سلام كما يقولون عن الشيخ الكبير عند موته «رقد في سلام» 55/2.

55/2 - اختلف المفسرون المسلمون في معنى «الوفاة» لقد ذهب ابن عباس إلى أن «إني متوفيك» يعني: أني مميتك جامع البيان، ج 3، ص 290

وفي رواية عن وهب بن منبه: «توفى الله عيسى بن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه» جامع البيان، ج 3، ص 291

يضيف ابن اسحاق أن «النصارى يزعمون أنه توفاه سبع ساعات من النهار ثم أحياه الله» نفس المصدر مفاتيح الغيب، ج 8، ص 67، ابن كثير، ج 1، ص 360.

وأما الطبري نفسه فيرى: «وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ» جامع البيان، ج 3، ص 291 هكذا حرّف المفسرون معنى الآية «إني متوفيك» وأسندوا تحريفهم هذا على الإسرائيليات راجع القصص الواردة في تفسير الطبري: جامع البيان، ج 3، ص 290الخ.

استعمل محمد هذه الكلمة ليُرضي النصارى، لأنها تقبل التفسير بأن المسيح مات حقاً. وفي ذات الوقت أكَّد الصيغة الإسلامية لأتباعه المسلمين أنّ المسيح نام فقط ثم رُفِع لله. قصد محمد استرضاء كلا الجانبين. إنما عزم على تجنب صلب المسيح مهما يكلف الأمر، فأنكر في هذه الآية كما في آيات أُخَر حدوث صلب المسيح التاريخية سورة النساء 4: 157، فاعترف بدهاء أن المسيح قد مات، لكنه لم يُصلَب. هذا هو المنوال الذي ينتهجه الإسلام: فيقبل بعض اعتقادات المسيحية المهمة مثل ولادة المسيح من مريم العذراء، ومعجزاته البارعة وأنه مشرع بسلطة إلهية وأنه حي عند الله، إنما يرفض محمد بتاتاً بنوَّة يسوع لله، وموته الكفاري على الصليب. وحتم على هذا التلاعب بالادعاء أن الله خير الماكرين لأنه خلَّص المسيح من الصليب.

لم يدرك محمد سبب أو هدف الصليب، ولم يميِّز أن الله المُحِبُّ هو أيضاً القدوس في آن واحد. لم يخطر على باله أنه ينبغي على القدوس أن يحكم على كل خطية، ويدين أخيراً الخاطئ. لكن الله بذات الوقت يحب الخطاة، ويشتاق أن يخلِّصهم. لم يستطع محمد أن يتصور هذا التناقض في كيان الله الداخلي. فحل هذه المعضلة بنفسه نيابة عن البشر، وذلك بتجسد المسيح حتى بقي إنساناً واحداً بلا خطية ليستحق النيابة عن الخطاة أجمعين. فالمسيح وحده كان مؤهلاً بسبب ولادته من الروح القدس وصار «حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ» يوحنا 1: 29.

إن الإسلام لا يسمح بفكرة بديلٍ يحمل ذنوب الآخرين ودينونة الله عنهم. فالله يسيطر على كل شيء، ويغفر لمن يشاء وقتما شاء وأينما شاء. الله حر وغير محدود بأي مبادئ أو قانون. وهو ليس شخصاً أو أباً يشتاق إلى خلاص أولاده، وليس الله محبة فلا يبالي أن يتجسد كي يموت بدلا عن الخاطئ. لهذه الأسباب بقيت ضرورة حدوث الصلب غير منطقية ومحجوبة عن المسلمين.

