الغرنوق الساحر
يُحكى أنه في قديم الزمان, كان هناك رجل طاعن في السن، يعيش في الريف وحيداً مع زوجته العجوز، و لم يكن لديهما أطفال. و في أحد الأيام كان الشيخ يمشي على جانب الطريق، بمحاذاة حقل من حقول الرز، حين بلغ سمعه فجأة صوت غريب: " فلاب فلاب فلاب ", تتبع مصدر الصوت فعثر على غرنوق أبيض جميل واقع في فخ. قال الرجل العجوز: " يا لك من طائر مسكين. سأساعدك على النجاة ", و أطلق سراح الغرنوق، الذي طار محلقاً عالياً في السماء.
عاد الرجل العجوز إلى البيت، و بينما كان يحدث زوجته عن الغرنوق، سمع طرقاً على الباب، و سمع أحدهم يقول بصوتٍ رقيق: " هل أستطيع الدخول ؟ ", فتحت المرأة العجوز باب البيت فوجدت فتاة صغيرة حلوة لطيفة.
قالت الفتاة الصغيرة: " لقد ضللت الطريق. أرجوكما أن تسمحا لي بالبقاء الليلة في بيتكما ".
فرح الزوجان العجوزان فرحاً شديداً بوجود مثل هذه الفتاة اللطيفة في بيتهما. و حين أخبرتهما أنها يتيمة الوالدين، طلبا منها أن تكون بمثابة ابنتهما، و أن تعيش معهما على الدوام. و هكذا بقيت الفتاة الصغيرة معهما.
و في أحد الأيام قالت الفتاة الصغيرة لوالديها الجديدين: " إذا وعدتما أن لا تنظرا إلي أبداً حين أعمل، فإنني سوف أحيك لكما بعض القماش على النول الموجود في غرفة النسيج " و منذ ذلك الحين كانا يسمعان صوت النول كل يوم: " تون .. كا .. را .. ري ، تون .. كا .. را .. ري ".
و في بداية كل ليلة كانت الفتاة الصغيرة تعطيهما قطعة قماش جميلة حاكتها في ذلك النهار. كانت أجمل الأقمشة في العالم كله، و كان يتوافد جميع الجيران لرؤيتها.
استبد الفضول بالمرأة العجوز، و قالت لنفسها: " كيف بحق السماء، يمكن لهذه الفتاة الصغيرة أن تحيك مثل هذه الأقمشة الجميلة ؟ ". و أخيراً، و ذات يوم اختلست النظر إلى داخل غرفة النسيج.
ياله من مشهد عجيب ذلك الذي رأته !.. إن الجالس أمام النول لم يكن تلك الفتاة الصغيرة, و إنما غرنوق أبيض جميل، يستخدم ريشه الأبيض الناعم لحياكة القماش.
و في ذلك المساء، حين عاد الرجل العجوز إلى بيته، خرجت الفتاة من غرفة النسيج و قالت: " إنني الغرنوق الذي أنقذته, لقد كنت أحيك القماش لأرد بعضاً من معروفك الذي تفضلت عليّ به في ذلك اليوم منذ زمن بعيد و لكن الآن، و قد اكتشفتما أمري، لم يعد بمقدوري البقاء معكما ".
ندمت المرأة العجوز على فعلتها باختلاس النظر، و بكى الرجل العجوز بدموع حارة، و لما عرفا أن ابنتهما لم تكن في الواقع سوى غرنوقاً، فقد تفهما أن عليها أن تعود إلى بيتها، هناك في أعالي السماء.
قالت الفتاة: " وداعاً، وداعاً، و حظاً سعيداً لكما ", و فجأة تحولت إلى غرنوق أبيض ساحر جميل، و حلقت بخفة نحو السماء بجناحيها الأبيضين الجميلين.
انا الانتظار...
انا الاحتراق ...
انا الفراشةيغريها العناق توحدا بالنار
انا من جناه عشق عاصف
ايجني عشق عاصف غير الدمار
و انا جنيت الدمع انهارا
|