عزيزي :
اتمنى الا ينحرف بنا الموضوع للخروج من الموضوع الأساسي وأنا هنا أحاول أن أجعل موضوع الروح القدس والفرق بين الله والمسيح من ضمن مناقشتنا حول سلامة الانجيل من التحريف ، ولو أني كنت أفضل أن أعرف شيء عن أحد مؤلفيه ( متى ) قبل الدخول في هذه التفاصيل ولكن لا مشكلة لا يزال أمامنا متسع من الوقت وأنت وعدتني بذلك .
ان من أعظم المداخل الى القول بتحريف الإنجيل هو ما أوردته في ردك الأخير من أن الله هو المسيح وأن المسيح هو الله نفسه فلو تأملنا ملياً في الإنجيل لوجدناه متناقضاً عجيباً في ذلك فتارة ينفي وتارة يثبت وهذا أعظم دليل على أن الإنجيل ليس سوى كلام بشر وليس كلام الله كما أشرت لذلك . ( أرجو ألا تغيضك هذه الكلمة فنحن لم نزل نناقشها ولك أن تثبت عدم صحة كلامي بالمنطق السليم والحوار المتعقل ) .
وأنا هنا أدعوك إلى وقفة تأمل فأقول :
المشكلة لديكم أيها النصارى أنكم لم تقدروا الله تعالى حق قدره ولم تجلوه حق الإجلال وتعظموه حق والتعظيم .
فلو تأملت ملياً في هذا الكون البديع المحكم
ألا يدل ذلك على عظمة خالقه
لو تأملت في نفسك وفي تعقيدات جسمك التي عجز الطب عن اكتشاف أسرارها
ألا يدل على خالق عظيم له قدرة هائلة لا يضاهيه فيها أحد
لو تأملت في قبضه للأرواح وإحيائه للأموات لرأيت أمراً عجباً
لو تأملت في إنزاله للغيث
في إنبات الشجر
في إنزال الأرزاق
في تصريف الأمور
في إهلاك الأمم
في ملايين الأسرار والعجائب التي تدل على عظمته تعالى وأنه غني عن عباده
كيف بكم أيها النصارى أن تصفوه تعالى بالنقص والعجز في تجسيدكم له في شخص المسيح ابن الإنسان
هل يليق بالخالق صاحب الملك العظيم ان ينام في مذود ؟!!
تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا
هل يليق به أن يركب على أتان وجحش ؟!!
هل يليق بالله ان يكون عنصرياً لفئة من الخلق دون الأخرى ؟!!
هل يليق بالله الرزاق الذي بيده خزائن كل شيء هل يليق به أن يجوع ؟!!
ويعطش ويكون مع ما لديه من الملك محتاجاً إلى الطعام والشراب ؟!!
هل ليق به أن يكون فقيراً لا يملك شيئا ؟!!
هل يليق يه أن يبكي ؟!!
هل يليق بالله الذي حرم الخمر في الدنيا لعلمه بمضارها التي لا تخفى على أحد أن يصنعه ويأمر بتقديمه ؟!!
هل يليق بالله أن يتحدث في كتبه المقدسة عن قصص غرامية وجنسية تستحي الفتاة المحتشمة أن تقرأها ؟!!
هل يليق بالله أن يخبر في كتبه المقدسة بأن أنبيائه كانوا يمارسون الزنا ويشربون الخمور ( وكيف لنا أن نصدق ونتبع أنبياء هم بهذه المواصفات ) ؟!!
هل يليق بالله القوي الجبار أن يكون ضعيفاً مغلوباً على أمره يستنجد ويصيح بأعلى صوته طالباً للخلاص من الموت ؟!!
هل يليق به أن يبكي ؟!!
هل يليق به ان يموت !!
هل يليق به أن يتعب ؟!!
هل يليق بمن خلق البشر أن تغلبه البشر وتقتله وتصلبه ؟!!
هل يليق بخالق الإنسان أن يكون ابناً له في نفس الوقت ( كيف تريدوننا أن نفهم هذه )
هل يليق بالله تعالى أن يكون له أخوة وهل هم آلهة مثله ؟!!
هل يليق بالله تعالى أن تكون له أم يرضع من ثديها ؟!!
هل يليق بالله تعالى الذي خالق الشيطان وطرده من جنته أن يكون ضعيفاً أمامه حتى يجربه ويختبره ؟!!
كيف سمح الله للشيطان بأن يفعل به ذلك .
كل هذه أدلتها موجودة ولكن لعلمي أنك عالم بما في كتابك وتعرف مواطنها فلم أوردها وهي جاهزة في أي لحظة إن لزم الأمر .