يفترض المسلمون أيضاً أنه لا حاجة إلى الصليب لأنهم لا يرون أنفسهم خطاة هالكين مستوجبين الهلاك. مع العلم أنهم يعترفون بأن جميع الناس يرتكبون خطايا ومنها الكبائر ومنها الصغائر. وهم يحاولون محوها بصلواتهم وصومهم، غير أنهم لن يعتبروا أنفسهم خطاة محكوماً عليهم مرفوضين من الله القدوس. ويثقون في برّهم الذاتي المؤسس على أعمالهم الصالحة المزعومة. ولا يظنون أنهم بحاجة إلى مصلوب ليكون نائباً عنهم. فتبقى حقيقة الخلاص بموت المسيح الكفاري ونوال البرّ الإلهي المعد لهم بالنعمة محجوبة عنهم. لا يؤمنون بالخلاص بالإيمان، لكن يظنون أن أعمالهم الصالحة سوف تبررهم، راجين أنها ستزيد وزناً عن خطاياهم في الميزان يوم الدين. لذلك يظل الصليب حجر عثرة للمسلمين 1كورنثوس 1: 18-25.

اضطرّ الله في الإسلام أن يكشف عن وجهه وروحه أمام صليب المسيح ويعلن أنه خير الماكرين الذي أنقذ المسيح من الصليب وألقى السُّبات عليه قبل أن يرفعه إلى السماء. يخبرنا الكتاب المقدس بتحديد دقيق مَن هو الأحيل والأمكر في كل الخليقة. ويعلمنا سفر التكوين أن الحية كانت أحيل جميع الحيوانات في الجنة التكوين 1: 3. تخبرنا هذه الكلمات القاسية الفاحصة مَن هو الله في الإسلام. إنه ليس إلوهيم، بل ينتحل اسمه [إلوهيم كلمة عبرية تعني الله] ويتحدث على لسانه بينما هو ليس الله حقيقةً. إنه روح أشد نجاسةً ومكرًا. وأراد إنكار حقيقة الصليب التاريخية واستبعاد هدفها وإمكانية حدوثها ونتيجتها. هذه الخديعة الكبرى المكتوبة في القرآن ليست بالخديعة البسيطة أو السهلة، فأراد محمد أن يقتلع عود الصليب من جذوره ويمحو نتيجة الخلاص محواً تاماً. وهكذا اضطر روح الإسلام أن يعلن عن ذاته في مواجهة الصليب بوصفه خير الماكرين. لم يستوعب محمد أن المسيح قد انتصر على الشيطان والموت وكل قوات جهنم بموته على الصليب وقيامته. فغشّت قوى الشر محمد واستعملته لينكر حقيقة الصليب التاريخية وإمكانيتها حتى لا يدرك جل المسلمين أن قوات الشر قد هُزِمَت بالفعل. كانت خديعة محمد في الواقع مجادلة دفاعية من القوات الشيطانية التي ما أرادت أن يعرف البشر بمن فيهم المسلمون عن نصرة المسيح المكتملة. لذلك جعلت محمداً يعلن أن المسيح نام ومات في سلام، وكأن النصرة الإلهية التي تمت على الصليب لم تحدث قط سورة مريم 19: 33.

يقترح بعض الفلاسفة، المسلمون والمسيحيون العصريون حلاً في مواجهة هذا الاختلاف الجذري أنّ عندهم الحل وإمكانية التوفيق بين شتى المعتقدات، فيقولون إن محمداً لم ينكر موت المسيح على الصليب، ويفسرون أن الآية من سورة النساء 4: 157 لا تعني أن المسيح لم يمت أو لم يُصلَب، ولكنهم يدّعون أنه لم يُصلَب على يد اليهود، إنما على يد الرومان. فاليهودية كانت تحت الاحتلال الروماني في أيام المسيح. ولم يكن لهم حق الحكم على أحد بالموت. وإن كانوا قتلوا المسيح فإنهم لم يصلبوه بل رجموه بالحجارة. ويضيف هؤلاء الفلاسفة أن الرومان صلبوا عدداً هائلاً من اليهود أمام أسوار القدس، وأن المسيح كان واحداً منهم . وبهذه الألعوبة الفكرية يحاولون إرضاء كلاً من المسلمين واليهود والمسيحيين ! ولكن هذه النظريات ما هي إلا محاولات دمجية توفيقية Sncretism لتوحيد الأديان وليس لها أساس في الفكر الإسلامي، ولا تتماشى مع هدف محمد الأصلي. فما كان محمد ليوافق على فكرة صلب نبي بمشيئة الله، بل رفض هذه العقوبة المستحيلة له. فلم يقبل أن يلحق بنبي آلاماً أو عاراً، نظراً لموقفه الشخصي.

