[Zero_Cool]

البحث عن الثقافة الضائعة

في ذلك الصباح وانا أرتشف قهوة حياتي المرة على الحان أغاني زياد تذكرت تحقيقاً نشر في مجلة شبابية كان يحكي عن اعترافات شاب أراد أن يصبح مثقفاً في خمسة أيام، في الحقيقة لا أعرف ما الذي ذكرني بالتحقيق ولكني بحثت عن المجلة ووجدت التحقيق .. أعدت قراءته بسرعة .. سخرت من كاتبه .. ورميته ..

وبعد قليل ناداني القلم بعد بعاد طويل .. سمعت ندائه.. فاقتربت منه .. حملته بحنان وتركته يسترسل على الأوراق المبعثرة على طاولتي..
بدأ القلم من العنوان (( كيف تصبح مثقفا في خمسة أيام )) عنوان جميل .. عنوان ساخر.. ولكن من من ؟ كيف استطاع وضع الثقافة وحصرها في (( خمسة أيام )) ؟؟ عرفت انه كان يقصد (( كيف تشبه مثقفاً في خمسة أيام )) فرأى أن يبدأ بقراءة كتاب صديقه الفلسفي الذي لم يستطع تجاوز الصفحة العشرين منه.. وكل ما تذكره من تلك الصفحات هو "ان الكمال هو أحد أشكال الموت" فاستنتج من ذلك أنه من المهم جداً قراءة مقدمات الكتب، وهذه كانت سخريته الأولى.
وفي يومه التالي وبعد نقاش طويل حول اشعار نزار قرر اطلاق لحيته واطالة شعره لتبدأ علامات الثقافة بالظهور وكأنها مرض أو آفة تحل على صاحبها .. وهنا كانت السخرية الثانية لينتقل بعدها إلى درجة أعلى من الثقافة ويذهب إلى بسطات الكتب باحثاً عن كل كتاب اسمه طويل وأجنبي ومعقد، تماماً كاسم مؤلفه ليشتريه دون تردد وليضعه في مكتبته الغنية بالكتب القديمة ولكن الغير مقروءة لنصل معاً إلى اليوم الثالث.

بعدما ملأ نفسه بالثقافة المكتوبة انتقل إلى ثقافة الأفلام، فراح يبحث عن "مالينا" لمدة "سبع سنوات في التيبت" ليكتبها "اساطيراً للخريف" ليخبرنا في النهاية انه وصل إلى اليوم الرابع.
اما في اليوم الخامس فقد قرر رمي أغاني اليوم في سله المهملات ليستورد بدلاً منها موسوعة مارسيل خليفة وليضحك على قفشات زياد .. لحظة.. تذكرت .. تذكرت لماذا تذكرت التحقيق .. زياد .. زياد الرحباني .. جميل جداً .. وصل إلى تسخيف مارسيل وزياد .. وقام بعدها بتسخيف المسرح .. ليصل إلى اليوم الخامس وهو لم يتجوز صفحته العشرين بعد ..[/align]

اما انا فوصلت إلى نهاية التحقيق ولم أستطع فهم م الذي أراده من هذا التحقيق ؟؟ هل أراد أن يقول لشباب اليوم "ابتعدوا عن الثقافة" .. أم يريد أن ينبهنا إلى أن الثقافة ليست بقراءة الكتب .. ولا بتغيير أشكالنا ولا بالأفلام الخالدة ولا بالأغاني القديمة ؟ ولكن ماذا لو أعجبتنا موسيقى مارسيل وزياد ؟ أليس ذلك خير لنا من متابعة ( ستار أكاديمي ) السخيف – على حد تعبيره – ومع ذلك فضل متابعته على قراءة الكتاب ..
لماذا لم يحاول أن يقرأ (( انطون تشيخوف )) مثلاً ليعرف أن أدبه حقاً مميز؟ لماذا لم يحاول أن يقرأ مؤلفات (( مكسيم غوركي )) ليحكم بعدها على أن الأدب الروسي القديم جله مميز ؟؟ واذا كان يكره كل ما هو قديم لماذا لم يقرأ مؤلفات الكاتب دان براون الحديثة ؟؟
لماذا لم يتابع المسرح على أنه (( أبو الفنون )) بل تابعه فقط ليشبه مثقفاً ؟؟ لماذا … لماذا .. لماذا ؟؟
هل لأن العرب حقاً شعب لا يقرأ ؟؟

بقلم
فادي صالح

www.syrianstars.net