عرض مشاركة واحدة
قديم 04/10/2007   #5
شب و شيخ الشباب ارسلان
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ ارسلان
ارسلان is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
حيث أجدني
مشاركات:
3,170

إرسال خطاب ICQ إلى ارسلان إرسال خطاب AIM إلى ارسلان إرسال خطاب Yahoo إلى ارسلان
افتراضي


***
و ذات يوم و بينما كان عمر جالسا بجوار دكان أبيه ، تقدم منه جندي من حرس الحدود :
- أنت عمر سليم عمر ؟ سأله بلغة عربية سليمة ، فأجابه عمر و قد ارتعدت فرائصه :
= نعم ، أنا عمر سليم ، خير ؟!
ابتسم الجندي ثم قال مطمئنا عمر :
- لا تخش شيئا ، فأنا من عرب شمال فلسطين .
سأله مستغربا :
= عربي ، و جندي في حرس الحدود الإسرائيلي ؟
- لا تستغرب إنها لقمة العيش ..
و لكن ...
و قبل أن يكمل كلامه ، صاح به والده يمنعه من الاسترسال ، ثم تقدم نحو الجندي يسأله عن حاجته و لِمَ يسأل عن عمر بالذات ؟ هل هو مطلوب ؟!
و لدهشتهما معا ، أجابه الجندي :
- إنني أحمل رسالة إلى عمر من فتاة اسمها ساره روزنسكي ..
و ما أن مضى الجندي في سبيله حتى انبرى أبو عمر يؤنب ولده :
- لديك صاحبة إسرائيلية ، يا حمار ؟ ألم تعتبر بما جرى لي و لك نتيجة غلطتي الفاحشة ؟ ألا تلاحظ أن العداء بيننا و بينهم يتعمق و يتأجج ؟ ألم تتعظ بما فعلوه بحلحول ؟ ألم تسمع بهدفهم الجديد و هو احتلال المكان الذي كان يحتوي على مدرستهم الدينية و ما حولها ؟ و أنهم يعتزمون الاستيطان فيه و حوله ؟ اي أنهم قد يستولون على دكاننا هذه و ربما على بيتنا ، ثم تقيم علاقة مع فتاة منهم ؟
يجيبه عمر مبتسما ، و دون أن يبدو عليه أي ارتباك :
= هدئ من روعك يا أبي ، و الله – و راس أمي - ليس بيني و بين ساره سوى صداقة عادية !
- و هذه الرسالة ، ماذا تسميها ؟
و اختطف الرسالة من يد ابنه ، قرأها فاكفهر وجهه و ارتعشت يداه ، ثم ترقرقت عيناه بالدموع ، و ما لبث أن تهاوى على أقرب مقعد .
تناول عمر الرسالة من يد أبيه برفق ، فقرأها على مهل ، كانت تخبره فيها بأنها تعلم الآن أين هي والدته ، و دعته إلى التسلل عصرا إلى الربوة ، لتخبره بقصة عثورها عليها ، فقد علمت أن منع التجول قد خففته السلطات الإسرائيلية ليقتصر على ساعات الليل فقط ، و مع ذلك رجته أن يتوخى الحذر .

قبيل بلوغ قمة الربوة لاحظ أن ساره ليست وحدها ، فبجوارها سيدة ...
فتحت ذراعيها الآن ، و توجهت منحدرة نحوه ...
أدرك أنها أمه ، ففتح بدوره ذراعيه و جرى صاعدا نحوها ..
أخذ يجري بسرعة أكبر ، غير عابئ بلهاثه المتزايد أو بالحجارة التي ما فتئت تعرقل قدميه و تؤلمه ...
ثم .....
ما لبثا أن اندمجا في عناق طويل و هما يجهشان بالبكاء معا ...
و جلست ساره عن بعد تتأملهما و هي تشرق بدموعها ..
- لكم اشتقت إليك يا أمي ..
= لكم افتقدتك يا ولدي .. لكم سهرت الليالي و أنا أفكر بك و بوالدك ، لكم شعرت بالذنب لاضطراري إلى ترككما ، و لكن شيطان التعصب كان أقوى منا جميعا ...
ثم نادت ساره قائلة :
= أنت منذ اليوم ابنتي ، معروفك هذا لن أنساه أبدا ....
و لكن ....
ثم صمتت لفترة و قد ارتعشت عيناها و تبللت وجنتاها بدفق جديد من ماء الأسى.....
ثم أضافت قائلة بصوت متهدج و بحنان صادر من الأعماق :
- و لكن ... إياك أن ترتكبي نفس غلطتي يا ابنتي ، أنا أدرك أنك تحبين ابني عمر و أنه يحبك ، و لكن هذا الحب لن يكتب له النجاح ، سوف يُحارب ، سوف يُقضى عليه في مهده ؛ البشر يا ولديَّ أسرى لأفكارهم المتضاربة ، يخترعونها ، يؤمنون بها ، يكرسون حياتهم لفرضها على الآخرين ، ثم تتحول إلى حواجز تفصل بينهم من الصعب اختراقها ؛ الإنسان يا ولديَّ لا زال نصفه شيطان و نصفه ملاك ، و كثيرا ما يتغلب شيطانه على ملاكه كما يحدث الآن من حولنا .
أجابها عمر بهدوء ، و بحنان صادر من الأعماق :
- أمي الحبيبة ، لا تقلقي ، ساره صديقتي ، أنت لم تنجبي لي أختا ، ساره هي أختي ..
**
كان خبر ساره و بحثها عن طالي طوطاح و عثورها عليها مثار فضول الكثيرين في كريات أربع ، ثم بلغ إلى مسامع والدي طالي أن ساره صحبتها إلى الربوة ، أدركا أن وراء الأمر ما وراءه ، فارتديا ملابسهما على عجل و توجها نحو الربوة ..
و كان خبر ساره و توجهها الدائم إلى الربوة ، محل تساؤلات الكثيرين في كريات أربع ، و محل تندرهم ، فمن قائل أنها على علاقة حب بشاب تقابله سرا هناك ، و من قائل أنه استبد به الفضول ذات يوم ، فتبعها عن كثب ، ليتأكد أنها تقابل شابا عربيا يأتيها من ( حبرون ) ، و لكن أحد اللؤماء أثار نقطة حساسة : " فما يدرينا ، أنها عميلة ، تنقل معلومات عن المستوطنة إلى منظمات المخربين العرب في حبرون ، عن طريق الشاب العربي الذي تقابله ؟؟ " .
ثم بلغ الهمس الحاخام بيتوئيل فجن جنونه ، و قرر أمرا ، و إذ علم أن ساره متوجهة مع طالي طوطاح إلى الربوة ، صحب بعض أعضاء عصبته ، و توجه بدوره نحوها ..
و عندما أسر أحد تلاميذ ليونيد روزنسكي والد ساره ، أسر له أن ابنته كانت تبحث عن طالي حتى وجدتها ، و أنها توجهت معها إلى الربوة ، و أن بيتوئيل و جماعته تبعها و هو ينوي شرا ؛ اتصل هاتفيا بضابط شرطة صديقه و من أصل أوكراني مثله ، فأبلغه عن مخاوفه ، و سرعان ما توجه ليونيد و زوجته نحو الربوة ، كما توجه الضابط بعد قليل مع اثنين من أفراد الشرطة إلى هناك ، تحسبا لوقوع مشكلة كبيرة .
و بعد تفكير طويل تراءى لأبي عمر أن ابنه سيقابل أمينة ، عندئذ قرر أن يتوجه بدوره إلى الربوة