كان محمد تاجراً محنكاً، وأراد إرضاء النصارى وحاول وضع العسل في أفواههم. فبعد أن أنكر عقيدتهم الرئيسية، حاول تهدئتهم باعترافه أن المسيح حي حتى في الإسلام. فقبر المسيح بقي فارغاً حسب القرآن. المسيح حي! ولكن هذه الحقيقة المدهشة لا يعالجها المفسرون المسلمون لأنها تسند العقيدة المسيحية. رغم أن القرآن يؤكدها مرتين سورة آل عمران 3: 55< سورة النساء 4: 158

55/3.

55/3 - في سلسلة الفتاوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية صدرت الفتوى المرقمة 1621 المؤرخة في 7/11/1396 الموافق 1976 إجابة عن السؤال إذا ما كان عيسى ابن مريم حياً أو ميتاً وأين هو اليوم. قال الشيخ صفوت الشواذفي: إن عيسى ابن مريم حي ولم يمت إلى اليوم، ما قتله اليهود ولا صلبوه ولكن شبه لهم، بل رفعه الله إليه جسداً وروحاً، وأنه في السماء إلى اليوم وذلك من رحمة الله له وإعلاء شأنه، وليس لله في عيسى آية أعظم من أول أمره إلى آخره كما جاء في قوله تعالى: «بل رفعه إليه» فتاوى اللجنة الدائمة، ص 98، مكتبة السنة، القاهرة 1991.

يواجهنا هذا الاعتراف بجوهر باهر: أن محمداً ميّت، أما المسيح فحي! إن قبر محمد لا زال مشغولاً بصاحبه، ويزوره كثير من المسلمين في المدينة ويأملون أن عظامه لازالت موضوعة هناك. لا يدّعي العلماء المسلمون أن محمداً في الجنة، بل هو ما برح ينتظر يوم الدينونة في البرزخ. لذلك يتعين على كل مسلم أن يصلي لأجله كل مرة يلفظ اسمه قائلاً: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً سورة الأحزاب 33: 56. فلا يسكن محمد في سلام بعد، بل ينتظر مع الخطاة الباقين يوم القيامة حين يواجه هو أيضاً الدينونة. المسيحية هي عقيدة الحياة، وأما الإسلام فهو دين الموت. إن مؤسس المسيحية حي، أما مؤسس الإسلام فميت. كل من يتبع المسيح يدخل الحياة الأبدية، وكل من يتبع محمداً يمضي إلى دينونة وموت أبدي.

تمادى محمد في تلاوته حسب سورة آل عمران 3: 55 حتى أكَّد للنصارى أن المسيح حي حقاً، ولا يسكن في السماء الثالثة أو الرابعة أو الخامسة أو السادسة، بل هو قريب لله المجيد. فقال الله لعيسى: «إِنِّي ... رَافِعُكَ إِلَيَّ». يُعَدُّ هذا الإعلان أقوى حجة استعملها محمد ليستميل النصارى للإسلام.

وجدير بالذكر أن المسلمين لا يعتبرون هذه الكلمات صادرة من محمد، بل يؤمنون أنها جاءت من عند الله رأساً. فيقبل المسلمون هذا الكلام عن موت المسيح وصعوده إلى الله وحياً إلهياً وتأكيد لحضور المسيح ابن مريم الدائم في الحضرة الإلهية.

