عرض مشاركة واحدة
قديم 20/08/2007   #3
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


الأشياء.
ولكي يظهر لنا أهمية مبحث التاريخ و "التاريخية" ككل في بلورة مفهوم الكينونة يلجأ في بداية تحليله
" الزمانية والتاريخية " – وهو عنوان الفصل الخامس من القسم الثاني من كتاب " الكينونة والزمان "
– إلى تقديم هذا التعريف الذي يعد بمثابة الإطار النظري الذي سيتمفصل حوله بحث هذه المسألة،
حيث يقول :" أن تحليل الدازاين يسعى إلى أظهار أن هذا الموجود ليس متزمنا لأنه يتموقع داخل
التاريخ، ولكن وعلي العكس من ذلك تماما فأنه لم يوجد ولن يوجد تاريخيا إلا أنه متزمن تزمنا يغوص
إلى أعماق وجوده " فالزمان هو محرك الوجود وراعي التوازنات ألكبري فيه، فالبينية الزمانية
تتضمن البنية التاريخية ويميز هيدجر في بداية تحليله أيضا بين كلمة " تاريخ " التي تدل علي "الواقع
التاريخي" وبين "تاريخ" التي تعني العلم بالواقع التاريخي انطلاقا من أن اللبس الملاحظ في مستوي
الكلمة يعود بالأساس إلى الخلط الواقع بين المعنيين، ولكي يتفادى هيدجر هذا الخلط فأنه يرفض
المعني الثاني، ويبقي المعني الذي ينظر للتاريخ. بمعني الواقع التاريخي، وعندما نقول الواقع
التاريخي فان ذلك يعني الإحالة إلى الوجود التاريخي.
ينطلق هيدجر من مقارنة أولي تفهم التاريخ علي أنه الماضي، بمعني أنه لم يعد حاضرا أو مؤثرا
تأثيرا فعالا فيما يقع من أحداث، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف يمكننا أن نقول عن هذا
الكائن أنه الكائن تاريخي مادام أنه لم يمت بعد، أي لم يصبح ماضيا بعد ؟ علي كل حين يفهم التاريخ
علي أنه الماضي سواء كان ذلك بدلالته السلبية أو الإيجابية، فان هيدجر ينظر إليه علي أنه مرتبط
ارتباطا وثيقا بالحاضر، مفهوما علي انه ما هو واقع "ألان" يضاف إلى ذلك أن تقصي بعد الماضي
يفضي بنا إلى مفارقة واضحة فهو، وبما انه ماض ينتمي إلى الأحداث الماضية، أي إلى زمان مضي
لكنه في الوقت ذاته يمكنه ان يكون " ألان " حاضرا في هذه الحالة فان التاريخ نسيج من الأحداث
والنتائج، نسيج متشابك العلائق بين الماضي والحاضر والمستقبل، وهنا يفقد الماضي أية أولوية له
علي الأبعاد الأخرى لأنه لا يستقيم في دلالته الحقيقية إلا بتكامله مع الآنات الأخرى، ومع انه يتلامس
مع الطبيعة باعتبارها المكان الذي يتواجد فيه الكائن والحيز الذي يسعى إلى تحقيق إمكاناته فيه، فإنه
يتميز بالقدرة على التعالي على الطبيعة ومجاوزة تجلياتها المادية، أو المكانية بالتدقيق، إلى بعده
الزماني على اعتبار أن ما يؤثر في الجزء الذي هو الدازاين تمتد تأثيراته إلى الكل الذي هو التاريخ
والحضارة إجمالا فالتاريخ هو تاريخ الزمانية عند هيدجر، وتاريخ الدازاين، بما أنه المادة الأولية