و كان أبو عمر أول من وصل ، و كان لقاؤه بطالي حميما : " أمينة .. لقد تركت فراغا كبيرا يا أمينة " قال لها و قد ترقرقت عيناه ، فأجابته و هي تمسح دموع عينيها المشتعلتين بطرف كم ثوبها : " الظروف أقوى منا يا سليم ، الكل يكره الكل ، و الكل يعادي الكل ، و الكل يحارب الكل ، و لا يمكننا أن نعيش في عزلة عن الناس في قلعة من الوهم ، لقد عانيت من فراقك و فراق عمر أضعاف ما عانيته يا سليم ، و لكن قدرتي على الاحتمال نضبت ، فأرجو أن تكون قد عذرتني ."
كان والدا طالي قد وصلا ، و بدءا يؤنبانها بالعبرية ، فاشتبكت معهما في مشادة كلاميةِ بلغت فيها أصواتهم عنان السماء ، و لم يكفا عنها إلا عندما وصل الحاخام بيتوئيل مع عدد من أفراد عصبته ، فتوجهوا مباشرة نحو عمر و والده . أمر رجاله بالإمساك بهما ، فقاوما ما استطاعا و لكن عندما بدؤوا بضربهما بهراوات كانوا يحملونها ، هرعت ساره و طالي لنجدتهما ، و لمفاجأة الجميع انضم والدا طالي إلى ابنتهما ، فوقفا في وجه عصبة بيتوئيل يذودان عنهما ..
جن جنون بيتوئيل و بدأ يكيل السباب و الشتائم لساره و طالي ووالديها ، و أخذ يهددهم بالويل و الثبور و عظائم الأمور ، و يتهمهم جميعا بالكفر بدينهم و الخيانة لمواطنيهم .
كان والدا ساره قد وصلا الآن و انضما فورا – أمام ذهول بيتوئيل و صحبه – لجبهة ابنتهما ساره ..
فبدأ بيتوئيل – و قد غلت مراجل غضبه – يلقي و زمرته الحجارة على الجميع ، ثم سحب مسدسه الذي كان يخفيه تحت ثوبه الكهنوتي و وجهه نحو مقاوميه ، طالبا منهم تسليم عمر و والده في الحال و إلا أطلق الرصاص .
و لكن ساره و طالي ووالديهما ظلوا على موقفهم الصلب مشكلين ترسا بشريا في وجه بيتوئيل و زمرته ..
كان ضابط الشرطة و اثنين من مرافقيه قد وصلوا الآن ، و تمكن بعد جدل طويل من إقناع بيتوئيل و صحبه بالانصراف ، ثم التفت نحو سليم و ابنه عمر منذرا : " غادرا هذا المكان فورا و إلا اعتقلتكما " فأجابه عمر : " و لكن هذه الأرض التي تقف عليها حضرتك هي أرضي و أرض أبي " تبسم الضابط ، ثم أجابه ساخرا : " كانت أرضك ، و هي الآن قيد التخطيط لإلحاقها بكريات أربع في مشروع توسعتها الجديد ؛ خذ والدك و انصرف في الحال و إلا اضطررت لاعتقالكما . "


جرائم حماس على صفيح ساخن
http://hamasgaza.wordpress.com/
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03628 seconds with 10 queries