قال الله: «إِنِّي.. رَافِعُكَ إِلَيَّ». هذا الوعد يفوق وعد الملاك جبرائيل في سورة آل عمران 3: 45 بأن المسيح سيكون من المقربين لله. بل يعني أنه يحيا الآن مع الله القدير مشاركاً في قداسته وجلاله. نجد في هذه الآية القرآنية مجالاً فسيحاً للعقيدة المسيحية الخاصة بواسطة المسيح الشفاعية كرئيس كهنة أمام عرش الله القدوس. إنّ المسيح يبرر ويشفع في كل حين من يؤمن به. لا يؤمن المسلمون بامتياز المسيح بالشفاعة، ولا يدركون أن حَمَل الله قد صالحنا مع الله. ويزعمون في سيرة النبي عن ابن هشامأن المسيح موجود في السماء الثالثة بصحبة يحيى يوحنا المعمدان، وأن كليهما يسكنان بالقرب من آدم، أدنى من موسى وإبراهيم بكثير. ليس المسلمون مستعدين أن يؤمنوا بما ورد في القرآن على لسان الله : «إني.. رافعك إليّ!» بيد أن المفسرين المسلمين أحياناً يؤيدون تنزُّه المسيح عن الخطأ ويقولون - بالتلميح لا بالتصريح - إنه من أعظم الأنبياء ورسل الله في تاريخ البشر البخاري، توحيد 19< مسند ج 1 و281.

ويتابع الله حديثه في القرآن فيقول: «وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِّينَ كَفَرُوا اليهود وَجَاعِلُ الَّذِين اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِين كَفَرُوا إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ» سورة آل عمران 3: 55.

أراد محمد إرضاء أسقف كنيسة وادي نجران ووفده واستمالتهم للإسلام بتصريحه أن النصارى هم أعلى فئة بين الناس. وكان محمد قد أقرَّ في أكثر من موضع في القرآن أن النصارى يمتازون بميزات خاصة وبروحٍ لا يتمتع به أحد في العالم أجمع سورة الحديد 57:27.

حين اضطهد أهل مكة المسلمين الأوائل، شجع محمد نحو ثمانين منهم على الإلتجاء إلى الحبشة، حيث منحهم المسيحيون الأمان واعتنوا بهم وسددوا أعوازهم. بل وحتى دافعوا عنهم ضد مالكيهم في مكة ولم يسلموهم إلى أيديهم. لكنهم لم يبشروا اللاجئين المسلمين بجانب معونتهم الإنسانية ومساعدتهم المادية. وهكذا دعَّموا بشكل غير مباشر قوى ضد المسيح، لأنّ معونتهم لم تكن مصحوبة بالكرازة بالإنجيل. وكان ينبغي على المسيحيين في الحبشة أن يوفروا الأمان للاجئين المسلمين، لكنهم أخطأوا حينما لم يبشروهم. وكتب محمد على أساس هذا أن الله قد وضع في قلوب أتباع المسيح رأفة ورحمة سورة الحديد 57: 27. قد لاحظ محمد أنّ المسيحيين نالوا قوة روحية من صميم إنجيل المسيح تعينهم على إنكار ذواتهم وعلى خدمة الضيوف المُضطهَدين بالإخلاص، فحموهم من مضطهديهم. ولم يقبل نصارى الحبشة هدايا تجار مكة الأثرياء، ولم يكسبوا شيئاً سوى اللاجئين أنفسهم. وترك هذا التصرف الغريب عميق الأثر في صدر محمد، ولكنه لم يدرك سبب إحسانهم كما أوضحه الرسول بولس في رسالته قائلاً: «إِنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا» رومية 5: 5. كان محمد قد لاحظ عن بُعد سرّ الكنيسة المسيحية، وهو أن يسكن روح الله في ضعف أعضائها، خالقاً فيهم محبة وفرحاً وسلاماً وطول أناة، مع ثمار روحية أخرى. ولم يفهم محمد أيضاً أن موت المسيح الكفاري وصعوده إلى الله هما السبب لانسكاب الروح القدس على المؤمنين التائبين. فلم يعِ سر إيماننا المسيحي: «مَنْ لَهُ الِابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ» 1يوحنا 5: 12. شعر محمد بالواقع الروحي فقط غير أنه لم يستطع إدراك جذوره وأسبابه.

