خيري شلبي
أصبحت دواوين الشاعر فؤاد حداد بمثابة ديوان للملامح القومية الأصيلة لشخصية مصر العربية. أما كونها شعرا خالصا فهذا أمر مفروغ منه، وأما كونها شعرا عالي المقام رفيع المستوي فهذا ما تؤكده الأشعار من قصيدة إلي أخري بل من كلمة إلي أخري. وقد بلغ في دواوينه الأخيرة ذروة من النضوج الشعري والفني والفكري بوجه عام درجة تقربه من أفذاذ الشعر الصوفي أمثال جلال الدين الرومي وفريد الدين العطار، وتوثقه بأعمام له في العصور الكلاسيكية للشعر العربي العظيم أمثال المتنبي والمعري والشريف الرضي وكافة فرسان العمود الخليلي يمتلك النفس الطويل ويرسل علي نفس الروي إلي مالا نهاية دون اختلال أو تهافت. هذه الدرجة التي بلغها تربط بينه وبين أفذاذ معاصرين برزوا علي مسرح النضال الانساني من أمثال أراجون وبريغت وبابلو نيرودا وغيرهم.
هؤلاء وأولئك ومن بينهم شاعرنا فؤاد حداد حملوا مسئولية إعداد شعوبهم وتهيئتها للقيام بدورها التاريخي والحضاري فكيف يتم لهم ذلك؟ إنهم ومن بينهم شاعرنا فؤاد حداد يوجهون طاقتهم الشعرية نحو اكتشاف العناصر الإيجابية الأصيلة في شخصية الانسان القومية. فإذا بهذه العناصر تحت عدسة الشاعر الحساسة اللاقطة تتجسد وتنطبع من جديد علي واقع الشخصية القومية، تصبح كالبذرة الجديدة يرميها الشاعر في النفوس المتعطشة للشعر الحقيقي الصادق فتصبح نبتة جديدة تزداد بها الشخصية غني.
بهاء جاهين في مقدمة مقالة "تطور اللغة الشعرية- دراسة تطبيقية على الموال"
أخشي أن أكون قد ادعيت أجنحة لا أملكها حين تجاسرت علي التحليق في سموات شاعر من أكثر شعراء الانسانية رحابة. فمحاولة تتبع تطور لغته الشعرية علي مدي أكثر من ثلاثين ديوانا هي محاول أقل ما يمكن أن نصفها به أنها مجنونة، خاصة إذا تذكرنا أننا بصدد مقالة أدبية لا رسالة دكتواه
مسعود شومان
تظل تجربة فؤاد حداد واحدة من أكثر التجارب الشعرية طرحا للقضايا الإشكالية، إذ إنها تشتبك اشتباكا تمتد خيوطه مراوحة بين التراث والمأثور الانساني، العربي، الشعبي، هذه المراوحات التي كانت سببا مباشرا في خوف النقاد والدارسين من الاقتراب من عالمه لفك تداخلاتها، وفصل أنسجتها الملتحمة، فعالم حداد يستعصي بالتأكيد علي غير عارف بحدود عوالمه، موسيقاه واستلهاما ته.
محمد سيد احمد الكاتب السياسي الكبير غني عن التعريف فهو أحد كبار محللينا و مفكرينا السياسيين.. أما الجانب الذي قد لا يعرفه كثيرون فهو الصداقة العميقة التي ربطت بينه وبين فؤاد حداد منذ التقيا معا ذات يوم من أيام الأربعينات تلميذين في مدرسة الليسيه فرانسيه بباب اللوق..
"كان فؤاد يستطيع ان ينتج بلا اوراق أو اقلام ويكتفي بحفظ شعره الذي كان يلقيه بصوت عال معتمدا علي قوافيه الرصنية.
فؤاد من آباء الشعر المصري الحديث، وعندما قال صلاح جاهين أنه تلميذ فؤاد حداد كان يقصد هذا تحديدا"