عرض مشاركة واحدة
قديم 02/07/2005   #4
شب و شيخ الشباب نيقولا
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ نيقولا
نيقولا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2005
المطرح:
ألمانيا
مشاركات:
735

إرسال خطاب ICQ إلى نيقولا
افتراضي ارتضى أن يصير لعنة


الأخ أبو غدير
السلام عليك . وبعد ..
الآية التي طرحتها وردت في العهد الجديد وتماماً هكذا " المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنةً لأجلنا لأنه مكتوب ملعونٌ كلُّ من علّق على خشبة " ( رسالة القديس بولس إلى أهل غلاطية 3: 13 ) في معرض توبيخه لأبناء كنيسة غلاطية الذين كانوا يتكلون على الخلاص من خلال أعمال الشريعة وحدها ودون دور لعمل السيد المسيح الكفاري وفدائه للبشر ( حسب المفهوم والإيمان المسيحي ) .
كان الذين يعاقبون بالموت صلباً ( في ذلك الزمان ) بنظر اليهود ملعونون وكان الصلب كوسيلة إعدام للمجرمين هو الأشد تحقيراً لهم حسب المفهوم اليهودي . بدليل ما ورد في كتب التوراة في سفر التثنية الذي يروي الشريعة ويسمى تثنية الإشتراع " وإذا كان على إنسانٍ خطية حقها ( عقابها ) الموت فقُتل وعلقته على خشبة فلا تبُت جثته على الخشبة بل تدفن في ذلك اليوم لأن المعلَّق ملعون من الله فلا تنجّس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيباً " ( تثنية 20: 22-23 ) .ومن هنا نفهم كمسيحيين لماذا تم طلب جثة يسوع من الوالي الروماني لتدفن قبل أن يأتي يوم السبت الذي هو عيد الفصح اليهودي لئلا تتنجس الأرض المقدسة وبالتالي المقيمين فيها في ذلك العيد ( الفصح اليهودي عيد خروجهم من مصر بقيادة موسى وخلاصهم من جبروت فرعون ) .
المسيحية كما تعلم - وهذا لمسته من سعة اطلاعك على كتبها - تعتقد أن المسيح يسوع افتدى البشر جميعا دون تمييز بأن ارتضى أن يدفع عنهم ثمن الخطيئة التي هم جميعاً يقبعون تحتها وهو - أي الثمن - الموت . ونعني هنا الموت الروحي بقدر ما أن الخطايا تغضب الله وتبعد الإنسان عن رحمته ومحبته وبالتالي يموت هذا الخاطيء روحياً ببعده عن خالقه بقدر ما هو يحيا بالاقتراب منه . وبالتالي تطلب المسيحية من المؤمنين بها أمراً هاماً إلى جانب الأعمال الصالحة ( التي لا يختلف عليها اثنان ) أيضاً الإيمان بافتداء يسوع المسيح للبشر ( أو ما يسمى أحياناً الفداء , كفارة المسيح , سر الفداء...الخ من مسميات لفكرة واحدة ). ولما كان أهالي غلاطية ( وهم يونانيون وثنيون بشر بينهم بولس الرسول بالمسيحية ثم بلغه عنهم أنهم يقيمون للأعمال الصالحة وما شابه وزناً أكبر في مسألة الخلاص من الإيمان ( أي بيسوع الفادي ) دليل أنهم ما فهموا تماماً أن الخلاص والعودة إلى الله هي بالإيمان بأن يسوع المسيح افتدانا من اللعنة بدمه ( أي بصلبه و موته فداء لنا ) وهذا ما أراد بولس التأكيد عليه .فما هي هذه اللعنة أو ما يسمى لعنة الناموس - الشريعة - ؟؟
