الصحفي الاسرائيلي رون بن يشاي في سورية «ستة أيام وسبع ساعات»
يوم الجمعة: الطريق إلى دمشق
يصف بن يشاي الشارع الواصل بين حلب ودمشق: «335 كيلومتراً على أوتوستراد ممتاز، فيه ستة مسارات، ثلاثة مسارات لكل جهة». ويضيف «شبكة الشوارع في سوريا تثير الغيرة، حتى في داخل القرى، الشوارع محترمة تؤمّن سفراً سريعاً وآمناً».
استقل بن يشاي سيارة أجرة لنقله إلى دمشق، ويقول «خرجنا الى الجنوب، والى يميننا سلسلة جبال تفصل مركز سوريا عن المدن الساحلية. لا توجد هناك منظومات رادار أو منظومات حراسة جوية. ويمكن الافتراض أن طائرات الـ اف 15 الاسرائيلية اخترقت هذه المنطقة. الى داخل الأراضي السورية في طريقها إلى المهمة». وأضاف «ان اختياراً صحيحاً للمسار، يشمل تجاوز معسكر صواريخ السكاد السورية الموجودة، بحسب الإعلام الأجنبي، في عمق هذه المنطقة، من شأنه تمكين الطائرات خلال دقائق من الوصول الى المساحات غير المحصنة، وللصحراء الشرقية التي يمكن التحليق فوقها بارتفاع صفر من دون خوف».
وفي الطريق، شاهد بن يشاي صوراً كثيرة للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ونجله الرئيس الحالي بشار الأسد. وعندما سأل السائق أبو فهد «من أفضل الأسد الأب أم الأسد الابن؟»، رد السائق «حافظ الأسد كان جيداً في السياسة الخارجية وسيئاً لسوريا، وبشار جيد لسوريا لكنه سيئ في سياسته الخارجية».
عندما اقتربت السيارة من الطريق المؤدية من دمشق إلى لبنان، شاهد بن يشاي الكثير من الشاحنات. قال له أبو الفهد «إنهم يشترون الوقود من سوريا ويهربونه إلى لبنان لأن سعر الوقود في سوريا أرخص بكثير. والجنود والمراقبون يغضّون الطرف عنها بعد نيلهم إكرامية».
وقال بن يشاي «ممكن الافتراض، أن جزءاً كبيراً من الأسلحة، التي تنقلها سوريا الى حزب الله، يمر من هذا المسار القصير».
ومرت السيارة قرب منطقة معسكرات الجيش التي تحيط دمشق. وقال بن يشاي، بعدما وصف كيف يبدو المعسكر، إن «تلالاً ترابية تحيط جزءاً كبيراً من المباني الأساسية». ويتابع «لا يجب عليك أن تكون خبيراً عسكرياً من أجل أن تعرف أن الجيش السوري يعي المشكلة الجاثمة أمام قدرة سلاح الجو الإسرائيلي وهو يحاول تحصين نفسه».
وقال بن يشاي للسائق «قالوا لي ألا أقترب من هذه المنطقة لأن حرباً ستندلع بين اسرائيل وسوريا». فرد عليه ابو فهد «هذا هراء، كلام فارغ، بشار لا يريد حرباً تهدم كل ما أنجزه. إنه يهدد لأنه يريد استعادة الجولان». سأله: «ماذا تفكر عن اسرائيل؟» فرد أبو فهد: «هذه دولة مجرمين ولصوص. انظر كيف سرقوا الجولان والأراضي الفلسطينية. ربما ليس كل اليهود كذلك، لكن حكومتهم حكومة مجرمين».
ويصف بن يشاي لحظة الدخول إلى دمشق قائلاً «شبكة شوارع أنيقة. على الجانبين مبان للمكاتب عالية مبنية من الإسمنت والزجاج، ما يميز كل مدينة حديثة». ويعترف «أثيرت مشاعري، الناس في دمشق أذكياء، واعون أكثر من الناس في الضواحي. طبعاً هؤلاء يسافرون في العالم ويصادفون إسرائيليين، قررت أنه من الآن وصاعداً عليّ الحفاظ على الهدوء». وتابع: «أبو فهد قال لي إنه لا مشكلة بأن أجد غرفة في فندق جميل في دمشق وبأسعار معقولة. لقد صدق. بحسب توصيته، نزلت في أحد الفنادق في المدينة الحديثة. استطعت أيضاً أن أتجول معه في الشوارع قبل أن يعود الى حلب. ودّعته بإكرامية وعناق وقُبَل على الخدين».
يوم السبت: إلى الكنيس
التقى بن يشاي في الفندق صدفة بمراسل إحدى القنوات الإخبارية الكبيرة. سأله عن اليهود فوصف له أين يسكنون في دمشق. وصل إلى هناك، فأوقفه شاب يرتدي زياً مدنياً ولكنه يحمل مسدساً.
