أهلا محبة:
صبرك علي لسى احنا في بداية المشوار.
أما عن كلمة " فارقليط " أي المعزي او المحامي او الدافع، وأنها كلمة يونانية.
فأقول وبالله التوفيق:
أولا:
أن عيسى عليه السلام، لم تكن لغته يونانية، بل كان يتكلم العبرانية والإنجيل إنما أنزل باللغة العبرانية.
والدليل على أن الفارقليط هو أحمد:
قول يوشع: من عمل حسنة يكون له فارقليط جيد، أي: حمد جيد، ولا يصح أبدا أن يقال: من عمل حسنة يكون له روح جيد.
وأما قولك:
لان (القدس) في لغة التوراة والإنجيل والقران كناية عن اله
فهذا ليس صحيحا، لأن لفظ " القدس " في القرآن تعني الطاهر، وليس إله.
وأما قول عيسى عليه السلام: " إن كنتم تحبوني فاحفظا وصاياي، وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم فارقليطاً آخر يثبت معكم إلى الأبد "، فقوله : " فارقليطا آخر " دل على أنه ثان لأول كان قبله، وأنه لم يكن معهم في حياة المسيح، وإنما يكون بعد ذهابه وتوليه عنهم، وإن قلنا بأن الفارقليط هو روح القدس وهو بمعنى " إله " صار معنى قول عيسى عليه السلام " فارقليطا آخر " " إله آخر " وهذا محال، لأن الإله واحد، وإن قلنا بأنه إله ويثبت معهم إلا الأبد، فإين هو؟؟
وأما أن محمدا صلى الله عليه وسلم فقد كفر من جعله الملاك جبريل وروح القدس والفارقليط.
فاقول:
إن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس هو روح القدس الذي هو جبريل عليه السلام، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت لما كان يهجو المشركين: " اللهم ايده بروح القدس "، وقال: " إن روح القدس معك ما زلت تنافح عن نبيه ".
وأيضا:
لا يصح بأن نقول أن المقصود هو روح القدس الذي تقولون أنه " إله "، لأن المسيح عليه السلام يقول: " لأنه ليس ينطق من عنده، بل يتكلم بما يسمع "، لانه لو كان روح القدس، لتكلم من عنده ولا يتكلم بما يسمع، لأن معنى القدس عندكم " إله "، والإله لا يحتاج أن يسمع من غيره.
وأما قول المسيح عليه السلام: " يعلمكم كل شيء " بمعنى أنكم لو بقيتم على دين المسيح الصحيح، والدليل على ذلك:
أن النجاشي لما هاجر إليه بعض الصحابة، أرسلت قريش من يأتي بهم من الحبشة، فلما أتى القوم، قالوا: إن هؤلاء يسبون عيسى، فدعاهم ـ اي المسلمين ـ النجاشي وكان نصرانياً، فقال: ما تقولون في عيسى؟ فتلا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قوله تعالى: ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا . فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا . قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا . قال إنما أنا رسول ربك لأب لك غلاما زكيا . قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا . قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا . فحملته فانتبت به مكانا قصيا . فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا . فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحت سريا . وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك ربطا جنيا . فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحد فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا . فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا . يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا . فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا . قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا . وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا . وبرا بوالتي ولم يجعلني جبارا شقيا . والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا . ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون . ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) الآية.
فلما سمع النجاشي ذلك قال:
والله ما تجاوز المسيح ما تقولون، واعترف رحمه الله بأن عيسى نبي وليس إله، فآمن وأسلم رحمه الله.
ولا يصح أن تقول أنه أرسل للمسيحيين فقط او الحواريين، لأن ذلك ينافي قول عيسى عليه السلام: " ويتكلم بروح الحق الذي لم يطق العالم أن يقبلوه " وقوله: " وبخ العالم على الخطيئة "، فلو أرسل للمسيحيين فقط، لما صح أن يقول: " العالم "، وأيضاً يستحيل ان يوبخ الحواريين على الخطيئة، لأنهم آمنوا به، وشهدوا له قبل ذهابه، فكيف يقول: إذا جاء فإنه يشهد لي، ويوصيهم بالإيمان به، أفترى المحواريين لم يكونوا مؤمنين بالمسيح؟!
وأيضاً:
من المستحيل أن يكون المقصود نزل على الحواريين، وذلك لأن يوحنا قال: " قال المسيح: إن أركون العالم سيأتي، وليس له في شيء "، وقال متى: " قال المسيح ألم تروا أن الحجر الذي أخره البناءون صار أساً للزاوية من عند الله، كان هذا وهو عجيب في أعيننا، ومن أجل ذلك أقول لكم: إن ملكوت الله سيأخذ منكم، ويدفع إلى أمة أخرى تعطى ثماره، ومن سقط على هذا الحجر ينشدخ، وكل من سقط هو عليه يمحقه "، ولو كان نزل على الحواريين لما قالوا أنه " سيأتي " وذلك تحقيقا على أنه لم ينزل في زمانهم ، وأيضاً قول متى " إن ملكوت الله سيأخذ منكم، ويدفع إلى أمة أخرى "، يدل دلالة واضحة أنه لم لن ينزل على الحواريين، وذلك لسببين:
1ـ قوله: " سيأخذ منكم " وهو دلالة أنه لم ينزل ولكن سينزل في المستقبل.
2ـ أن عيسى كان يخاطب الحواريين، أي أنه سيأخذ منكم أنتم، فكيف تقولون أنه نزل على الحواريين؟!
وإن قلتم الخطاب كان للحواريين، وذلك يدل على أنه سينزل فيهم.
ذلك يدل دلالة واضحة أن المسيح لا يعلم الغيب، وأنما أخبره الله أنه سينزل بعد المسيح، ولو قلنا بقولكم، لتناقضت أقوال المسيح، كما ذكرنا آنفاَ.
وأما قولك:
بأن محمدا أرسل للعرب فقط.
فهذا ليس بصحيح، لقوله عليه الصلاة والسلام: ( أرسلت للناس كافة ).
وقبل إن أناقش البقية:
إن قلنا بأن روح القدس هو المقصود:
فأين الذي أخبر به المسيح بأنه يعلمهم كل شيء؟ وأين الكلام الكثير الذي أراد ان يقوله المسيح ولكن لا تستطيعون حمله وجعل الفارقليط هو الذي يقوله؟ وأين الذي يعرفكم بجميع ما للآب؟ وأين الذي اخبر به بأنه يخبرهم بكل ما يأتي؟ وأين ما أخبر به أنه يخبرهم بالحوادث والغيوب؟ وأين كلامه الذي وبخ به العالم على الخطئية؟
وأتمنى منك محبة، أن تسرد لي قول روح القدس.
وسوف أناقش البقية ـ بإذن الله ـ بعد أن نعلم ما قاله الروح القدس.
وسوف تجد ـ بحول الله ـ المطابقة بين هذه النصوص ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم بالأدلة النقلية وهي القرآن والسنة الصحيحة والتوراة والإنجيل والزبور بل بعضها مصرحة بأسمه والأدلة العقلية.
|