أنا أعلم حججكم في هذه المسألة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع
تقولون بأن للمسيح صفتان صفة البشر متمثلة في طبيعته البشرية وصفة الآلهه متمثلة في روحه وعندما قتل وصلب وصعدة روحه فامتزجت بروح الله وبالتالي صارت روحاً واحدة ( روح القدس ) وبالتالي فهو الله نفسه وهو الذي أوحى لتلاميذه .
ولنا هنا أن نسأل أين ذهبت روح آدم عليه السلام الذي كانت معجزته أكبر من معجزة المسيح إذ خلق من غير أب أو أم
من الذي منحه تلك الروح التي بها قام وتحرك وأين ذهبت عندما مات هل امتزجت بروح الله لأنها منه جاءت أم ماذا ؟
ما الفرق بين روحه وروح المسيح .
وأرواح الأنبياء من قبله أين ذهبت ؟
كل تلك الصفات التي ذكرتها أنا أعلاه والتي وصفتها بأنها لا تليق بالله
كلها كانت تحكي عن حياة المسيح التي ذكرها تلاميذه في الأناجيل
وأنتم عندما تقولون بأنه الله تجسد في صورة إنسان
فأين ذهب الله الذي في السماء منذ أن تجسد في شخص المسح إلى أن مات على الصليب ، من كان يصرف أمور الكون في ذلك الوقت
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة !!
والقول الفصل في ذلك أن الله تعالى لم يتمثل بشخص المسيح ولا يحتاج لذلك جل جلاله وما المسيح إلا عبده ورسوله مثله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون .
عزيزي كل ما تقدم كان جواباً مختصراً جداً حول قولك :
( الروح القدس هو الله المتجسد بشخص المسيح على الارض )
وقولك : ( المسيح هو نفسه الله )
أردت من خلاله أن أبين بطلان هذا القول
ولك أن ترد علي هذا القول بكل هدوء وعقلانية ، هذا ما أتوسمه فيك .
أما قولك :
( ولكن الروح القدس اوحى للتلاميذ ماسوف يكتبونه لكي لا يكون هناك اي تكرار او تناقض ولكي يكون الأنجيل كلام الله وليس كلام البشر )
وأقول : هذا مبحث مهم يندرج ضمن موضوعنا هذا سوف لن نغفله إن شاء الله وسوف ننظر إن كان هناك تناقض أم لا وهل هو كلام الله أم كلام البشر .
قولك :
( والتلاميذ اوحي لهم الأنجيل بعد صعود المسيح وليس قبله ) وهذا مبحث أيضا مهم نناقشه إن شاء الله خلال هذا الموضوع الماتع ولعلي هنا أطرح سؤالاً مهماً لعلك تحضر له الإجابة إذا حان وقت نقاشه فأقول :
خلال حياة المسيح الثلاثة والثلاثون سمة الم يدون الإنجيل له كلمة واحدة على الأقل قالها قبل صعودة .
أرجو ألا تأتي وتقول أن الذي أوحى هو الله الذي صارت روح المسيح فيه عندما صعدت وليس المسيح من أوحى .
وفي الختام أقول :
يا عزيزي :
نحن المسلمون ليس بيننا وبينكم خصومة نحن نريد لكم الخير ونريد لكم الفوز بالجنة ندعوكم إلى تنزيه الله تعالى الذي خلقنا وإياكم ورزقنا ويتوفانا جميعاً متى شاء ويبعثنا وإياكم في يوم لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير .
أنا أدعوك إلى وقفه صادقة مع نفسك تتأمل فيها وتراجع العقل وتسأل الله بصدق أن يهديك وسوف تجده أمامك يؤيدك ويدلك ويرشدك المهم الصدق والإخلاص .
لقد أفنى كثير من القساوسة حياتهم في خدمة الصليب وتعصبوا له ودافعوا من أجله وفي النهاية وجدوا الطريق مسدوداً إلا باب الإسلام فولجوا فيه فتبدلت حياتهم
وأخبارهم وقصصهم بل وأشخاصهم أمامك الآن وربما تعرف الكثير منهم
عزيزي
الله تعالى منحنا العقل لنتدبر به ونتفكر في كل ما أشكل علينا
فينبغي أن نعمله في هذه المسائل بكل تجرد وإنصاف
هذه كانت نصيحة بسيطة لعلها ترافقك في سفرك فتعطيك فرصة على التفكر والمراجعه .
أما إن عدت من سفرك ولم تتفكر وتتدبر وتريد مواصلة النقاش فحديثنا متوقف الآن عن حياة ( متى ) نسبه وسيرته وتلقيه للوحي .
اسأل الله تعالى خالق الخلق ومدبر الأمر أن يهديك سبل السلام وأن يخرجك من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديك صراطاً مستقيما .
وتقبل تحيات صديقك أبو غدير
والمعذرة على الإطالة .
|