عرض مشاركة واحدة
قديم 06/07/2007   #45
شب و شيخ الشباب فاوست
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ فاوست
فاوست is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
في وطني السليب
مشاركات:
655

افتراضي فايز سارة: طارق الغوراني ورفاقه


ليس طارق الغوراني بالرجل الشهير، ورفاقه مثله. كلهم مواطنين سوريين غير معروفين الا على نطاق محدود، وجميعهم شبان في النصف الاول من اعمارهم، والاكبر فيهم لم يتجاوز عقده الثالث الا قليلاً، فيما الاكثرية يراوحون حول بداية العقد الثالث من العمر، ومعظهم طلبة في الجامعة، والاقل فيهم خرج للتو الى الحياة العملية ليبدأ مشوار حياة، يتضمن ترتيب مستقبله في اتخاذ عمل له، وتأسيس اسرة.




وبغض النظر عن الاختلافات، التي ميزت طارق الغوراني ورفاقه الستة الآخرين، فقد توافقوا قبل أكثر من عام مضى على السعي لاقامة تجمع شبابي ديمقراطي، يعبر عن طموحات الشباب السوريين وهمومهم وسط جو من الصعوبات والانسدادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها سورية، ويعاني في ظلها السوريين ولاسيما الشباب منهم من غياب الحريات وانتهاك الحقوق، اضافة الى معاناتهم مع الفقر والبطالة والغلاء، وانسداد افاق التقدم، وانعدام الامل في المستويين الشخصي والاجتماعي.
وفي سبيل الهدف النبيل، اقامت مجموعة الشبان حوارات فيما بينهم، تناولت فيه القضايا التي تهمهم وتستجيب لاحتياجات مجتمعهم، وبعضهم بث جانباً من افكاره على شبكة الانترنت الدولية، امعاناً في العلنية والشفافية، التي يحاول السوريون تكريسها في حياتهم العامة بعد وقت طويل من الخوف والتكتم المكرسين بقانون الطوارئ والاحكام العرفية، والمثبتين عملياً بالاعتقال والسجن والملاحقة والنفي وغيرها من اساليب قهر، مما ادى الى منع الناس من الاجتماع ومن القول ومن التفكير ومن العمل ايضاً.
ولفتت نشاطات الشبان نظر الاجهزة الامنية الشديدة الحساسية لاي نشاط يتصل بالشان العام السوري، فاعتقلت اعضاء في المجموعة قبل نحو عام ونصف العام، وتابعت آخرين، فاتمت اعتقالهم جميعاً، وعرضتهم لصنوف التعذيب والضغوطات الجسدية والنفسية على نحو ما درجت العادة في التعامل مع المعتقلين السياسيين واصحاب الرأي، والصقت بهم تهماً اقل مايقال انها مختلقة وغير واقعية، قبل ان تقوم باحالتهم امام محكمة امن الدولة، وهي محكمة استثنائية، جرى استخدامها على نطاق واسع ضد خصوم النظام منذ اواخر الستينات، واستعملت على نطاق واسع في مواجهة الجماعات المسلحة وانصارها في اواخر السبيعينات والثمانينات، وفي مواجهة اليساريين والديمقراطيين في التسعينات، وصدرت عنها احكام لاتقبل النقض او المراجعة، وهي من اشد الاحكام التي شهدتها سورية في الاربعين عاما السابقة قسوة، والتي غالباً ما نصت على الاعدام او الاعتقال الطويل.
وتزامناً مع التهم التي وجهت لطارق الغوراني ورفاقه، فان محاكمتهم استمرت طويلا، ورافقها خوف من صدور احكام متشددة، اذ وجهت لهم تهم تستند الى المادة 287 من قانون العقوبات السوري، والتي تجرم القيام بـ "أعمال أو كتابات أو خطب لم تجزها الحكومة، وتعرض سورية لخطر أعمال عدائية أو تعكر صلاتها بدولة أجنبية، أو تعرض السوريين لأعمال ثأرية تقع عليهم أو على أموالهم"، كما تجرم القيام بـ"إذاعة أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو من مكانتها المالية"، وتجعل القائمين بمثل تلك الاعمال عرضة للسجن حتى خمسة عشر عاماً حسب ما نص عليه القانون.
ولم تكن احالة الغوراني ورفاقه مع تهم غير واقعية ومختلقة وشديدة الفظاعة الى محكمة امن الدولة، تعبير عن كل الظلم اللاحق بشباب في عمر الورد مرهفي الحساسية، بل تعدى الظلم ذلك بكثير من خلال ايداعهم سجن صيدنايا العسكري الذي هو وريث سجن تدمر سيء الصيت والسمعة، اضافة الى انه من اشد السجون قسوة وتشدداً في التعامل مع المعتقلين، حيث لا زيارات من جانب الاهل، مما يعني عزلة مع قطيعة اجتماعية ومادية، تترافق مع ظروف اعتقال متشددة، استمرت طوال فترة المحاكمة التي قاربت عاماً كاملاً.


خلاصة المحاكمة، كانت تكريس وتعميق الظلم اللاحق بكل من طارق الغوراني ورفاقه. اثنان منهم صدر بحقهم حكم بالسجن لمدة سبعة اعوام، والخمسة الباقين حكموا بالسجن لمدة خمس سنوات، وتم تجريد الجميع من حقوقهم المدنية وتضمينهم الرسوم المصاريف بالتساوي فيما بينهم، وهي احكام قوبلت باعتراضات من الجماعات الحقوقية واوساط في الرأي العام السوري ومن منظمات حقوقية وانسانية دولية كثيرة، كان اغلبها تشارك في حملة واسعة هدفت الى الطلب من الحكومة السورية وقف محاكمة النشطاء الشباب الذين حاولوا التعبير عن رأيهم واطلاق سراحهم، لكن النتائج جاءت خلافاً للمطالب والامنيات.

طارق الغوراني ورفاقه يقبعون اليوم خلف قضبان سجن صيدنايا العسكري لتنفيذ احكام وصفت بانها غير "قانونية"، وانها "احكام سياسية وشديدة القسوة"، و"تعكس روح التشدد الرسمي في التعامل مع المجتمع ومطالبه من اجل الحقوق والحريات العامة". هؤلاء الشباب يدفعون فاتورة جيلهم، بل يدفعون فاتورة جميع السوريين الراغبين في تحسين شروط وظروف حياتهم، وتقوية وتصليب منعة بلادهم في مواجهة الظروف والتحديات الماثلة، ولانهم كذلك قد يكون الاقل هو التضامن معهم، وتوجيه تحية السوريين لكل من ماهر إبراهيم اسبر، عمر العبد الله، حسام ملحم، دياب سرية، أيهم صقر، علام فخور وطارق الغوراني الذين يتطلع السوريون، ان لا يطول غيابهم خارج الحياة.

الحرية لسوريا من الإحتلال الأسدي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03312 seconds with 10 queries