ثم بعد أن عظَّم محمد النصارى ورفعهم فوق كل كفار، انهال عليهم بضربة شديدة، كي لا يتكبروا. فقد قال على لسان الله:

55 «ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمْ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ».

غضب محمد على النصارى جميعاً لأنهم اختلفوا في آرائهم وقوانين إيمانهم، فأعلنت إحدى الكنائس أن مريم هي أم الله، بينما اعتبرتها جماعة أخرى مجرد أَمَة من إمائه تعالى. وشدّدت بعض الكنائس على أن المسيح هو ابن الإنسان، بينما نبَّرت أخرى على أنه ابن الله أو الله المتجسد. ثم إن بعضهم قالوا: لا يمكن أن الله يموت، واستنتجوا أن يسوع لم يمت يقينًا بالجسد على الصليب، بل ظهر كما لو كان مصلوباً. غير أن آخرين حاربوا هذه البدع وأصرّوا على صحة موت المسيح على الصليب وواقعيته بكل حذافيره. استاء محمد جداً من هذه الاختلافات العميقة بين النصارى حول معتقداتهم الجوهرية. ولم يستطع أن يقرأ التوراة أو الإنجيل لأنهما لم يكونا قد تُرجِما بعد إلى العربية. وكان يعتمد على شهادات النصارى القبط والسريان المتضاربة< فلم تجمعهم وحدة واحدة. وفطِن محمد أيضاً إلى أن بعض المؤمنين من النصارى يظنون أنفسهم أفضل من غيرهم، وازدروا ببعض الجماعات، بينما تكاتف آخرون معاً وامتدحوا كنيستهم مدَّعين أنها الفضلى. فأنذر محمد النصارى على لسان الله بأنه سيحكم عليهم لعدم اتحادهم. ياله من تحدٍ لجميع المسيحيين! صلى المسيح أن يكون جميع أتباعه واحداً، كما أن الثالوث القدس واحد يوحنا 17: 21 و22. غير أن محمداً اضطر أن يحذرهم بأن الله سيحكم عليهم يوم القيامة لأنهم لم يكونوا واحداً. فاصبح محمد منذراً حقاً لأتباع المسيح.

يؤمن المسلمون بقيامة الأموات يوم الدينونة. ولا يستطيع أحد بحسب الإسلام أن يتيقن من غفران خطاياه قبل هذا اليوم الأخير. لهذا ينتظر أتباع محمد الساعة الحاسمة بشك عميق والخوف المستمر يملأ قلوبهم. ثم يجيء الله أخيراً ليحكم ويفصل المسلمين الصالحين عن الطالحين، ثم يرمي بهم مع جميع الكفار إلى لهيب الجحيم. ولم يصل المسلم بصلاحه إلى درجة صلاح الله، لذا يتعين على كل مسلم ورود جهنم. وقد نبَّر محمد على هذه الحقيقة المُرّة التي تكسر الأفئدة بأن قال: «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا» سورة مريم 19: 71 و72 55/4.

55/4 - يورد النسفي في تفسيره لهذه الآية حديثاً يؤيد في الظاهر ما جاء في الآية ولكنه يهوّن الأمر في نفس الوقت وتولي الآية معنى يناقض تماماً نصها «قال رسول الله: الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم، وتقول النار للمؤمن: جُز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي» مدارك التنزيل، ج 3، ص 42 اسطنبول بدون تاريخ.