للزمانية، وهو تاريخ، وان كان يدل في معنى من معانيه على أنه الماضي، فهو يدل في معانيه
الأخرى على أنه المأثور الحاضر في ضمير الكائن أو الدازاين، وأن تأثيره يبقى فعالا ومؤثرا
باستمرار في الحاضر والمستقبل في آن واحد، والإنسان لا يوجد، ولا يمكن أن يوجد ككائن تاريخي
إلا لأنه كائن زماني، وليس الوجود البشري زمانيا لأنه يحتل موقعا في التاريخ، أو داخل التاريخ، بل
على العكس من ذلك إنه وجود تاريخي لأنه زماني، الإنسان هو نقطة الالتقاء بين المعاني المختلفة
التي أسبغها هيدجر على التاريخ، فهي ترتبط بالإنسان بوصفه "ذاتا فعالة" تؤثر في صيرورة
الأحداث، بل وتتدخل في صنعها أيضا. مع ذلك فالسؤال الهام الذي يطرح هنا هو كالتالي : ما هو
المقياس أو ما هي المقاييس التي نعتمد عليها لتحديد الطابع التاريخي لهذه الذات أو تلك ؟ ثم ما هو
تحليلنا لهذه التاريخية نفسها خاصة وأن المفهوم ينفتح على مفاهيم أخرى عديدة، على الأقل في تحديد
هيدجر ؟ هل التاريخية هي هذا الركام من الأحداث المتوالية دونما رابط أو معنى، ودون فاعلية من
الكائن الإنساني ؟ وهل أن الدازاين لا يصير تاريخيا إلا باختلاطه – حتى لا نقول ذوبانه – مع
الأحداث التاريخية المتوالية ؟ لماذا يلعب الماضي دورا خاصا في البنية الزمانية للدازاين، وما هي
انعكاسات ذلك على مستقبله ؟.
في الواقع لا يمكن الإجابة على هذه التساؤلات دفعة واحدة لكثافتها وتنوعها ولأنها مسألة ليست هينة
بالمرة، لذا يلجأ هيدجر إلى وضع أولويات للتحليل، حيث تكون البداية من الخاص إلى العام، ومن
البسيط إلى المعقد، وعليه إذا كان التاريخ خاصية تتعلق بوجود الدازاين، وإذا كان هذا الوجود ينبني
ويتجلى في الزمانية، فإنه سيكون من المفيد لنا مباشرة التحليل الوجودي للتاريخية انطلاقا من ضبط
الخصائص التي تميز ما هو تاريخي، وأهم هذه الخصائص طبعا هي أنه زماني أو متزمن في الوقت
الذي نجد فيه أن التعمق في معرفة الفرد الجزئي الذي يهتم به التاريخ، وينظر إليه على أنه المدخل
إلى تحليل البناء الأساسي للتاريخية.
Antiquites" " ولتقريب الصورة إلى أذهاننا يسوق هيدجر هذا المثال : "أن العاديات الأشياء القديمة
" المحفوظة في متحف ما، ولتكن قطعة أثاث مثلا، تنسب إلى " زمان مضي " ومع ذلك فهي ما تزال
حاضرة في " الزمن الحاضر " فعلي أي أساس تصير هذه القطعة قطعة تاريخية مع أنها أم أنه تصبح
من الماضي بعد ؟ ألا يرجع سبب ذلك إلى انها موضوع اهتمام تاريخي أم أنه يرجع إلى كونها
موضوعا " أثاريا " له إسهام في تاريخ البلاد ؟ علي كل أن أي " موضوع تاريخي " لا يمكنه أن
يكون إلا لأنه يتضمن تاريخية في ذاته. بمعني من المعاني. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كالتالي
