عرض مشاركة واحدة
قديم 01/07/2005   #1
شب و شيخ الشباب نيقولا
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ نيقولا
نيقولا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2005
المطرح:
ألمانيا
مشاركات:
735

إرسال خطاب ICQ إلى نيقولا
افتراضي عمل الله في الأرض الخربة


ورد ذكر الأرض الخالية أو الخربة في الكتاب المقدس " في البدء خلق الله السماوات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية " ( تك 1:1 ) . وقد تحولت إلى الصورة التي نحن نراها عليها بعمل الله فيها , حيث قال الله " ليكن نور فكان نور ورأى الله النور أنه حسن " . وهو ما يعطينا فكرة بسيطة عن عظمة الله وقدرته . وقد رتب الله تعالى ذلك التحول على توالي آلاف السنين بل ملايينها .
الإنسان الخاطئ هو أيضاً يعتبر أرضاً خربة وخالية ومسرحاً لعمل الله في البشر , والخاطئ المدرك لخطيئته ويسلم نفسه لعمل الله بالكامل يتحول إلى أرض خصبة ومنتجة , وكرمةً تأتي بثمر كثير . فالمجدلية التي كانت أرضاً خربة بكثرة الخطايا ولما أنقذها الرب يسوع موبخاً الذين أرادوا رجمها سلمت نفسها لرحمته وتبعته بكل قلبها استحقت مكانةً مرموقة في الكنيسة واستحقت أن تكون أول من يعلم بقيامة الرب يسوع من بين الأموات , ويخبّر بها . والقديس بولس لما زار أثينا ورآها على وثنيتها وكثرة عباداتها , كانت أرضاً خربة وخالية , ولكنه خرج بشخص ديونيسيوس الأريوباغي الذي كان عضو مجلس المدينة وآمن وصار فيما بعد أسقف أثينا , وكان ممن لهم الباع الطويل في البشارة . بل وحتى بولس نفسه كان أرضاً شديدة الخراب مضطهداً للكنيسة ومعذباً لها وراضياً بقتل استفانوس أول الشهداء ,ولكن الله شاء أن يكون نور فكان النور على الطريق قرب دمشق وصار شاول من أعظم المبشرين بالمسيحية وثالث عشر الرسل القديسين وشهيداً . والتاريخ المسيحي يعج بآلاف الراضي الخربة التي صارت أكثر الأراضي خصباً , فمريم المصرية صارت قديسة بعد أن كانت تحيا في الخطيئة ثم تابت وعاشت في البرية متوحدة , والقديس موسى الأسود كان قاطع طريق قبل أن يتوب ويصير قديساً , واللص المصلوب مع المسيح في آخر لحظات حياته لما توجه نحو الرب بتوبته قال الله له ليكن نور , فكان نور ( حتى ليقال على سبيل المزاح في المسيحية أن أول الداخلين للفردوس كان لصاً وكانت هذه آخر سرقة في حياته ) و... الخ
لا ينظرنّ أحدٌ إلى إرادته الضعيفة , بل إلى إرادة الله القادرة أن تخلق النور في حياته . فبطرس الرسول لما مشى على المياه بدأ يغرق عندما حوّل نظره عن المسيح يسوع ورأى الماء فخاف وبدأ يغرق , لكنه لما رأى يد المسيح ممدودة إليه وصرخ إليه يا رب نجني , أقامه الرب .
كثيرا ما نعتقد أن الله بعيد عنا ولا يلتفت إلينا , لكننا ننسى أنه قال أنه أقرب إلينا من أنفسنا . لنتذكر الليل والنهار ؛ هل نقول أن الشمس أدارت وجهها عن الأرض أم ان الحقيقة هي أن الأرض تدور وبدورانها يحدث الليل في الجهة التي ابتعدت عن نور الشمس . الإنسان هو الذي يتحرك ويعمل ويحيا وكل يوم تارة يدير ظهره للرب وتارة يلتفت إليه فلا يرَ نوره فيصرخ أين أنت يا ربّ بعيدٌ عني ؟
الله بيننا وهو يعمل بهدوء وصمت في الأرض الخربة والخاوية ويصلحها وعندما يحين الوقت يقول : ليكن نور فيكون النور , ولكن هذا لا يعني أن كل أرض خربة وخاوية سيظهر عمل الله فيها للعيان , فالكثيرون ماتوا ويموتون بخطاياهم لأن المطلوب ليس فقط أن يعمل الله بل وأن نسلمه حياتنا ليبدلها بعمله ويعيد قولبتنا من جديد . ولهذا نصرخ إليه في المزمور " قلباً نقياً اخلق فيّ يا الله وروحاً مستقيمة جدد في داخلي " .
ولا عجب في ذلك ما دام الرب قال " لا يحتاج الأصحاء بل المرضى إلى طبيب " . إنه قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك ( أي من تهاوى تماماً في الخطيئة ) . وقد صار لعنةً لأجلنا وهو المنزه عن أي خطيئة , فلم يحسب نفسه معادلاً لله بل أخلى ذاته آخذاً صورة عبدٍ صائراً في صورة البشر ليخلص البشر .
إن الكنيسة على الأرض ( المؤمنون بالرب ) هي من أهم أعمال الله في الأرض الخربة , فيها قال الله ليكن نور , عندما أعلن أنها النور الذي يضاء ويوضع عالياً لكي ينير للجميع . الكنيسة التي على الصخر مؤسسة هي نور العالم , وشوكة في حلق إبليس المطروح في الجحيم وباب الملكوت . للثالوث القدوس كل مجدٍ وإكرام وسجود كل حين وإلى دهر الداهرين . آمين
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.01621 seconds with 9 queries