يقول بن يشاي إن الشاب منعه من الدخول، ولكنه أعطاه «بعض الأوراق النقدية فسمح له». وبعد عشر دقائق، عاد السوري مع رجل قصير القامة ويرتدي ملابس الصلاة اليهودية، وسأل يشاي «بماذا تريد أن أساعدك».
ادّعى بن يشاي أنه محاضر في إحدى الجامعات الأميركية، وجاء إلى سوريا للتعرف إلى العلاقة بين الأديان. فطلب منه اليهودي، المعروف باسم ألبرت كمو، العودة بعد ساعتين، بعد صلاة الغفران.
عاد بن يشاي بعد ساعتين الى المكان نفسه وتبع كمو في الطريق الضيقة التي بدأت بالاتساع الى حين وصل الاثنان الى ساحة تتوسطها نافورة. وقفت هناك خمس نساء يصلين، ومن الناحية الجنوبية للساحة، مبنى كبير من الحجر، بابه مفتوح يؤدي الى كنيس يهودي جميل، سقفه عال وجدرانه مغطاة بالخشب الغامق علق عليها فقرات من التوراة.
قال كوم لبن يشاي إن هذا الكنيس هو الأخير في سوريا، حيث يصلي اليهود السفرديم فيه. وأضاف: ان في دمشق اليوم يعيش 150 يهودياً. يعمل اليهود في تجارة الملابس والذهب وغالبيتهم ينتمون الى المستوى المتوسط وما دون.
يقول بن يشاي: «جميل أن تكون في دمشق، بازارات ضخمة، تعج بالبشر، مطاعم أوروبية ونواد ليلية، الى جانب مساجد من عهد الخلافة».
يوم الأحد: دير الزور
يقول بن يشاي إنه عندما وصل إلى منطقة محطة بحوث دير الزور أوقفه جندي سوري وقال له إن الدخول ممنوع وحذّره من استخدام الكاميرا التي بحوزته. ورغم أن اللافتة كانت تشير إلى أن المنطقة هي محطة بحوث زراعية «إلا أنه كان هناك عدد من الجنود والشاحنات العسكرية منتشرة في المكان».
ورفض الكثيرون في دير الزور الرد على أسئلة بن يشاي حول ما حدث في ليلة السادس من الشهر الجاري، فيما قال آخرون إنهم سمعوا صوت انفجارات جدار صوت وهدير طائرات في الليلة نفسها.
ويقول بن يشاي «إنه شاهد على بعد 4-5 كيلومترات من المكان الذي كان فيه حاجز عسكري عند محطة البحوث منطقة كبيرة محفورة، وتبدو كأنها كسارة، وبالقرب منها مبان عديدة. وفي المنطقة المحفورة كان يتجول بضع عشرات الأشخاص الذين بدوا كأنهم يلبسون زياً عسكرياً وكانت هناك شاحنات، ولكن بسبب البعد يصعب التأكد تماماً مما كانوا يفعلونه لكنهم بدوا كمن يتفحصون الأرض وربما يبحثون عن شيء».
وأضاف بن يشاي أن «الأمر الواضح، وبالإمكان رؤية ذلك على الأرض، أن دير الزور تقع في مركز منطقة مناجم فوسفات وفيها عدد كبير من المصانع وبينها مصانع بتروكيمائية تحصل على المواد الخام من حقول النفط الكثيرة المنتشرة في محيطها». وتابع «من الفوسفات يتم صنع الأسمدة الكيميائية، لكن يمكن استخراج اليورانيوم منها أيضاً، وهذا تماماً ما فعله في حينه خبراء البرنامج النووي لصدام حسين قبل حرب الخليج الأولى في عام 1991 والمكان الذي استخرج فيه العراقيون اليورانيوم من الفوسفات في بلدة القائم يقع على بعد 95 كيلومتراً فقط من دير الزور في الجانب العراقي من حدود سوريا - العراق».
يوم الاثنين: الجولان
كانت هضبة الجولان المحطة الأخيرة لبن يشاي حيث اطلع على المعسكرات والاستعدادات. أراد الدخول الى القنيطرة لكنه منع. وتذكر في نهاية تقريره «قبل 37 عاماً، أُصبت بجروح في مكان ليس بعيداً من هنا، عندما كنت مراسلاً عسكرياً وشاركت في اقتحام الجيش الاسرائيلي للخط السوري الأمامي جنوب القنيطرة وقد أصابت قذيفة سورية ذراعي».
يقول بن يشاي إنه شعر في نهاية رحلته بأنه سيعود بسلام، فاستقلّ التاكسي وطلب من السائق نقله إلى مطار دمشق الدولي.
طـــاب المجوز دكلُو يا بو عبـــود.............ماحلا رقص الحجية وتهز نهـــود
..<< لمن تشتكي حبة القمح اذا كان القاضي دجاجة >>..
"We ask the Syrian government to stop banning Akhawia"
|