وإجابة عن سؤال أحد القراء بشأن هذه الآية قال الشيخ عطية صقر بأن في «ورود النار» حكمة، وذلك أن المؤمنين المسلمين في زعمه يطلعون على جهنم ليشكروا نعمة الله لدخولهم الجنة وقد صح أنها تكون عليهم برداً وسلاماً منبر الإسلام، العدد 4، ص 108، القاهرة 1994

كيف تتجاسر الديانة الإسلامية الإعلان بأن جميع تابعيها سيدخلون جهنم حتماً! فلا ضمان للمسلمين بغفران خطاياهم، ولا يملأ قلوبهم رجاء أكيد بأنهم سينالون حياة أبدية. ولا يسكن الروح القدس فيهم، وما من معزٍ إلهي يطمئنهم بأن تبريرهم قد تم. فينبغي عليهم أن يصلّوا ويصوموا ويؤدوا الزكاة ويقوموا بالحج والعمرة< ليرحمهم الله بعد أن تكون قد احترقت أشلاؤهم في جهنم. وهذا التخويف مكتوب في القرآن ذاته!

أما مَن يَستَشهد مِن المسلمين في الجهاد فلهم فقط رجاء دخول الجنة مباشرةً جزاءً لتضحيتهم بأنفسهم في سبيل الله. وهم بالحقيقة ينتظرون عبثاً تتميم الوعود لهم من لذيذ المأكل والمشرب والمُتَع الحسِّية: «إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» رومية 3: 23. كل من يرفض المصلوب ليس له رجاء، أما الذين يحبونه ويؤمنون به فيفهمون قول الرسول بولس: «الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ» كولوسي 1: 27. ويؤكد لهم المسيح أن كل من يؤمن به لن يُدان، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة الأبدية يوحنا 3: 18.

يحذر الله بذاته في القرآن المؤمنين مستعملاً كلمات درامية: «فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ» سورة آل عمران 3: 56.

بعد التفسير الإسلامي لموت المسيح وصعوده إلى الله، حذَّر محمد الوفد النصراني من أن يشكوا في صحة رسالته، ووصف عقوبة الله الصارمة التي ستحل على كل الكفار في الدنيا وفي الآخرة 56/1.

56/1 - إن العذاب الذي يحل عليهم في الحياة الدنيا أن يحبسوا ويذلّوا ويدفعوا الجزية قول الخازن والنسفي في مجمع التفاسير، ج 1، ص 508.

تأمر الشريعة الإسلامية المسلمين بقتل الكفار إن لم يقبلوا الإسلام. وبعد أن ذبح المسلمون في غزواتهم عشرات الآلاف منهم، وجدوا أن سفك الدماء بهذا المقدار كان مريعاً وبلا نفع. فقرروا أن يبيعوا عبدة الأرواح وخائفي الأصنام إلى اليهود والنصارى بيع العبيد، فيستفيد المسلمون مالياً من تجارة الرقيق هذه. ويرث عبدة الأصنام جهنم في كل حياتهم التي يقضونها عبيداً لأسيادهم من المسلمين واليهود والنصارى، والعذاب بدون نهاية في الآخرة أيضاً. يعتبر المسلمون العبودية عقاب الله للكفار وفقاً لشريعتهم. وللأسف الشديد فقد موّل النصارى الذين اشتروا العبيد انتشار الإسلام بإثرائهم تجارة الرقيق الإسلامية. ولم تكن هذه كلمات فارغة بلا معنى حينما نطق بها محمد. بل قصد الهجوم على كل معترضي الإسلام والتغلب عليهم كي تبدأ لهم جهنم العبودية في هذه الدنيا. وكان محمد يتنبأ أيضاً أن يدخل كل الكفار والوثنيون المناهضون له الجحيم وسوف لا يجدون معيناً. تشمل هذه النبوة الإسلامية المسيحيين أيضاً فلا يستطيع المسيح مساعدة كل من ليس بمسلم. وكذلك فإن القديسين لن يستطيعوا مساعدتهم، بل إن محمداً ذاته لا يستطيع مساعدتهم ما لم يدخلوا الإسلام. اعتقد المسلمون انهم حين يضعون ضغوطاً على النصارى واليهود وعبدة الأرواح أنهم يتممون بهذا القصاص مشيئة الله. ويعيش اليوم أكثر من خمسين مليون مسيحي في بلاد إسلامية كمواطنين من الدرجة الثانية، ويقاسون ألوان الحرمان والمذلة في حياتهم لمجرد أنهم لازالوا يؤمنون بابن الله المصلوب.