: بأي حق عن هذا الكائن انه تاريخي وهو لم يكن قد مضي بعد ؟ أم أن هذه الأشياء، حتى وأن كانت
ما تزال حاضرة، فيها دائما شيء من الماضي في ذاتها "
والإشكال المطروح هنا هو : هل بقيت الأشياء التي أشار إليها هيدجر علي حالها أم أصابها التغير
والتحول ؟ ببساطة نجيب لقد تغيرت، فمع تحولات الزمان، وتغير الظروف فسدت قطعة الأثاث،،
ونخرها السوس، ولكن هل قدمها المادي هو ما يجعلها تاريخية ؟ أن ما يحدد تاريخية قطعة الأثاث –
أو غيرها من الأشياء الأخرى – ليس تقادمها وإنما المجال الذي توجد فيه وهو " العالم "، وعندما
نقول العالم الكائن الذي يستخدمها ويؤثر في العالم من خلالها بمعني أخر إن الطابع التاريخي للعاديات
لا يقوم فيها هي بالذات وإنما يقوم في ماضي الدازاين، فالأشياء لا دلالة لها مادامت في وضعها
الطبيعي البسيط إلا عندما تتحول إلى أدوات في يد الدازاي هذا الدزاين لا يمكن أن يكون ماضيا في
نظر هيدجر لا لأنه لا يمضي، هذه الفكرة تحيلنا مرة أخري إلى هوسرل الذي يري أن ظواهر العالم
الخارجي، أي الموضوعات، لا قيمة لها ما لم تدرك من قبل الذات وعكس الكوجيتو الديكارتي تفكر
دائما في موضوع قابل للإدراك، وهكذا يخلص هيدجر إلى الدازين كائن تاريخي في المقام الأول ولا
يكون تاريخيا إلا علي أساس انتمائه إلى عالم معين، لكن العالم لا يكون له طابع التاريخية إلا انه يعبر
عن تحديد أنطولوجي معين للدازاين، ولما كانت تاريخية الكائن تأتي كما قلت من انتسابه للعالم فقد
نسميها " تاريخية عالمية " علي أن نأخذ هذا العالم في معناه الجوهري، أي المتزمن، ولكي يقارب
مسألة العلاقة بين التاريخ والزمان مقاربة تلم بأبعادها الفلسفية المختلفة يلجأ إلى تحليل التصور
الهيجلي للزمان في الأخير من " الكينونة والزمان "، أي اعتبار أن التصور هذا هو أخر وأنضج
التصورات الفلسفية عن الزمان، وبالفعل فقد حاول هيدجر أن يثبت أن هيجل عندما يؤكد أن الفكر –
أو التاريخ مادام الفكر هو وحده الذي له تاريخ – يقع داخل الزمان، وهو بهذا لا يفكر بعيدا عن
الزمان العادي لان الفهم الهيجلي للزمان ما هو إلا صياغة للتصور العادي عن الزمان، هذه النتيجة
يتوصل إليها هيدجر وقد اختزل التحليل التالي كما يري " جاك دريدا " في " هوامش الفلسفة " فقد
توصل هيدجر إلى النقاط التالية:
إن هيجل يقوم بطرح مسألة الزمان في القسم الخاص بفلسفة الطبيعة، ومن ثم فان المفهوم ينتمي عنده
إلى انطولوجيا الطبيعة، وبالتالي فانه يقترب كثيرا من التصور الأرسطي كما عرضه هذا الأخير من
كتاب الطبيعة
وان حقيقة المكان ترتد في النهاية إلى نقط تشكل الزمان ؛ هذا الزمان الذي يرتد بدوره إلى سلسلة
الآنات الزمانية المعروفة.
وان جوهر التأويل الهيجلي للزمان يتلخص في تعينه له بوصفه نفيا للنفي.