مكتوب في سفر التثنية " ملعونٌ من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها " ( تث 27: 26 ) و للتوضيح كذلك ورد على لسان أرميا النبي " هكذا قال الرب إله إسرائيل ملعونٌ الإنسان الذي لا يسمع كلمات هذا العهد الذي أمرت به آباءكم يوم أخرجتهم من أرض مصرمن كور الحديد قائلاً اسمعوا صوتي واعملوا به حسب كل ما آمركم به فتكونون لي شعباً وأنا اكون لكم إلهاً ... ... فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنهم بل سلكوا كل واحد في عناد قلبه الشرير " ( أرميا 11: 1-8 ). بمعنى أن بني إسرائيل من جهة ما اقاموا عهد الله اي ناموسه الذي أعطاه لموسى ؛ ومن جهة اخرى باقي الأمم والشعوب الذين ما أعطاهم اليهود ناموس موسى ولا أعطوهم معرفة الله الإله الحقيقي ( نحن نفهم اختيار الله لبني إسرائيل ليكونوا عاملين بما امر الله ليهتدي بهم شعوب الأرض ولكننا كمسيحيين ومسلمين نعلم انهم ازدادوا طغياناً وتجبراً ولم يحققوا ما أراده الله ) . وبالتالي الجميع كانوا غير عاملين بالناموس وبالتالي - في مفهوم المسيحية أتكلم - كل البشر كانوا تحت تلك اللعنة , أي لعنة عدم طاعة الله ومعرفته ومعرفة وصاياه وإرادته ...
فالمسيح حسب اعتقادنا جاء ليخلص البشر من تلك اللعنة ويدفع عنهم ثمن الخطيئة وهو الموت وبالتالي يعتقهم من الرزوح تحت وطء الخطيئة وثقلها بأن يحررهم مفتدياً إياهم بثمن كريم هو دمه .وعندها يفتح الطريق ليأتي كل إنسان إلى الله من خلال الأيمان بيسوع المسيح وفدائه مع تأكيدنا أن المسيحية بذلك لا تكون قد ألغت من حسابها الأعمال الصالحة " الإيمان بدون أعمال ميت " ( يعقوب 2: 20 )... الخ .ولأننا نؤمن أنه هو كلمة الله المتجسد منزه عن أي خطيئة وأنه ارتضى ان يشاركنا جسدنا وحياتنا ويشابهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة حسب قول بولس " الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبدٍ صائراً في شبه الناس " ( فيليبي2: 6-7 ) وقول يوحنا " وتعلمون إن ذاك - قاصداً المسيح - أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية " ( 1يو3: 5 ) وقول يسوع نفسه " رئيس هذا العالم يأتي- أي الشيطان- وليس له فيّ شيء " ( يو 14: 30 ) .
ومن كل ما تقدم أريد القول ان السيد المسيح حسب اعتقادنا اقتبل ثمن الخطيئة وهو الموت مع أنه بلا خطيئة ولا يستحق هذا , وقبل أن يصلب ويكون ملعوناً - من البشر- بأن يعلق على الصليب في أبشع وسيلة قتل لنرى ونفهم مدى بشاعة الموت الذي تحدثه الخطيئة بنأيها بالإنسان بعيداً عن رحمة الله ومحبته . بهذا كان يخاطب الرسول بولس المؤمنين أن يسوع حررنا بموته من اللعنة الحالة علينا إذ لم نقم ناموس الله كما يجب , وانحدر متخذاً جسداً مثلنا ليدفع ثمن الخطيئة الذي هو الموت مع أنه بلا خطيئة البتة وقبل أن يعلق على خشبة العار بهذه الطريقة . والمؤمن يعلم أنه هو الذي كان يجب أن يموت بسبب خطيئته التي تقبض على عنقه أمام الله تعالى ولكن محبة الله شاءت أن يدفع هو ثمن ما ليس له فيه حباً بنا ودعوة لنا لنأتي إليه بإيماننا بيسوع المسيح المصلوب عنا والذي كما نصلي له " أنه أمات الموت بواسطة الموت نفسه ".
هذا هو مفهوم الآية من وجهة نظر الكنيسة . وهي ليست تحقيراً للمسيح بل إشارة لما فعله المسيح حباً بنا .
أرجو أن أكون قد أوضحت وإن كان هناك التباس في مسألة ما فبكل المحبة أجيب . والسلام عليكم
 
 
Page generated in 0.01889 seconds with 9 queries