إن النقطة الحاسمة والحرجة في هذه الآيات هي كلمات الله: «أُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ». فيظهر أن الله بالذات هو المعذب الذي يعذب غير المسلمين بعذاب أحمر في هذه الدنيا وفي الآخرة. ليس الله في الإسلام محبة أو طويل أناة، بل يأمر كل إنسان ليستسلم ويخضع للإسلام طوعاً كان أو قهراً دون شروط. وإن لم يقبل غير المسلمين الإسلام، ينتظرهم عذاب مريع في الدنيا وفي الآخرة. وسيُصلى المسيحيون الذين لم يقبلوا الإسلام في نار جهنم، وكل مرة يتقشَّر عنهم جلدهم المحترق، ينالون جلداً جديداً حتى يقاسوا عذاباً أبدياً.

قصد محمد يهذا التحذير إخافة الوفد النصراني وهزهم لكي لا يرفضوا الإسلام والعرض الذي قدَّمه لهم. وكان محمد قد كرَّمهم بل وعلَّى من شأنهم كمسلمين. غير أنه واجههم في اللحظة الأخيرة بواقع الإسلام الحقيقي. وكان المسلمون على أهبة الاستعداد أن يُنزِلوا عقاب الله بالنصارى إن لم يقبلوا الإسلام حالاً.

ينتهي حديث الله إلى المسيح في سورة آل عمران بهذه الكلمات المرعبة المحبطة. لم يسمع المؤمنون كلمة منعشة عن الله محبة، ولا دعوة للخلاص المعدّ لهم، ولا وعداً بقلب جديد أو إيضاحاً عن حلول روح جديد فيهم، بل كل ما يجدونه في القرآن هو تهديد وترهيب لغير المسلمين. فلا يستسلم معظم المسلمين لله بالمحبة أو الإرادة الحرة أو الاقتناع الداخلي، بل يؤمنون به بالخوف ويخضعون له بالرعب المحض. كان هذا التحدي الخلاصة الإلهية للوفد النصراني من وادي نجران. فالإسلام لا يعني إلاّ الخضوع أو الاستسلام لله ولرسوله التنفيذي، لا أكثر ولا أقل!-8خلاصة المباحثة على لسان مُحَمَّد

بعدما انتهى محمد بتلاوة حديث الله، بقيت أمام سامعيه صورة مرعبة عن قاضٍ لا يرحم بل يعذب. عندئذ قلب محمد الصفحة وبدأ يُحرّض المسلمين والمسيحيين لفلاح الإيمان وشرح كيفية نوالهم ثواباً سماوياً رائعاً.

«57 وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 58 ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ 59 إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 60 الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ 61 فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» سورة آل عمران 3: 57-61.

يزعم محمد في الآية 57 أن المسلمين المؤمنين الذين يقومون بأعمال صالحة سينالون أجرهم وافياً من الله. ويُعتَبر الثواب الإلهي أجراً يُدفَع، مثل ذاك الذي يتقاضاه المرء بعد أتعابه أو في معاملة تجارية. فالإسلام دين مبني على التجارة، يحصل كل واحد فيه أجره حسب قيامه بالأعمال الصالحة. أما الله فيوصف خفياً بأنه تاجر يجازي كل من يقدم له خدمة حسنة بالبركات. وإذا لم يتم تقديم أعمال صالحة أو صلوات بانتظام، فإنه لا يمكن توقع أي منافع من القدوس. لذلك يظهر الخلاص بالنعمة غير منطقي للمسلمين، لا بل يبدو أمراً غير عادل لهم. فالله لا يسيء إلى الصالحين بتخليص الآثمين.