وان هيجل يستلخص أن الفكر يقع في الزمان، والزمان يتجلي في الفكر وذلك للتقارب الموجود بينهما
: فكلاهما نفي للنفي ومطلق
وفي المحصلة يستنتج هيدجر أن المفهوم الهيجلي للزمان ليس مفهوما عاديا فحسب، بل انه المفهوم
الأكثر تقليدية فيما كرسته الميتافيزيقا، أي مفهوم أرسطو، لذا نجده يلجا إلى إجراء مقارنة مقتضبة بين
le nun " المفهومين الهيجلي والأرسطي عن الزمان فأرسطو يري أن ماهية الزمان هي "الآن
Stigme في حين يدركان كلاهما الآن كنقطة ، Oros وكذلك هيجل فهو يتصور الآن كنهاية
واحدة، فأرسطو يربط بين الكرونوس والكرة، أما هيجل فيلح على الدورة الدائرية للزمان، وعليه
يمكننا أن نلاحظ أن التصور الهيجلي مستقي في أساسياته من فيزياء أرسطو بصورة صريحة ومع ما
قد يساق من انتقادات حول تحليلات هيدجر على اعتبار أن أفكاره هنا تمثل كتاباته الأولى، وهي كثيرا
ما تتغير عند بعض الكتاب – بيد أن البحث الجينالوجي لفلسفة هيدجر يظهر لنا – وهذا حكم يتضمن
مثلا ما إذا كنا G.Steiner مغامرة واضحة لأننا لا نعرف حسب ما يرى الباحث "جورج شترنر
نعرف حقيقة كل تراث هيدجر الفلسفي – أن مفهومه للزمان بقي منسما مع منطلقاته الأولى، وان
تلونت أشكال التعبير عنه بألوان متعددة، ففي محاضراته التي ألقاها في سنة 1962 وعنوانها "الزمان
والكينونة" عاد ليدعم أفكاره الأولى عن التصور أو التمثل الأرسطي للزمان حيث يقول مثلا :" تقوم
جميع المفاهيم التي ظهرت لاحقا عن الزمان علي التصور الأرسطي للزمان وهو التصور الذي كان
الإغريق قد رسموا معالمه أرسطو ذاته هذا دون أن نسقط من حساباتنا المحاولات الميتافيزيقية
الأخرى التي تطرقت للمسألة ذاتها بطرق مختلفة، ذلك أن التساؤلات الميتافيزيقية حول ماهية الزمان
تتمحور دائما حول الكائن : ما علاقته بالكينونة؟ ما موقعه داخل بنية الزمان ؟ ثم هل الكائن هو
الوحيد في الزمان ؟ علي افتراض أن الموجود يحيل دائما إلى الحاضر، وهو يزداد حضورا، كلما
امتد به خيط الزمان وكلما كانت مدة بقائه في هذا الوجود، إن هذا التفسير الأرسطي في جوهره للكائن
والكينونة، فما يحضر في الزمان هو "الآن" في المفهوم الميتافيزيقي التقليدي الأرسطي – الهيجلي
حسب ما يري هيدجر، هذا المفهوم يدرك الزمان، وبمعني أشمل التاريخ – انطلاقا من الحضور – لذا
كان منهج التفكيك فما بعد عند جاك دريدا هو نقد ما يسميه " ميتافيزيقا الحضور"، وكل ما قامت به
الفلسفة الحديثة ابتداء من ديكارت حتى هيجل آخر المعاقل التي تتمثل وتحول الكائن الاسمي إلى ذات
تدرك نفسها وتعيد تمثلها في المعرفة المطلقة، وفي مرحلة متقدمة ستحول الحضور والمثول معا إلى
موضوع يوضع أما الذات، بحيث يخضع في النهاية لما يسميه هو "سيطرتها التقنية "، وحتى
الديالكتيك الهيجلي نفسه سينظر إلى الحضر بوصفه نفيا مطردا للأبعاد الأخرى، كما سيجعل التاريخ
حركة لحاضر دائم يتجاوز فيه الحاضر، بمعني الحاضر الماضي وفق مبدأ الديالكتيك – الحاضر نحو
مستقبل لم تتحدد معالمه بعد، لكنه سيحضر لا محالة، حتي أن هيدجر يسمح لنفسه بالتحدث عن عجز
هيجل عن أعطاء مكانة واضحة وهامة لبعدي الماضي والمستقبل اللهم إلا ما تعلق بالمكانة الذاتية،

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04832 seconds with 10 queries