أصرَّ محمد على أنّ الله لا يحب الظالمين الأثمة وفاعلي الشر، وأعلن هذا القرار بعبارات قوية صريحة. فقد ورد في القرآن ثماني عشرة مرة أن الله لا يحب الظالمين 57/1، وورد فيه أيضاً أنه يحب المسلمين الكرماء والمقاتلين الأمناء وكل من ينفذ الشريعة الإسلامية 57/2.

57/1 - البقرة 2: 190 و205 و276، آل عمران 3: 32، 57، 140، النساء 4: 36، 107، 148، المائدة 5: 64، 87، الأنعام 6: 141، الأعراف 7: 31، 55، الأنفال 8: 58، النحل 16: 23، الحج 22: 38، القصص 28: 76، 77، الروم 30: 45، لقمان 31: 18، الشورى 42: 40، الحديد 57: 23

57/2 - البقرة 2: 195، 222، مكرر آل عمران 3: 76، 134، 146، 148، 159، المائدة 5: 13، 42، 93، التوبة 9: 4، 7، 108، الحجرات 49: 9.

ويحسب المسلمون النصارى تحت الفئة المرفوضة من غير المخلصين، لأنهم يخالفون الشريعة بإيمانهم بوحدة الثالوث 57/3 وأما اليهود فتمكث عليهم لعنة الله حسب الإسلام لأنهم لم يفوا مطالب عهدهم. أما المسلمون فينالون إحسان الله إن أكملوا الصالحات. لذلك يجب عليهم أن يصلّوا خمس مرات يومياً، ويصوموا شهر رمضان، ويقوموا بالحج إلى مكة مرة في حياتهم، ويتصدقون على الفقراء، ويجهادون في سبيل نشر وتقدم الإسلام في العالم. هذا هو ما يرضاه الله! ولا تعني الأعمال الصالحة أن ينكر المسلم ذاته، أو يصير خادماً مخلصاً لغيره، لأن الأعمال الصالحة عنده هي أولاً تنفيذ فرائضه الشرعية والانخراط في الجهاد سورة المائدة 5: 111< الأنفال 8: 40< الصف 61: 4.

57/3 - يقول الإمام أحمد رضا خان برلوي إن إهانة الرسول «المقدس» عقابها حسب القرآن والسنة والإجماع وكلام المفسرين هو القتل الأنفال 8: 13 عقوبة تحقير النبي، ص 22 معهد رضا Stockport انجلترا.

يشير القرآن إلى أن الله لا يحب فعلة الشر، فقد ورد بتفصيل شديد أن الله لا يحب الظالمين سورة آل عمران 3: 140، ولا الآثمين سورة النساء 4: 107، ولا المُفسدين سورة المائدة 5: 64، ولا المعتدين سورة المائدة 5: 87، ولا المسرفين سورة الأعراف 7: 31، ولا الخائنين سورة الأنفال 8: 58، ولا المستكبرين سورة النحل 16: 23، ولا كل كفور سورة الحج 22: 38، ولا الفرحين سورة القصص 28: 76، ولا الكافرين سورة الروم 30: 45. أما الإنجيل فيصرّ على عكس ذلك: «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» يوحنا 3: 16. فلو أن الله لم يحب جميع الظالمين ما كان قد أحب أحداً، ولو أنه لا يحب الخطاة ما يتأكّد أحد من أن الله يحبه. «وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» رومية 5: 8. وهكذا يظهر أن كل البشر من رجال ونساء هم فاعلو شر في نظر الله. وهذا يعني أن الله في الإسلام لا يحب أحداً، ولا حتى المسلمين، لأنه لا يحب الآثمين.

خدني الحنين لعينيكي حبيتو من وقتها
بحلم سنين ألاقيكي و أنسى الجراح بعدها
وبقيتي من قسمتي عشقي ونور دنيتي
ما شافتش قبلك عيوني وعليكي فتّحتها

المسيح يحمينا

jesus i trust in you

أنا هو القيامة والحياة من يتبعني لايمشي في الظلمة
 
 
Page generated in 0.11655 seconds with 10 queries